صحافة إسرائيلية

قلق إسرائيلي من تعثر العلاقات مع تركيا بسبب أحداث القدس

حكومة بينيت-لابيد تقف على أرضية متزعزعة، ونتنياهو يتربص بفرصة- الأناضول
حكومة بينيت-لابيد تقف على أرضية متزعزعة، ونتنياهو يتربص بفرصة- الأناضول

أعربت أوساط إسرائيلية عن قلقها من تعثر العلاقات التركية بعد تحسن بسبب الأحداث الجارية في المسجد الأقصى والقدس، وحالة عدم الاستقرار التي تواجه حكومة بينيت.

 

وتراقب المحافل الدبلوماسية والسياسية الإسرائيلية الحراك الحاصل في المنطقة على خلفية التقارب بسبب اتفاقيات التطبيع ومشروع الغاز الإقليمي، ما دفع دولا أخرى في الشرق الأوسط، خاصة تركيا، إلى أن تدرك أنه من أجل الحفاظ على أهميتها في المنطقة، فهي قد تضطر لتغيير سياستها الخارجية تماما.


في الوقت ذاته، لا تخفي دولة الاحتلال أن تركيا تعمل جاهدة لتسخين العلاقات معها، بعد أكثر من عقد من الزمن، وكانت قد انتقدت بشدة السياسة الإسرائيلية على المسرح الدولي، من خلال الخطاب المعادي لإسرائيل من جانب كبار مسؤوليها، بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي اتخذ خطوات أثارت غضب كبار المسؤولين الإسرائيليين خلال السنوات الماضية قبيل خطوات المصالحة الأخيرة التي توجت بزيارة الرئيس يتسحاق هرتسوغ لأنقرة، بوصفها نقطة تحول في علاقاتهما.


ليزر بيرمان الكاتب في موقع "زمن إسرائيل"، ذكر في تقرير مطول ترجمته "عربي21" أن "أنقرة واصلت محاولاتها التودد لتل أبيب، حيث اصطحب مدير الاتصالات التركي 7 صحفيين إسرائيليين لسلسلة من الاجتماعات مع كبار المسؤولين وجولات في المواقع الشعبية في البلاد، وركزت الزيارة على الأماكن المقدسة في تركيا خاصة المعابد اليهودية التاريخية، ويبدو الأتراك حريصين على تعزيز صورة التسامح الديني، وجاءت هذه المبادرة بمعرفة ومباركة كاملة من أردوغان، وقد تم تمويل الإقامة في فندق خمس نجوم، ووجبات في المطاعم الفاخرة، ورحلة بالقارب بمضيق البوسفور".


وأضاف أن "التحول الحاد في موقف تركيا تجاه إسرائيل والقوى الإقليمية الأخرى مدفوع بالتغيرات العالمية والإقليمية المحيطة بأنقرة".

 

اقرأ أيضا: خبراء إسرائيليون: أردوغان لن "يغير جلده" رغم زيارة هرتسوغ
 

وتابع بأن "تركيا قررت اتخاذ مسار جديد في سياستها الخارجية، تضمن الوصول لليونان والاتحاد الأوروبي، وبالتالي فإن إسرائيل ليست الوحيدة التي تعمل على إعادة العلاقات معها، فهناك مصر والإمارات والسعودية، وباتت ترى الكثير من الفرص لإصلاح تلك العلاقة".

 

وأشار إلى أن "أحد مفاتيح مصالحة إسرائيل وتركيا، تتضافر مع تقاربها مع اليونان وقبرص ومصر وخصوم تركيا الأوروبيين للتعاون في قطاع الغاز الطبيعي في منتدى غاز البحر المتوسط، وفي التنقيب عن الغاز بطرق أخرى، بالتزامن مع الاتفاقيات التطبيعية بين إسرائيل والإمارات والبحرين والمغرب، كما أن تركيا بحاجة ماسة للاستثمار الأجنبي، عقب تقلصه بنحو 50% في السنوات الخمس الماضية، وانخفض معدل الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 38% خلال نفس الفترة".


أخذاً بالعوامل السابقة، تبدي المحافل الإسرائيلية تفاؤلها بأن مآلات المصالحة مع تركيا ستصل إلى تبادل السفراء، باعتبارها مسألة وقت فقط، ومع ذلك، فقد تسوء الأمور بينهما، لأن حكومة بينيت-لابيد تقف على أرضية متزعزعة، ونتنياهو يتربص بفرصة، رغم أنه أبدى استعداده للقاء أردوغان في منتصف الطريق لتحسين علاقاتهما. 

 

الخلاصة أنه من الصعب معرفة كيف سيتعامل أردوغان مع عودة نتنياهو المحتملة، أو عدم الاستقرار السياسي في إسرائيل، فضلا عن خطر التصعيد مع الفلسطينيين، وإمكانية نشوب مواجهة أوسع مع حماس في غزة بوصفه احتمالا دائما، حيث سيجد الأتراك صعوبة في التزام الصمت إذا تم بث صور الشهداء الفلسطينيين في جميع أنحاء العالم الإسلامي، الأمر الذي يعني أنه بعد عقود من الصعود والهبوط، فسوف تشهد العلاقات التركية الإسرائيلية مفترق طريق حاسم قريبا.


ويستذكر الإسرائيليون التطور الاستراتيجي للعلاقات مع تركيا خاصة حين تم تعزيزها في 1997 بعد الزيارة الأولى لرئيس الأركان التركي إليها، ورست السفن الحربية التركية في حيفا كجزء من التدريبات البحرية المنتظمة، وتدرب الطيارون الإسرائيليون في تركيا، ويبدو أنهم أقلعوا من قواعدها للقيام بمهام استطلاعية في سوريا، والعراق، وإيران، ولكن فور وصول حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان إلى السلطة في 2002، فقد بدأ الوضع يتغير قليلا.


لا ينسى الإسرائيليون كيف قاد أردوغان الانتقادات الدولية لإسرائيل بعد سياساتها العدوانية في غزة، بما في ذلك مناظرته الشهيرة ضد الرئيس شمعون بيريس خلال حلقة نقاش في منتدى دافوس يناير 2009، ثم انهارت العلاقات تمامًا في مايو 2010، عندما فتحت القوات الخاصة البحرية الإسرائيلية النار على أسطول سفن تركي حاول كسر حصار غزة، وقتل 10 نشطاء أتراك على متن السفينة مافي مرمرة، حيث أعادت أنقرة سفيرها، وطردت السفير الإسرائيلي، ووصلت العلاقات بينهما إلى نقطة منخفضة.


وبعد المخاوف المشتركة بشأن النفوذ الإيراني في سوريا، واهتمام تركيا بالغاز الطبيعي الموجود في فلسطين المحتلة، قامت أنقرة وتل أبيب بتسوية خلافاتهما رسميا في حزيران/ يونيو 2016، وتم تجديد العلاقات الدبلوماسية الكاملة، جنبا إلى جنب مع مبادرات أخرى، مثل المساعدات التركية خلال الحرائق الهائلة في "إسرائيل"، لكن المصالحة لم تدم طويلا، ففي أيار/ مايو 2018، أعادت تركيا سفيرها، وطلبت من السفير الإسرائيلي في أنقرة المغادرة، إثر احتجاجات عنيفة على حدود غزة استشهد خلالها عشرات الفلسطينيين خلال مسيرات العودة، ووصف أردوغان إسرائيل بـ"قاتلة الأطفال".

التعليقات (0)