ملفات وتقارير

لقاء ملك الأردن بـ"لابيد" سعي لشراكة استراتيجية أم مؤقتة؟

لابيد يتحضر للانتخابات المقبلة في إسرائيل- الأناضول
لابيد يتحضر للانتخابات المقبلة في إسرائيل- الأناضول
أثار اللقاء المفاجئ الذي جمع ملك الأردن عبدالله الثاني، ورئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، الأربعاء الماضي في عمّان، تساؤلات حول علاقته بالحديث عن تأسيس شراكة استراتيجية بين الطرفين، أم أن الأمر لا يعدو السعي لتحقيق إنجازات مؤقتة لتحسين صورة لابيد وحزبه؛ استعدادا للانتخابات الإسرائيلية المقبلة؟

ووفق وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا)؛ فإن الملك أكد خلال اللقاء "ضرورة إيجاد أفق سياسي لتحقيق السلام العادل والشامل والدائم على أساس حل الدولتين، وتعزيز الأمن والاستقرار، والتنمية الإقليمية التي لا بد أن يكون الفلسطينيون جزءا منها".

وأشار إلى "أهمية البناء على زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة"، مشددا على "ضرورة الحفاظ على التهدئة الشاملة في الفترة المقبلة، واحترام الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية".

وأوضحت (بترا) أن اللقاء تناول أيضا قضايا النقل والتجارة والمياه والطاقة وسبل التعامل معها.

صورة لابيد

وعُقد هذا اللقاء في لحظة معقدة جدا، وفق الكاتب والمحلل السياسي منذر الحوارات، الذي أشار إلى أنه جاء بعد جولة الرئيس الأمريكي جو بايدن في المنطقة، "التي وعد فيها بتحقق حل الدولتين، دون أن يحدد ما هو شكل هاتين الدولتين اللتين تحدث عنهما".

وقال الحوارات لـ"عربي21"؛ إن رئيس وزراء الاحتلال يهدف إلى خلق بيئة من الاعتقاد بين الإسرائيليين بأنه قادر على حمل الملفات الكبيرة والتعامل معها، وأهم هذه الملفات تعميق العلاقات المشتركة مع الدول الجارة للاحتلال، خصوصا الأردن ومصر، وذلك عبر المشاريع المتعلقة بالمياه والطاقة وغيرهما.

وأضاف: "يسعى لابيد إلى التأكيد أنه الأجدر بقيادة مرحلة قادمة من التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين"، مشيرا إلى أنه "لا يريد لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو أن يعود للسلطة، وهذا يلتقي مع رغبة الأردن الذي يهمّه تلميع صورة لابيد أمام الجمهور الإسرائيلي، حتى لا تنحرف البوصلة باتجاه نتنياهو، الذي تأزمت العلاقة الأردنية الإسرائيلية في عهده".

وحول المصالح التي يرجوها الأردن من لقاء الملك ولابيد؛ بيّن الحوارات أن عمّان ربما تحاول ترجمة المفهوم الأمريكي الفضفاض لـ"حل الدولتين" إلى فعل؛ "لأنه يبدو أن الدولة الأردنية تلمّست رغبة بايدن بطرح مبادرة تتفق على صيغتها أطراف ما يُعرف بعملية السلام، ولذلك هي تسعى إلى طرحها بالتشارك مع لابيد".

ولفت إلى أن الرئيس الأمريكي طرح في زيارته الأخيرة منظومة من المشاريع، متعلقة بالغاز وسكك الحديد وتطوير الطاقة إلى طاقة بديلة، وإنشاء موانئ، وإعطاء جزء من موانئ فلسطين التاريخية للضفة الغربية، مشيرا إلى أن "إسرائيل" تسعى إلى استبعاد الفلسطينيين عن هذه المنظومة، فيما يعمل الأردن على إشراكهم فيها، واستفادتهم منها.

وأوضح الحوارات أن عمّان ترى في تعزيز مشاركة الفلسطينيين في هذه المشاريع مصلحة لها، لكونه يخلق حالة من الاستقرار في الضفة الغربية، ومن ثم يوجِد بيئة مناسبة للنهوض بتكتل أكثر اعتدالا وليبرالية، بعيدا عن مشاريع الاستيطان وقضم الأراضي المحتلة وانتهاك المقدسات.

وقال؛ إن هذه المشاريع تتسق مع التوافق الإقليمي والرغبة الأمريكية بدمج "إسرائيل" في المنطقة؛ "لأنه كلما توغلت دولة الاحتلال في العلاقات التجارية المتبادلة مع الدول العربية؛ عمّقت تأثيرها عليها، وهذا يفسر حرصها على إنشاء تشابك اقتصادي معها ذي طبيعة أمنية، وأمني ذي طبيعة اقتصادية".

وأضاف الحوارات أن زيارة لابيد للأردن جاءت بعد زيارة الرئيس الأمريكي لعمّان، ثم رئيس السلطة الفلسطينية، ما يشير إلى أن ثمة تنسيقا مشتركا على أعلى المستويات، ربما بمعية مصر ودول أخرى، للتركيز على الجانب الاقتصادي مقابل تهدئة من قبل الفلسطينيين.

وتابع: "هذه التهدئة ستتيح المجال لما يُسمى بالتيار المعتدل للفوز بانتخابات الكنيست الإسرائيلي المنوي عقدها في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر القادم؛ لأن جميع الأطراف متفقون على أن استعادة اليمين بقيادة نتنياهو لزمام السلطة؛ يعني فشل هذه الجهود والمشاريع".

تبعات فشل "قمة جدة"

وجاء لقاء الملك عبدالله ولابيد، بعد أيام من انعقاد قمة جدة التي شارك فيها الرئيس الأمريكي جو بايدن، بحضور قادة دول الخليج والأردن ومصر والعراق، التي أكد مراقبون أنها أخفقت في تحقيق أبرز أجنداتها، وهي تطوير التعاون الأمني بين الدول العربية والخليجية، والكيان الإسرائيلي، وإحداث اختراق أوسع للتطبيع بين الرياض وتل أبيب.

ويشير الكاتب والمحلل السياسي حازم عياد، إلى أن "الولايات المتحدة عادت إلى الاعتماد على الأردن لتعويض الفشل الذي مُنيت به في قمة جدة، بينما وجدت عمّان في ذلك فرصة لتعزيز مكانتها التي تعرضت لتهديد نتيجة اتفاقات أبراهام، التي استهدفت الوصاية الهاشمية والدور الأردني في المقدسات".

ولكنه رأى أنه لا يمكن الاعتماد على لابيد في الذهاب إلى خيارات استراتيجية، معللا ذلك بأن الانتخابات الإسرائيلية القادمة قد تأتي بنتائج مغايرة، فضلا عن أن الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة عرضة لخسارة انتخابات الكونغرس المقبلة، "ومن ثم سيتحول بايدن الذي يعاني من إشكالات صحية إلى بطة عرجاء".

وقال عياد لـ"عربي21"، إن واشنطن معنية بدفع الأردن للانخراط في تطوير العلاقة مع إسرائيل، وتمثل ذلك في العديد من الاتفاقات والمشاريع بين الجانبين، أبرزها ما سُمي بـ"إعلان النوايا" الذي وُقع في 22 تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، بتمويل إماراتي ورعاية أمريكية، ويقضي بتزويد دولة الاحتلال الأردن بالمياه، مقابل أن يزوِّدها الأخير بالكهرباء، "وهو المشروع الذي ما زال يخضع لدراسات أردنية حول جدواه".

وبيّن أن "وجود لابيد في السلطة، عامل مهم على تشجيع الأردن للمضي في هذه المشاريع"، لافتا إلى أن "لابيد يسعى في الوقت نفسه إلى تقديم نفسه للجمهور الإسرائيلي على أنه كَسَر الجمود في العلاقة مع عمّان - الذي يعتقد هذا الجمهور بأنها تساهم في تحقيق أمنه واستقراره - ما يمكّنه من تحقيق مكاسب انتخابية".

وأشار عياد إلى أن من أسباب اللقاء بين الملك عبدالله ولابيد، وجود رغبة لدى الطرفين في دعم السلطة الفلسطينية، وتأمين انتقال سلس وهادئ لمرحلة ما بعد رئيسها محمود عباس، مبينا أن ذلك يتطلب قدرا من التنسيق على أعلى المستويات، ودعما اقتصاديا للسلطة، وسياسيا من خلال انخراطها في المسار السياسي والإقليمي.

وتجدر الإشارة إلى أن الأردن مرتبط بـ"اتفاقية سلام" مع "إسرائيل" منذ عام 1994، فيما عرف باتفاقية "وادي عربة"، التي نصت على إنهاء حالة العداء بين البلدين، وتطبيق أحكام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي بشأن العلاقات بين الدول.
 
التعليقات (1)
الاكوان المتعددة
السبت، 30-07-2022 12:48 ص
اسرائيل اصبحت من حمام الدار لماذا الالغاز والزحام فل تغير اسمها والسعودية تغير عاصمتها وعلمها