ملفات وتقارير

لماذا فرض الأمن بمصر قيودا على جنازة وعزاء نقيب المحامين؟

لم يكن عطية معاديا للنظام بل كان من أشد الموالين للسيسي
لم يكن عطية معاديا للنظام بل كان من أشد الموالين للسيسي

حالة من الغضب تسود جموع المحامين في مصر بسبب قرارات أمنية حالت دون توديع نقيبهم الراحل ونقيب المحامين العرب رجائي عطية، الذي وافته المنية السبت، عن (84) عاما داخل قاعة محكمة جنوب الجيزة، في واقعة غير مسبوقة بتاريخ المحاكم المصرية.

وبقرار أمني، كشف عنه بيان نقابة المحامين الاثنين، رفضت السلطات المصرية رغبة المحامين بخروج جثمان عطية من مقر نقابة المحامين بشارع عبد الخالق ثروت بوسط العاصمة المصرية القاهرة إلى مقابر أسرته بمدينة السادس من أكتوبر، ما اعتبره المحامون إهانة لهم ولنقيبهم.

حالة الغضب التي انتابت المحامين تفاقمت بشدة بحسب البيان، إثر قرار أمني ثاني يرفض إقامة سرادق عزاء النقيب عطية في مسجد عمر مكرم قرب ميدان التحرير بالقاهرة، أو في مقر النقابة.

ورغم إيفاد رئاسة الجمهورية مندوبا لتقديم العزاء في لواء الجيش السابق والشخصية القانونية ذات التاريخ القضائي، مساء الاثنين، بمشاركة رموز مصرية كثيرة، إلا أنه أقيم في سرادق داخل إحدى الفلل بمحيط مسجد عمر مكرم، وليس بقاعة المسجد التراثي.

ووجه المحامون رسالة غاضبة خاطبوا فيها رئيس النظام عبدالفتاح السيسي، مطالبينه بـ"رد كرامة الرجل ورد كرامة المحامين على هذا الحدث"، الذي وصفوه بـ"الغريب".

المحامون قالوا في بيانهم: "كانت هناك رغبة عارمة من مجلس النقابة وجموع المحامين أن يخرج الجثمان من نقابة المحامين لكونه رمزا وقيمة للمحاماة والمحامين إلا أنها قد تدخلت بعض الأجهزة رافضة ذلك وبكل شدة".

وأشاروا إلى خضوع النقابة للتدخل الأمني، مؤكدين أنه "رغم أن هذا الموقف كان شديد القسوة على مجلس النقابة وجموع المحامين ومحبيه وتلاميذه إلا أن مجلس النقابة رأى أن يستجيب لذلك؛ حرصا على الوطن وعدم حدوث أي مشكلات".

ولفتت نقابة المحامين إلى أزمة أمنية ثانية بشأن العزاء، موضحة أنه "تم الإعلان عقب الدفن عن مراسم العزاء في مسجد عمر مكرم...، إلا أن نفس الجهة طلبت من مسؤول المسجد إغلاق القاعات، وأبلغوا المجلس أن القاعات مغلقة ولن تفتح مطلقا".

وأوضح بيان المحامين أنه جرى رفض حل طرحوه يقضي بإقامة سرادق العزاء بدار النقابة، معلنا أنه "تم رفض الطلب ولم يسمحوا بذلك، فقمنا بالاتصال بأعلى المستويات ولكن لا مجيب".

 

اقرأ أيضا: وفاة نقيب المحامين بمصر أثناء دفاعه عن زملائه بالمحكمة
 
"مواقف عطية"

وقبل نحو عامين، وفي 18 آذار/ مارس 2020، وبعد تأييد واسع من المحامين فاز المحامي رجائي عطية بمنصب نقيب المحامين الـ26 في تاريخ النقابة، مطيحا بمنافسه رجل الدولة القوي سامح عاشور، والذي ظل بالمنصب لمدة 12 عاما.

 

مراقبون انتقدوا موقف النظام العسكري الحاكم في مصر من جنازة وعزاء رجائي عطية، كونه قامة قانونية وفكرية ترك خلفه 102 من المؤلفات القانونية والدينية، وآلاف القضايا الهامة.

واستغرب نشطاء ومحامون من موقف النظام من عطية رغم خدماته السابقة، ودعمه لنظام السيسي، كونه من أشد المناوئين لجماعة الإخوان المسلمين.

وأشاروا إلى أن عطية، كان داعما لموقف نظام السيسي من اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، عام 2014.

 



ووسط حالة الغضب الشعبي من تنازل السيسي عن جزيرتي "تيران وصنافير" للرياض، وفي حزيران/ يونيو 2017، أعلن عطية، عن 30 نقطة يدعي بها أحقية السعودية للجزيرتين.

متحدثون لـ"عربي21"، قالوا إن "منع السلطات الأمنية المصرية خروج جنازة نقيب المحامين المصريين والعرب من مقر النقابة، ورفضها إقامة عزائه بمسجد عمر مكرم القريب من ميدان التحرير، أو حتى بمقر النقابة، يؤكد مدى مخاوف النظام من تجمع المحامين ضلع العدالة الثالث".

"خارج أجندته"

ويرى الباحث في السياسات التشريعية عباس قباري، أن "نظام الانقلاب يخشى من أي تجمع خارج أجندته، فالتجمعات المسموح بها هي فقط ما تختارها المؤسسات الأمنية وتتحكم أيضا في مخرجاتها ونتائجها".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد أن "النهج العسكري للحكم لا يعطي أي فرصة للمفاجآت التي قد تكون بمثابة شرارة جريئة تقدم نموذجا للاحتجاج؛ فلا فرق عنده بين مباراة كرة قدم أو جنازة شخصية مهمة".

وأوضح أن "احتمالية الخروج عن النص واردة، وهو ما يخشاه نظام فقد كل التعريفات الوطنية ومبررات الوجود السياسية حتى صار عبئا يتحين الجميع زواله ويتخوف هو من إتاحة أي فرصة لتحقيق ذلك".

"يخشى المحامين"

وفي رؤيته قال المحامي الحقوقي عمرو عبدالهادي: "بالطبع مخاوف النظام هنا حاضرة؛ فنقابة المحامين معروفة بنضالها منذ أيام الاستعمار، وقد تولى أمر نقابتها عظماء على مر التاريخ قبل تدجينها من قبل نظام 1952".

وأضاف بحديثه لـ"عربي21": "كانت المحامين، أكثر النقابات التي وُضعت تحت الحراسة في زمن الرئيس المخلوع حسني مبارك".

وأكد أنه "رغم ولاء رجائي عطية وسلفه سامح عاشور لنظام السيسي وتعيينهما بمباركة أمنية، إلا أن النظام يخاف المحامين، ولا ينسى أن ثاني مظاهرة خرجت في ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، انطلقت من سلم نقابة المحامين".

وتابع: "كما أن النظام يعيش حالة رعب بعد التدهور الاقتصادي وحالة الغضب الشعبي العارم تجاه السيسي، لذلك يخاف الأخير من أي تجمع قد يغري المصريين ويطمئنهم للخروج ضد حكم العسكر".

وختم بالقول: "النظام استوعب الدرس السابق وتأكد أن عظيم النيران من مستصغر الشرر".

 

التعليقات (3)
الصعيدي المصري
الأربعاء، 30-03-2022 10:54 ص
اقتباس.. ووسط حالة الغضب الشعبي من تنازل السيسي عن جزيرتي "تيران وصنافير" للرياض، وفي حزيران/ يونيو 2017، أعلن عطية، عن 30 نقطة يدعي بها أحقية السعودية للجزيرتين. انتهى الاقتباس.. السؤال هو .. اي قيمة قانونية او بتنجانية مهما كان اسم صاحبها او تاريخه .. طالما كان من مؤيدي نقل ملكية اراض مصرية الى دولة اخرى ... تعاطف غريب يسود بعض الزاعقين بحب الوطن رغم علمهم بأن المذكور كان من مؤيدي التنازل عن جزء من تراب الوطن فضلا عن دعمه ونفاقه وتطبيله وتعريضه للنظام السلطوي الانقلابي المجرم .. ومباركته في سفك دماء الابرياء وحرق جثثهم احياء واموات ..
فيصل
الأربعاء، 30-03-2022 09:38 ص
نقابة المحاميين صارت مطية يركبها العسكر لذلك لا قيمة لهذه النقابة ورئيسها عند نظام عسكري مخابراتي كان نقيب المحامين أحد سواعده لذلك لا حاجة للتذمر. النقابة سكتت عن تجاوزات النظام فسهل ذلك للنظام بالتجاوز عليها ايضا. اذا كان رئيس النقابة جاء بتزكية أمنية فقل لي كم ستزن هذه النقابة عند الأمن؛ طبعا لا وزن لها!
ابن الجبل
الأربعاء، 30-03-2022 08:55 ص
الدولة المصرية مصرة على عدم إظهار الاحترام والتقدير لمواطنيها المحترمين سواء كان ذلك اثناء حياتهم او بعد مماتهم.