المؤتمر القومي-الإسلامي: أية رؤية للمرحلة المقبلة؟

خلال لقاء حواري في بيروت حول تداعيات وآفاق معركة طوفان الأقصى، أعلن المنسق العام السابق للمؤتمر القومي العربي الأستاذ معن بشور: إن التيارات القومية والإسلامية المشاركة في المؤتمر القومي- الإسلامي قد توافقت على اختيار الأمين العام السابق للجماعة الإسلامية في لبنان الأستاذ عزام الأيوبي كي يتولى مهمة المنسق العام للمؤتمر، خلفا للمنسق العام الحالي الأستاذ خالد السفياني، وأن يتم الإعلان عن هذا القرار خلال الدورة القادمة للمؤتمر التي ستعقد في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وبمناسبة مرور عام على معركة طوفان الأقصى وبدء الحرب على قطاع غزة.

والأستاذ عزام الأيوبي يتولى حاليا مهمة مسؤولية العلاقات الخارجية في الجماعة الإسلامية وتمثيل الجماعة في العلاقة مع الحركات الإسلامية، وقد تولى سابقا مهمة الامين العام في الجماعة لمدة ولايتين، وكذلك تولى مهمة رئاسة المكتب السياسي لأكثر من ولاية.

ويعتبر الأيوبي خلال لقاء معه أنّ معركة طوفان الأقصى بدأت في مكان وأصبحت في مكان آخر متقدم، من خلال الإعداد للمعركة وقرار الحرب، وأن هناك إرادة إلهية تتدخل في هذه الحرب. فقرار الدخول في هذه المعركة كان مبنيا على معلومات لدى المقاومة بأن العدو الإسرائيلي كان سيقوم بها بعد الأعياد اليهودية (الفصح)، فالمعركة منذ لحظاتها الأولى أفرزت معطيات أساسية لم نكن ندرك معانيها كما نعيشها اليوم، حيث ظهر الكيان الصهيوني ضعيفا عند كل الدوائر والبيئات التي لم تكن تؤمن بذلك قبل المعركة، بالإضافة إلى تبدل الصورة النمطية عن دولة الكيان عند طلاب أفضل الجامعات العالمية بعد أن عرفوا حقيقة إسرائيل. فمعركة غزة بدأت بشيء وتطورت إلى أشياء أخرى بعد تسعة أشهر على انطلاقتها.

المعركة منذ لحظاتها الأولى أفرزت معطيات أساسية لم نكن ندرك معانيها كما نعيشها اليوم، حيث ظهر الكيان الصهيوني ضعيفا عند كل الدوائر والبيئات التي لم تكن تؤمن بذلك قبل المعركة، بالإضافة إلى تبدل الصورة النمطية عن دولة الكيان عند طلاب أفضل الجامعات العالمية بعد أن عرفوا حقيقة إسرائيل. فمعركة غزة بدأت بشيء وتطورت إلى أشياء أخرى بعد تسعة أشهر على انطلاقتها

ويضيف: إن قرار وقف المعركة لم يعد بيد أحد، فهي معركة مفتوحة على الإحتمالات كافة. فلم يعد باستطاعة نتنياهو إيقافها لأنها سوف تنتقل إلى الداخل الإسرائيلي، وهناك صراع بنيوي في إسرائيل بين المتدينين والأحزاب الأخرى أي بين مجتمعين متناقضين. من جهة ثانية، تبين أن إسرائيل لا يمكنها العيش والبقاء دون مساندة خارجية كما ظهر في أثناء الرد الإيراني على قصفها للقنصلية الإيرانية في دمشق. بالإضافة إلى ذلك، فقدت إسرائيل صورتها كدولة ديمقراطية وأخلاقية وهي تعيش اليوم حالة معاكسة لذلك، وهذه الصورة من المستحيل أن تعود إلى ما كانت عليه، أما غزة فيمكن إعادة إعمارها.

من جهة أخرى، نرى مطالب من دول عديدة لمحاكمة إسرائيل وأبدت اعترافها بدولة فلسطين. كما أظهرت هذه المعركة أن الولايات المتحدة هي الوجه الحقيقي للكيان الإسرائيلي، وهي حاميته من خلال ممارسة حق النقض (الفيتو في مجلس الأمن) ومن خلال إدارتها لغرف العمليات الحربية ميدانيا، كما حصل في عملية تحرير الرهائن في مخيم النصيرات، وهي بذلك لم تعد تشكل الضامن الأخلاقي لأي اتفاق لأنها متورطة في هذا الصراع.

ويؤكد الأيوبي أن من التداعيات الإيجابية لهذه المعركة، هو ما قامت به من فرز جديد لكل الكيانات والدول على قاعدة من هو على عداء كامل للمشروع الصهيوني ومن هو في مواجهة محور المقاومة من كلا الطرفين، كما دفعت هذه المعركة القوى الإسلامية إلى القيام بمراجعات لمواقفها وعلاقاتها على ضوء ذلك، فتراجعت حدة الخلافات بينها وازداد التنسيق من خلال العمليات على الأرض.

كما يؤكد أن المعركة مفتوحة ومن الممكن أن تتدحرج إلى عملية عسكرية ضد لبنان للخروج من المأزق الذي تعاني منه الحكومة الإسرائيلية، مشيرا إلى أن المعركة لا تدار بالعاطفة التي تتميز بها مجتمعاتنا، وأن إسرائيل ضُربت في مقتل لن تشفى منه ولكنها لا زالت تملك الكثير من القوة، ويجب إعمال العقل للتخفيف من الخسائر في الحرب معها، ويقتضي ذلك تدعيم ساحة المعركة معها ورص الصفوف وعدم تشتيت الجهود. كما علينا بناء تحالف واسع بين قوى المقاومة لمواجهة التحالف الغربي الداعم للكيان، ويجب علينا المحافظة على الهدوء في الواقع اللبناني الذي يعاني من فراغات في السلطة.

ويقول إن الحرب فُرضت علينا ولا نستطيع التعامل معها إلّا من خلال القيم التي نشأنا عليها للمحافظة على الأرض والكرامة، وقد تم تقديم أثمان باهضة في سبيل ذلك، ويجب علينا توطين أنفسنا على تقديم المزيد من التضحيات، لأن المستقبل سوف يحمل تغييرا كاملا للمشهد في فلسطين ولبنان والمنطقة.

رغم تعرض المؤتمر لتحديات كبرى ناتجة عن بعض التباينات بسبب المواقف من الربيع العربي وكيفية مقاربة هذه التحديات، فإنه يبقى اليوم إلى جانب المؤتمر القومي العربي ومؤتمر الأحزاب العربية ومؤسسات عربية أخرى؛ أحد أهم الأطر العملية لتوحيد الموقف العربي والإسلامي والتنسيق بين مختلف القوى لدعم المقاومة والشعب الفلسطيني ومواجهة التطبيع مع العدو الصهيوني

ويكشف الأيوبي أن القوى والحركات الإسلامية في العالم (ولا سيما الناشطة في إطار تيار الإخوان المسلمين) تواكب هذه المعركة منذ اللحظات الاولى وشكّلت خلية أزمة للمتابعة وتقديم كافة أشكال الدعم للشعب الفلسطيني وقوى المقاومة، وأن هذه القوى معنية اليوم بتقديم مشروع سياسي وفكري قادر على مواكبة المتغيرات والتطورات في العالم من أجل خوض معركة تحرير فلسطين، والتواصل مع كل أحرار العالم الذين واكبوا هذه المعركة وقدموا الدعم للمقاومة والشعب الفلسطيني.

إن تولي الأستاذ عزام الأيوبي مهمة المنسق العام للمؤتمر القومي الإسلامي في هذه المرحلة؛ يشكّل فرصة جديدة لتعزيز العلاقات بين التيارات الإسلامية والقومية وإعادة تفعيل دور هذا المؤتمر المهم، والذي شكّل على مدار السنوات الماضية الإطار العملي الواسع للتعاون بين الإسلاميين والقوميين لدعم المقاومة ولمواجهة مختلف التداعيات السياسية التي برزت في السنوات العشر الأخيرة. ورغم تعرض المؤتمر لتحديات كبرى ناتجة عن بعض التباينات بسبب المواقف من الربيع العربي وكيفية مقاربة هذه التحديات، فإنه يبقى اليوم إلى جانب المؤتمر القومي العربي ومؤتمر الأحزاب العربية ومؤسسات عربية أخرى؛ أحد أهم الأطر العملية لتوحيد الموقف العربي والإسلامي والتنسيق بين مختلف القوى لدعم المقاومة والشعب الفلسطيني ومواجهة التطبيع مع العدو الصهيوني.

فكيف سيجسّد الأستاذ عزام الأيوبي رؤيته للمرحلة المقبلة خلال توليه مهمة المنسق العام للمؤتمر القومي-الإسلامي؟ وهل سينجح في إطلاق ديناميات جديدة للتعاون بين القوميين والإسلاميين في مواجهة مختلف التحديات الكبرى؟

x.com/kassirkassem