صحافة دولية

MEE: هكذا تنافس الإمارات النفوذ القطري في أفغانستان

تعتمد الإمارات على علاقتها مع شبكة حقاني المتنفذة داخل طالبان - جيتي
تعتمد الإمارات على علاقتها مع شبكة حقاني المتنفذة داخل طالبان - جيتي

نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا بخصوص منافسة الإمارات للنفوذ القطري في أفغانستان، من خلال الشراكة مع شبكة حقاني، الفصيل المتنفذ داخل حركة طالبان.


وقال الموقع إن أبوظبي برزت بوصفها سمساراً آخر في أفغانستان، منافسة في ذلك النفوذ القطري، وذلك كجزء من استراتيجية كبرى هدفها أن تصبح الإمارات لاعباً مهماً في وسط آسيا.

 

وتعدّ المجموعة التي أسسها جلال الدين حقاني أكثر القوى المقاتلة فعالية من بين الفصائل المسلحة العديدة خلال التمرد الذي استمر لعقدين ضد التحالف الذي كانت تقوده الولايات المتحدة في أفغانستان.


وأصبح سراج الدين حقاني، نجل مؤسس الشبكة، وزيراً للداخلية، متحكماً بذلك في الملفات الأهم المتعلقة بالأمن الداخلي والمخابرات. وكان من نتائج ذلك نقل السلطة بعيداً عن عناصر طالبان، الذين عاشوا في قطر لسنوات عديدة، والذين ينحدرون بشكل أساسي من منطقة قندهار.


وتاليا نص المقال الذي ترجمته "عربي21":


عندما بدا جلياً أن الحكومة الوكيلة للاحتلال الأمريكي، برئاسة أشرف غني، تخلت بكل جبن عن البلد وعن شعبه، أسقط في يد القوات الأمريكية وحلفائها، فاضطروا إلى تسليم أفغانستان لطالبان.

فما كان من شركاء الناتو سوى تنظيم رحلات جوية على عجل لإخلاء الموظفين غير العسكريين، تاركين وراءهم عشرات الآلاف من الموظفين المحليين وعائلاتهم، ممن شاركوا في حمل عبء جهود الحرب الغربية هناك.

في خضم تلك الفوضى، استغلت قطر الفرصة للاستفادة من شبكات كانت قد طورتها مع الطالبان الذين كانوا في ضيافتها بناء على طلب من الولايات المتحدة منذ عام 2010.

وفجأة بدت قطر أهم سمسار ومسهل للأمور في أفغانستان.

إلى جانب تنظيم رحلات الإخلاء الجوية واستضافة اللاجئين الأفغان، توسطت قطر لإبرام صفقات ثنائية بالنيابة عن شركائها الغربيين مع المتمردين الذين تحولوا إلى حكام، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة وشركاءها الأوروبيين إلى نقل سفاراتهم في أفغانستان إلى الدوحة، مما أهل العاصمة القطرية لأن تصبح المعبر الجديد إلى أفغانستان.

كان متوقعاً أن تحقق قطر ذلك النجاح في ممارسة القوة الناعمة، فجيرانها المنافسون لها – وعلى رأسهم الإمارات العربية المتحدة – اعتبروا على مدى سنين استضافة قطر لمكتب الطالبان دعماً مباشراً للإرهاب.

بل بلغ الأمر بالإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في عام 2017 أن فرضتا حصاراً على قطر بمبررات كان منها، ضمن أشياء أخرى، استضافة قطر لطالبان. ولكن عندما تمكنت قطر في عام 2021 من ترجمة روابطها مع الطالبان إلى رأسمال سياسي في الغرب، استدارت أبوظبي استدارة كاملة وتراجعت عن سياستها في أفغانستان وعن موقفها من الطالبان.

سمسار آخر

بعد مرور عام على الاختراق الذي تحقق لقطر بسبب نفوذها، برزت أبوظبي كسمسار آخر في أفغانستان منافسة بذلك النفوذ القطري بأسلوب لم يزل، وبشكل متزايد، صفرياً في محصلته. وكان منح اللجوء لغني، الرئيس الأفغاني المهزوم، في صيف 2021 مجرد خطوة أولى من قبل أبوظبي لإبقاء قدمها مدسوسة في الباب الأفغاني.

منذ ذلك الحين أقامت أبوظبي شبكات شخصية مع شبكة حقاني – الفصيل المتنفذ داخل حركة طالبان الذي برز كصانع فعلي للملوك منذ سبتمبر/ أيلول 2021.

وعلى النقيض من قطر، التي كان نفوذها داخل الطالبان محدوداً بالأشخاص الأكثر براغماتية ممن يتواجدون حول ملا برادر، الذي بات الآن مهمشاً إلى حد كبير، لم تزل الإمارات العربية المتحدة، ومنذ وقت طويل، تحتفظ بروابط مع أفراد شبكة حقاني تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي.

وذلك أن المجموعة التي أسسها جلال الدين حقاني كانت أكثر القوى المقاتلة فعالية من بين الفصائل المسلحة العديدة خلال التمرد الذي استمر لعقدين ضد التحالف الذي كانت تقوده الولايات المتحدة في أفغانستان.

في الوقت الذي كان فيه الأعضاء الأكثر براغماتية داخل حركة الطالبان يضعون خططاً سياسية أثناء وجودهم في رحاب المنفى القطري، كان أفراد شبكة حقاني يتحملون عبء الحرب في تمرد لا هوادة فيه ضد الغرب. وبذلك، وعلى غير ما كان يرجو القطريون من رؤية العناصر البراغماتية تحتل مناصب حيوية في حكومة الطالبان الجديدة، لم يكن مفاجئاً على الإطلاق أن يستولي عناصر شبكة حقاني – الفصيل الأقوى على الإطلاق داخل الحركة – على الوزارات الأهم داخل الحكومة الأفغانية الجديدة.

تبدل وانتقال في السلطة

أصبح سراج الدين حقاني، نجل مؤسس الشبكة، وزيراً للداخلية، متحكماً بذلك بالملفات الأهم المتعلقة بالأمن الداخلي والمخابرات. وكان من نتائج ذلك نقل السلطة بعيداً عن عناصر الطالبان الذين عاشوا في قطر لسنوات عديدة والذين ينحدرون بشكل أساسي من منطقة قندهار.

تصادف صعود نجم سراج الدين، الذي مازال اسمه على رأس قائمة المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، مع تراجع النفوذ القطري في سياسات طالبان، فقد وقع تهميش العديد من الشخصيات التي كانت في السابق تتخذ من قطر مقراً لها لصالح العناصر الأكثر قرباً من الشبكات القبلية في شمال شرق وجنوب شرق أفغانستان.

في هذه الأثناء، لم تزل أبوظبي حريصة على تنمية شبكات خاصة بها قريباً من صناع الملوك الجدد في كابول.

منذ مطلع ثمانينيات القرن العشرين مروراً بالعقد الأول من الألفية الجديدة، اعتمدت شبكة حقاني على الإمارات العربية المتحدة كمركز لغسيل الأموال والتجنيد. تمكن الحقانيون، من خلال شركات مصطنعة وشبكة موثوقة من المغتربين الأفغان، من إقامة بنية تحتية صلبة داخل الإمارات العربية المتحدة لتمويل عملياتهم، الأمر الذي حول هذه المجموعة الثانوية داخل طالبان إلى قوة مقاتلة هي الأكثر فعالية في حركة التمرد.

وحينما استجاب الإماراتيون للضغوط الأمريكية في عام 2014 ووضعوا شبكة حقاني على القائمة السوداء، نجم عن ذلك على الأغلب الدفع بالعمليات تحت الأرض، مما جعل بعض المعلقين يخمنون بأن عمليات غسيل الأموال غير الرسمية من قبل الحقانيين عبر الإمارات لم تتوقف بتاتاً.

كان التعلق الشخصي بالإمارات العربية المتحدة عميقاً لدرجة أن مؤسس الشبكة جلال الدين تزوج امرأة عربية من الإمارات أنجب منها ولداً واحداً على الأقل هو سراج الدين الذي يشغل حالياً منصب وزير الداخلية. يعتقد بأن سراج الدين قضى فترات طويلة من حياته في الإمارات بصحبة والدته، حيث تعلم العربية وكان يخالط المجندين الأجانب.

وفي يناير/ كانون الثاني من عام 2017، نجم عن انفجار قنبلة مقتل سفير الإمارات العربية المتحدة وأربعة آخرين من الدبلوماسيين الإماراتيين في قندهار – وهي عملية يعتقد بأن وكلاء عن شبكة حقاني هم من نفذها، مما ضرب إسفيناً في العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة والحقانيين، حتى وإن كان من المحتمل أن الدبلوماسيين الإماراتيين لم يكونوا أنفسهم هم المستهدفين بالتفجير.

متاح لمن يسبق إليه

ولكن، بعد أن غدا النفوذ في أفغانستان متاحاً لمن يسبق إليه، وذلك في خضم تنافس القوى الكبرى على هذا البلد في وسط آسيا، أعادت الإمارات تواصلها مع الناس هناك في عام 2021 بعد استيلاء الطالبان على الأمور، وذلك من خلال العمل الخيري الإغاثي.

وبحسب ما تفيد به عدة مصادر داخل كابول، عملت سفارة الإمارات العربية المتحدة على التواصل مع العناصر الفاعلية في شبكة حقاني في عقر دارهم القبلية شرقي أفغانستان، وتحديداً في خوست ولويا باكتيا.

ويقال بأن الدبلوماسيين الإماراتيين أقاموا علاقات وطيدة مع حاكم منطقة خوست، والذي يعتقد بأنه صديق شخصي لسراج الدين حقاني. وتزعم مصادر أخرى بأن سفارة الإمارات العربية المتحدة بنت على مدى العام الماضي علاقة حميمية مع المساعد الشخصي لسراج الدين.

انهارت في وقت مبكر من هذا العام المفاوضات القطرية التركية مع الطالبان حول إدارة مطار كابول بسبب اشتراط القطريين والأتراك أن يستمروا هم في إدارة أمن المطار. كانت الإمارات العربية المتحدة قد أقامت الشبكات اللازمة لكسب وزارة الداخلية بقيادة سراج الدين وإقناعها بإبرام عقد تشغيل المطار معها. على النقيض من منافسيها، لم تفرض أبوظبي شروطاً تذكر في العقد مما سمح لشبكة حقاني بإدارة أمن المطار.

 

اقرأ أيضا: انقسام في مجلس الأمن بشأن إعفاء قادة طالبان من حظر السفر

في نهاية المطاف، فازت مجموعة جي إيه إيه سي، التي تتخذ من الإمارات العربية المتحدة مقراً لها، بالعقد، محققة بذلك نصراً للإمارات العربية المتحدة في تنافسها مع خصمها، قطر. يضاف إلى ذلك أنه بينما غدا وسط آسيا ساحة مهمة لبناء شبكة تجارية إماراتية ولإبرام تعاون صيني إماراتي، فمن المنطقي أن يغدو الطموح الإماراتي مصلحة صينية حيوية في المنطقة.

على النقيض من قطر، التي عملت كوسيط نزيه في الصراع، ترى الإمارات العربية المتحدة أن أفغانستان تقع في القلب من استراتيجيتها التجارية الكبرى لربط العقد اللوجستية وسلاسل التوريد في وسط آسيا -وهو ما يسعد شبكة حقاني، التي تدير الأمور الآن في أفغانستان- والاستفادة منه.

التعليقات (0)