سياسة عربية

"التوجه نحو الجنوب".. خدع الاحتلال تكشف فشله وهشاشته

يركز الاحتلال غاراته على جنوبي غزة التي دعا السكان للنزوح إليها- الأناضول
يركز الاحتلال غاراته على جنوبي غزة التي دعا السكان للنزوح إليها- الأناضول
يوما بعد يوم، تتكشف فصول جديدة من فشل العدوان المستمر على قطاع غزة، الذي لم يحقق بعد مرور 21 يوما سوى المزيد من الدمار وقتل المواطنين الفلسطينيين وخاصة الأطفال منهم، حيث أخفق بشكل كبير في دفع تهجير المواطنين من شمال القطاع إلى جنوبه. 

ومما يظهر الفشل الإسرائيلي الكبير وإدراك الفلسطينيين لخدع الاحتلال التي باتت مكشوفة بالنسبة لهم، ارتكاب الاحتلال بحسب متابعة "عربي21" لعدد كبير من المجازر بحق العائلات الفلسطينية في وسط وجنوب القطاع، التي حاول أن يخدع المواطنين بأنها مناطق آمنة وعليهم التوجه لها، حيث طالت هذه المجازر العديد من العائلات، التي أجبرت على النزوح نحو جنوب القطاع بعد تدمير منازلهم في غزة وشمال القطاع. 

إظهار أخبار متعلقة



لا هجرة بعد اليوم
"التوجه نحو الجنوب"؛ هي فحوى اتصال مخابرات الاحتلال على العديد من المواطنين من سكان غزة وشمال القطاع التي بدأت يوم الجمعة 13 تشرين الأول/أكتوبر 2023، من أجل إرهاب المواطنين ودفعهم لترك منازلهم، ورغم قيام العديد من العائلات بالنزوح نحو جنوب القطاع، إلا أنهم لم يسلموا من بطش آلة الحرب الإسرائيلية وفي ذات اليوم المذكور، ارتكب الاحتلال مجزرة بشعة بحق النازحين على طريق صلاح الدين الذي يمر من شمال القطاع وحتى جنوبه، وقام باستهدافهم وقتل نحو 70 منهم جلهم من الأطفال والنساء وكبار السن. 

المواطن الفلسطيني "أبو محمد" الذي تعود أصول عائلته إلى مدينة يافا المحتلة، بقي هو وعائلته في منزله بمدينة غزة ورفض "التوجه نحو الجنوب"، وأكد أنه لا يعتزم ترك منزله في أي وقت، وقال: "لا هجرة ولا نزوح من بيتي بعد اليوم". 

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "أموت في بيتي أفضل عندي من أن أموت في أي مكان آخر"، منوها إلى أن "الاحتلال مخادع، وهو يحاول تهجير سكان القطاع، ونحن نرفض تمرير مخطط التهجير". 

وفي تعليقه على سلوك الاحتلال ومحاولته تهجير المواطنين قسريا، أوضح الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة، أن "خطة ترحيل الفلسطينيين من أرضهم ليست جديدة، وسبق أن هجرتهم من مدنهم وقرراهم عام 1948، وتجربة الفلسطينيين مع التهجير مريرة، وهو لن يكررها". 

ونبه في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "العدو الإسرائيلي حاول مؤخرا أن يمارس هذه السياسية، لكنها لم تحظ باستجابة رغم القصف المتواصل على غزة وشمال القطاع"، مؤكدا أن "مخطط الاحتلال لتهجير وتجويع سكان غزة وشمال القطاع لدفعهم نحو الجنوب، فشل، والفلسطيني بقي منزرعا في أرضه حتى لو تعرض للقصف بالصواريخ". 

وأضاف أبو شمالة: "بعد أسبوعين من ممارسة القصف المكثف في شمال القطاع، وعندما تبين للعدو أن مخططه في ترحيل سكان الشمال إلى الجنوب قد فشل، عاود ومارس التدمير والذبح والقصف وكل أشكال العقاب الجماعي بحق سكان جنوب القطاع، ولم يتوقف قتل الفلسطينيين، بل تضاعف على مدار الأيام الأخيرة، بعد أن تأكد للعدو أن الجنوب والشمال يرفضون مغادرة مناطقهم". 

إظهار أخبار متعلقة



مخططات التهجير حاضرة
وأشار إلى أن "العدو الإسرائيلي عندما فكر أن يقسم القطاع إلى نصفين، قسم يهاجر إلى الآخر، كمقدمة لتهجير الكل من قطاع غزة، فمخطط الاحتلال لتهجير سكان القطاع ليس بالجديد، وهو يعرف أن الاكتظاظ السكاني في القطاع سينفجر في وجهه، وقد انفجر فعلا وسينفجر في كل لحظة، ومن ثم هو يفكر في تهجير هذا العدد الكبير من الفلسطينيين إلى مصر، كشريك في تحمل المسؤولية". 

ولفت الكاتب إلى أن "الوعي الشعبي الفلسطيني ومعرفته بخدع الاحتلال وسلوكه المضلل، ساهم في إفشال تمرير مخططات الاحتلال لتهجير المواطنين في مناطقهم.

وبين أن الفلسطيني يدرك أنه مستهدف في بيته وأرضه وعمله وفي وطنه، من ثم محاولة التهجير لم تبدأ في الحرب، بل قبل الحرب، هناك حملات إعلامية واحتضان للمهاجرين الفلسطينيين من قطاع غزة وكل من يحمل رقم بطاقة تموين، التي يقدمها للدول الأوروبية، وهذا يؤكد أن هناك تفكيرا جديّا لدى الاحتلال بتهجير سكان القطاع، بل أيضا سكان الضفة الغربية المحتلة". 

وذكر أن "المواطن الفلسطيني يدرك أنه لا قيمة له ولا مقام له إلا في وطنه وأرضه، لذا نرى التمسك بالأرض والموت تحت ركام البيوت بعد قصفها من قبل طائرات الاحتلال؛ لأنه قد يكون أرحم بكثير من ترك الأوطان والهجرة والعيش بمرارة الاغتراب عن الوطن". 

يشار إلى أن محاولة الاحتلال خداع المواطنين الفلسطينيين تتواصل، حيث يقوم في العديد من الأوقات بإسقاط مناشير من الجو، تطالب المواطنين بإخلاء منازلهم ومناطق سكنهم، وهو ما يقابل بالسخرية والتحدي من قبل المواطنين.

إظهار أخبار متعلقة



ويشهد القطاع ترديا في مجمل الأوضاع الحياتية؛ وخلال الأيام والليالي الماضية من العدوان، واصلت طائرات الاحتلال استهداف مختلف مناطق القطاع عبر تدمير ممنهج لمنازل المواطنين بشكل متزامن، واستهداف الأطقم الطبية والمستشفيات وسيارات الإسعاف وأطقم ومقرات الدفاع المدني والمساجد والصحفيين والمخابر والأسواق، وتدمير الطرق وشبكات المياه والاتصالات وانقطاع خدمة الإنترنت عن مناطق واسعة في القطاع، بالتزامن مع غياب شبه تام للكهرباء. 

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، ارتفاع عدد الشهداء إلى 7028 شهيدا، والجرحى لأكثر من 18484 جريحا، إضافة إلى وصول بلاغات عن أكثر من 2000 مفقود تحت الأنقاض، مؤكدة أن جرائم الاحتلال أدت إلى إبادة عائلات فلسطينية بأكملها، وارتكاب أكثر من 731 مجزرة. 

وفجر السبت 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة "حماس"، بدء عملية عسكرية أطلقت عليها "طوفان الأقصى"، بمشاركة فصائل فلسطينية أخرى؛ ردا على اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى، وبدأت العملية الفلسطينية ضد الاحتلال عبر "ضربة أولى، استهدفت مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية للعدو".
التعليقات (0)