أخيراً
وضعت
الانتخابات التركية أوزارها، وعرف كل أناس مشربهم، ففرح من زادت موازينه في
الصناديق، أما من خفت موازينه فقد عاد بخفي حنين يكسو الحزن وجهَه من سوء ما بُشر
به، فكانت النتيجة أن "continue" يا
أردوغان، ويا كليتشدار أوغلو "get
out".
"فاز
أردوغان".. تلك الأمنية التي دعا المؤمنون ربهم بأن تتحقق، فتحققت ليستمر أردوغان
على عرش
تركيا في فترة رئاسية قادمة، لا ليمتص دم الشعب ويحقق أحلامه على حساب أحلامهم، كما يحصل في غالب الدول العربية، بل ليحقق أحلامهم بمستقبل أفضل، كما لا
يحدث في غالب الدول العربية.
لم
تكن انتخابات تركيا شأناً داخلياً فقط، بل إن العالم كله كان ينتظر النتائج، فمنهم
من دعا الله عز وجل أن يحفظ أردوغان ويوفقه، لأنه رأى فيه قائداً مسلماً يعبر عن
طموحاتهم، ومنهم من كان ينتظر سقوط أردوغان، وخاصة الدول الكبرى وأدواتها.
ثمة
مثل يقول "من يزرع ورداً يحصد ورداً"، فأردوغان زرع في قلوب الناس
ورداً، وفي دروبهم نهضة وإنجازات، فحصد ما زرع؛ زرع في الأرض مشاريع شاملة كل قطاعات الحياة، فاستفادت منها كل الأطراف بغض النظر عن توجهاتهم السياسية
والعرقية، فبنى المدارس والجامعات والمساجد والمصانع والمدن الحديثة، أعاد مسجد
أيا صوفيا لحظيرة الإسلام بعدما عاش عقودا خارجها، سمح للنساء بارتداء الحجاب بعد
ما كان محظوراً، باختصار أردوغان أطلق الإسلام ولم يعتقل العلمانية؛ لأنه أراد
للناس أن يتركوا السوء عن قناعة ويدخلون بيت الحق عن قناعة.
وبالعودة
لعنوان المقال "لماذا فرح المسلمون والعرب بفوز أردوغان"؟
لو
تجولنا في الوطن العربي والإسلامي ستجد أن كثيرا جداً من الناس فرحوا بفوز أردوغان
فرحاً عظيماً، ترى لماذا؟
أولا:
صدق أردوغان في وعوده، وعلى سبيل المثال، ففي يوم 21 أيار/ مايو 2023 افتتح مستشفى
دفنة الحكومي الذي اكتمل بناؤه خلال 60 يوما في ولاية هاتاي المتضررة من الزلزال.
ثانياً:
المواطن العربي متعطش للانتخابات الحقيقية، فهو لا يشعر بأن لصوته قيمة ودورة في
تغيير رأس الهرم، فالزعيم العربي لا ينزل عن العرش إلا على النعش، ولا يترك القصر
إلا للقبر.
ثالثاً:
أردوغان قدم نموذجاً للقائد المسلم الجاد الذي يسعى لبناء دولته بناءً عصرياً دون
التخلي عن المبادئ الإسلامية، عكس الدول العربية التي يشكو مواطنوها بأن قادتهم
الذين روّجوا بأن التقدم العصري يعني التنازل عن القيم، ومع مرور الوقت اتضح أن
أنظمتنا العربية، لا هي تقدمت، ولا هي حافظت على مبادئنا.
رابعاً:
أبدع أردوغان في إدارة السياسة الخارجية لبلاده، لم يطأطئ لأحد، فمن احترمه بادله
الاحترام. وأتذكر لقاء أردوغان مع ترامب في البيت الأبيض، وكان ترامب وضع "رجلا على رجل" ففعل أردوغان مثله، وحينما أنزلها ترامب أنزل أردوغان
رجله، ليس تقليداً بلا معنى، بل دليلا على الندية. وحينما ذهب أردوغان لروسيا،
تركه بوتين لمدة دقيقتين تقريبا ينتظر، ثم لما جاء بوتين لتركيا، فعل أردوغان نفس
الشيء معه، وهذا يعزز ثقة المواطن التركي بنفسه وبرئيسه، عكس الحاكم الذي يُساء له
خارج بلده ولا يحرك ساكناً.
خامساً:
التعامل مع المعارضة السلمية تعاملاً إيجابياً، وهذا ظهر جلياً في سماحه بإعادة
الانتخابات أو لنقل سماحه بإجراء الانتخابات من الأساس، فالدول العربية قلّما نجد
فيها انتخابات، وقلما نجد التزاما بنتائجها. ولدينا أدلة خلال العقدين الماضيين ما
حدث في مصر وفلسطين وتونس، فحينما جاءت الانتخابات بما لا يهوى الزعيم، حرق المراكب
كلها، وانقلب على النتائج.
يبقى
القول بأن ما حققه أردوغان من فوز، هو بفضل الله ثم بفضل إنجازاته، ثم بفضل دعاء
المسلمين له، وهنا يتجلى قول الله عزوجل "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً".
فاللهم ارزقنا برجب عربي طيب مثل رجب طيب أردوغان.