هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رأى
مراقبون للشأن السوري، أن انشغال روسيا بحربها في أوكرانيا، يشكل فرصة سانحة
لإيران لتوسيع نفوذها العسكري والاقتصادي في سوريا.
وأشار
المراقبون إلى أن الزيارات المتبادلة الأخيرة التي جرت بين النظام السوري وإيران،
وإن كان من ضمن أهدافها البحث في سبل تحييد الملف السوري عن تداعيات ما يجري في
أوكرانيا، فإنها تهدف بالمقام الأول إلى خدمة هدف طهران المتمثل بتقوية وجودها في
سوريا.
والأسبوع
الماضي، استقبلت إيران رئيس مكتب الأمن الوطني التابع للنظام اللواء علي مملوك،
وأرسلت إلى دمشق أصغر حاجي، كبير مساعدي وزير خارجيتها، وكذلك فالح الفياض، رئيس
"الحشد الشعبي" العراقي.
ووفق
مراقبين، فإن اهتمام روسيا بالملف السوري بات في حدوده الدنيا، ما يجعل الفرصة
مواتية لإيران لملء الفراغ، وهي التي عانت سابقا من المحددات الروسية على دورها في
سوريا.
واعتبر
الباحث المختص بالشأن الإيراني، ضياء قدور، أن إيران التي تراقب الأحداث في
أوكرانيا، تفكر حاليا باستغلال آثارها على الصعيدين الدولي والإقليمي.
وأوضح
لـ"عربي21"، أنه على المستوى الدولي، تسعى إيران مع اقتراب توقيع اتفاق
إحياء برنامجها النووي في فيينا، إلى أن تعوض صادراتها من النفط والغاز النقص في
الأسواق الدولية الذي سببته الحرب في أوكرانيا.
ولفت
إلى ما يتم تداوله في وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الإيرانية عن فرصة تلوح بالأفق
في موضوع النفط، معتبرا أن من شأن زيادة إيران لصادراتها، دعم التوجه السياسي
الخارجي لإيران، وسوريا في المقدمة.
ورجحت
عواصم غربية أن يطول أمد الحرب في أوكرانيا، وهو ما يجعلها مكلفة للجانبين (روسيا،
أوكرانيا).
واستنادا
إلى ذلك، قال قدور إن استمرار المعارك في أوكرانيا، يؤدي إلى تراجع الوجود الروسي
في سوريا، وهو ما ستسعى إيران إلى استغلاله، حيث تخطط طهران لأن توسع استثمارها
الاقتصادي في سوريا، حتى يكون بديلا عن استثمار روسيا المشغولة كذلك بمواجهة
التداعيات الاقتصادية للحرب في أوكرانيا.
واتفق
مع قدور، الكاتب المهتم بالشأن الإيراني عمار جلو، الذي أكد أن إيران تعد من
الدول ذات الخبرة الكبيرة في استغلال الأزمات لصالحها.
وقال
لـ"عربي21": "في الفترة الأخيرة ظهرت مواقف تؤشر إلى تباين المصالح
بين روسيا وإيران في سوريا، وهو ما ظهر واضحاً في ميناء اللاذقية، حيث بسطت موسكو
سيطرتها عليه بالكامل، وهذا ما أضر بمصالح إيران التي تخطط كذلك إلى إيجاد موطئ
قدم لها على البحر المتوسط".
اقرأ أيضا: مصادر: روسيا تجند سوريين للقتال بأوكرانيا بمساعدة النظام
روسيا
أكثر تساهلا مع إيران
لكن،
ومن وجهة نظر جلو، فستكون موسكو أكثر تساهلا مع إيران في سوريا، بعد اشتعال الحرب
في أوكرانيا، لأن أصدقاء روسيا قلة اليوم، ومنهم إيران.
وأضاف:
"هذا ما تنتظره طهران تماما، وقلنا سابقاً إن إيران هي خير من يحسن استغلال
الفرص".
وتابع:
"بالتالي فإن من المنتظر أن تعزز إيران قواتها العسكرية في سوريا، في دمشق
والجنوب السوري ودير الزور، ومن ثم يأتي دور توسيع النفوذ الاقتصادي".
وأشار
إلى أن ما يحدد درجة ذلك، هو نجاح المفاوضات على إحياء الاتفاق النووي مع إيران، معتبرا
أنه "في حال تم التوصل إلى الاتفاق، ويبدو أنه الآن في مراحله الأخيرة، فإن
إيران ستبتعد أكثر عن روسيا، وقد نشهد توترا بينهما وخصوصا في سوريا".
واستدرك
بقوله: "لكن لن يصل التوتر إلى التصادم، لأنه ليس في مصلحة
الجانبين".
وفي
السياق ذاته، لاحظ مركز "جسور للدراسات" أن إيران بدأت مؤخرا باتخاذ
مجموعة من الأنشطة السياسية والعسكرية والاقتصادية والأمنية بالتنسيق مع النظام
السوري، وهي بمثابة مؤشرات على إعادة التموضع في سوريا، لا سيما أنها تتزامن مع
اندلاع الصراع في أوكرانيا وتحقيق تقدُّم في المفاوضات حول البرنامج النووي
الايراني.
وأكد
المركز في تقرير رصدته "عربي21" أن إيران وسعت عمليات نقل الأسلحة
ومنظومات الاستطلاع والدفاع الجوي والطيران المسيّر من العراق إلى سوريا ولبنان
خلال شباط/ فبراير 2022.
وأشار
"جسور" إلى أن "استمرار الصراع في أوكرانيا قد يؤدي إلى تراجع
اهتمام روسيا بالقضية السورية، وبالتالي، فإن إيران لن تُفوت هذه الفرصة لتعزيز وتوسيع
نفوذها في قطاعات مختلفة مستفيدة من حاجة النظام للحصول على المساعدة والدعم، لا
سيما في حال توقيع الاتفاق النووي بين إيران والغرب وما قد يترتب عليه من تخفيف
للقيود الاقتصادية عنها".