أعلن الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم
الجزائرية الدكتور عبد الرزاق مقّري أن أمن الحدود في الجزائر
منعه من مغادرة
التراب الجزائري دون إبداء أي أسباب مبررة لقرار المنع.
ورجح مقّري في تدوينة نشرها اليوم على
صفحته الرسمية "فيسبوك"، أن يكون سبب منعه متصلا بموقفه من التطورات
التي تعرفها القضية الفلالسطينية منذ بداية عدوان الاحتلال على قطاع غزة في 7 تشرين أول/ أكتوبر الماضي.
وقال مقّري: "كنت قبل يومين أهم
بالسفر خارج الوطن فإذا بي أخبر في موقع شرطة الحدود أنني ممنوع من الخروج، وعند
مناقشتي الضابط الذي كلف بإخباري وجدت أنه لا يعرف شيئا عن الموضوع سوى أنني ممنوع
وأنه لا يعرف غير هذا".
وأضاف: "لقد تأكد لدي بأن سبب
منعي من مغادرة التراب الوطني له علاقة بالقضية الفلسطـينية، وبغض النظر عن السبب
وعن قضيتي الشخصية فإن هذا الإجراء الأمني
المخالف للدستور والقوانين ولمبادئ الحقوق الأساسية للمواطن يدل على استخفاف
السلطات بظروف ومصائر الناس، دون أي اكتراث بما قد يلحق بالمسافر من الأذى في مصالحه
المادية والمعنوية والنفسية وربما الصحية والتعليمية وغير ذلك، وكذا مصالح من لهم
علاقة به وبسفره".
وتابع: "هو إجراء يدل كذلك على
جرأة كبيرة في الدوس على الدستور والقوانين والأخلاق بمجرد الوهم من غير سؤال ولا
حوار مع المعني وبدون أي احترام له كإنسان وكمواطن حر".
وذكر مقّري أنه اضطر للإفصاح عن خبر
منعه من السفر للرأي العام وملابساته وآثاره بعدما لم يفلح في حل المشكل عن طريق الاتصال
بالجهات المعنية ولم يستطع استئناف سفره للوجهة التي كان يريدها والقيام بأعماله
وفق برنامجه وتحقق الضرر الذي لحق به.
ونفى مقّري أن يكون محل متابعة قضائية،
وقال: "أؤكد بالمناسبة لمن يهمه الأمر أنني لست متابعا قضائيا، وأثناء
الليلة التي وقعت فيها مجزرة المستشفى الأهلي في غـزة والتي خرجت على إثرها للشارع
بشكل تلقائي دون تنسيق مع أحد ودعوت عبر هاتفي الناس للخروج لإظهار غضبنا
كجزائريين ضد الصـهـاينة مثل غيرها من الشعوب في العالم أخبِرت رسميا بأنه لا توجد
أي متابعة قانونية".
وأضاف: "يشرفني كثيرا أن أتعرض
لهذا الاعتداء الرسمي بسبب مناصرتي للقضية الفلسـطينية، وسعادتي لا توصف أنني
أتحمل ضمن الملحمة التاريخية العالمية التي دشنها طوفان الأقـصى هذا الجزء اليسير
من الأذى الذي لا وزن له مقارنة بما
يكابده أهلنا في غـزة".
وأشار مقّري إلى أن عمله للقضية الفلسـطينية
ليس جديدا ولا يوجد أي سبب للتحسس منه بخصوصه من قبل السلطات، قال: "لقد كنت
الأمين العام لفرع مؤسسة القدس العالمية تحت رئاسة الشيخ شيبان والأستاذ عبد
الحميد مهري رحمهما الله، وكنت رئيس الوفد الجزائري لأسطول الحرية وبعد خروجنا من
السجن الإسرائيلي في فلسطين المحتلة بعد هجوم الجيش الصهيوني على سفينة مرمرة
نقلتنا طائرة خاصة رسمية جزائرية من الأردن إلى الجزائر، وكنت رئيس الوفد الجزائري
في قافلة شريان الحياة 5 الذي ضم أكثر من مائة فرد جزائري والعديد من القوافل بعد
ذلك وكنت بخصوصها في اتصال دائم مع سفارتنا في مصر، وشاركت في مسيرة العودة
التأسيسية الأولى في الأردن نحو الحدود الفلسطـينية المحتلة، ونظمت وشاركت في
مسيرات ومهرجانات لا تحصى لنصرة فلسـطين في الجزائر وخارجها، وعلاقتي مع
الفلسطينيين مكشوفة واضحة لا تخفى على أحد وأنا عضو في حركة جزائرية اسمها الأول ’حمـاس’ نشأت كجزء من مسيرة الأمة لتحرير فلسطين، ومن بلد اسمه الجزائر
شعاره الخالد ’مع فلسـطين ظالمة أو مظلومة’ ".
وأضاف: "أنا إذ أتعرض للأذى بسبب
انخراطي في تحولات طوفان الأقـصى فإن ذلك شرف لي أكثر من أي مساهمة سابقة بالنظر
للتحولات التاريخية التي أنشأها هذا الطوفان المبارك، الذي كنت أستشرفه دون أي
معلومات سابقة عنه، وتحدثت عن ضرورة تصعيد المقاومة لإنقاذ القضية الفلسـطينية من
الضياع أياما قليلة قبل وقوعه، ووقع كما كنت أتوقعه وثمة شهود على ذلك، فكيف لا
أحتفي به وقد كان جزء من فكري ومشاعري قبل حدوثه".
وأوضح مقّري أنه وجهته أثناء منعه من
مغادرة التراب الوطني كانت إلى الدوحة وماليزيا، وكان برنامجه في الدوحة هو زيارة
مجاملة وتهنئة للقائد هنية والقيادة الفلسـطينية في اليوم الموالي وحدد الموعد
لذلك، وبعدها القيام باتصالات لإبرام اتفاقات شراكة لعقد المؤتمر الدولي السابع
لمنتدى كوالالمبور الذي سيعالج الانهيار القيمي والأخلاقي في العالم، وسيركز على
انهيار القيم الأخلاقية للدول الغربية تجاه المحرقة الجارية في غزة، بمشاركة
شخصيات من مختلف أنحاء العالم من المسلمين وغير المسلمين، ومن ذلك الالتقاء وفق
مواعيد مضبوطة مع عدد من العلماء على رأسهم الشيخ الددو والشيخ الصلابي.
وحول برنامج في ماليزيا، فقال مقّري:
"أما في ماليزيا فكنت سألتقي مع الدكتور مهاتير رئيس منتدى كوالالمبور
لمناقشة المؤتمر وقضايا المنتدى بصفتي الأمين العام، بالإضافة إلى لقاءات أخرى
مهمة مع العديد من الشخصيات حول قضايا المسلمين والقضية الفلسطينية، علاوة على
ندوة كنت سأقدمها عن كتابي ’الاستنهاض الحضاري وتحدي العبور’ ".
وأكد مقّري أن "هذا التضييق يدل
على أنه أصبح مستهدفا بشكل مباشر من النظام السياسي، وقال: "لقد أقدم النظام على
هذا التجاوز الظالم ضمن سياسة التحكم في الجميع المتبعة من قبل، وبغرض العزل
السياسي المتعلق بالتحولات الجديدة، وبالاعتماد على حالة الركود السياسي والحقوقي
العام في البلاد، وبالنظر أنه لا توجد قوة خارجية تسندني على غرار ما تفعله فرنسا
وأمريكا والدول الأوروبية حين يتم التضييق على أصدقائهم وحلفائهم أو عملائهم من
النشطاء السياسيين الجزائريين".
وأضاف: "إن سبب التضييق عليّ
المتعلق بالقضية الفلسطينية سيجعل هؤلاء الغربيبن يسعدون بذلك، وقد سبق لهم
التحريش ضدي عبر أحد وكلائهم كما قد أبينه لاحقا، ولكن ثقتي في الله كبيرة وتوكلي
عليه عظيم، وسأبقى أكافح من أجل ما أؤمن به بأنه حق ولو كنت وحدي ولا يصيبنا إلا
ما كتبه الله لنا والأيام دوّارة، والله سبحانه أقوى من الظالمين جميعا، وحسبنا
مولانا عز وجل وهو نعم الوكيل. وصدق الله تعالى إذ يقول: (إن الله يدافع عن
الذين آمنوا، إن الله لا يحب كل خوان كفور)".
وأنهى مقّري تدوينته قائلا: "يجب
أن نقول بكل وضوح بأن هذه المرحلة هي أكثر المراحل تضييقا للحريات، سياسيا
وإعلاميا واقتصاديا ومجتمعيا، وأن هذا التضييق الذي تجاوز الحدود لا يدل على قوة
السلطة الحاكمة ولكن على ضعفها، وأن البلد سيضعف معهم بتصرفاتهم هذه، وأن قمع
الحريات مهما اشتدت ومهما كان ضحاياه لن يدوم، وإنما يُسجّل بأسوأ الذكريات باسم أصحابه عند الله وفي
التاريخ، المستبدين منهم والمناضلين والساكتين"، وفق تعبيره.