سياسة عربية

وزير لبناني لـ"عربي21": حلحلة في أزمة البلاد خلال شهرين (فيديو)

عربي21
عربي21
قال وزير الإعلام اللبناني في حكومة تصريف الأعمال، زياد المكاري، إن الأزمة الحادة التي تمر بها بلاده ستشهد حلحلة خلال شهر أو شهرين على أقصى تقدير، مرجحا قرب حدوث بعض الأمور الإيجابية والجديدة في هذا الصدد، دون أن يفصح عن طبيعة تلك التغييرات المرتقبة.

وشدّد المكاري، في مقابلة مع "عربي21"، على أن "لبنان لا يحتمل مطلقا أن تطول الأزمة أكثر من ذلك؛ فكل يوم يمر علينا بدون وجود حل نخسر فيه أكثر وأكثر؛ فقد وصل سعر الدولار نحو 85 ألف ليرة".

ولفت إلى أن اللبنانيين عوّلوا بشكل أكثر مما ينبغي على "اجتماع باريس" من أجل إنهاء الأزمة، مؤكدا أن هذا الاجتماع "كان تمهيدا لاجتماعات أخرى، ولا شك أن من الجيد في هذا الاجتماع هو مناقشة جدية لبعض التفاصيل عن كيفية الخروج من الوضع الحالي، وأصبح هناك هدف واحد هو انتخاب رئيس للجمهورية، وهناك ضغط دولي في هذا الاتجاه".

اظهار أخبار متعلقة



وخلال الشهر الماضي، عُقد "اجتماع باريس الخماسي" الذي ضم ممثلين عن فرنسا والولايات المتحدة والسعودية وقطر ومصر، لبحث الملف اللبناني، لكنه لم ينتهِ إلى نتائج ملموسة على صعيد إنهاء الأزمة، رغم أن الكثيرين عوّلوا عليه.

وأشار المكاري إلى أن "الإعلام اللبناني يعكس صورة الوضع داخل لبنان، كما يعكس الانقسام، وخطابات الكراهية، والأخبار الزائفة، وحالة التوتر والانقسام الكبيرة التي تسود البلاد".

واستدرك قائلا: "أنا -كوزير بالحكومة– لا أحمّل هذه الحكومة فقط كل المسؤوليات، لأن الوضع الحالي هو نتاج سنوات طويلة من الحكم غير الجيد، وسنوات طويلة من الفساد الطويل وإهدار المال العام، وبالطبع كل هذه الأجواء تنعكس سلبا على أداء وسائل الإعلام".



وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

ما أبعاد السرقة التي تعرض لها أرشيف الوكالة الوطنية للإعلام؟

لا أعتقد أن عملية السرقة كان يُستهدف منها سرقة الأرشيف –وربما كانت كذلك– لكن الأرجح أنها كانت بقصد السرقة المادية، أي سرقة أجهزة الكمبيوتر، والسيرفرات، وهي التي كانت تحتوي على جزء كبير من الأرشيف الرقمي الذي أعدّه موظفي الوزارة.

كيف تقرأون واقع المشهد الإعلامي اللبناني اليوم؟

الإعلام في لبنان في نهاية المطاف يعكس صورة الوضع داخل البلاد، كما يعكس الانقسام، وخطابات الكراهية، والأخبار الزائفة. ويعكس الإعلام أيضا حالة التوتر والانقسام الكبيرة التي تسود لبنان؛ فهناك توتر سياسي له علاقة بالاستحقاقات الانتخابية مثل انتخاب رئيس الجمهورية ولعبة شد الحبل بين كل الفرقاء.

أضف إلى ذلك، علاقة الدولة والحكومة اللبنانية بالشعب؛ فمعظم الناس لم يعد لديها ثقة بدولتها مع الأسف، لأن ما مروا به أحداث لم يمروا به من قبل.

كوزير في الحكومة لا أحمّل هذه الحكومة فقط كل المسؤوليات، لأن الوضع الحالي هو نتاج سنوات طويلة من الحكم غير الجيد، وسنوات طويلة من الفساد الطويل وإهدار المال العام، وبالطبع كل هذه الأجواء تنعكس سلبا على أداء وسائل الإعلام.

هل هناك جهات أو شخصيات بعينها تسيطر على الساحة الإعلامية اللبنانية؟

كل فريق في لبنان لديه سيطرته الخاصة، لكني أرى أن قوة تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان أقوى بكثير من الإعلام التقليدي (المرئي والمسموع)، وأصبح هناك ما يُسمى "بالجيوش الإلكترونية"، وهي موجودة مع كل حزب، وكل جماعة، أو فريق، وهي القادرة على إشعال نيران الصراع في البلد، أو إخمادها، ولا يستطيع أحد السيطرة أو التحكم في هذه اللعبة الخطرة.

ولعبة الجيوش الإلكترونية موجودة في العالم كله وليست في لبنان فقط، لكنها تأخذ طابعا حادا في بلادنا، لأن الدولة والوضع اللبناني ليسا على ما يرام.

إلى أين وصلت جهود إحياء التلفزيون اللبناني؟

"تلفزيون لبنان" هو أول تلفزيون بالعالم العربي؛ إذ بدا بثه عام 1959، ويحتوي على أغنى أرشيف للمواد المتعلقة بأخبار العالم العربي كله، وقد عقدتُ عدة اجتماعات فور رجوعي -قبل نحو أسبوع- من العاصمة الفرنسية باريس من أجل النهوض بتلفزيون لبنان.

ونحن نعمل جاهدين على عرض هذه المادة الأرشيفية حتى تستفيد منه الأجيال التي لا تعرف لبنان، ولا تعرف الكثير عن البلاد العربية، وبهذه الطريقة سنعطي قيمة أكبر للتلفزيون، وقيمة للثروة الموجودة بالأرشيف التلفزيوني.

بطبيعة الحال، نحن كدولة مقيدين بشكل كبير في أسلوب الطرح في التلفزيون الرسمي، ولا نستطيع العمل "بطريقة تجارية" كباقي القنوات، وهو الأمر الذي يُضعف هذه المؤسسة.

اظهار أخبار متعلقة



أضف إلى ذلك، عدم وجود الميزانيات المالية؛ فكما هو معلوم هناك انهيار اقتصادي في الدولة اللبنانية، وهو ما انعكس على كل شيء في لبنان.

وأود أن أتحدث بلغة الأرقام؛ حتى يعلم المشاهد والقارئ أين كنّا؟، وكيف صرنا؟؛ فقد كانت موازنة تلفزيون لبنان الشهرية حوالي مليون دولار، والآن أصبحت الموازنة أقل من عشرين ألف دولار موازنة شهرية.

وإذا قسّمت هذا المبلغ على 240 موظفا، وتكاليف تشغيل السيارات، والأجهزة، والكاميرات، والمباني، ستعرف قدر المعاناة حتى نستطيع إدارة هذه المؤسسة، وبالرغم من ذلك أحب أن أحيي جهود الموظفين الذين لم ينقطعوا عن العمل، لأنهم مؤمنين بعملهم، ولولاهم ما استطعنا أن نستمر حتى الآن.

وهناك خطط موضوعة للنهوض بالتلفزيون؛ فقد استلمت إدارة هذه المؤسسة منذ قرابة الشهر ونصف، وأعمل بشكل سريع ومنتظم حتى نتمكن من النهوض بالشكل المناسب.

هل هناك خطر ما يُهدّد أرشيف تلفزيون لبنان؟

أحب أن أطمئن الناس بأننا قد وقعنا اتفاقية مع وزارة الخارجية الفرنسية، ومعهد السمعي البصري بباريس التي تقضي برقمنة وحماية أرشيف تلفزيون لبنان، وإذاعة لبنان، والوكالة الوطنية، ومكتب الدراسات، وهو أمر يدعو للطمأنينة كثيرا، وأعتقد أننا صنعنا إنجازا في هذا الشأن.

لماذا أعلنتم تأجيل إطلاق فعاليات "بيروت عاصمة الإعلام العربي"؟

كما تعرف أن الأسبوع الذي كان من المقرر أن تنطلق فيه الفعاليات حدثت فيه بعض الأحداث في لبنان، التي وترت الأجواء، وارتفع فيها سعر الدولار بشكل كبير جدا؛ فكانت الآراء تقول بضرورة تأجيل الفاعليات، إلى جانب اعتذار عدد من الوزراء العرب الذين فضّلوا أن تكون الفاعليات بعد انتهاء شهر رمضان الكريم.

وأود أن أوضح أننا كنّا على كامل الاستعداد لهذه الفاعليات وبصورة تفخر بها عاصمتنا بيروت.

متى من المتوقع أن تنطلق تلك الفعاليات؟

ربما بعد رمضان بأسبوعين، ونعمل الآن على تحديد التاريخ الجديد، لأن الأمر يستدعي أن نتجهز بشكل جدي ولائق، لتظهر صورة بيروت كما نحب ونأمل.

لو طلبنا منك إجراء تقييم لأداء وزارة الإعلام في عهد الوزير زياد مكاري.. ماذا تقول؟

أفضّل تقييم الجمهور على تقييمي لنفسي، وأنا أحاول بكل جهدي المحافظة على هذه الوزارة وعلى موظفيها، وعلى كرامتهم، بينما نعاني في سبيل ذلك الكثير والكثير، لأن الجميع لا يعتبر هذه الوزارة وزارة سيادية أو خدماتية -كما يصفها بعض السياسيين– وأنا أنتقد كل هذه المصطلحات؛ فهي بالنسبة إلي وزارة أساسية، ولها دور أساسي هو إظهار وجه لبنان للخارج بشكل إيجابي، وهو ما أسعى لتحقيقه منذ اليوم الأول الذي توليت فيه منصب الوزارة.

كانت لكم تصريحات سابقة بخصوص صياغة قانون جديد للإعلام في لبنان.. فما الذي حال دون ذلك؟

ليس هنا ما يحول دون ذلك، بل على العكس نحن نعمل على القانون الجديد، وقريبا سنرسل نسخة جديدة ومعدّلة لقانون "عصري" إلى مجلس النواب، حتى يتم إقراره.

القانون المُطبق هو قانون قديم، وتخطاه الزمن إلى حد كبير. لذا، طلبنا الإذن من مجلس النواب لندرس القانون ونضع ملاحظاتنا عليه. ونحن ندرس الأمر مع خبراء من "اليونسكو" لنتعرف على أساليب توجيه الإعلام في العالم، وليس لفرض شروطه؛ فنحن نضع قانونا ليناسب صورة لبنان، وفي نفس الوقت علينا مواكبة التقدم العالمي في هذا المجال عن كثب.

كيف تنظرون لدور وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية في التعاطي مع تطورات الأزمة اللبنانية؟

كل وسيلة إعلامية لها سياستها التحريرية الخاصة بها، وتطرح أفكارها بحسب قراءتها السياسية، وبحسب برامجها، وأجندتها، لكني ألوم على بعض وسائل الإعلام التي تنشر أخبارا زائفة التي من شأنها أن توتر الأجواء، ولو عدنا للجريمة التي طالت الشيخ أحمد الرفاعي في محافظة عكار، والتي كشفتها في النهاية الأجهزة الأمنية، بعد أن طالت الاتهامات الجميع مما جعل، وبعد أن خاض الجميع في الأمر من إعلاميين ومن نشطاء على مواقع التواصل، وحتى مؤسسات إعلامية محترمة في لبنان، إلى أن أشعلوا النيران في البلاد.

اظهار أخبار متعلقة



الأمر في النهاية يعود إلى مدى الالتزام بأخلاقيات المهنة، وإلى أخلاقيات هؤلاء الذين لا يفكرون في مصلحة البلد بقدر تفكيرهم في أنفسهم، وكيفية زيادة عدد المشاهدين على حساب كرامة الناس والبلد، وعلى حساب أمن البلاد وأمور أخرى كثيرة نحن في غنى عنها.

هل فشل "اجتماع باريس" في حل وإنهاء الأزمة في لبنان؟

أعتقد أن اللبنانيين عوّلوا كثيرا على اجتماع باريس بشكل أكثر مما ينبغي. اجتماع باريس كان تمهيدا لاجتماعات أخرى، ولا شك أن من الجيد في هذا الاجتماع هو مناقشة جدية لبعض التفاصيل عن كيفية الخروج من الوضع الحالي، وأصبح هناك هدف واحد هو انتخاب رئيس للجمهورية، وأصبح هناك دعم دولي بعد أن شعر قادة العالم بأننا عرفنا الطريق الصحيح والوحيد للخروج من هذه الأزمة العميقة، وهو انتخاب الرئيس، وهناك ضغط دولي في هذا الإطار.

هل هناك تحركات دولية جديدة لمحاولة إنهاء الأزمة في لبنان؟

بالطبع، فاجتماع باريس يصب في هذا الاتجاه، والمشكلة هنا أن الدول التي ترغب في مساعدة لبنان تريد أن تفعل ذلك وفق أجندتها الخاصة؛ فهي تفكر في مصالحها قبل أن تفكر في مصالحنا، بمعنى إن لم تستطع كلبناني أن تدير مصالحك بنفسك، فماذا تنتظر أن تفعل بك الدول الأخرى، والوضع بكل صراحة يتمثل في أن هناك دولا خارجية تتدخل مشكورة حتى تساعد اللبنانيين، وعلينا نحن أن نتحرك من أجل وطننا وشعبنا.

إلى أي مدى أنت متفائل بقرب حل الأزمة في البلاد؟

أنا متفائل بطبيعتي، وأشعر أنه خلال شهر أو شهرين على أقصى تقدير ستحدث بعض الأمور الجديدة التي من شأنها إنهاء أو حلحلة الأزمة القائمة في البلاد، خاصة أن البلد لا تحتمل مطلقا أن تطول الأزمة أكثر من ذلك؛ فكل يوم يمر علينا بدون وجود حل نخسر فيه أكثر وأكثر، فقد وصل سعر الدولار اليوم 85 ألف ليرة.

متى سيتم انتخاب الرئيس في لبنان؟

كنت أتمنى أن أجيبك على سؤال، لكن ليس عندي إجابة، لأن هذا الأمر هو بداية الحل لكل شيء.

برأيكم، مَن هو الشخص المناسب لتولي رئاسة الجمهورية؟

كما تعرف أنا أمثل الوزير سليمان فرنجية بالحكومة، وبطبيعة الحال أنا ملتزم بالمساهمة لإيصاله إلى سدة الرئاسة، وليس فقط لأني أمثله بالحكومة ولكن لأني أعتبره -مثل كثير من الأطراف- المرشح الوحيد الذي يمد يده لكل القوى السياسية، وهو المرشح الوحيد الذي يقول: أنا أستطيع الجلوس مع كل القوى لنحكم بلدنا وننتشله من هذه الأزمة الطاحنة.

وبالإضافة إلى ذلك، هو المرشح الوحيد المقبول من دول الخليج العربي، ومن الطرف الآخر وهو سوريا وحزب الله؛ فلا شك أن كثير من الأزمات متعلقة بقربنا من سوريا، وبسلاح حزب الله، فكما تعرف: لا يمكن أن يأتي رئيس للجمهورية بدون أن تكون علاقته جيدة جدا مع دول الخليج، وبالتالي أنا أرى أن السيد فرنجية هو القادر على التعاطي مع جميع الأطراف المحلية والخارجية.

لكن ما الذي يحول دون انتخابه كرئيس للجمهورية؟

لأن مجلس النواب مُنقسم، وليس لديه القدرة على الاجتماع حتى يبلغ النصاب الذي يمكنه من انتخاب رئيس الجمهورية، والسبب في ذلك الانقسام الحاد الذي خلّفته انتخابات 2022، حتى أصبح بإمكان كل فريق تعطيل انتخاب مرشح الفريق المنافس، هذه هي اللعبة الديمقراطية، وهذا دستورنا، وليس بإمكانك سوى الانتظار، حتى يحدث هذا التفاهم والاتفاق المأمول.

قد يكون التفاهم على أن يكون رئيس الجمهورية من هذا الطرف، ورئيس الحكومة من الطرف الآخر، وأن يكون الحكم مشترك لمرحلة جديدة في لبنان، وهو ما لم يتم الاتفاق عليه بعد، ونأمل أن يحدث ذلك قريبا.

هل الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا له انعكاس ما على لبنان؟

بشكل مباشر لا، لكن بشكل معنوي بالطبع نعم، لأن الضحايا إخوة لنا -ومن بينهم لبنانيين-، وهي كارثة إنسانية طويلة عريضة وزادت الفقر على الفقر.

كما تكشف هذه الأحداث هشاشة تحضير أو جهوزية لبنان لمثل هذه الكوارث، وهو ما جعل الحكومة والمؤسسات الحكومية تعمل الآن بشكل أكبر للاستعداد لمثل هذا الموضوع –لا قدر الله– إذا وقع زلزال جديد، كما أصدرت الحكومة قرارا بفحص المنازل القديمة والمتصدعة، من أجل ترميم هذه المباني للحد من الخسائر في حال وقع الزلزال، وإن كنت لا أتوقع حدوث زلزال مثل الذي ضرب سوريا وتركيا.
التعليقات (0)