صحافة إسرائيلية

سفير إسرائيلي يشكك في نجاح التقارب بين تل أبيب وأنقرة

قررت تل أبيب وأنقرة تبادل السفراء والقناصل- الأناضول
قررت تل أبيب وأنقرة تبادل السفراء والقناصل- الأناضول

ما زال استئناف العلاقات التركية-الإسرائيلية يثير نقاشات في دولة الاحتلال، حول مستقبل هذه العلاقات، وسط تقديرات سائدة ترى أن أنقرة سعت لطي صفحة خلافاتها مع تل أبيب لمصالح انتخابية مؤقتة، وأن قرار الرئيس رجب طيب أردوغان في تطبيع العلاقات مع الإسرائيليين ليست بعيدة المدى، بل تكتيكية آنية، ما زاد من الشكوك الإسرائيلية، ودفع بعض أوساطها لرفع مستوى مطالبها من أنقرة، أهمها أنه لن يكون لها موطئ قدم في القدس المحتلة، أو دور في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.


في الوقت ذاته، ورغم الخطوات التي أقدمت عليها تركيا تجاه دولة الاحتلال، فإن الأخيرة ما زالت منشغلة في معرفة دوافع أردوغان للشروع في تجديد العلاقات معها، زاعمة أن السبب قد يكمن في تخوفه من تقويض موقف تركيا الإقليمي، عقب حالة العزلة التي بدأت تشعر بها في المنطقة، خاصة أمام التعاون المتزايد بين إسرائيل من جهة، وبين مصر والأردن والسعودية ودول الخليج من جهة أخرى، فضلا عن تعرضها لضغوط من دول الناتو وروسيا معاً في ظل موقفها المتوسط من الحرب الأوكرانية.


داني أيالون السفير السابق في الولايات المتحدة، ونائب وزير الخارجية، زعم أن "تركيا تجد نفسها في صراع مع جيرانها اليونان وقبرص بسبب خلافاتهم في مجال الطاقة، فضلا عن ابتعادها عن الإدارة الأمريكية، كما أن الاقتصاد التركي في وضع صعب للغاية، والتضخم هو الأعلى في العالم، وأردوغان يتفهم الواقع السياسي لديه، وأن لديه عاما انتخابيا حاسما".

 

اقرأ أيضا: تحديات أمام صمود التطبيع بين تل أبيب وأنقرة لفترة طويلة

وأضاف في مقال نشرته القناة 12، وترجمته "عربي21" أن "هدف أردوغان الرئيسي من التقارب مع إسرائيل هو تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، ويأمل أن يؤدي التعاون معها إلى قفزة في عدد السائحين الذين يجلبون لتركيا أموالاً طائلة، لكن القضية الأساسية بالنسبة له هي الغاز الذي قد يشكل بديلا للغاز الروسي، ما يظهر أنه بحاجة لتجديد العلاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة، أما إسرائيل فإن تقاربها مع تركيا يعزز موقفها الإقليمي والدولي، عقب زيادة مصادر الطاقة لديها، والعلاقات مع دول المنطقة من خلال اتفاقيات التطبيع، والتحالف مع اليونان وقبرص، ما جعلها ركيزة في الشرق الأوسط".


أيالون، صاحب الواقعة الشهيرة الذي أجلس السفير التركي في تل أبيب على مقعد منخفض، وتسبب في أزمة دبلوماسية حينها في 2010، أشار إلى أن "تطوير العلاقات مع تركيا مصلحة إسرائيلية، مع التأكيد على مطالبها من تركيا، وأهمها طرد نشطاء حماس من أراضيها، والاعتراف بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها خلال المواجهات مع غزة، وألا تكون عملياتها في غزة جزءًا من العلاقات مع تركيا، بحيث لا تخلق أزمات دبلوماسية، فكما أننا لا ننتقد الأتراك لموقفهم تجاه الأكراد، فلا يجب أن يهاجمونا بسبب عملياتنا ضد الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية".


يتوقع الإسرائيليون أن تخفف تركيا من حدة خطابها وانتقادها تجاه الاحتلال، ما يدفعهم لأن يطرحوا مسألة العدوان على غزة على الطاولة بطريقة واضحة، بحيث لا يتحول كل عدوان على غزة إلى أزمة في العلاقات مع تركيا، ما يعني أن تكون علاقاتهما مرتبطة بعوامل استراتيجية دون أي أحداث مستجدة، مع وجود مخاوف إسرائيلية قائمة مفادها أنه في الفترة التي تسبق انتخابات 2023، وإذا شعر أردوغان أن مهاجمته لإسرائيل إن هاجمت غزة ستساعده في الانتخابات، فسيفعل ذلك بالتأكيد. 


في الوقت ذاته، رصدت المحافل الإسرائيلية جملة من التغييرات في موقف رئيس الوزراء يائير لابيد من أرودغان، رغم أن مسألة العلاقات الثنائية برمتها هي في الواقع مناورة سياسية بين الأطراف وفقًا للأوضاع الجيوسياسية على الأرض، إضافة إلى المصالح الاقتصادية المشتركة، مع سلسلة مطالب قد تضعها إسرائيل أمام الأتراك أهمها عدم التدخل في قضية القدس حيث زادوا نفوذهم فيها للتعاطف مع الفلسطينيين.


مع العلم أن المصالح الإسرائيلية من التقارب مع تركيا قد تتجاوز المصالح الثنائية إلى إمكانية أن تصبح لاعبًا رئيسيًا ووسيطًا إقليميًا يمكنه التأثير وخفض النيران الإقليمية، والتأثير على تركيا في ما يتعلق بعلاقاتها مع اليونان ومصر، لأن أهداف "إسرائيل" الأمنية تتمثل في تسخين العلاقات مع أنقرة، سواء لإبعاد حماس عنها، أو وقف النفوذ التركي في القدس، وإخراج القضية الفلسطينية من أجندة أردوغان، وصولا إلى أن يرى الأتراك أنفسهم في إطار تحالف إقليمي ضد إيران لمنعها من السيطرة الإقليمية وحيازة الأسلحة النووية.

التعليقات (0)