يستعد مجلس النواب
المصري للتصويت على الموازنة العامة للعام المالي المقبل
2024-2025، بعد مناقشة الموازنة المقدمة من الحكومة، وذلك في الوقت الذي يُشكل فيه
ارتفاع
حجم الدين في مصر تحديا كبيرا للنهوض بالاقتصاد، يتطلب حلولًا جذرية، خاصة مع
الأرقام الضخمة التي خصصت لخدمة الديون في تلك الموازنة.
من يتحمل أعباء خدمة الدين؟
وعادةً ما تكون الحكومة المسؤولة عن سداد الديون، ويتم تمويل ذلك عن طريق
الإيرادات الضريبية والاقتراض الجديد، ومع ذلك، فإن تأثير زيادة الدين وخدمته يكون
على المواطنين عن طريق تقليل الإنفاق الحكومي على الخدمات العامة وزيادة الضرائب
والرسوم وتقليل الدعم.
أرقام مهمة في الموازنة الجديدة
تصل المصروفات العامة إلى 3 تريليونات و870 مليار جنيه، (حوالي 80 مليار
دولار)، تم تخصيص أكثر من 3.4 تريليونات جنيه لأعباء خدمة الدين تعادل 62.1% من
استخدامات الموازنة العامة، فيما تبلغ استخدامات الموازنة العامة 5.541 تريليون جنيه.
اظهار أخبار متعلقة
ويمثل الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية نسبة 11.5% من استخدامات الموازنة
العامة، فيما تشكل الأجور 10.4%، تليها الاستثمارات 8.9%، وشراء السلع والخدمات 3%
فقط، وتقدر الفجوة التمويلية للموازنة العامة بنحو 2.84 تريليون جنيه ويبلغ العجز
الكلي للموازنة العامة 7.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
في غضون ذلك قفز الدين الخارجي لمصر بنحو 3.51 مليارات دولار، خلال الربع
الأخير من عام 2023، ليقفز إلى 168.03 مليار دولار، بنهاية كانون الأول/ ديسمبر
الماضي، مقابل 164.52 مليار دولار، في أيلول/ سبتمبر الماضي.
تداعيات التهام خدمة الدين للموازنة
يقول خبراء ومحللو
اقتصاد لـ “عربي21"، إن تخصيص جزء كبير من
إيرادات مصر لسداد فوائد وأقساط الدين، يُقلل من الموارد المتاحة للإنفاق على
الخدمات الأساسية مثل الأجور والدعم، كما يُقلل من قدرة الحكومة على الإنفاق على
الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية، مما يُؤثر سلبًا على
جودة حياة المواطنين.
يُساهم نقص الإنفاق على الخدمات الاجتماعية في تفاقم معدلات الفقر
والبطالة، مما يُؤدي إلى تفاقم التفاوتات الاجتماعية، ويُثبط ارتفاع حجم الدين
المستثمرين من ضخ أموالهم في مصر، مما يُعيق النمو الاقتصادي.
اظهار أخبار متعلقة
خدمة الديون تكبل الحكومة وتضغط على المواطنين
وصف الباحث الاقتصادي والمحلل المالي، أحمد قطب، تداعيات التهام خدمة
الديون بأنها "سلبية للغاية ولا مفر أمام الحكومة سوى زيادة الضرائب وتخفيض
الإنفاق العام وتقليل جودة الخدمات ومثال على ذلك قطع الكهرباء يوميا لتوفير
مليار دولار سنويا".
وبشأن تأثيرها على المواطنين، أوضح لـ "عربي21" أن المواطن هو
الذي يتحمل أعباء هذه الخدمة، أرقام الميزانية لا تنعكس على المواطنين بسبب التضخم
الذي أكل الأخضر واليابس وأدى إلى انخفاض قيمة العملة المحلية ونقص في العملة
الأجنبية مع زيادة أسعار السلع والخدمات.
ورأى قطب أن زيادة حجم الموازنة لا يعني خدمات أكبر في الموازنة الجديدة،
بسبب ارتفاع الدين الخارجي وبالتالي ارتفاع أقساط الديون. الجزء الأكبر للموازنة
يذهب لخدمة أقساط الدين وفوائده وتحرص الحكومة على عدم التخلف عن سداد أي قسط تحت
أي ظرف مما يشكل العبء الأكبر على الموازنة العامة.
وأشار الباحث الاقتصادي إلى أن أحد أهم شروط صندوق النقد الدولي هو تخفيض
الدعم الحكومي والتخارج من النشاط الاقتصادي للدولة واستبدال دورها مع القطاع
الخاص والمستثمرين، كما أن توسع الحكومة في مشروعات تنموية عديدة في ذات الوقت
والذي يمثل عبئا إضافيا على الموازنة انعكس بشكل سلبي على الاقتصاد بسبب عدم وجود
دخل ملموس من هذه المشاريع يعادل حجم الإنفاق الضخم فيها.
اظهار أخبار متعلقة
خدمة الديون وتأثيرها الدراماتيكي
خدمة الديون تمثل جزءا كبيرا من موازنة مصر، بحسب الباحث في الاقتصاد
السياسي، مصطفى يوسف، وتقلل خدمة الديون من قدرة الحكومة على توجيه الإنفاق لتحقيق
التنمية المستدامة وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين حيث تستهلك معظم الإنفاق العام،
مما يقلل من الموارد المتاحة لتمويل البرامج الاقتصادية والاجتماعية الحكومية
الأخرى.. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤثر خدمة الديون الكبيرة على الثقة في الاقتصاد
المصري وتقلل من الاستثمارات الخاصة والأجنبية.
وعدد في حديثه لـ "عربي21" أسباب ارتفاع الدين المحلي والخارجي
في مصر مؤكدا أن "الاقتراض لتمويل مشاريع البنية التحتية والتنمية الاقتصادية، مثل
إنشاء الطرق والجسور، حيث تلجأ الحكومة إلى الاقتراض لتمويل العجز في الميزانية
نتيجة للأزمات الاقتصادية أو التغيرات في الأسعار العالمية"، معتبرا أن
"الإفراط في الاقتراض يعكس نهج الحكومة في اختيار الطريق السهل وليس إعادة
التفكير في هيكلة الاقتصاد والتركيز على الإنتاج".
وحذر يوسف من أن "تحديات الدين وخدمته في الموازنة، يمكن أن تزيد الزيادة
المستمرة في الدين من الضغوط المالية على ميزانية الحكومة، وقد يؤدي ارتفاع الدين
وعجز الحكومة عن تحسين الأوضاع الاقتصادية إلى تدهور الثقة في الاقتصاد المصري،
مما يزيد من تكاليف الاقتراض ويقلل من الاستثمارات والنمو الاقتصادي".