ملفات وتقارير

حراك أمريكي مكثف تجاه الأزمة السياسية بالعراق.. ما وراءه؟

شملت لقاءات باربرا ليف الرئاسات الأربع في العراق- جيتي
شملت لقاءات باربرا ليف الرئاسات الأربع في العراق- جيتي

في اهتمام أمريكي غير مسبوق بالأزمة السياسية في العراق، التي بدأت منذ انتهاء الانتخابات البرلمانية في 10  تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أجرت مساعدة وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، 13 لقاء مع مسؤولين عراقيين خلال زيارتها التي استمرت 6 أيام إلى العراق.

شملت لقاءات باربرا ليف منذ وصولها إلى العراق، السبت الماضي، بالرئاسات الأربع في العراق (الجمهورية، الحكومة، البرلمان، القضاء الأعلى)، وعددا من القادة السياسيين، ثم انتقلت إلى إقليم كردستان والتقت برئيسي الإقليم والحكومة، وقادة الحزبين الكرديين في أربيل والسليمانية.

وطالبت باربرا ليف خلال لقائها وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، بالاستماع للصدر، بالقول؛ إن زعيم التيار الصدري "مقتدى الصدر لديه أتباع وجمهور كبير، وصوته مع القيادات الأخرى يجب أن يُسمَع، لكن بالحوار، وخلاف ذلك سيكون الذهاب إلى منزلق".

وأضافت: "تابعنا الأسبوع الماضي عمليات العنف والقتل في العراق. ذلك هو جرس إنذار للقادة السياسيين إذا لم يسيروا نحو الحوار والحل"، في إشارة منها إلى الصدامات المسلحة التي حصلت في المنطقة الخضراء ببغداد بين التيار الصدري والحشد الشعبي في 29 آب/ أغسطس المنصرم، وأودت بحياة العشرات وإصابة المئات من الطرفين.

"جرس إنذار"

وبخصوص دوافع الاهتمام الأمريكي بالأزمة العراقية، قال الخبير الأمني والاستراتيجي العراقي، الدكتور أحمد الشريفي؛ إن "هناك قلقا أمميا من الأوضاع التي تجري في العراق، وربما الخشية من تهديد السلم الأهلي، وذلك يعني تهديدا للأمن والسلم الدوليين، على اعتبار أن العراق لا يزال وضعه مقلقا في مسألة الإرهاب ومحاربته".

 

اقرأ أيضا: هل يحلّ برلمان العراق نفسه بعد قرار المحكمة الاتحادية؟

وأوضح الشريفي في حديث لـ"عربي21" أن "قلق الأمم المتحدة، يدفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى أداء دور فاعل ومهم في قراءة التوازنات داخل المشهد السياسي العراقي، الأمر الذي اقتضى حضور هذه الشخصية الرفيعة ذات بعد دبلوماسي، وذلك لاستنطاق مستقبل الأحداث عبر فواعل إدارة الأزمة محليا، أي القوى الوطنية في العراق".

وبيّن الشريفي أن "هذا الاستنطاق وتنقل المسؤولية الأمريكية بين بغداد وإقليم كردستان العراق، الغاية منه وضع قراءة شاملة لوجهة نظر المنتظم السياسي العراقي، ومدى تناسبها للمرحلة المقبلة، واستطاعتها في سحب البلد إلى بر الأمان، أم إن هناك احتمالية لوجود أزمة وغياب الحلول الوطنية".

ولفت إلى أن "هذه القرارات سنجد إسقاطاتها في المرحلة المقبلة؛ لأن هذه الشخصيات (المسؤولة الأمريكية والوفد المرافق لها)، ستقدم بعد الحوارات التي أجرتها مع المسؤولين العراقيين، تقريرا إلى صناع القرار السياسي سواء في واشنطن أو الأمم المتحدة، وعلى أساسها يصار إلى قرار: هل يجري الاعتماد على الخيارات الوطنية أم نذهب باتجاه التدويل؟".

وأكد الشريفي أن "احتمالية التدويل واردة جدا؛ لأنه إذا غاب المشروع الوطني، حضرت التوازنات والأدوار الدولية؛ لأن العراق لا زال تحت الوصاية الدولية، وأن الولايات المتحدة لا تزال مكلفة بقرار من مجلس الأمن بمسألة الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين في منطقة قلقة مثل العراق".

وأعرب عن اعتقاده بأن "هذه الحوارات التي أجرتها الولايات المتحدة الأمريكية، ستؤسس لقرارات يجري الذهاب فيها إلى خيارين؛ إما تفعيل الخيارات الوطنية، أو الذهاب باتجاه التدويل لحل الأزمة في العراق".

"تخوّف دولي"

من جهته، رأى مدير "مركز القرار السياسي" في العراق، حيدر الموسوي في حديث لـ"عربي21"، أن "هناك حراكا دوليا هذه الأيام من خلال زيارة مساعدة وزير الخارجية الأمريكية، وأيضا السفير الفرنسي في العراق، الذي بدأ يمارس الدور نفسه من خلال لقائه عددا من الشخصيات العراقية".

وأوضح الموسوي أن "هذه اللقاءات تأتي في خضم تخوف تلك الأطراف الدولية من أنه بعد أحداث المنطقة الخضراء الأخيرة، يجري الحديث حاليا- ولاسيما عبر مواقع التواصل- أنه بعد زيارة الأربعينية (مناسبة شيعية) ستخرج مظاهرات بمناسبة ذكرى احتجاجات تشرين في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل".

ولفت إلى أن "هذه الاحتجاجات التي يجري الحديث عنها ستكون تشرينية- صدرية، ستذهب باتجاه استهداف النظام السياسي والبرلمان مجددا، وقد يحدث نوع من الاشتباك والتعقيد في العراق. وهذا ليس من صالح الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي".

وأشار الموسوي إلى أن "هذه الدول بدأت تعاني في مشاكل تخص الطاقة وارتفاع أسعار النفط جراء الأزمة الروسية الأوكرانية، ومن ثم إذا دخل العراق في أتون الفوضى والمشاكل، ستتضاعف أسعار النفط، وقد تتوقف حتى إمدادات الطاقة وأعمال ومصالح الشركات في وسط وجنوب العراق".

وأردف الخبير العراقي، قائلا: "لذلك، هذه الأطراف تحاول الدخول كطرف وسيط في الأزمة الحالية من بين الأطراف المتنازعة، خصوصا أن الولايات المتحدة هي التي أسست النظام السياسي في العراق، ومن ثم هي بشكل أو بآخر لا تقل أن يسقط أو يتهاوى ويذهب إلى المجهول، بقدر ما أنها تريد إعادة التوازن في الوضع الداخلي بالعراق، فهي تحاول إيجاد صيغة من شأنها الضغط على بعض الأطراف العراقية".

تدويل الأزمة

وبخصوص دعوة المسؤولة الأمريكية المسؤولين العراقيين بسماع صوت الصدر، رأى الشريفي أن "الولايات المتحدة وحتى الأمم المتحدة ترتكز على معادلة تفعيل الحوار الداخلي، ومحاولة إيجاد حلول تمثل مشتركا لجميع الأطراف، لكن حتى الآن مسألة الحوار لم تعد مجدية في ظل غياب التيار الصدري عنه".

ولفت إلى أن "الولايات المتحدة تدفع القوى الأخرى للتحاور مع الصدر لإيجاد فرصة ومخرج للأزمة عبر الآليات الوطنية أي عبر المنتظم السياسي الحالي، لكن في تقديري، الدعوة إلى وحدة الصف غير قابلة التحقق؛ لأن التناقض ليس في وجهات النظر حتى يمكن التقريب بينها، وإنما هو اختلاف جذري في البرامج والتوجهات".

 

اقرأ أيضا: توافق على انتخابات مبكرة في العراق.. ولا موقف من الصدر

وأشار الشريفي إلى أن "الإطار التنسيقي يرى أنه يجب البقاء في دوامة الصراعات الإقليمية، والتيار الصدري يرى أنه يجب الخروج للفضاء الوطني، وأن هذا التناقض لا يمكن جمعه في برنامج واحد أو مشترك واحد لتشكيل الحكومة المقبلة".

ورجح الخبير الإستراتيجي أن "الأزمة العراقية على أعتاب التدويل، وأن تشكيل حكومة إنقاذ وطني، هو أقرب السيناريوهات. وأن زيارة المسؤولة الأمريكية إلى العراق ولقائها المسؤولين والقادة السياسيين هو بمنزلة جرس إنذار أخير سبق تدويل الأزمة العراقية في حال غاب الحل الوطني".

من جانبه، لم يستبعد الموسوي أن "تكون لقاءات المسؤولة الأمريكية بمنزلة جرس إنذار للقوى السياسية العراقية، لأن يحصل تدخل أممي في حال حصلت فوضى في العراق، ولا سيما أنه لا يزال تحت طائلة البند السابق- وإن خرج في مسائل معينة منه- وبحكم ذلك، فإن الأمم المتحدة لا تزال تتدخل في عدد من القرارات السياسية وقرارات الدولة".

وأوضح الموسوي أن "مجلس الأمن أصدر قبل أسبوع بيانا يتعلق بالشأن العراقي، دعا فيه الأطراف السياسية إلى  الجلوس لطاولة الحوار، وعدم التصعيد والذهاب باتجاه الفوضى والمشكلات والنزاعات السياسية؛ لأنها قد تنذر بنشوب حرب أهلية داخلية".

وأكد المحلل السياسي أن "هذه (الفوضى) لا تسمح بها هذه الأطراف الدولية؛ لأنها تحاول سد عدد من الثغرات في الشرق الأوسط، والعراق بلد محوري ومهم جدا، وهنالك نفوذ لدول إقليمية ودولية تتنازع عليه، لكنها بالوقت نفسه لا تريد الوصول إلى محلة الاشتباك".

وبحسب وكالة "شفق نيوز" العراقية، فإن "زيارة باربرا ليف جاءت من أجل إيصال رسائل تحذير دولية إلى المسؤولين والقيادات العراقيين بشأن الأزمة السياسية وتطورها إلى النزاع المسلح، مفادها بأن تكرار أحداث المنطقة الخضراء، يعني تدخل المجتمع الدولي بقوة لحل الخلاف السياسي، ولا يمكن السماح بانهيار النظام العراقي من الأطراف الدولية الفاعلة، وعلى رأسها واشنطن".

وسبق زيارة باربرا ليف إلى العراق، اتصال أجراه الرئيس الأمريكي جو بايدن، برئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في 31 آب/ أغسطس المنصرم، أشاد فيه بجهود الأخير في التعامل مع أحداث المنطقة الخضراء، ودعا القادة العراقيين إلى الانخراط في حوار وطني لوضع خارطة طريق للخروج من الانسداد الحالي.

التعليقات (1)
احمد
السبت، 10-09-2022 02:33 م
اولا الموسوي محسوب على عصابه المالكي فكل كلامه تجيير للمالكي و ايران و كان يفترض ان تقدموا محللين بعيدين عن كلا الطرفين المتنازعين اي الصدر و المالكي .. اما في صلب الموضوع فامريكا لن تترك 5 مليون برميل من النفط بيد شله مرتزقه ايرانيين فعلى المالكي و عصابته ان يحترموا انفسهم و يعرفوا حدودهم و الا سيتم ابادتهم ففي الايام الماضيه جرى تقويه الوجود الامريكي في قاعدتي التنف و عين الاسد بل وصلت قاذفات بي 52 الايام القادمه حبلى بالمفاجأت