هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نائب رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية المغربي، عبد العلي حامي الدين لـ"عربي21":
نستهدف إطلاق مسار جديد لإعادة بناء الحزب بعد نكسة الانتخابات الأخيرة
الخطوات الأولى لحكومة "أخنوش" حملت رسائل سياسية سلبية جدا
العاهل محمد السادس سيدعو لانتخابات جديدة إذا استمر فشل الحكومة
موقفنا ثابت من "الملكية" ونرفض إقحامها في الصراعات السياسية
قال نائب رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية المغربي، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة محمد الخامس، عبد العلي حامي الدين؛ إن "الملك محمد السادس سيدعو إلى انتخابات جديدة بعد مهلة معقولة (لم يحددها)، إذا تبين بالملموس استمرار فشل الحكومة الحالية في الوفاء بالوعود الغليظة للأحزاب المُشكّلة لها، والتزامها الملموس بتطبيق البرنامج الحكومي".
وأكد، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "الخطوات الأولى التي أقدمت عليها حكومة أخنوش، حملت رسائل سياسية سلبية جدا"، لافتا إلى أن الاحتجاجات التي تشهدها عدة مدن مغربية "لها ما يبررها، ونحن نتعاطف مع جميع التعبيرات الشعبية العفوية التي جاءت على إثر القرارات الحكومية المتهورة".
وأضاف: "نحن قلقون جدا من الوضعية العامة بالبلاد خصوصا مع استحضار المخرجات الهشة للانتخابات الأخيرة التي لا تعكس الأوزان السياسية الحقيقية للأحزاب، وكشفت بالملموس أن الأحزاب المُشكّلة للحكومة تفتقر لقاعدة شعبية حقيقية مساندة لها، وهو ما أدى لتنامي الغضب ضد الحكومة ومطالبة رئيسها بالرحيل، رغم أنه لم يمر إلا خمسة أشهر على تنصيبها".
وأوضح "حامي الدين" أن "حزبهم مر بامتحانات عديدة، ومطبات كبيرة، منذ انخراطه في الحياة السياسية الوطنية، لكنه صبر وصمد واستطاع بفضل الله، ثم بوحدته وتشبثه بمرجعيته ومبادئه ومؤسساته أن يتجاوز وينبعث في كل مرة، وإذا حقق هذه الشروط مرة أخرى، فإن مكانته السياسية في البلاد ستظل محفوظة".
أما عن موقفهم من دعوات البعض بأن تكون "ملكية برلمانية" في المغرب على غرار الملكية الإسبانية أو الهولندية أو البريطانية، أضاف: "نحن موقفنا ثابت وواضح من الملكية، ولا يخضع للمزايدة أو المساومة، ونحن نرفض إقحام المؤسسة الملكية والزج بها في الصراعات الحزبية، ونعتقد أنها تتطور بتطور المسار الديمقراطي وبتطور مستوى النضج لدى نخبه".
وأشار نائب رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، إلى أن "المآل الطبيعي والعادي أن المغرب يتجه نحو ملكية ديمقراطية برلمانية متناسبة مع السياق المغربي".
وتاليا نص المقابلة مع "عربي21":
ما أهم النتائج التي خلصت إليها الدورة الجديدة للمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية؟
هذه الدورة انعقدت بعد ثلاثة أشهر ونصف على انعقاد المؤتمر الوطني الاستثنائي للحزب نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وهو ما يجعلها دورة ذات طابع استثنائي رغم أنها دورة عادية، باعتبارها تندرج في إطار مسار جديد لإعادة بناء الحزب وتعبئته بعد نكسة انتخابات 8 أيلول/ سبتمبر 2021.
وقد انعقدت أيضا في ظل الانشغال العميق لأعضاء الحزب بوضعية البلاد الاقتصادية والاجتماعية وانتظارات الشعب المغربي ومطالبه المشروعة في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم، وهو ما عكسه النقاش السياسي الصريح والمسؤول لأعضاء المجلس، وأيضا التقرير السياسي للأمين العام للحزب الأستاذ عبد الإله بنكيران، وهو ما تابعه الرأي العام وترك صدى إعلاميا واسعا.
كما صادق المجلس الوطني خلال هذه الدورة على برنامج عمل الحزب وميزانيته برسم سنة 2022، وانتخب بعض المسؤولين في المناصب الشاغرة داخل هيئات الحزب، كما صادق المجلس على بيان سياسي مهم، ضمنه مختلف المواقف المناسبة خلال هذه المرحلة.
كيف ترى وجود وفاعلية حزب العدالة والتنمية في المشهد المغربي اليوم عقب الانتخابات والتطورات الأخيرة التي شهدتها البلاد؟
أولا حزب العدالة والتنمية راكم حصيلة مشرفة خلال عشر سنوات من العمل الحكومي والبرلماني والجماعي، وذلك في إطار ما توفر له من سلطات واختصاصات ليست بالكبيرة، وفي إطار الأغلبية التي كان يشتغل ضمنها، حيث ساهم الحزب في صيانة استقرار الوطن، وساهم في إنجاز إصلاحات هيكلية كبرى أنقذت المالية العمومية من الانهيار، وحالت دون تعريض بلادنا لخطر برنامج تقويم هيكلي جديد، وأعاد الاعتبار للبُعد الاجتماعي في السياسات العمومية، من خلال دعم الفقراء والعناية بالفئات الاجتماعية الهشة وبالمناطق المهمشة، بالإضافة إلى المنسوب العالي من النزاهة والشفافية والجدية والعمل المتواصل لمنتخبي الحزب في خدمة المواطنين والمواطنات.
ولذلك، فإن نتائج الانتخابات الأخيرة لم تكن مُعبّرة عن حقيقة المجهودات التي قام بها حزب العدالة والتنمية، ولذا فهو مؤمن بدوره ومكانته السياسية الذي لا يعكسها وزنه الانتخابي الذي تم وضعه فيه، وسيبقى من الأحزاب الكبيرة والمؤثرة في الحياة السياسية المغربية.
كيف تأثرتم بحملات الشيطنة التي تعرضتم لها خلال الفترة الماضية؟ ومَن كان يقف وراء تلك الحملات برأيكم؟
في الواقع حزب العدالة والتنمية كان دائما موضوع شيطنة وتشويش منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي، وازداد هذا الاستهداف بعد النجاحات الانتخابية المتتالية التي حققها الحزب منذ عام 2002، وهو ما مكنه من احتلال موقع الصدارة داخل الحياة السياسية المغربية منذ عام 2011، وقد نجح الحزب في مواجهة هذا الاستهداف، ووقف في وجه كل محاولات التحكم، واستطاع باقتدار أن يساهم في تعزيز مسار الإصلاح والاستقرار ببلادنا، وترأس الحكومة لولايتين متتالتين كاملتين بشكل استثنائي في التاريخ السياسي المغربي، وتجاوز عتبة 100 برلماني خلال اقتراعين تشريعيين متتاليين، كما قاد غالبية المدن الكبرى والأساسية بالبلاد، وهو ما يعتبر تجربة فريدة وناجحة في المغرب، وأيضا في العالم العربي بالنسبة لحزب ينطلق من المرجعية الإسلامية.
لكن الحملات التي استهدفت الحزب قبل الانتخابات البلدية والتشريعية الأخيرة ليوم 8 أيلول/ سبتمبر 2021 والتي وُضع فيها الحزب في المرتبة 8 بـ 13 مقعدا في مجلس النواب، كانت مختلفة من جهتين: أولا، إصرار جهات متحكمة على وضع حد للمشاركة الحكومية لحزب العدالة والتنمية. ثانيا، وضع داخلي للحزب مطبوع بالاختلاف في وجهات النظر منذ تعثر تشكيل الحكومة برئاسة الأمين العام السابق للحزب عبد الإله بنكيران، وذلك في أعقاب ما سمي بالبلوكاج blocage (انسداد تشكيل الحكومة) وقبول الحزب بالمشاركة في الحكومة، إلى جانب أطراف سياسية كانت جزءا من هذا "البلوكاج"، مما خلّف وضعا داخليا فيه الكثير من الاختلاف، بالإضافة إلى الإنهاك المترتب عن 10 سنوات من التدبير الحكومي، وأيضا ضمور وضعف حس المقاومة والتدافع السياسي المعتاد من طرف قيادة الحزب في مثل هذه المحطات.
لكن مع ذلك، أنا أعتقد بأن الحزب مر بامتحانات عديدة ومطبات كبيرة منذ انخراطه في الحياة السياسية الوطنية، لكنه صبر وصمد واستطاع بفضل الله، ثم بوحدته وتشبثه بمرجعيته ومبادئه ومؤسساته أن يتجاوز وينبعث في كل مرة، وإذا حقق هذه الشروط مرة أخرى، فإن مكانته السياسية في البلاد ستظل محفوظة.
ما هي أبرز الأخطاء التي وقع فيها "العدالة والتنمية" وهل هناك مراجعات داخلية قام بها مؤخرا؟
نحن نتحمل بطبيعة الحال جزءا من المسؤولية مما حصل، وقد تحملت الأمانة العامة السابقة مسؤوليتها وقدمت استقالتها، وعقدنا مؤتمرا استثنائيا وقدمنا درسا جديدا وفريدا في معالجة المحطات الصعبة التي يمر بها حزبنا بطريقة مؤسساتية وديمقراطية وأخوية، وقررنا طي صفحة تلك المرحلة وتجاوزها والتوجه إلى المستقبل، دون أن يعني ذلك عدم القيام بالنقد الذاتي اللازم واستخلاص العبر الضرورية، بما يضمن نجاح انطلاقة الحزب واستمرار أدائه الإصلاحي، ومن القواعد التي نؤمن بها أن السياسة في التصور الإسلامي ليست هي تمجيد الذات وتنزيهها عن الأخطاء، وإنما هي سعي مستمر لتطوير الذات وتصحيح أخطائها، واعتبار أن كل ما يصيبنا من نتائج سلبية فهو من أنفسنا ومما كسبت أيدينا، ولذلك نحن اليوم نعمل على رصد أخطائنا والاعتراف بها، والعمل على تصحيحها بالوضوح اللازم.
ما هي أبرز الأخطاء التي وقع فيها "العدالة والتنمية في نظرك؟
دون الرجوع إلى ما حصل بعد ما سمي بالبلوكاج (انسداد تشكيل الحكومة)، من المؤكد أن صفنا الداخلي اعترته مجموعة من الأخطاء وسقط أعضاؤنا في عدد من التجاوزات ينبغي العمل على تصحيحها، كما أن أداءنا السياسي ومواقفنا السياسية تضمنت بعض الأخطاء التي ينبغي الاعتراف بها بكل شجاعة، والعمل على تصحيحها وتجاوزها بكل وضوح ومسؤولية؛ فهناك مواقف اتخذناها وأدينا ثمنها غاليا، ولاسيما المتعلقة بتوقيع الاتفاق الثلاثي أو المتعلقة بتقنين القنب الهندي، أو بالطريقة التي جرى بها تدبير المعركة الانتخابية منذ مناقشة القوانين الانتخابية إلى يوم الاقتراع، مرورا بتدبير عملية الترشيحات التي تراجعت في الدوائر المتعلقة بنمط الاقتراع الفردي بحوالي 8750 ترشيحا، وهو ما يعني التراجع بحوالي 70ّ% عن ترشيحات عام 2015، وما يعنيه ذلك من تأثير مباشر على الانتخابات التشريعية، خصوصا أن الانتخابات جرى تنظيمها في يوم واحد، بالإضافة إلى التكرارات والتشطيبات التي لم يتعامل معها حزبنا بالحزم اللازم.
ولذلك، لا بد أن ننظر في أنفسنا، وأن نراجع ذواتنا بشكل فردي وجماعي، ما دمنا نملك زمام أنفسنا، أما الآخرون فلا نملك خياراتهم، وقد اعتادوا على سلوك مجموعة من الممارسات التي تمس بالعملية الانتخابية؛ فالاستخدام المكثف للمال ليس جديدا، والضغط على مرشحينا ليس جديدا، والحياد السلبي للإدارة ليس جديدا، أما رفض تسليم المحاضر، فقد كان تتويجا لمسار من التجاوزات التي لم يتم التصدي لها في وقتها المناسب.
ولهذا، فإننا معنيون في المرحلة القادمة بالنضال من أجل تحسين الشروط السياسية والقانونية والتنظيمية التي تجرى فيها العملية الانتخابية، وهو ما تستحضره الأمانة العامة في جدول أعمالها النضالي بحول الله.
ما أبرز ملامح خطتكم للنهوض بـ "العدالة والتنمية" من جديد؟
لقد أطلقت قيادة الحزب عملية انتخاب هياكل الحزب من خلال تنظيم المؤتمرات المجالية، ودعت جميع مناضلي الحزب إلى العمل على إنجاح هذه المحطات وجعلها مناسبة لإطلاق دينامية تنظيمية وتواصلية بين عموم أعضاء الحزب ومناضليه من جهة، ومع عموم المواطنين والمتعاطفين معه من جهة أخرى، كما دعت كل المناضلين والمناضلات إلى التبرع لفائدة مالية الحزب تجسيدا لمعاني البذل والعطاء، ودعما للاستقلالية المالية للحزب وضمان استدامة عمله، خصوصا أن النتائج الأخيرة أثرت كثيرا على مالية الحزب، من جهة أخرى ستطلق الأمانة العامة أوراشا مهمة لتجديد أوراق الحزب ووثائقه التصورية، سواء منها ما يتعلق بأطروحته السياسية أو ما يتعلق بمراجعة لوائحه التنظيمية.
كيف تنظرون للدور الذي يقوم به السيد عبد الإله بن كيران في محاولة النهوض بالحزب بعدما عاد إلى دفة القيادة؟
لقد تم انتخاب الأخ عبد الإله بنكيران من طرف أعضاء المؤتمر الوطني الاستثنائي بأغلبية معبرة: 81%، وهو ما يبرز المشروعية الكبيرة التي يتوفر عليها، والمكانة التي يحتلها الأستاذ بنكيران في وعي المناضلين وحجم الآمال المعلقة عليه، وأعتقد بأن الأخ بنكيران يعي جيدا إلى جانب أعضاء الأمانة العامة المنتخبين في المجلس الوطني طبيعة المهام المُلقاة على عاتقهم خلال هذه المرحلة الصعبة وغير المسبوقة في تاريخ الحزب، وسيقومون بما ينبغي القيام به خلال هذه المرحلة.
لماذا لم يتم تحديد موعد المؤتمر الوطني العادي للحزب؟
بالفعل، بعدما قدمت الأمانة العامة استقالتها الجماعية، اضطر الحزب إلى تنظيم مؤتمر وطني استثنائي وتأجيل موعد تنظيم المؤتمر الوطني العادي إلى تاريخ غير محدد، وذلك بعدما صوّت المؤتمر على رفض مشروع قرار يقضي بتأجيل المؤتمر الوطني العادي لسنة واحدة، وهو ما يعني أن الأمانة العامة الحالية مسؤولة عن وضع مشروع قرار جديد لتحديد تاريخ المؤتمر الوطني العادي للحزب، وهو ما تشتغل على توفير شروطه التنظيمية والسياسية حاليا، لأن المؤتمر هو تتويج لعمل سابق ينبغي القيام به. وطبعا فإن المقتضيات القانونية الجاري بها العمل، تنص على أن هيئات الحزب تستمر في ممارسة صلاحياتها إلى حين اختيار الهيئات التي تخلفها.
ما تقييمكم للأشهر الخمسة الأولى تقريبا من عمر حكومة "أخنوش"؟
الخطوات الأولى التي أقدمت عليها هذه الحكومة حملت رسائل سياسية سلبية جدا مثل سحب قوانين مفصلية في مكافحة الفساد والريع والامتيازات مثل مشروع القانون الجنائي الذي يتضمن تجريم الإثراء غير المشروع والقانون المتعلق بالاحتلال المؤقت للملك العمومي والقانون المتعلق بالمناجم، وسحبها أيضا لقانون التغطية الصحية للوالدين.
ولذلك، فنحن قلقون جدا من الوضعية العامة بالبلاد، خصوصا مع استحضار المخرجات الهشة للانتخابات الأخيرة التي لا تعكس الأوزان السياسية الحقيقية للأحزاب، وكشفت بالملموس أن الأحزاب المشكلة للحكومة تفتقر لقاعدة شعبية حقيقية مساندة لها، وتعاني في تركيبتها من تضخم التكنوقراط بينما تفتقر للسياسيين الذين يتحملون المسؤولية أمام الشعب، ويتفاعلون مع مطالبه بالتواصل السياسي المطلوب، وهو ما أدى لتنامي الغضب ضد الحكومة ومطالبة رئيسها بالرحيل، رغم أنه لم يمر إلا خمسة أشهر على تنصيبها.
ما موقفكم من الاحتجاجات التي تشهدها عدة مدن مغربية رفضا لارتفاع الأسعار؟
نحن نعتبر بأن هذه الاحتجاجات لها ما يبررها، ولذلك لا يمكن للحزب إلا أن يتعاطف مع جميع التعبيرات الشعبية العفوية التي جاءت على إثر القرارات الحكومية المتهورة؛ مثل فرض ما يسمى بالجواز الصحي خارج القانون والدستور، وتسقيف سن الولوج لمباريات التعليم في 30 سنة، وعدم القيام بالإجراءات الضرورية للحد من ارتفاع أسعار بعض المواد الأساسية.
هل من المحتمل أن يدعو العاهل محمد السادس إلى انتخابات جديدة حال تأزم الأوضاع وفشل الحكومة؟
نحن نعتقد بأنه بعد مهلة معقولة، إذا تبين بالملموس استمرار فشل الحكومة في الوفاء بالوعود الغليظة للأحزاب المُشكّلة لها والتزامها الملموس بتطبيق البرنامج الحكومي، فإن الجواب الدستوري الصحيح هو الدعوة لانتخابات جديدة، وهذا من اختصاص الملك بطبيعة الحال.
ما موقفكم من دعوات البعض بأن تكون "ملكية برلمانية" في المغرب على غرار الملكية الإسبانية أو الهولندية أو البريطانية؟
لا بد أن نذكر أولا بأن موقفنا ثابت وواضح من الملكية ولا يخضع للمزايدة أو المساومة؛ فهو موقف مبدئي قبل أن يكون سياسيا، ولهذا نحن نرفض إقحام المؤسسة الملكية والزج بها في الصراعات الحزبية والسياسية، وأنا أعتقد بأن المؤسسة الملكية تتطور بتطور المسار الديمقراطي المغربي وبتطور المجتمع ومستوى النضج لدى نخبه، ولذلك فإن المآل الطبيعي والعادي، أن المغرب يتجه نحو ملكية ديمقراطية برلمانية متناسبة مع السياق المغربي، حيث تحتفظ بالأدوار الموكولة لها بموجب الدستور الذي يعتبر أسمى وثيقة قانونية تعاقدية في البلاد، والتي تجعل الملك رمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، بما يحفظ الاستقرار ويثبت الأدوار المهمة المرتبطة بالملك، باعتباره أميرا للمؤمنين بما يحافظ على الهوية الدينية للأمة، ويضمن انسجام التشريعات والقوانين مع الإسلام، وهو ما أكده الملك محمد السادس في خطاب تاريخي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة الثانية من الولاية التشريعية السابعة يوم 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2003، بقوله: "لا يمكنني بصفتي أميرا للمؤمنين أن أحل ما حرم الله وأحرم ما أحله".