ما زالت الأوساط العسكرية الإسرائيلية تستعيد أحداث
حرب أكتوبر 1973 بعد خمسين عاما على اندلاعها، وآخرها مسألة فريدة من نوعها، ونادرة في حدوثها، تمثلت في ما حصل عقب وقف إطلاق النار في نهاية الحرب، حين أعطى رئيس الوفد الإسرائيلي المفاوض الجنرال أهارون ياريف، نظيره
المصري محمد الجمسي نسخة من كتاب التوراة باللغة العربية، ولا يعرف حتى الآن مصير الكتاب، وما إذا كان الأخير قبِله، رغم التقارير التي تتحدث عن رفضه قبوله.
كورين آلباز آلوش مراسلة صحيفة "
يديعوت أحرونوت"، كشفت عن "اختيار ياريف اقتباسا شهيرا من سفر إشعياء في التوراة ليكون إهداءه للجمسي، وجاء نص الإهداء "لا تحمل الأمم سيفًا على الأمم، ولن يتعلموا الحرب فيما بعد"، حيث اجتمعت الأطراف بعد انتهاء الحرب لإجراء المحادثات المعروفة باسم "الكيلومتر 101" التي تناولت وقف إطلاق النار، وخلال المحادثات تم تعيين الفريق أول محمد الجمسي رئيس الفريق التفاوضي المصري رئيسا لأركان الجيش المصري، فيما أراد ياريف رئيس الفريق الإسرائيلي أن يباركه بهدية وهي عبارة عن نسخة من التوراة مترجمة باللغة العربية".
وأضافت في تقرير ترجمته "عربي21" أن "ياريف، الذي شغل، من بين أمور أخرى، منصب رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، ووزير المواصلات والاتصالات، تم استدعاؤه خلال حرب يوم الغفران للعمل كمستشار كبير ومساعد خاص لرئيس الأركان، واختياره لرئاسة لجنة التفاوض أمام فريق التفاوض المصري لتحقيق الاستقرار في وقف إطلاق النار، أما نظيره المصري فهو الجمسي، الذي أوكل إليه التخطيط للهجوم المصري، والتعاون مع الجيش السوري، وعين رئيسا للأركان بعد الحرب".
وزعمت أن "كيمياء شخصية جيدة نشأت بين الاثنين، ياريف والجمسي، حيث دارت المحادثات، وانتهت بنجاح إلى اتفاق فصل القوات بين إسرائيل ومصر الذي تم التوقيع عليه في أوائل عام 1974، والآن، وبعد مرور خمسين عاما على الحرب، تم الكشف عن نسخة كتاب التوراة التي طلب ياريف تسليمها للجمسي في 13 كانون الأول/ ديسمبر، وفي داخلها كتب ياريف إهداءه للجمسي بخط يده، وباللغة العربية، العبارة الشهيرة التي نقلها أكثر من مرة زعماء من جميع أنحاء العالم، وترمز للرغبة في السلام، وأرفق مع الهدية رسالة باللغة الإنجليزية على ورق رسمي من مكتب رئيس الأركان، هنأ فيها الجمسي".
اظهار أخبار متعلقة
وأشارت إلى أنه "بعد عشرة أيام من ذلك الإهداء ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في حينه أن الجمسي رفض قبول نسخة التوراة، ثم قال ياريف في حوار مع صحيفة "دفار" آنذاك إن الصحافة نشرت كلمة الهدية قبل أن تصل إلى وجهتها، ولذلك وجد الجمسي صعوبة في قبولها، زاعما أن نسخة كتاب التوراة في مكان آمن، وربما سيصل إليها بعد كل شيء، وإلى يومنا هذا ليس من الواضح ما إذا كانت قد وصلت إلى يد الجمسي، أو أين كانت طوال السنوات الماضية، لكنها اليوم موجودة في إسرائيل، ووصلت مؤخرا إلى دار مزادات البنتاغون، وسيتم قريبا ترشيحها للمزاد استعدادا للذكرى الخمسين للحرب".
مدير دار المزادات إيال إيليا زعم أنه "من المثير للغاية الحصول على مثل هذه القطعة النادرة، سواء على المستوى الشخصي أو التاريخي، لأن استقبال جنرال في الجيش الإسرائيلي لرئيس الأركان المصري عند دخوله دولة معادية بعد أسابيع من حرب دامية ليس بالأمر الهين، وفي النهاية، تحقق "إخلاص" الجنرال عندما تم التوقيع على اتفاق السلام بين الجانبين".