فضلا عن ما تمارسه سلطات الاحتلال من انتهاكات بحق آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجونها، فإنه كشف النقاب عن
سجن سري قرب مدينة غديرا جنوبي تل أبيب، يوضع فيه السجناء الإسرائيليون
اليهود السريون الخطيرون.
ومعظم هؤلاء من أفراد شرطة
الاحتلال الإسرائيلي الذين يتجسسون لصالح دول أخرى، حيث يتم فيه تجريد الواحد منهم من هويته، ووضعه في عزلة تامة، وتقليل اتصاله بالبيئة لأدنى حدّ، ومنهم السجين الإسرائيلي الأشهر مردخاي فعنونو عالم الذرة في مفاعل ديمونا الذي سرّب أسراره.
غلعاد شلمور مراسل
القناة 12، كشف تفاصيل جديدة عن السجن "إكس"، وهو "بدون نوافذ، مع منح السجناء ساعة من أشعة الشمس في اليوم، وتقريباً دون اتصال بالناس، وكان بالأساس قلعة من أيام الانتداب البريطاني، وتم فيها استجواب الأسرى السريين في السنوات الأولى لقيام دولة الاحتلال، حيث إنهم يوضعون في الحبس الانفرادي لفترات طويلة، دون أن يعرف أحد مكان وجودهم، وهم في الغالب جواسيس باعوا أسرار إسرائيل الحساسة لقوى أجنبية، وسُجنوا في هذه القلعة المهجورة خلف القضبان".
وأضاف في تقرير ترجمته "
عربي21" أنه "يمكن رؤية هذا السجن من مساكن على حافة السياج، أو الطريق القريب، وقلة من الإسرائيليين يعرفون أن هذا المكان كان سريًا للغاية، لأنه منعزل ومحروس بعناية، ولعل أحد السجناء الأكثر شهرة في هذا الحصن هو الجاسوس ماركوس كلينغبيرغ، وهو باحث مشهور عالميًا في المعهد البيولوجي كان قد كشف أسرار الدولة الأكثر خفية، وفي مرحلة ما بدأ بإعطاء معلومات للروس، لا سيما أنواع أسلحة بيولوجية معينة، يمكنها إذا وجهت ضد الدولة أن تتسبب بتدميرها".
ونقل عن يعكوب بيري الرئيس السابق لـ"جهاز الأمن العام"- الشاباك، أن "كلينغبيرغ كشف عن أكثر الأسرار حساسية، وقد كان عميلاً مزدوجًا عمل مع الروس والإسرائيليين لسنوات، وتصرف هكذا انطلاقا من أيديولوجية الشيوعية، وشكره للجيش الأحمر الذي أنقذه من النازيين، لكنه تسبب في أضرار لا تحتمل للدولة، وتم استجوابه في منشأة مسيجة، ثم اختفى، وانتشرت شائعة مفادها أنه أصيب بالجنون، وموجود في سويسرا، وبعد عقد من الزمن، تم الكشف عن السر، عندما بدا مسنًا ومريضًا جدًا، وقد بذل حفيده "يان" وهو اليوم مساعد رئيس بلدية باريس، جهودا حثيثة لإطلاق سراحه، لأنه لم يعد يشكل خطرا على الدولة".
أرييه هادار رئيس قسم التحقيقات السابق في جهاز الشاباك قال لـ رونين بيرغمان الباحث الاستخباري: "كنت أفعل كل ما أريد، ومن بين من حققت معهم الضابط شمعون ليفينسون الذي نقل معلومات أمنية للروس، وموتيكا كيدار، ولديه سجل إجرامي وتاريخ من العنف، تم إرساله إلى أمريكا الجنوبية لمهام استخبارية، لكنه قتل أحد مساعديه، وحين تم جلبه إلى إسرائيل، تم استجوابه في مكان سري في هذه القلعة، بجانب أفري إلعاد".
اظهار أخبار متعلقة
المحامية الحقوقية ليئا تسيمل التي دافعت عن عشرات الأسرى الفلسطينيين، كشفت أنه "على مر السنين جاء إلى هذه القلعة السرية أشخاص اعتبرهم الاحتلال عناصر في منظمات مسلحة معادية، ولأسباب أمنية لم يرغب في كشف أنه اختطفهم فيها، بينهم بريجيتا شولتز وتوماس رويتر، الناشطان اليساريان الألمان اللذان تعاونا مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، واعتقلا في المطار بحجة محاولتهما إطلاق صواريخ على طائرة إلعال، وتم نقلهما سرا إلى إسرائيل، وعندما وصلا تم تخديرهما، ولم يعرفا مكانهما".
المحقق هدار زعم أن "رويتر انهار بسرعة في التحقيقات، لكن شولتز صمدت أفضل بمليون مرة من الرجال، ورغم أن لدي خبرة طويلة في التحقيق مع النساء، فإنني أكلت منها الحصى".
وفي عام 1967، ووفقًا لمنشورات أجنبية، فإنه تم تخزين الأسلحة النووية في هذه المنشأة الأمنية السرية، وفيما بعد تم تحويلها إلى مركز استقبال، والآن هناك خطط لبناء مركز تسوق بدلاً منها.
ميشكا بن دافيد المسؤول الكبير السابق في جهاز الموساد ذكر أنه "عندما يصل السجين إلى هذه القلعة، وجميعهم لديه قدرات فائقة للغاية، يتم تقليل اتصاله بالبيئة الخارجية إلى الحد الأدنى لمنع إفشاء المزيد من الأسرار، بحيث يوجد السجين في زنزانة منفصلة عن بقية الأجنحة، فيما يشرح أحد مسؤولي السجن، عوفر بن شموئيل، أنه من أجل الوصول لمثل هذه الزنزانة، فإن هناك ما لا يقل عن 3 أو 4 أبواب، مع ساحة تبلغ مساحتها ثلاثة أمتار مربعة، ومن المعتاد إخراج السجناء لمدة ساعة، يوجد فصل كبير بينهم، وهو ضروري، لكنه ليس سهلا".
وأوضح التقرير أن "بن زيغير، الإسرائيلي من أصل أسترالي، وصل إلى المنشأة بعد خدمته في الموساد، ونقل معلومات سرية لعناصر معادية، وظل لمدة ستة أشهر في الحبس الانفرادي داخل هذه الزنزانة التي مكث فيها يغآل عامير قاتل إسحاق رابين فيما بعد.. ورغم أنه كان من المفترض أن يكون تحت إشراف كامل، فإنه أنهى حياته بالانتحار. حتى الحراس لم يعرفوا اسمه، فقد هويته، وكأنه تم محوه من العالم، لأن هذا العزل له آثار نفسية بالغة الصعوبة تؤثر على روح الإنسان".
تكشف هذه المعلومات الحصرية عن جانب مظلم جديد من جوانب الاحتلال الإسرائيلي، ولا أحد يعلم كم هي الجوانب التي ما زالت سرية وتخص الأسرى الفلسطينيين ومقابر الأرقام وثلاجات الموتى، ما يؤكد أن ما كشف عنه لا يشكل سوى نسبة ضئيلة من حجم الأسرار والجرائم التي ارتكبها الاحتلال ضد الفلسطينيين خلال العقود السبعة الماضية، وما زالت قيد الكتمان!