هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شهد الجنيه المصري انخفاضا بأكثر من 15% مقابل الدولار الأمريكي، بعد قرار البنك المركزي المصري في الاجتماع الاستثنائي، الاثنين، رفع سعر الفائدة 100 نقطة دفعة واحدة.
وكانت لجنة السياسة النقدية للبنك، قد قررت في اجتماعها رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، بواقع 100 نقطة أساس، ليصل سعر عائد الإقراض لليلة واحدة عند 10.25%، وسعر عائد الإيداع لليلة واحدة عند 9.25%، كما رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس، ليصل إلى 9.75 بالمئة.
وقفز سعر الدولار عقب قرار المركزي إلى نحو 17.50 جنيه قبل أن يرتفع مرة تلو الأخرى، ويصل إلى 18.30 جنيه، وسط توقعات بتذبذب سعر الجنيه خلال الأيام القليلة الماضية، وفق خبراء ومحللين اقتصاديين.
وقبل أيام فقط، سجل متوسط سعر الدولار في مصر، وفق بيانات البنك المركزي المصري، نحو 15.66 جنيه للشراء، و15.77 جنيه للبيع، وبلغ متوسط سعر الدولار نحو 15.66 جنيه للشراء، و15.76 جنيه للبيع.
اضطراب في سوق الصرف
وتوقع متعاملون وتجار في السوق السوداء استمرار اضطراب سعر صرف العملات الأجنبية مقابل الجنيه، وقالوا لـ"عربي21": "هناك شبه توقف وتردد في السوق وعزوف عن البيع والشراء بسبب ضبابية المشهد، والكثيرون يفضلون التريث لحين استقرار سعر الصرف في البنوك الرسمية، التي لن تهدأ قبل الأسبوع القادم".
وأكدوا أن "السوق أصبحت مفتوحة، ولا سقف لسعر الدولار"، مشيرين إلى أن "البعض باع قرب 18.50 جنيه، والبعض الآخر باع قرب 19 جنيها".
وأضافوا: "قد يكون من الخطأ اتخاذ قرار البيع والشراء الآن لحين استقرار الأسعار في القطاع المصرفي، هناك حالة ترقب وحذر".
وفي محاولة لتقليل أثر الموجة التضخمية المقبلة، سارعت البنوك المحلية مثل البنك الأهلي المصري، وبنك مصر، بطرح شهادة ادخار جديدة مدتها عام بسعر فائدة سنوية يبلغ 18% بدلا من 10%، يصرف عائدها كل شهر.
وبرر البنك المركزي تلك الخطوة، في بيان، بالضغوط التضخمية العالمية التي تفاقمت بعد بوادر تعافي الاقتصاد العالمي من الاضطرابات الناجمة عن جائحة كورونا، وذلك بسبب تطورات الصراع الروسي؛ حيث ارتفعت المخاطر المتعلقة بالاقتصاد العالمي.
ويأتي على رأس تلك الضغوط الارتفاع الملحوظ في الأسعار العالمية للسلع الأساسية، واضطراب سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الشحن، إضافة إلى تقلبات الأسواق المالية في الدول الناشئة، وبلغ التضخم السنوي في مصر خلال شباط/ فبراير الماضي 10 في المئة.
وأكد مراقبون وخبراء لـ"عربي21"، أن تلك الخطوة تأتي مدفوعة بقرار الفيدرالي الأمريكي، رفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ أربعة أعوام بمقدار 25 نقطة أساس، وألمح إلى ارتفاعات مماثلة في كل من اجتماعاته الستة المتبقية خلال العام الحالي في الوقت الذي تواجه فيه أعلى مستويات التضخم في 40 عاما.
اقرأ أيضا: مديرة صندوق النقد الدولي: إنني أخشى على مصر
لماذا قدم المركزي موعد رفع الفائدة
وأشار الخبير الاقتصادي الدكتور إبراهيم نوار، إلى أن هذه الخطوة صحيح أنها استثنائية، لكنها كانت متوقعة، قائلا: "الاستعجال في قرار رفع الفائدة وتقديم الموعد الذي كان مقررا يوم 24 الشهر الجاري، يؤكد وقوع الحكومة المصرية تحت ضغط، لعل أهمها إنقاذ سندات الخزانة التي سوف تطرحها في ظل الحاجة الشديدة لتمويل الإنفاق".
وبشأن تداعيات تلك الخطوة، قال نوار لـ"عربي21": "سترتفع خدمة الدين الحكومي القائم، وسترتفع تكلفة الاقتراض مقابل أذون وسندات الخزانة، كما أتوقع حدوث موجة كبيرة من التضخم والغلاء ستستمر سواء في السلع المستوردة أو المنتجة محليا".
أما في ما يتعلق بتوقعاته بشأن حالة التذبذب في قيمة الجنيه، فأشار نوار إلى أن "الجنيه المصري يقع أيضا تحت ضغوط، ومن المرجح أن تستمر الضغوط حتى تتضح معالم الصورة تماما مع نهاية السنة الماضية والحالية وبداية السنة الجديدة".
وأطلقت الحكومة المصرية حزمة مساعدة مالية محدودة تطبق مطلع نيسان/ أبريل المقبل، إضافة إلى قرار إجباري بتحديد سعر بيع الخبز الحر، بما يشمل الخبز المميز، والخبز الفينو، وبإلزام المتاجر، والأفران السياحية كافة به، وغيرها من منافذ البيع، لمدة 3 أشهر، وتغليظ العقوبة على المخالفين.
حلول محدودة أمام الحكومة المصرية
بدوره، علق أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر سابقا، الدكتور أحمد ذكر الله، قائلا: "خفض الجنيه المصري كان متوقعا نتيجة عدة عوامل من بينها الإسراف في الاقتراض والإنفاق على مجموعة من المشروعات ليس لها مردود اقتصادي كبير، ما أثر على عجز الميزان التجاري بشكل حاد، إلى جانب تراجع حركة السياحة، وزيادة التزامات مصر الخارجية".
وأضاف لـ"عربي21": "خفض سعر الجنيه هو البداية في إطار متغيرات محلية وعالمية سوف تصنع ضغطا مستمرا على الجنيه، ولا ننسى دور الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة وتأكيده على مواصلة رفع الفائدة، وفي كل مرة قد نرى ضغوطا جديدة على الجنيه وانخفاضا جديدا".
ونوه ذكر الله، إلى أن "الارتفاع الكبير في أسعار النفط والقمح وكذلك ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأخرى، سيؤدي إلى الضغط على الاحتياطي المصري من النقد الأجنبي".
وأشار إلى أن "الدولة المصرية ليس أمامها الكثير من الحلول، فإما استخدام الاحتياطي النقدي واستمرار الاقتراض، أو اللجوء إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد"، لافتا إلى أن "قيمة الجنيه سوف تتوقف على المحادثات مع الصندوق".