مدونات

تحالفات القوة والصداقة: بنغلادش بين الهند والصين في مواجهة التحديات الإقليمية

محمد شعيب
أثنت الصين على الشيخة حسينة- أ ف ب (أرشيفية)
أثنت الصين على الشيخة حسينة- أ ف ب (أرشيفية)
جيش بنغلادش وجيش التحرير الشعبي الصيني، يعقدان تدريبا مشتركا تحت اسم "الصداقة الذهبية بين الصين وبنغلادش 2024"، في خطوة تعزز التفاهم المتبادل والصداقة بين البلدين. تشمل التدريبات مجموعة قضايا، من بينها اختطاف الطائرات ومكافحة الإرهاب، وتأتي هذه الخطوة بعد تحسين العلاقات العسكرية بين الصين وبنغلادش، وتعزز التعاون الثنائي في مجال الدفاع والأمن.

تستثمر الصين أكثر من 25 مليار دولار أمريكي في مشروعات متنوعة في بنغلادش، مع تحسينها المستمر للعلاقات الدفاعية من خلال توريد مجموعة واسعة من المعدات العسكرية، مما يثير اهتمام الهند. وفي خطوة تعزز القوة البحرية، افتتحت رئيسة الوزراء البنغالية، الشيخة حسينة، قاعدة غواصات بقيمة 1.21 مليار دولار أمريكي في كوكس بازار، بنتها الصين التي توفر رصيفا آمنا للغواصات والسفن الحربية. يمكن لهذه القاعدة استيعاب ما يصل إلى ست غواصات وثماني سفن حربية، مما يسهل حركتها في الحالات الطارئة. هذه الخطوة تعكس التزام الصين بتعزيز وجودها البحري في منطقة خليج البنغال، وتثير انتباه الهند واستياءها؛ نظرا للتوازنات الإقليمية في جنوب آسيا.

كلما ازدادت الأصوات التي تدعو إلى تعزيز الصداقة مع الصين إلى مستويات جديدة، زادت اهتمامات الهند وتفكيرها في الأمر. وفي السياق نفسه، رحبت الصين بانضمام بنغلادش إلى تحالف البريكس، وقد قبلت بنغلادش هذا الانضمام تقريبا. ولا يزال من المبكر الحكم على مدى فعالية هذا التحالف بالنسبة لبنغلادش، وهو يشمل البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، وتنضم إليه العديد من البلدان الأخرى. ومن المعروف أنه تحالف مناهض للولايات المتحدة، وقد أشاد سفير الصين في دكا، ياو وين، بانتظام تشكيل هذا التحالف الدولي لمواجهة الغرب، مؤكدا دعم الصين المتواصل لبنغلادش، ووصفها بأنها "صديقتنا". وبعيدا عن السياق الدولي، أثنى ياو وين بانتظام على القيادة القوية لرئيسة الوزراء الشيخة حسينة، في إشارة إلى الاحترام المستمر من الصين لطريقة قيادتها في مواجهة التحديات الدولية.

لقد كانت علاقات بنغلادش مع الهند جيدة على الدوام في أثناء حكومة رابطة عوامي الحاكمة، ولا تزال كذلك. وتستخدم الهند أراضي بنغلادش كممر لنقل البضائع إلى ولاياتها المعروفة باسم "الأخوات السبع"، حيث تحصل الهند على إذن لاستخدام ميناء شيتاجونج. تستورد بنغلادش الكهرباء من الهند منذ عدة سنوات، وأنشأت الهند مشروعا مشتركا لمحطة توليد الكهرباء في رامبال في سونداربانس.

بنغلادش ليس لها حدود مع الصين، لكنها تعتمد كثيرا على اقتصادها. وبصرف النظر عن الاقتصاد، تعد الصين أيضا عاملا في الشؤون الداخلية لبنغلادش.

تؤكد بنغلادش التزامها بصداقتها مع الهند، وتتعهد بعدم السماح لأي قوة أجنبية باستخدام أراضيها ضد الهند، كما تشدد على أهمية دور الصين كشريك في التنمية.

يضاف إلى هذا السياق، بعض العوامل الزمنية والبيئية، حيث يُلقي مودي بورقة لاكشادويب دون أن يتمكن من إخضاع جزر المالديف لسيطرته من قبل الصين. وبعد زيارته للصين، حذر الرئيس المالديفي الهند من تداعيات ذلك، مما أجبر الهند على سحب قواتها. هذا الفشل في مواجهة الهيمنة الصينية في جنوب آسيا، يُعدّ تحذيرا للولايات المتحدة، حيث فقدت الهند هيمنتها في عدة دول بسبب التدخل الصيني.

يثير هذا السيناريو استفسارات حول مستقبل السياسة في بنغلادش، خاصة مع موقعها الجيوسياسي الاستراتيجي على ساحل خليج البنغال. في ضوء التدخل الهندي غير المرغوب فيه في بنغلادش ومحاولات الولايات المتحدة لمنع توسع الصين، يثور السؤال حول الاتجاه الذي ستتبعه بنغلادش في المستقبل السياسي.
التعليقات (0)