رفعت
المستشفيات العامة والنوعية، والوحدات الصحية الحكومية، في جميع أنحاء
مصر، أسعار جميع الخدمات التي تقدمها للمرضى، والتي يتردد عليها الفقراء وعامة الناس من الطبقات العاملة والكادحة والذين لا يحظون بمنظومة تأمين صحي.
تراوحت الزيادات الجديدة ما بين 100% و400% دفعة واحدة بحسب نوع الخدمة الطبية المقدمة، والتي شملت أيضا تقليص نسبة أسِرَّة العلاج المجاني بالمستشفيات إلى 25% بدلا من 60%، وصرف صنف دواء فقط بالمجان من قائمة العلاج وليس جميع الأدوية الموصوفة.
على سبيل المثال؛ زادت قيمة الإقامة بالمستشفى من 5 جنيهات عن اليوم بحد أقصى 10 أيام، إلى 20 جنيها في اليوم، ورفع رسوم الحضانة من 20 جنيها إلى 100 جنيه في اليوم، إلى جانب رفع رسوم الكشف بالعيادات الخارجية ومرافقة المريض، والأشعة والتحاليل، وجلسات العلاج الطبيعي والتخاطب والنفسي ورسوم استخراج البطاقات بكافة أنواعها.
وبهدف زيادة الموارد المالية الذاتية للمنشآت الصحية، فقد أصدرت وزارتا الصحة والتنمية المحلية، قبل أيام، لائحة جديدة للمستشفيات والوحدات الصحية الحكومية، تتضمن إعادة تسعير الخدمات الصحية التي تقدمها المنشآت الصحية الحكومية التابعة للوزارتين، باستثناء التطعيمات الإجبارية للأطفال والطوارئ ومبادرات الصحة العامة التي ما زالت بالمجان، بدعوى توفير مستلزمات تشغيل المستشفيات، وتقديم الخدمة الطبية المتميزة لجميع المواطنين.
اظهار أخبار متعلقة
ووصف مراقبون ومعنيون في تصريحات لـ"عربي21" اللائحة الجديدة بأنها مخالفة لحقوق المواطن في تلقي الرعاية الصحية والعلاج وتمويل زيادة إيرادات المستشفيات وتغطية نفقاتها من جيب المواطنين، ومخالف للدستور الذي يكفل العلاج والتعليم بالمجان، وما يجري هو نوع من الخصخصة.
وحددت اللائحة الفئات التي تستحق العلاج المجاني في 6 فئات، تشمل أصحاب معاش تكافل وكرامة أو حاملي بطاقات الخدمات المتكاملة أو أسر شهداء ومصابي الشرطة والجيش، أما بخصوص الذين لا يتمتعون بنظام تأمين صحي أو رعاية صحية حالات الطوارئ وتشمل الحوادث والحالات الحرجة التي تقتضي التدخل السريع لإنقاذ حياة المريض أو لمنع تفاقم الحالة فاشترطت توصية لجنة البحث الاجتماعي بالمستشفى وموافقة لاحقة من مدير المستشفى.
"تضحية بالصحة"
فند منسق لجنة الدفاع عن الحق في الصحة، الدكتور محمد حسن خليل، اللائحة الجديدة، واعتبرها "مخالفة للحق في الصحة ولا تتوافق مع نص الدستور، وتؤكد أن الحكومة ليست لديها سياسة متسقة مع بعضها البعض، فنسب المواطنين الذين لا يغطيهم التأمين الصحي حوالي 40%".
وأكد في حديثه لـ"عربي21" أن "بيع الخدمات للمواطنين بالقطعة ورفع الأسعار والتربح وتوزيع العوائد بدعوى توفير الاحتياجات للمستشفيات يؤشر على أنه لا توجد سياسة صحية ولا أهداف عامة ولا منظومة تحكم هذه الأهداف، والعلاج على نفقة الدولة للمهمشين أصبحت تكتنفه شروط صعبة".
وحذر خليل "من الآثار الجانبية المباشرة للائحة على صحة المواطنين، والتركيز على رفع أسعار الخدمات وتحقيق موارد ذاتية هو تضحية بالصحة العامة للمصريين، خاصة أن إدارة المستشفيات تحصل على نسبة من عوائد تلك الخدمات التي تقدمها وبالتالي فإن من مصلحتهم زيادة الإيرادات".
تراجع عدد المستشفيات الحكومية
وتضع الحكومة المصرية نصب عينيها الحفاظ على الاستقرار المالي في الموازنة العامة للدولة خلال العام المالي 2024/2023 من خلال تحقيق عجز كلي يصل إلى 7% من الناتج المحلي الإجمالي، وتحقيق فائض أولي قدره 2.5% من الناتج المحلي، وخفض دين أجهزة الموازنة ليكون 91.3% من الناتج المحلي من خلال تقليص النفقات وزيادة الموارد.
تستحوذ مستشفيات القطاع الخاص على نحو 60% من إجمالي المستشفيات في الجمهورية وفق بيان الجهاز المركزي المصري للإحصاء، حيث يصل عدد المستشفيات الحكومية (العامة والجامعية) إلى 652، فيما يبلغ عدد المستشفيات الخاصة 1130 مستشفى.
"قرار خاطئ في وقت خاطئ"
وصف مقرر اللجنة القانونية والحريات بنقابة الأطباء المصرية سابقا، أحمد شوشة، اللائحة الجديدة، بأنها "مقدمة لإلغاء العلاج المجاني، كل الخدمات الآن تقدم بمقابل مادي، كما يحدث في التعليم، وتتجاهل الحكومة أن المستشفيات الحكومية تقدم الخدمة لفئات ضعيفة ودخلها بسيط ولا يتردد عليها غيرهم، لماذا إذن هذه الزيادات وتعجيزهم عن تلقي العلاج؟".
وأضاف خلال حديثه لـ"عربي21": "هذه اللائحة وما سوف يتبعها من لوائح جديدة تحت مسمى دعم زيادة إيرادات المستشفى يجب ألا تكون أو تمول من جيوب المواطنين خاصة البسطاء والمحتاجين والموظفين وغير القادرين. الأطباء لا يريدون الحصول على أجور وحوافز من المرضى ولكن إشراكهم في الحصول على نسبة من الإيرادات هو على غير رغبتهم ويجب أن تكون من الموازنة العامة للدولة وليس من جيوب العامة والفقراء".
اظهار أخبار متعلقة
وانتقد شوشة "زيادة الأعباء على المريض الفقير أو الفقير المريض لأن هذه الفئة الكادحة هي من تتردد باستمرار على المستشفيات وهي بدورها لا تقدم الخدمات على أكمل وجه وتعاني من نقص في الأدوية والمستلزمات والعلاجات والأطباء وسوء الخدمة بالأساس إلا بعض أنواع المستشفيات المعروفة والجامعية الكبيرة، وينبغي الاستثمار في الصحة لأنه استثمار في المكان الصحيح".
ما حقيقة مخصصات الصحة بالموازنة؟
فندت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (مستقلة)، طريقة حساب وزارة المالية طريقة لمخصصات الصحة ووصفتها بالخاطئة من أجل أن تضخم الرقم بشكل مفتعل، وتقوم بتحميل كل قطاع حصته من فوائد الديون الحكومية بنسب تتوافق مع نصيب كل قطاع من الإنفاق عليه.
تقول الحكومة إن المخصصات المالية للقطاع الصحي بالموازنة الحالية زادت إلى نحو 397 مليار جنيه، لكن تبلغ مخصصات قطاع الصحة الحقيقية نحو 148 مليار جنيه، تمثل 1.25% من إجمالي الناتج المحلي، أي أقل من النسبة الدستورية بـ1.75%.
يلزم الدستور المصري، في المادة 18، الحكومة بتخصيص 3% من إجمالي الناتج القومي للإنفاق على الصحة، على أن تتصاعد هذه النسبة تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية.