هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال الكاتب البريطاني، بيتر أوبورن، إن
الصفقات التجارية بين بريطانيا والهند تضمن صمت السياسيين البريطانيين وعلى رأسهم
رئيس الوزراء بوريس جونسون، بشأن الحملات المعادية للمسلمين هناك على أعين
الحكومة.
ولفت إلى أنه في عهد رئيس الوزراء
الهندوسي القومي، ناريندرا مودي، تسير الهند في طريق حالك السواد وبريطانيا تعلم
ذلك.
ولفت في مقاله المنشور في موقع
"ميدل إيست آي" البريطاني، وترجمته "عربي21"، إلى أنه خلال
السنوات الثماني التي شغل فيها منصب رئيس وزراء الهند، تبرأ مودي من الهند ذات
التعددية الدينية، الهند التي شكلها وتبناها الآباء المؤسسون، مهاتما غاندي وجواهر
لال نهرو. تذكروا أن مودي لم يزل منذ أن كان صبياً عضواً في جماعة آر إس إس
المتأثرة بالنازية، والتي ولد من رحمها حزب بي جيه بيه (باراتيا جاناتا).
وأشار إلى أن جونسون ليس وحده، فزعيم
حزب العمال كير ستارمر لم يزل صامتاً هو الآخر. ولم يثر موضوع التنكيل بالمسلمين
في الهند عندما أتيحت له الفرصة يوم أمس في فقرة الأسئلة الموجهة إلى رئيس الوزراء.
وتاليا المقال كاملا:
هناك ما يسبب لي الغثيان الشديد بشأن
رحلة بوريس جونسون إلى الهند.
لقد شاهدنا الصور الإلزامية لجونسون
على العربة. وقرأنا المقالات التي نشرها لوبي من المراسلين الذي غذوا بعناية
بالمعلومات حول الخلافات مع ناريندرا مودي بشأن روسيا وأوكرانيا.
ودرسنا صور جونسون وهو يتحدث مع
الصحفيين في حالة من الاسترخاء على متن طائرته. وكذلك صوره وهو يُستقبل من قبل وفد
رسمي بعد نزوله من الطائرة. وبالطبع، قرأنا كذلك التخمين القائم على معلومات أكيدة
بأن الصفقة التجارية لسوف تبرم.
ولكننا لم نقرأ كلمة واحدة في الصحافة
البريطانية حول حملة القمع الإجرامية المنظمة التي يقودها مودي ضد مسلمي الهند
الذين يبلغ تعدادهم 200 مليون نسمة. ولسوف يدهشني أن نسمع كلمة واحدة عن هذا
الموضوع.
يوم الأربعاء وصل جونسون إلى كوجورات،
القاعدة السياسية لمودي، حيث أعلن عن صفقات استثمار هندية في العلوم والتكنولوجيا.
تبادل روتيني للمنافع. إلا أن رئيس الوزراء لم يشر من قريب أو بعيد لمذابح
كوجورات، والتي خلفت أكثر من ألف قتيل قبل عشرين عاماً، واتهم مودي أثناءها بأنه
كان المحرض على العنف.
لو كان ذلك الحدث الرهيب حلقة معزولة،
فلا بأس. ولكن الحدث بات هو الراسم لنمط السياسة التي ينتهجها مودي في رئاسته
للحكومة.
سردية معادية للمسلمين
خلال السنوات الثماني التي شغل فيها
منصب رئيس وزراء الهند، تبرأ مودي من الهند ذات التعددية الدينية، الهند التي
شكلها وتبناها الآباء المؤسسون، مهاتما غاندي وجواهر لال نهرو. تذكروا أن مودي لم
يزل منذ أن كان صبياً عضواً في جماعة آر إس إس المتأثرة بالنازية، والتي ولد من
رحمها حزب بي جيه بيه (باراتيا جاناتا).
لقد نشأ في عهده خطاب مرعب مناهض
للمسلمين، فحزب مودي يتبع قومية هندوسية تعتبر المائتي مليون مسلم هندي أجانب
وغزاة.
اقرأ أيضا: لوموند: تصاعد العنف ضد مسلمي الهند بتواطؤ حكومي
ومؤخراً زعم أرونداتي روي، الروائي
الفائز بجائزة بوكر، أن الوضع بالنسبة لمسلمي الهند يقترب من الإبادة الجماعية وأن
الهند قد تتعرض للتفتيت.
في كانون الأول/ ديسمبر، نظم مهرجان
في ولاية أوتاراخاند الشمالية دعا خلاله المشاركون إلى القتل الجماعي للمسلمين.
وقالت إحدى النساء متحدثة عن المسلمين: "حتى لو أن مائتين فقط منا تحولوا إلى
جنود وقتلوا مليونين منهم، فلسوف ننتصر." ما لبث مقطع فيديو يصور الحدث أن
انتشر كالنار في الهشيم.
حضر اللقاء على الأقل عضو واحد من حزب
مودي. وكان من المشاركين أيضاً برابوداناند جيري، والذي عادة ما يظهر في صور تجمعه
بأعضاء في حزب بي جيه بيه. وأعلن جيري أنه "مثل ميانمار، يجب على الشرطة وعلى
السياسيين وعلى الجيش وكل شخص هندوسي في الهند أن يحمل السلاح ويشارك في هذا
التطهير."
وكما في البلدان الأخرى، تتهم الحكومة
وقطاعات من وسائل الإعلام المسلمين بعدم الولاء. وفي قضية سخيفة تستخدم لإثبات ذلك،
ألقي القبض على مسلمين لأنهم احتفلوا بانتصار فريق الكريكت الباكستاني على الهند
في تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2021.
طريق مظلم
تسعى الحكومة الهندية إلى تغيير
التركيبة السكانية في الولاية ذات الأغلبية المسلمة في الهند، جامو وكشمير، وذلك
بتشجيع الهندوس على الانتقال للعيش هناك. ولم تزل الولاية تئن تحت وطأة الاحتلال
العسكري منذ عقود، وذلك أن معظم الكشميريين لا يرغبون في البقاء جزءاً من الهند.
وفي آب/ أغسطس من عام 2019 أبطل رئيس الوزراء مودي الوضع التاريخي لكشمير كولاية
شبه مستقلة.
في نفس تلك السنة، استثنى قانون تعديل
الجنسية الذي سنه مودي اللاجئين المسلمين من حق الحصول على الجنسية. كتب أرونداتي
روي عن ذلك يقول إن مودي كان ينفذ "النسخة الهندية من قوانين نورمبيرغ
الألمانية لعام 1935، والتي حرمت اليهود وغيرهم من الأقليات من حقوق
الجنسية."
ما من شك في أن الهند في عهد مودي تسير
في طريق مظلم. فهذا رئيس حزب بي جيه بيه، أميت شاه، يشبه المهاجرين من بنغلاديش
بالنمل الأبيض، يحاكي بذلك ما كان يصدر عن النازيين بشأن اليهود في ثلاثينيات
القرن العشرين أو تلك اللغة التي استخدمت بحق التوتسي أثناء الإبادة الجماعية التي
وقعت في رواندا في عام 1994.
ومؤخراً حذر مدير "رقيب الإبادة
الجماعية"، غريغوري ستانتون، الكونغرس الأمريكي من أن ثمة مؤشرات وإجراءات
مبكرة على وقوع إبادة جماعية في ولاية آسام الهندية وفي ولاية كشمير الخاضعة
للإدارة الهندية. من الجدير بالذكر أن ستانتون، الذي كان قد حذر بشأن الإبادة
الجماعية في رواندا عام 1994 قبل وقوعها بثلاث سنين، أجرى مقارنات بين سياسات مودي
وما تعرض له مسلمو الروهينغيا في ميانمار من مذابح في عام 2017.
كما أن متحف ذكرى الهولوكوست في
الولايات المتحدة حذر رسمياً من أن الهند هي ثاني أكثر بلد من المحتمل أن تجرى
فيها عمليات قتل جماعية في عام 2022. يقابل ذلك كله بصمت تام من قبل الحكومة
البريطانية وجوقة الصحافة المرافقة لرئيسها.
خطر الإبادة الجماعية
من باب الإنصاف، بوريس جونسون يزور
الهند بهدف العودة إلى البلاد حاملاً معه صفقة تجارية ما، ولذلك فهو لا يملك أن يجازف
بخسارة هذه الجائزة الثمينة. كما أنه لا يمكننا منطقياً أن نتوقع من الحكومة
البريطانية حل جميع مشاكل العالم.
ومع ذلك، فإنه في أي مفاوضات من هذا النوع
تكون رفيعة المستوى، أظن أن من الإنصاف أن نتوقع من رئيس الوزراء البريطاني إثارة
موضوع القلق إزاء معاملة الهند للمسلمين، وتسليط الضوء على ذلك علانية والعودة
بتقرير لا يقدم فقط للبرلمان البريطاني بل وأيضاً للمجتمع الدولي.
وذلك لأن جونسون لا يملك ادعاء الجهل،
فعدوان مودي على المسلمين موثق بشكل جيد من قبل المنظمات الدولية المعنية. ولذلك
فإن بإمكاننا أن نكون على ثقة بأن المفوضية البريطانية العليا في دلهي، ومهما مارست من
صمت، لا بد أنها تعلم بكل ذلك. ويعلم به أيضاً الصحفيون البريطانيون الذين يعملون
هناك.
ولكن من باب الدفاع عن جونسون فلا بد من
التذكير بأن زعيم حزب العمال كير ستارمر لم يزل صامتاً هو الآخر. ولم يثر موضوع
التنكيل بالمسلمين في الهند عندما أتيحت له الفرصة يوم أمس في فقرة الأسئلة
الموجهة إلى رئيس الوزراء. والآن تلخيصاً للموضوع، فإن بوريس جونسون وطئ هذا الأسبوع
بقدمه الهند التي يحكمها الآن ناريندرا مودي. وهذه الهند يعيش فيها الآن 1.4 مليار
نسمة منهم 200 مليون مسلم. وهم الآن يواجهون خطر الإبادة الجماعية في عهد مودي.
ومع ذلك، فإننا لا نسمع كلمة واحدة لا من
جونسون ولا من ستارمر، زعيم المعارضة العمالية، ولا حتى من الصحافة السياسية في
بريطانيا.