قضايا وآراء

بمناسبة اليوم الدولي لحماية التعليم من الهجمات

سلوى أكسوي
1300x600
1300x600

أُعلن هذا اليوم بموجب قرار الجمعية العامة 275/74 الذي اعتُمد بالإجماع عام 2020، ودعت فيه الجمعية العامة منظمات اليونسكو واليونيسف إلى إذكاء الوعي بشأن المحنة التي يمر بها ملايين الأطفال القاطنين في البلدان المتضررة بالنزاعات. وقد قدّمت دولة قطر مشروع قرار اعتماد هذا اليوم الدولي بالرعاية المشتركة مع 62 دولة أخرى.


ويؤكد قرار الجمعية العامة أن الحكومات تتحمل المسؤولية الأساسية لتوفير الحماية وضمان التعليم الجيد المنصف والشامل لكل المتعلمين وعلى جميع المستويات، وخاصة الذين يمرّون بظروف حرجة. ويشدد كذلك على ضرورة تكثيف الجهود المبذولة في هذا الصدد وزيادة التمويل المخصّص لتعزيز بيئة مدرسية آمنة ومحصّنة في حالات الطوارئ الإنسانية، وذلك من خلال اتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية المدارس والمتعلمين والطواقم التربويّة من الهجمات، والامتناع عن الإجراءات التي تعوق وصول الأطفال إلى التعليم، وتيسير الوصول إلى التعليم في حالات النزاع المسلح.

في اليوم التالي لصدور قرار الجمعية العامة هذا، عقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مناقشة مفتوحة لمناقشة حماية الطلاب والمعلمين والمدارس في أوقات النزاع المسلح، وتحت قيادة النيجر، وأصدر أول بيان رئاسي مخصص فقط لحماية الأطفال والتعليم من الهجوم.

كلام جميل ولكن..

إن قرارات الجمعية العمومية في الأمم المتحدة مهمة، لكنها غير ملزمة أي لا ترقى لتتحول إلى آليات تفرض نفسها على الأطراف المتنازعة. تكون ملزمة فقط عندما تخرج تحت مبدأ اتحاد من أجل السلام. أيضاً، هذه القرارات تحمل الحكومات مسؤولية توفير وحماية الخدمات الأساسية للمواطن، لكن ماذا إن كانت الحكومات هي الطرف المتسبب بدمار البنية التحتية والبشرية في البلاد؟ وهذا بالضبط ما يحدث في سوريا. ليس فقط من قبل سلطات بشار الأسد ولكن أيضاً من قبل طهران وموسكو، وهذا بالضبط ما تثبته الأرقام الرسمية التي تمثل جزءا من الحقيقة المؤلمة في سوريا.

ماذا إن كانت الحكومات هي الطرف المتسبب بدمار البنية التحتية والبشرية في البلاد؟ وهذا بالضبط ما يحدث في سوريا. ليس فقط من قبل سلطات بشار الأسد ولكن أيضاً من قبل طهران وموسكو، وهذا بالضبط ما تثبته الأرقام الرسمية التي تمثل جزءا من الحقيقة المؤلمة في سوريا

إذا ما أهمية قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة وخصوصاً في مجالات حقوق الإنسان؟

الأمم المتحدة تمثل مجلسا مشتركا لدول العالم، وبالتالي قرارات الجمعية العامة تُعبّر عن "الرأي العالمي"، وهكذا يمكن أن تشكّل هذه القرارات ضغطاً كبيراً على الدول لأخذ هذا الرأي في الاعتبار، خاصة عند تسيير شؤونها الداخلية أو الخارجية. كما أن هذه القرارات تمثّل فرصة كبيرة للشعوب التي تعاني من قضايا عالمية مثل حقوق الإنسان والأمن الغذائي حتى تتحرك ضد مضطهديها وتسعى بقوة للمطالبة بحقوقها، باعتبار أن الفئة المعتدية تمثل مخالفة صريحة للمعايير العالمية.

حق التعليم تبنته الأمم المتحدة وتعيد التذكير بخطورة الهجمات عليه في التاسع من أيلول/ سبتمبر في كل عام، وهذا التاريخ فرصة لا يمكن تبديدها بالنسبة لنا كسوريين. التعليم والمنشآت التعليمية والطلبة والأساتذة على حد سواء كانوا هدفاً لهجمات وحشية بربرية من قبل سلطات بشار الأسد ومراكز صناعة القرار في كل من طهران وموسكو، وهذه الهجمات ما زالت مستمرة وأكبر مثال عليها.

حقائق وأرقام

الشبكة السورية لحقوق الإنسان ذكرت أن ما لا يقل عن 1593 مدرسة في سوريا، قد تعرضت لهجمات منذ بدء الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في آذار/ مارس 2011، ولفتت الشبكة إلى أن قوات نظام الأسد والقوات الروسية هي الطرف الأكثر اعتداءً على المدارس بما نسبته 89 في المائة من الحصيلة الإجمالية، كما وثقت قيام هذه القوات بتحويل عشرات المدارس إلى مقرات عسكرية ونهب محتوياتها.

خطورة الوضع

الاعتداءات على المدارس تسببت بحرمان قرابة 2.4 مليون طفل داخل سوريا من التعليم حتى الآن وذلك حسب الأرقام الرسمية، وتسببت بموجات نزوح ولجوء بسبب سعي الطلاب والأهالي للبحث عن فرصة للتعليم وبناء مستقبل كريم، وهذه الموجات تسببت إلى جانب عوامل أخرى بتغيير ديموغرافي خطير في سوريا.
نستنتج أن استهداف المنشآت التعليمية والطلاب والكوادر التعليمية ككل بهجمات مميتة هي مقصودة ولها أهدافها، وهي لا تختلف عن استهداف المنشآت الصحية والبنية التحتية حتى تجبر المدنيين على ترك أراضيهم


الأطفال القادرون على الالتحاق بالمدرسة يتعلمون في الفصول الدراسية المكتظة، وفي المباني التي لا توجد بها مرافق مياه وصرف صحي أو كهرباء أو تدفئة. أي أن نوعية التعليم هبطت بشكل حاد ولم تعد تعطي النتائج المرجوة منها على الرغم من كفاح السوريين وتضحياتهم في سبيل إعادة عجلة التعليم لدورتها الطبيعية، خصوصاً في المناطق المحررة، وذلك مع استمرار القصف من قبل قوات بشار وروسيا ووقوع ضحايا مدنيين منهم عدد ليس بالقليل من الأطفال في سن التعليم، كالهجوم الذي استهدف معرة النعمان الواقعة في ريف إدلب الشمالي في 2 نيسان/ أبريل 2022 وتسبب بمقتل أربعة أطفال على الأقل كانوا في طريقهم سيراً على الأقدام إلى مدرستهم الواقعة عند أطراف البلدة الشرقية.

ومن هنا نستنتج أن استهداف المنشآت التعليمية والطلاب والكوادر التعليمية ككل بهجمات مميتة هي مقصودة ولها أهدافها، وهي لا تختلف عن استهداف المنشآت الصحية والبنية التحتية حتى تجبر المدنيين على ترك أراضيهم.

وهكذا علينا أن لا نمل ولا نكل في شرح فظاعة عصابة بشار ومسانديه بالأخص روسيا وإيران، فعلى العالم أن يفهم أن ما يحدث في سوريا لن يبقى في سوريا، والنتائج ستأتي مثل أحجار الدومينو.

 

التعليقات (0)