اقتصاد عربي

بعد انهيار الجنيه.. ماذا تبقى من قيمة الدعم النقدي للمصريين؟

قيمة الدعم النقدي التمويني للحصول على سلع غذائية تآكلت بشدة بعد انهيار الجنيه- جيتي
قيمة الدعم النقدي التمويني للحصول على سلع غذائية تآكلت بشدة بعد انهيار الجنيه- جيتي

يواجه المصريون – خاصة الطبقات المتوسطة الفقيرة – أزمة تلاشي قيمة الدعم التمويني الذي يحصلون عليه بشكل شهري بقيمة 50 جنيها للفرد (نحو دولارين فقط) بحد أقصى أربعة أفراد، مع استمرار انهيار قيمة العملة المحلية، وتثبيت قيمة الدعم منذ 2017.

وانهار الجنيه للمرة الثالثة منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 عندما فقد أكثر من 50 بالمئة من قيمته، وفي آذار/ مارس الماضي هبط 15 بالمئة ثم واصل رحلة الهبوط حتى 25 بالمئة قبل أن يعاود الهبوط مجددا أكثر من 17 بالمئة ليتجاوز الدولار حاجز الـ23 جنيها، في أعقاب التوصل لاتفاق قرض مع صندوق النقد الدولي.

وأعلن صندوق النقد، الخميس، التوصل إلى اتفاق تمويل مع مصر قيمته ثلاثة مليارات دولار على مدى 46 شهرا، من شأنه أن يمهد الحصول على تمويل إضافي يبلغ حوالي 5 مليارات دولار من الشركاء متعددي الأطراف والإقليميين، بالإضافة إلى مليار دولار من خلال صندوق الاستدامة وهي آلية جديدة اعتمدها الصندوق لمساعدة الدول النامية، ليصبح إجمالي المبلغ 9 مليارات دولار.

ونجحت الحكومة المصرية في تقليص قيمة الدعم التمويني لقرابة الـ64 مليون مستفيد إلى أكثر من النصف، من خلال تثبيت قيمة الدعم النقدي البالغ 50 جنيها للفرد بالبطاقات التموينية منذ عام 2017، واستمرار خفض قيمة الجنيه أمام سلة العملات الأجنبية مع ارتفاع أسعار السلع إلى أكثر من 60 بالمائة.

 

اقرأ أيضا: رجل أعمال مصري: التخطيط لاقتصاد مصر لعام 2030 مستحيل

تلاشي قيمة الدعم النقدي

وبات المواطن المصري يحصل ببطاقات التموين على أقل من نصف الكمية التي كان يتحصل عليها قبل خمس سنوات تقريبا من السلع الأساسية مثل الزيت والسكر والأرز والمكرونة، مع استمرار وزارة التموين والتجارة الداخلية بتحديث قائمة أسعار السلع التموينية بما يتماشى مع الأسعار العالمية.

ويعود نظام توزيع السلع التموينية في مصر إلى منتصف الأربعينيات من القرن الماضي، واستقر على شكل الدعم العيني السلعي، بالحصول على كمية محددة من السلع الغذائية مقابل دفع مبلغ مالي صغير، وتركزت تلك السلع في كمية من زيت الطعام والسكر والأرز إلى جانب سلع أخرى بصرف النظر عن التغيرات السعرية لها داخليا وخارجيا.

وتحول الدعم العيني إلى دعم نقدي في تموز/ يوليو 2014، لكنه كان يمزج ما بين الدعم النقدي والسلعي في الوقت نفسه، بتحديد مبلغ 15 جنيها للفرد المقيد بالبطاقات التموينية، ومع إخفاق الدولة في السيطرة على ارتفاع الأسعار خلال السنوات التالية رفعت قيمة الدعم النقدي إلى 18، ثم إلى 21 جنيها.

بعد تحرير سعر الصرف في 2016 وارتفاع الأسعار بشكل كبير تجاوز الـ100 بالمئة في جميع السلع فقد زادت الحكومة المصرية قيمة النقدي، في 2017، إلى 50 جنيها حتى أربعة أفراد للأسرة، و25 جنيها فقط للأفراد المقيدين بالبطاقات لأكثر من أربعة أشخاص، ومنذ ذلك التاريخ لم تتحرك قيمة الدعم النقدي.

تآكل قيمة الدعم تدريجيا

بعد الخفض الأخير لقيمة الجنيه وارتفاع أسعار السلع يرى الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي أن "قيمة الدعم النقدي التمويني للحصول على سلع غذائية تآكلت بشدة سواء بالنظر إلى سعر صرف الجنيه الآن أو معدلات التضخم الآخذة في الزيادة".

وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "هناك رغبة واضحة لدى الحكومة في مصر إلغاء مسألة الدعم التمويني سواء النقدي أو العيني (الخبز) ولكنها لا تجد الفرصة المناسبة بسبب تلاحق الضربات الاقتصادية، وزيادة المخاوف من حدوث اضطرابات مجتمعية، ولكن في النهاية فإن قيمة الدعم تتآكل مع استمرار خفض قيمة الجنيه وزيادة أسعار السلع للمواطنين داخل منظومة الدعم التمويني".

وتبلغ قيمة دعم السلع التموينية ورغيف الخبز 90 مليار جنيه (3.9 مليار دولار) بموازنة العام المالي 2022-2023 بزيادة تتجاوز الملياري جنيه فقط عن موازنة العام المالي الحالي، منها نحو 49 مليار جنيه لدعم رغيف الخبز.

 

اقرأ أيضا: نص مثير باتفاق صندوق النقد.. هل أصبحت مصر تحت الحماية؟

متى تتحرك الدولة لزيادة قيمة الدعم؟

اعتبر مستشار وزير التموين الأسبق، الدكتور عبد التواب بركات، أن موقف الدولة بتثبيت قيمة الدعم النقدي للمواطنين "هو بمثابة حرمان ملايين الأسر من أبسط حقوق الحماية الاجتماعية وعلى الدولة التحرك ورفع قيمة دعم التموين، إلا إذا حدثت احتجاجات شعبية، كما حدث في أيلول/ سبتمبر 2019، فسوف يأخذ النظام خطوة وربما خطوات للوراء وينحني حتى تمر العاصفة، من قبيل زيادة الدعم النقدي، وضم المواطنين المحذوفين إلى منظومة البطاقات التموينية مرة أخرى".

وأضاف لـ"عربي21": في كل مرة يتم تعويم الجنيه منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، يتم زيادة أسعار السلع التموينية، رغم أن أسعار الزيت التمويني كانت ثابتة في السوق الدولية أثناء قرار التعويم، بل إن النظام كان يرفع أسعار أنبوبة غاز المنازل رغم تراجع سعره في السوق الدولية، أما الأرز والسكر فيتم إنتاجه محليا بالكامل تقريبا، ما يدل على أن النظام يستهدف زيادة أسعار السلع التموينية بغض النظر عن قيمة الجنيه بالنسبة للدولار، وهو ما يزيد الأعباء المعيشية على كاهل المواطنين.

أكد بركات أن "ارتفاع أسعار السلع التموينية، وتخفيض وزن رغيف الخبز التمويني، وغياب بعض السلع مثل الأرز والسكر من منظومة السلع، وتٱكل قيمة دعم الخمسين جنيه للفرد في ظل ثبات الدعم النقدي، مع الحذف العشوائي لعشرة ملايين مواطن من منظومة البطاقات التموينية والخبز، أدى إلى تراجع دور الدعم التمويني في ضبط أسعار السلع الغذائية الأخرى".

وحذر في الوقت نفسه من أنه "في ظل تراجع دور منظومة البطاقات التموينية والدعم الاجتماعي في ضبط أسعار السلع الغذائية في السوق الحر، ومع توسع النظام في الاعتماد على الاستيراد على حساب خطة الاكتفاء الذاتي، فسوف تزيد أسعار السلع الغذائية في السوق الحر".

 

التعليقات (1)
حنفي الغلبان
الأحد، 30-10-2022 09:11 ص
ايام زمان ، الاستعمار كان بينهب الخيرات و بيمتص دم الناس بنفسو في بلدنا . بعدها عمل تمثيلية إنو طالع و حطَ طراطير كانت مهمة الواحد منهم إنو ينهب و يمتص لحساب سيدو . ما تغيرتش حاجه يا ناس بس الطرطور ألعن من سيدو ! اشارة التعجب هنا معناها انتبه لإنو دي مش نكته يا جدعان .