واصل عمال
الإنقاذ في
تركيا وسوريا بأيديهم العارية ووسط برد قارس الثلاثاء عمليات البحث عن ناجين بين أنقاض آلاف المباني التي انهارت جراء سلسلة زلازل عنيفة هزت البلدين.
وأعاق طقس الشتاء القارس جهود البحث عن ناجين طوال الليل في المناطق المنكوبة، فيما تسابق فرق الإنقاذ الزمن للوصول إليهم، خاصة مع تواتر إفادات عدة وشهادات عن سماع أصوات ناجين تحت الأنقاض ينتظرون وصول الفرق إليهم.
وفي آخر حصيلة لأعداد
الضحايا، أعلنت إدارة الطوارئ والكوارث التركية "آفاد" أن حصيلة ضحايا الزلزال في تركيا بلغت 5434 قتيلا، أما في أنحاء
سوريا، فقد قُتل 1833 شخصًا على الأقل، بحسب وزارة الصحة وفرق إغاثة، ما يرفع الحصيلة الإجمالية للقتلى في تركيا وسوريا الى 7234، وسط ترجيح بارتفاع العدد بفعل وجود المئات المحاصرين تحت الأنقاض.
اظهار أخبار متعلقة
وفي تركيا، عملت فرق الإنقاذ في وقت مبكر من صباح الثلاثاء على انتشال المحاصرين تحت أنقاض المباني في جنوب تركيا، وفي سوريا أيضا تواصلت جهود البحث عن ناجين منذ الصباح، لكن ضعف المعدات اللازمة، خاصة في مناطق المعارضة، يصعب المهمة على رجال الإنقاذ وينذر بارتفاع كبير في أعداد الضحايا.
وأحصت فرق الإغاثة التركية انهيار أكثر من 6200 مبنى في العديد من المدن، بينها مبان من طبقات عدة تضم عائلات كبيرة كان أفرادها نياما عندما ضرب الزلزال الأول.
وهز الزلزال، الذي بلغت قوته 7.8 درجة، تركيا وسوريا في ساعة مبكرة من صباح الاثنين فأسقط مجمعات سكنية بأكملها ودمر مستشفيات وخلف آلاف المصابين والمشردين.
وقالت إدارة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد) في أحدث بيان لها إن نحو ثمانية آلاف شخص أُنقذوا من 4758 مبنى مدمرا في الهزات الأرضية في اليوم السابق.
وانخفضت درجات الحرارة بالقرب من درجة التجمد خلال الليل، ما أدى إلى تردي الأوضاع بالنسبة للمحاصرين تحت الأنقاض أو الذين تُركوا بلا مأوى.
وفي كهرمان مرعش، شمال هاتاي، تجمعت عائلات بأكملها حول النيران التماسا للدفء.
وقال نيسيت جولر الذي كان يتجمع حول النار مع أطفاله الأربعة: "تمكنا بالكاد من الخروج من المنزل.. نحن في وضع كارثي. فالجوع والعطش يعصفان بنا".
وكان هذا الزلزال الأكثر دموية في تركيا منذ ذلك الذي بلغت قوته عام 1999 وقتل أكثر من 17 ألف شخص. وأُبلغ عن إصابة قرابة الـ16 ألف شخص في زلزال الاثنين.
اظهار أخبار متعلقة
وفي سوريا، قُتل ما لا يقل عن 1833 وأصيب نحو 3500، وفقا لأرقام حكومة دمشق ورجال الإنقاذ في المنطقة الشمالية الغربية التي تسيطر عليها المعارضة.
وهناك مخاوف من أن يستمر عدد القتلى في
الارتفاع بهذه الوتيرة، خاصة أن تقديرات منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن قرابة الـ20 ألف شخص لقوا مصرعهم.
مساعدات دولية
من جهته، بدأ الاتحاد الأوروبي الذي عرضت الكثير من دوله الأعضاء تقديم المساعدة لسكان المناطق المنكوبة، بإرسال فرق إغاثة.
وتوالت التعازي من جميع أنحاء العالم، من الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيريه الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جينبينغ، مروراً بالبابا فرنسيس الذي قال إنّه "حزين للغاية"، فضلاً عن عروض المساعدات الإنسانية والطبية.
وأعلن البيت الأبيض أن الولايات المتحدة تعمل على إرسال فرقتين تتألف كل واحدة من 79 مسعفًا، لمساعدة تركيا في عمليات البحث والإنقاذ.
وقال الكرملين، حليف سوريا، إن فرق مسعفين سيتوجهون إلى سوريا "في الساعات المقبلة"، في وقت أعلن فيه الجيش أن أكثر من 300 عسكري روسي ينتشرون في المناطق السورية المنكوبة للمساعدة في جهود الإنقاذ.
وأشار الكرملين أيضًا إلى أن الرئيس التركي قبِل بعد اتصال هاتفي مع نظيره الروسي، "مساعدة المسعفين الروس".
كذلك، تعهّدت اليونان خصوصاً بـ"توفير... كلّ قواتها لمساعدة الجارة تركيا"، التي تربطها بها علاقات متوترة. كما تحدث رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس هاتفياً مع أردوغان لتقديم "مساعدة فورية".
وأوعز رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية بإرسال فرق من الدفاع المدني وطواقم طبية "للمشاركة في أعمال البحث والإنقاذ لضحايا الزلزال المدمر"، وفق بيان صادر عن مكتبه.
اظهار أخبار متعلقة
من جهته، كتب المفوض الأوروبي المكلف بإدارة الأزمات يانيش لينارسيتش في تغريدة، أنه "إثر الزلزال الذي وقع في تركيا فعّلنا آلية الدفاع المدني في الاتحاد الأوروبي (...) وتوجهت فرق من هولندا ورومانيا"، فضلًا عن 139 مسعفًا فرنسيًا و76 عنصر إطفاء بولنديًا.
وأعلنت أذربيجان عن إرسال 370 عنصر إنقاذ على الفور فيما قالت الهند إنها سترسل فرق إنقاذ وفرقاً طبية.
من جانبها، أعلنت كل من قطر والهند عن إرسال فرق بحث وإنقاذ. وكذلك الأمر بالنسبة للإمارات التي أرسلت فريقًا مماثلاً و"مساعدات طارئة" إلى سوريا. وأعلنت مساءً تخصيص مساعدات إنسانية عاجلة لسوريا بقيمة 13.6 مليون دولار.
و عرض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تقديم "المساعدة الضرورية" لتركيا التي لعبت طائراتها المسيّرة دورا في محاربة كييف للغزو الروسي.
تضرر مواقع أثرية
في حلب، ثاني مدن سوريا، بقيت عشرات العائلات منذ وقوع الزلزال فجرًا في الحدائق العامة رغم تساقط أمطار غزيرة، خشية حصول هزات ارتدادية، وفق ما أفاد به مصوّر وكالة فرانس برس.
وتضرّرت قلعة حلب وعدد من المواقع الأثرية الأخرى، وفقاً للمديرية العامة للآثار والمتاحف.
وأعربت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" عن خشيتها حيال الدمار في مدينة حلب القديمة ودياربكر في تركيا المدرجتين على قائمتها للتراث الإنساني.
وفي تركيا، سُجّلت أكبر الأضرار بالقرب من مركز الزلزال الذي وقع فجراً بين كهرمان مرعش وغازي عنتاب، حيث دمّرت تجمّعات سكنية بأكملها.
وتضرّرت خطوط أنابيب الغاز التي تغذي المنطقة أيضاً، ما أدى إلى حرمان محافظات هاتاي وكهرمان مرعش وغازي عنتاب من الغاز، كما أكدت شركة خطوط أنابيب البترول التركية بوتاش.
كذلك، أعلنت حكومة إقليم كردستان العراق عن تعليق صادرات النفط عبر تركيا بعد الزلزال المدمر .
ونفذ نزلاء سجن راجو في شمال غرب سوريا الاثنين عصيانا بعد الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة، حيث تمكن 20 منهم على الأقل من الفرار من المنشأة التي تضم سجناء غالبيتهم أعضاء في تنظيم الدولة وفق ما أفاد به مصدر في السجن لفرانس برس.
وشعر سكان لبنان وقبرص أيضا بالزلزال بحسب مراسلي وكالة فرانس برس، وكذلك في أربيل بكردستان العراق (شمالا)، لكن لم ترد أنباء عن وقوع إصابات.
بدورهم، شعر سكان في مناطق بعيدة مثل غرينلاند بالهزات الناجمة عن الزلزال القوي، على ما أعلن المعهد الجيولوجي الدنماركي الاثنين.