هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تستمر سلطات تونس في فرض إجراءات منع السفر على عدد من السياسيين والنواب السابقين، حيث تتهم المعارضة والمنظمات الحقوقية نظام الرئيس قيس سعيّد بـ"قمع الخصوم".
وأكد حزب "آفاق تونس"، منع رئيسه فاضل عبد الكافي من السفر الثلاثاء بمطار قرطاج الدولي، مستنكرا بشدة قرار المنع الذي وصفه "بالتعسفي والذي تنزل في سياق خرق الحريات الأساسية وتوظيف أجهزة الدولة لقمع المعارضة".
ولم تكن حادثة منع رئيس حزب "آفاق" الأولى في تونس منذ إعلان إجراءات 25 يوليو، حيث شمل المنع عديد النواب والشخصيات السياسية وتواتر المنع تحت طائلة الاستشارة القانونية أي الإجراء الحدودي "س 17 " .
إجراء تعسفي
وقالت نائب رئيس حزب "آفاق تونس" ريم محجوب، في تصريح خاص لـ"عربي21" إن "قرار منع فاضل عبد الكافي من السفر تعسفي وهو غير قضائي".
وأفادت السياسية التونسية أن المنع "قرار لا يتمتع بأي سند قانوني"، مضيفة: "صراحة ما يحصل خطير ولا يطمئن بالمرة خاصة في سياق الحقوق والحريات".
وأشارت محجوب إلى أن انتهاك الحقوق في تواتر من ذلك المنع من السفر وأيضا محاكمة الصحفيين بموجب المرسوم عدد 54( يعاقب بالسجن 5 أعوام وخطية مالية كل من ينشر أخبارا أو إشاعات بهدف الإضرار بالأمن العام ) .
وحذرت نائب رئيس حزب "آفاق تونس"، قائلة: "نحن تدريجيا نعود للدكتاتورية وهذا واضح منذ سنة أو أكثر".
وختمت محجوب بالقول: "علينا بالنضال، لا الخوف لأن السلطة تسعى لترهيبنا، العمل السياسي في تونس اليوم وخاصة المعارضة باتت نضالا وأبدا لن نسكت".
وردا على تبريرات وزارة الداخلية التونسية، نشر عبد الكافي منشور على حسابه الرسمي بفيسبوك، كذّب فيها وجود إذن قضائي ضده، مطالبا وزارة العدل والداخلية بإعلامه بالجهة التي منعته من السفر.
وقال عبد الكافي: "أعلم الرأي العام أني توجّهت للمحكمة الابتدائية بتونس ولم أجد أي قضيّة منشورة ضدّي".
وفي المقابل، أوضح الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية فاكر بوزغاية أن رئيس حزب "آفاق تونس" هو محل تحجير سفر صادر عن المحكمة الابتدائية.
وشدد المتحدث باسم الوزارة، في تصريح لإذاعة "شمس أف أم" العمومية على أن التحجير قضائي وليس إداري.
اقرأ أيضا: تنديد بـ"ترهيب" إعلام تونس.. "الخلاص" تتهم سعيّد بالتحريض
قمع للخصوم
ويعتبر قرار تحجير السفر، محل جدل ورفض واسع في تونس، حيث يعتبره المعارضون "انتهاكا وقمعا لحرية التنقل".
وفي وقت سابق، قالت منظمة العفو الدولية إن الرئيس التونسي قيس سعيد، استخدم خطر السفر التعسفي خارج الأطر القانونية.
واعتبرت المنظمة الحقوقية أن منع أشخاص من السفر دون مبرر أو إذن قضائي هو "انتهاك صارخ لحق التنقل".
ومن جهته، نفى الرئيس سعيد الأمر مؤكدا أنه لن يتم منع أي شخص من السفر إلا إذا كان موضوع بطاقة جلب أو تفتيش.
وفي تصريح سابق لـ"عربي21"، قال وزير الشؤون الدينية الأسبق، نور الدين الخادمي، التي تعرض لحادثة "منع من السفر"، قبل أسابيع: "إن ما يحصل هو تجاوز للسلطة ومخالفة للحق الشرعي والدستوري للسفر".
وبدورها، قالت الحقوقية وعضو "هيئة الحقيقة والكرامة" سابقا، علا بن نجمة في تصريح خاص لـ"عربي 21" إن "منع السفر هو إجراء ضد حرية السفر والحق في التنقل الذي يكفله القانون التونسي وكل المواثيق الدولية ".
وشددت الحقوقية التونسية على أن "منع السفر يتم في حالات استثنائية جدا عبر حكم قضائي يكون فيه الشخص بالفعل يمثل تهديدا عند خروجه".
واستنكرت بالقول: "كنا نظن أن المنع من السفر قد تم تجاوزه مع سنوات الدكتاتورية، ما يحصل ممارسات خطيرة جدا".
وطالبت الحقوقية السلطة "بالتوقف عن مثل هذه الممارسات والتنكيل والتضييق عن الحقوق والحريات".
ونبهت علا بن نجمة إلى أن "الاختلاف مع السلطة لا يعني قمع المعارضة، المنع إجراء تعسفي مرفوض، على السلطة تعلم قبول الرأي المخالف".
ومن جهته، قال الباحث بمركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية، زهير إسماعيل إن "منع النواب والقيادات السياسية من السفر حقيقة قائمة منذ انقلاب 25 يوليو، وإذا كان الانقلاب، خروجا عن القانون وهدما لكلّ المؤسسات الضامنة للحرية في مستوياتها المختلفة فإنّ استهدافه لمعارضيه وسلبهم حقوقهم ومنها حرية التنقل والسفر يُعدّ تحصيل حاصل".
واعتبر اسماعيل في قراءة لـ"عربي 21" أن "غياب رؤية سياسية عند سلطة الانقلاب وارتباكها في مواجهة التحديات وللتغطية على فشلها جعلها تتعمد إضعاف المعارضين من أنصار الديمقراطية وهرسلتهم حتى لا يتمكنوا من بناء بديل سياسي عنه".
ولفت اسماعيل إلى أنه "حين ننتبه إلى أنّ الاستهداف مركّز على ما بقي من شروط بناء الديمقراطية نفهم لماذا يستهدف النواب والمحامين والقيادات السياسية من هذه الجهة دون غيرها".