اقتصاد عربي

خبير: حصول تونس على قرض صندوق النقد لن ينهي أزمتها

الشكندالي: سيتم خفض تصنيف تونس إن لم تتمكن من إمضاء اتفاق مع صندوق النقد الدولي خلال الأسابيع القادمة- الأناضول
الشكندالي: سيتم خفض تصنيف تونس إن لم تتمكن من إمضاء اتفاق مع صندوق النقد الدولي خلال الأسابيع القادمة- الأناضول

يبدأ وفد تونسي رفيع المستوى، الاثنين، جولة حاسمة من المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بهدف الحصول على قرض تعول عليه تونس من أجل دعم موازنة الدولة.

ويترأس الوفد وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية ووزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد ومحافظ البنك المركزي مروان العباسي، حيث سيشارك في اجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك الدوليين التي تستمر لمدة أسبوع، بدءا من الاثنين.

وسيعرض الوفد التونسي خلال المفاوضات ملف الإصلاحات الكبرى الذي صاغته حكومة نجلاء بودن، ويضم 49 إجراء، شرعت الحكومة في تفعيل 27 منها، بحسب الناطق الرسمي باسم الحكومة نصر الدين النصيبي.

وسيلتقي الوفد التونسي بكبار ممثلي المؤسسات المالية الدولية، من ضمنهم نائب رئيس البنك الدولي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فريد بلحاج، وممثلون عن المؤسسات المالية العربية، من بينها الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، والبنك الإسلامي للتنمية.

وتسعى الحكومة التونسية إلى اعتماد برنامج إصلاح اقتصادي اشترطه صندوق النقد الدولي من أجل تمكين تونس من قرض بقيمة 4 مليارات دولار على مدار 4 سنوات بهدف تمويل خزينة الدولة، وسط مخاوف جدية من أن تحصل تونس على أقل من ذلك.

وتشمل محصلة علاقة تونس مع الصندوق، التي تجاوزت الـ36 عاما، قرضين ماليين وعشرات التقارير والتوصيات، حيث تبحث حكومة بودن منذ تشكيلها في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي عن القرض الثالث فيما يعيش الاقتصاد المحلي لهذه الدولة العربية الأفريقية تحديات طالت تأثيراتها المجتمع المحلي.

طريق مفتوح

وقال الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي رضا الشكندالي إنه يوجد 4 ملفات على طاولة صندوق النقد الدولي تتعلق أساسا بمناخ الأعمال، ورفع الدعم، وإصلاح المؤسسات العمومية، وإصلاح الوظيفة العمومية.

وأشار في مقابلة مع "عربي21" إلى وجود اتفاق بين الأطراف الاجتماعية والحكومة التونسية وصندوق النقد الدولي بخصوص الملفات المذكورة، وآخرها إصلاح الوظيفة العمومية بعد المفاوضات بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل.

وبالتالي، فإن حكومة نجلاء بودن في طريق مفتوح لإنجاح المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والتوصل إلى اتفاق معه خلال الأسابيع المقبلة، بحسب أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية.

الأزمة الاقتصادية

وكشف الشكندالي أن تونس ستحصل على قرض مقسّط لا يتجاوز في أقصى تقدير الملياري دولار، باعتبار أن حصة تونس لدى صندوق النقد لا تمكنها من الحصول على أكثر من ذلك.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن القسط الأول قد يكون ضعيفا، لكنه سيفتح المجال للمؤسسات المانحة الأخرى، مثل البنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير.

واعتبر أن هذا القرض سيمكن تونس من الخروج من الأزمة المالية، لكنه لا يمكّنها من الخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية، لأن تونس اضطرت لقبول هذا البرنامج مع صندوق النقد الدولي بسبب الاختناق المالي الذي تعاني منه.

واعتبر أن الحكومة التونسية لن تكون قادرة على الخروج من الأزمة الاقتصادية بمجرد الحصول على القرض من صندوق النقد الدولي، ما لم تغيّر المقاربات والسياسات.

ودعا إلى القطع مع السياسة النقدية القائمة على الترفيع في نسبة الفائدة للتحكم في التضخم المالي، معتبرا ذلك سياسة عقيمة.

التمويل الأجنبي

وأضاف الشكندالي أن الحصول على هذا القرض سيفتح الباب أمام التمويل الأجنبي، وسيدفع فرنسا والسعودية لتقديم المزيد من الدعم المالي.

لكن كل هذا لا يمكن أن يحل الأزمة إلا بانتهاج سياسة مالية واضحة تقطع مع السياسات الماضية، وتمكّن من انتهاج سياسات جديدة تبلغ الأهداف المرسومة، والتي ستوقع عليها الحكومة مع صندوق النقد الدولي، وفق تعبيره.

وتابع: "صندوق النقد سيوقع على أهداف معيّنة، ولكن كما في السابق، فإنه لا يمكن لتونس بلوغ هذه الأهداف التي ستمضيها مع الصندوق دون رؤية اقتصادية واضحة المعالم تقطع مع السياسات الماضية".

تصنيف تونس

وبخصوص وضع مؤسسة "موديز" تصنيف تونس قيد المراجعة من أجل الخفض، قال الخبير الاقتصادي إن "موديز" اشترطت اتفاقا مع صندوق النقد الدولي، وأشارت إلى اختلال كبير على مستوى التوازنات الداخلية وخاصة الخارجية، وتآكل العملة الصعبة.

وأكد أنه سيتم خفض تصنيف تونس إن لم تتمكن من إمضاء اتفاق مع صندوق النقد الدولي خلال الأسابيع القادمة.

الالتزام بالتعهدات

وعن مدى قدرة الحكومة التونسية على الالتزام بتعهداتها تجاه صندوق النقد الدولي خلال السنوات المقبلة، قال الخبير الاقتصادي إن الحكومة التونسية ستلتزم ببعض الشروط في هذا البرنامج.

اقرأ أيضا: حكومة تونس تطرح برنامج إصلاحات.. هل يوافق اتحاد الشغل؟

واعتبر أن انتهاج نفس السياسات لحل مشكلة الدعم والمؤسسات العمومية وإصلاح الوظيفة العمومية لن يمكّن تونس من الالتزام بتعهداتها.

واقترح الخبير الاقتصادي أن تقوم تونس برفع الدعم أو أن تتجه نحو خصخصة بعض المؤسسات العمومية.

ورأى أنه لا يمكن بلوغ أهداف البرنامج مع الصندوق إن اتبعت تونس نفس السياسات، وهو ما وقع مع رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد في عام 2016 عندما حصلت تونس على قرض لم تستطع تونس الاستجابة لأهدافه منذ السنوات الأولى للبرنامج، الأمر الذي دفع صندوق النقد إلى قطع الأقساط المتبقية.

وختم بالقول إن التعهدات لا تشمل الإصلاحات، لكنها تشمل الأهداف المتفق عليها، خاصة في ما يخص النمو الاقتصادي ونسبة البطالة ونسبة عجز ميزانية (موازنة) الدولة من الناتج المحلي الإجمالي وكذلك نسبة التضخم المالي.

التعليقات (0)