مقابلات

"رايتس ووتش" لـ"عربي21": 2022 كان العام الأكثر "دموية" ضد الروهينغيا

بيرسون قالت إن حوالي 600 ألف من الروهينغيا ما زالوا محاصرين بولاية راخين الشمالية في ميانمار- عربي21
بيرسون قالت إن حوالي 600 ألف من الروهينغيا ما زالوا محاصرين بولاية راخين الشمالية في ميانمار- عربي21
وصفت مديرة قسم آسيا بالإنابة في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إيلين بيرسون، عام 2022 بأنه كان الأكثر دموية على مسلمي الروهينغيا منذ سنة 2014، مُشدّدة على أن التقارير المؤكدة التي توثق الانتهاكات والفظائع التي تحدث بحقهم "ليست سوى غيض من فيض".

وأشارت، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، إلى أن "حوالي 350 شخصا من الروهينغيا قُتلوا أو فقدوا في البحر خلال العام المنصرم"، موضحة أن "أكثر من 3500 من الروهينغيا حاولوا السفر بحرا عبر بحر أندامان وخليج البنغال في العام ذاته، وهي زيادة هائلة مقارنة بالسنة السابقة".

ودعت مديرة قسم آسيا بالإنابة في "هيومن رايتس ووتش"، الأمم المتحدة والحكومات المعنية إلى "القيام بعمل أفضل في التعامل مع الفظائع المرتكبة ضد الروهينغيا والفظائع التي اُرتكبت منذ الانقلاب بشكل متناسق، مثل الأزمات المتقاطعة التي دبّرها نفس الجناة".

وتابعت: "ينبغي للحكومات أن تستكشف كل السبل لتحقيق العدالة ومحاسبة قوات الأمن في ميانمار عن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وأعمال الإبادة الجماعية. إن حرية الروهينغيا مرتبطة بحرية ميانمار، وكلاهما يعتمد على إنهاء إفلات الجيش من العقاب ومحاسبة الجنرالات".

اظهار أخبار متعلقة


وطالبت بيرسون، مجلس الأمن بأن "يتبع قراره الصادر في كانون الأول/ ديسمبر 2022 عبر اتخاذ إجراءات أكثر صرامة، بما في ذلك فرض حظر عالمي على الأسلحة، وإحالة الوضع في البلاد إلى المحكمة الجنائية الدولية، وفرض عقوبات مستهدفة على قيادة المجلس العسكري والشركات المملوكة للجيش".

ومنذ آب/ أغسطس 2017، قابلت "هيومن رايتس ووتش" مئات الروهينغيا في بنغلادش الذين فروا من فظائع جيش ميانمار. ورووا تعرّض القرويين لحوادث قتل واغتصاب ممنهجة من قِبل الجنود قبل إحراق منازلهم.

وإجمالا، فقد قتلت قوات الأمن الآلاف وأحرقت قرابة الـ400 قرية، وانضم الفارّون إلى بنغلادش المجاورة إلى مئات آلاف اللاجئين الذين فروا من موجات سابقة من العنف والاضطهاد، وفق تقرير سابق لـ"هيومن رايتس ووتش".

يُشار إلى أن جنرالات الجيش في ميانمار، الذين هندسوا الأعمال الوحشية ضد الروهينغيا، نظّموا انقلابا عسكريا في شباط/ فبراير 2021، واعتقلوا القادة المدنيين المنتخبين، وارتكبوا جرائم قتل جماعي، وتعذيب، واعتقالات تعسفية، وهجمات عشوائية أكدت منظمات دولية مختلفة أنها ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب في مناطق النزاع.

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

كيف تنظرون لما حدث لمسلمي الروهينغيا خلال 2022، هل كانت هذه السنة هي الأسوأ بالنسبة لهم؟


لا يزال حوالي 600 ألف من الروهينغيا مُحاصرين في ولاية راخين الشمالية في ميانمار؛ فهم محرومين من الحصول على حاجتهم من الغذاء، والرعاية الصحية، والتعليم، وسبل العيش، ويتعرضون لانتهاكات مُمنهجة ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية مثل الفصل العنصري، والاضطهاد، والحرمان من الحرية. إنهم يواجهون قيودا صارمة مُصمّمة لتقويض قدرتهم على البقاء. وتستمر حصيلة الوفيات التي يمكن تجنبها، ومنها على سبيل المثال وفاة النساء والأطفال حديثي الولادة أثناء الولادة، والأطفال الذين يموتون من أمراض يمكن الوقاية منها.

في الأثناء، يخضع المجلس العسكري في ميانمار لرئاسة نفس الجنرالات الذين نفذوا فظائع في سنة 2017 في راخين. لقد فرض مسؤولو المجلس العسكري قيودا جديدة على التنقل وحظرا على وصول المساعدات إلى مخيمات الروهينغيا وقراهم، بما في ذلك حظر لمساعدات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية في أيلول/ سبتمبر 2022، وزيادة ندرة المياه، ونقص الغذاء والأمراض وسوء التغذية. وقد احتُجز حوالي 135 ألفا من الروهينغيا والكامان بشكل تعسفي إلى أجل غير مسمى في معسكرات الاعتقال لمدة 10 سنوات.

لقد أدى انهيار اتفاقية وقف إطلاق النار غير الرسمية بين جيش ميانمار وجيش أراكان والقتال المتزايد من أجل السيطرة السياسية، إلى تعريض المدنيين من الروهينغيا وسكان راخين لخطر الإصابة والاعتقال والنزوح.

ما هو عدد المعتقلين والقتلى والنازحين الروهينغيا خلال سنة 2022؟

لقد ازدادت وتيرة اعتقال الروهينغيا في ميانمار بتهمة "السفر غير المصرح به" خلال سنة 2022، حيث اعتقلت القوات العسكرية حوالي 2000 شخص من الروهينغا، بما في ذلك مئات الأطفال، وهم في طريقهم المعتاد إلى ماليزيا. وقد حُكم على العديد منهم بالسجن لمدة أقصاها خمس سنوات.

في بنغلاديش، بدأت كتيبة الشرطة المسلحة "عملية الاجتثاث" في تشرين الأول/ أكتوبر ردا على تصاعد عمليات القتل المستهدف على أيدي الجماعات المسلحة. واعتقلت الشرطة ما لا يقل عن 900 شخص من الروهينغا في الفترة من حزيران/ يونيو إلى تشرين الثاني/ نوفمبر 2022.

وحاول أكثر من 3500 من الروهينغيا السفر بحرا عبر بحر أندامان وخليج البنغال في سنة 2022، وهي زيادة هائلة مقارنة بالسنة السابقة. وقُتل حوالي 350 شخص من الروهينغا أو فقدوا في البحر في 2022، وهي السنة الأكثر دموية منذ سنة 2014، مع أن التقارير المؤكدة ليست سوى غيض من فيض.

كيف كانت أوضاع لاجئي الروهينغيا في الخارج، سواء في بنغلادش أو ماليزيا أو إندونيسيا أو غيرها خلال السنة الماضية؟

زادت القيود المفروض على اللاجئين الروهينغيا في بنغلادش مقارنة بسنة 2022. وأغلق المسؤولون المدارس التي يقودها المجتمع المحلي، ودمّروا المتاجر بشكل تعسفي، وفرضوا قيودا جديدة على التنقل، بما في ذلك التهديدات وحظر التجول المتكرر والمضايقات عند نقاط التفتيش.

وقد سمحت حكومة بنغلادش للمنظمات الإنسانية بالعمل في المخيمات لتدريس مناهج ميانمار الدراسية، لكنها تستمر في حرمان الأطفال اللاجئين من أي تعليم معتمد.

يرتكب مسؤولون من كتيبة الشرطة المسلحة ابتزازات واعتقالات تعسفية ومضايقات في حق لاجئي الروهينغيا. ونقلت السلطات حوالي 8000 لاجئ من الروهينغا إلى جزيرة بهاسان شار، ليصل العدد الإجمالي إلى حوالي 28 ألف لاجئ يعيشون في الجزيرة النائية حيث يواجهون قيودا صارمة على الحركة، ونقصا في الغذاء والأدوية، وانتهاكات من قِبل قوات الأمن.

أما في ماليزيا، فقد تم تسجيل حوالي 100 ألف لاجئ من الروهينغيا لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لكن لم يتم منحهم وضعا قانونيا. إنهم غير قادرين على العمل أو الالتحاق بالمدارس الحكومية، مما يجعل الكثيرين منهم عرضةً للاستغلال وسوء المعاملة.

ومنعت الحكومة الماليزية المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من الوصول إلى مراكز احتجاز المهاجرين منذ آب/ أغسطس 2019، تاركة المفوضية غير قادرة على تقييم ما إذا كان المحتجزون يستحقون الحماية. إن الظروف في مراكز احتجاز المهاجرين مزرية جدا. وفي نيسان/ أبريل، فرّ أكثر من 500 لاجئ من الروهينغيا من مركز احتجاز. ولقي ستة منهم، بينهم طفلان، حتفهم أثناء فرارهم.

ما هو تقييمكم لموقف المجتمع الدولي من قضية الروهينغيا؟

كان الرد الدولي على دورات جيش ميانمار للتطهير العرقي والترحيل القسري للروهينغيا بمثابة إخفاق مجزأ وعسير. وفي أعقاب التطهير العرقي في سنة 2012، وأعمال الإبادة الجماعية في سنة 2017، ظل مجلس الأمن الدولي "مشلولا". وبحلول وقت الانقلاب في سنة 2021، لم يكن مجلس الأمن قد أصدر وثيقة رسمية بشأن ميانمار منذ أكثر من ثلاث سنوات.

في غضون ذلك، فضّل الدبلوماسيون تكتيكات الغرفة المغلقة للدبلوماسية الناعمة و"الحوار" على التدابير الصارمة للمساءلة، وهو نهج غير مجد سببه الإيمان الدائم والمضلل بالمصداقية الديمقراطية المتصورة للزعيمة الفعلية السابقة أونغ سان سو تشي.

لم يتم تقديم استراتيجية واضحة ومتسقة ومتعددة الأطراف للمساءلة والعدالة في أعقاب أعمال العنف التي وقعت في سنة 2017. وبدلا من ذلك، أحكم الجيش قبضته على مقاليد السلطة السياسية والاقتصادية في ميانمار، مع بقاء القائد العام للقوات المسلحة، مين أونغ هلاينغ، بمنأى على رأس القيادة. وقد مهد الإخفاق الدولي في محاسبة جنرالات ميانمار على ما ارتكبوه من فظائعهم ضد الروهينغيا والأقليات العرقية الأخرى الطريق لانقلاب سنة 2021.

وهل فشل العالم الإسلامي على وجه التحديد في دعم مسلمي الروهينغيا؟

لقد عانى الروهينغيا من انتهاكات استثنائية، وأُجبر الملايين على أن يصبحوا لاجئين. وتتحمل جميع الحكومات، وليس العالم الإسلامي فقط، مسؤولية دعم المجتمعات الفارة من الفظائع المرتكبة في حقهم، وضمان محاسبة الجناة، وحق اللاجئين في العودة الآمنة والطوعية والكريمة.

وفي حين أن بنغلادش فعلت الصواب من خلال توفير المأوى للاجئين وعدم إجبارهم على العودة، فإن السلطات تحرم الروهينغيا من حقهم في العيش والتعليم، مما يجعلهم يعتمدون على المساعدات الإنسانية. تهدد حكومات أخرى بترحيلهم، بينما يتم مرارا وتكرارا صدّ الروهينغيا اليائسين الذين يقومون برحلات محفوفة بالمخاطر عن طريق البحر بحثا عن مستقبل أكثر أمانا.

ما فرص عودة الروهينغيا إلى وطنهم في سنة 2023؟

في كانون الثاني/ يناير، أعلنت الحكومة البنغلادشية والمجلس العسكري في ميانمار عن خطط مشتركة "لإتمام عملية التحقق على وجه السرعة" للعودة إلى الوطن، على الرغم من أن الظروف ليست ملائمة للعودة الطوعية والآمنة والكريمة.

من الواضح أن بنغلادش حريصة للغاية على المضي قدما في عملية العودة إلى الوطن. لقد أوضحوا أنها أولوية رئيسية، حيث يطرحونها في جميع محادثاتهم الثنائية ويطلبون الدعم. ويرغب معظم لاجئي الروهينغيا الذين تحدثنا إليهم في بنغلادش في العودة إلى منازلهم في راخين يوما ما فقط عندما يمكن أن يكونوا آمنين وأحرارا. ولكن هذه الظروف غير متوفرة اليوم، ولا يمكن أن تتحقق ما دام مين أونغ هلاينغ، الذي دبّر أعمال الإبادة الجماعية ضدهم، لا يزال في العاصمة نايبيداو.

برأيكِ، كيف يمكن وقف الانتهاكات بحق الروهينغيا؟

يتعين على الأمم المتحدة والحكومات المعنية القيام بعمل أفضل في التعامل مع الفظائع المرتكبة ضد الروهينغيا والفظائع التي اُرتكبت منذ الانقلاب بشكل متناسق، مثل الأزمات المتقاطعة التي دبّرها نفس الجناة. ينبغي للحكومات أن تستكشف كل السبل لتحقيق العدالة ومحاسبة قوات الأمن في ميانمار عن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وأعمال الإبادة الجماعية. إن حرية الروهينغيا مرتبطة بحرية ميانمار، وكلاهما يعتمد على إنهاء إفلات الجيش من العقاب ومحاسبة الجنرالات.

يجب على مجلس الأمن أن يتبع قراره الصادر في كانون الأول/ ديسمبر 2022 عبر اتخاذ إجراءات أكثر صرامة، بما في ذلك فرض حظر عالمي على الأسلحة، وإحالة الوضع في البلاد إلى المحكمة الجنائية الدولية، وفرض عقوبات مستهدفة على قيادة المجلس العسكري والشركات المملوكة للجيش.

هل هناك أقليات أخرى تتعرض للاضطهاد في ميانمار غير المسلمين؟

منذ الانقلاب العسكري في شباط/ فبراير 2021، أطلق المجلس العسكري في ميانمار العنان لجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في جميع أنحاء البلاد ضد المسلمين والمسيحيين والبوذيين، وضد الصحفيين والأطباء والمعلمين، وضد سكان المدن والقرويين في المناطق الريفية. ويواجه الروهينغيا اضطهادا استثنائيا بسبب عرقهم ودينهم، لكن المجلس العسكري يعتبر كل شعب ميانمار الذي يريد السلام والحرية عدوا له.

ما مستقبل مسلمي الروهينغيا خلال الفترة القادمة؟ وهل ينتظرهم المزيد من الجرائم والانتهاكات؟

نأمل أن تتعلم الحكومات من إخفاقاتها في الماضي، وأن تقدم دعما هادفا ومنسقا للروهينغيا، سواء كان ذلك في شكل عقوبات مستهدفة ضد نظام الفصل العنصري في المجلس العسكري، أو توفير الحماية لطالبي اللجوء القادمين على متن القوارب، أو تمويل تعليم اللاجئين في مدينة كوكس بازار، أو عدد لا يحصى من المناطق المحتاجة.

التعليقات (0)