مقالات مختارة

كيف أضرت انتهازية إبراهيم عيسى بقضية العلمانية.. وحرية الرأي

حافظ الميرازي
1300x600
1300x600

العلمانية ببساطة قد يمارسها الجار المصري المسلم البسيط دون قصد، وهو يهنئ جاره المسيحي بعيده، ولايوبخه أو يشكك في عقيدته أو صليبه أو حتى يناقشه فيها.


أو وهو يتحدث بكل ذوق مع مدرسة أولاده المسلمة، وهي غير محجبة دون أن يسألها لم لا تغطين رأسك مثل زوجتي أو بناتي؟ 


أو حين يرى زميله في العمل يفطر في رمضان أو لا يذهب معه للصلاة في موعدها، دون أن يسأله السبب أو يشكك في عقيدته وإيمانه!


لسان حال هؤلاء: لكم دينكم ولي دين، لغير المسلم؛ وربنا يهديهم وهو أعلم بظروف عباده، وهو يلتمس الأعذار لأخيه أو أخته في الدين.


العلمانية هنا تتمثل في احترام عقائد الناس وممارستهم لها أو عدمها، والتركيز على المشترك في الحياة العامة مع الآخرين وليس إثارة "المختلف عليه".. أي دون تدخل في حياة الناس الشخصية ودون تسفيه لمعتقداتهم، سواء شملت هذه المعتقدات للمسلم أنه يؤمن بالمعراج كما يؤمن بالإسراء، أو أن هناك خلافا بين المفسرين بشأنها، فليس هذا شأن طبيب أو مهندس أو إعلامي.


ربما يمكنني قبوله لو كان نقاشا في حلقة لرجل دين دارس ومتخصص سواء كان أزهريا أو غير أزهري، مع العلم أن رجل الدين المتزن لن يجد من الحكمة أو المفيد للناس مناقشة تلك القضايا التاريخية الخلافية، بينما لدى جمهوره من المشاهدين عشرات الأسئلة المتعلقة بأحكام الدين في حياتهم اليومية.. وهو حين يهمل تلك الأمور لا يخفي شيئا أو سرا عن المؤمنين!


من ثم، لم يسبق للمسلم المصري البسيط أن وبخ إبراهيم عيسى أو سأله عما إذا كان يصلي أو يصوم أو يحجّب زوجته أو بناته؛ لأنه لم يقدم لهم نفسه من قبل كرجل دين واعظ يوبخهم في معتقداتهم أو يحاول أن "يصحح" ممارساتهم الدينية، بل باعتباره صحفيا كان معارضا وأصبح مؤيدا ومطبلا.. وتخصصه من ثم في السياسة والاقتصاد والشأن العام، بل وحتى التحكيم كناقد فني في مهرجان سينيمائي بأسوان أو الجونة، لا بأس.

 

لكن، حين يقرر "الصحفي" إبراهيم عيسى أن يخرج من مناقشة القضايا الدنيوية، الـsecular وهي تعني العلمانية، ليقحم نفسه في الدين، وينصح الناس ألا يسمعوا لرجال الدين، ولا حاجة لهم بهم (مع أن التخصص أمر حداثي يجب تشجيعه)، وبأنهم يخفون عنهم حقيقة دينهم، لكي ينصّب هو نفسه داعية ومصلحا دينيا، مستندا إلى وجود رخصة سياسية له من رئيس الدولة بـ"إصلاح الخطاب الديني"، مع تهميش مؤسسة الأزهر لاستقلالها عن التوجه السياسي. فهل هذه ممارسة لحرية رأي أو علمانية، بترك ما لقيصر لقيصر وما لله لله، أم انتهازية سياسية، حين لا تجرؤ أن تقول كلمة تغضب القيصر، فتجد في دين وعباد الله (سبحانه وتعالى) حيطتك المايلة للاستئساد وادعاء الشجاعة في إبداء حرية الرأي، لأنك ضامن أنك محصن من الأمن والقضاء، بحصانة قيصرية في قناة مصرية تحت الوصاية الأمنية!


وحين تمارس الجشع نفسه و"التكويش" بالخروج عن القضايا الدنيوية والسياسية لتناقش الدين بكل انتهازية سياسية في قناة خارج مصر تمولها الحكومة الأمريكية، وذلك حين قرر صديق مصر والإمارات السابق في واشنطن، دونالد ترامب أن يعادي المسلمين ويرفع شعار "منعهم من دخول أمريكا" في حملته الانتخابية للوصول إلى الرئاسة، وبعد أشهر من توليه السلطة، يتعاقد معك المدير الذي عينه بقناة الحرة لتقدم براتب دولاري مجز، وأنت صحفي سياسي، برنامجا عن الدين الإسلامي والقضايا الخلافية فيه باسم "مختلف عليه".

 

فهل كان هذا ممارسة للعلمانية وحرية الرأي، أم تنفيذا لأجندة سياسية غبية، تعتقد أن مشكلة الإسلام السياسي الرافض للواقع هو في الكتابات الدينية، وليس في الظلم الواقع بمجتمعاته، ولإحساس أتباعه الناشطين بأن النخبة المثقفة العلمانية لم تعد قريبة للمواطن البسيط، وباع كثيرون منهم ضمائرهم لمتاع "دنيوي"secular!

 

لقد انتقدني كثيرون حين دافعت عن حرية الرأي ورفض المطالبات بحبس إبراهيم عيسى لما قاله، رغم قناعتي بانتهازيته، ولن أغير مبدأ ضرورة الرد على الكلمة بالكلمة وليس بالحبس أو الرصاص أو خطاب الكراهية، فليس هكذا نبني الأوطان، ونقدم نحن القدوة الأحسن ونعرض عن الجاهلين، ونقدم المعلومة حتى لو منعوها في الإعلام الموجّه.


أخيرا، فجعتني سرعة تحول إبراهيم من أسد إلى نعامة، بسبب رد الفعل الساخط عليه الذي لم يتوقعه رعاته سياسيا واقتصاديا، فإذا به يتراجع  عما قال، وينفي في برنامجه بقناة القاهرة والناس ما قاله حرفيا ليس فقط في قناة الحرة قبل عامين، بل وفي القاهرة والناس قبل أيام في الحلقة السابقة، بإعادة صياغة ما قال مشككا في ذاكرة الناس، واصفا إياهم بمرضى يحتاجون طبيبا، دون أن يعيد بث الدقيقة التي قالها وأثارت الضجة ليؤكد، "الحاج إبراهيم" كما يسمي نفسه الآن، ما يزعم أنه فُهم خطأ!


والأنكى أنه يعتذر لقريته فقط، لأن الناس قالوا لإخوته: أخوكم كافر.. دون أن يسأل نفسه هل لو ناقش السياسة والدنيا دون الدين كصحفي، هل كان الناس البسطاء بقريته سيحكمون على دينه، أم  لتشكيكه هو في دينهم ومعتقداتهم فاتهموه بالكفر؟!


أما أكثر ما ندم عليه للأسف، كما قال؛ إن غضبة الناس حرمته وزوجته من الفسحة في مدينة أسوان كرئيس تحكيم مهرجانها السينيمائي!

 

أرجوكم ..

 

لا تخلطوا بين العلمانية وحرية الرأي، وبين الانتهازية والاستئساد على الناس، اعتقادا بأنك تحتمي بالحكام وأجندتهم في القاهرة أو واشنطن!


العلمانيون وأحرار الرأي براء من هؤلاء!

 

(عن صفحته في فيسبوك)

التعليقات (3)
الكاتب المقدام
السبت، 26-02-2022 11:20 ص
*** معتنقوا دين العلمانية وعقائدها كالميرازي كاتب المقال، لا يملون من التدليس على المسلمين بالدعوى الكاذبة بأنهم مؤيدون للحريات الفردية والقيم الإنسانية والديمقراطية، وهم يجاهدون من أجل عزل الأديان داخل الصوامع واستئصال أي دور لها في شئون المجتمعات والشعوب، وتهميش دور الدين والمتدينين في كل شئون المجتمع والسياسة والاقتصاد والحكم، ليتمكن الملحدون وحدهم من أن يصولوا ويجولوا في وسائل الإعلام للسيطرة على عقول الناس، وتشكيكهم في عقائدهم، ليتصدروا قيادة الشعوب والشأن العام ويسيطروا على الاقتصاد والأموال ويتربعوا على عروش الحكم، والعلمانيون العرب منهم المندسين في أوساط المسلمين هم أحط أنواعهم وأكثرهم خداعاُ وكذباُ وتدجيلاُ على المسلمين، وعمالة للغرب الصليبي واكثرهم إخلاصاُ لتحقيق اهداف المحور الصهيو صليبي الجديد، فيقصرون كراهيتهم لدور الأديان في المجتمعات على الإسلام دون غيره، فينعتون المسلمين بأنهم متخلفون وظلاميون ومتزمتون ومتطرفون وجهلة معادون للعلوم، وإرهابيون يريدون القضاء على غيرهم، وقد صرح الجنرال المنقلب السيسي الدجال بذلك صراحة، عندما تحدث في جمع من علماء المسلمين متهماُ المسلمين جميعاُ بقوله "أنتم يا مسلمين تريدون قتل الناس جميعاُ"، وأمثال هؤلاء العلمانيون الملاحدة، يخفون حقيقة إلحادهم، ليدلسوا على الدهماء والسفهاء من المسلمين، وقد عاش سيد القمني يكتب ردحاُ من الزمن في مجلات وزارة الثقافة بلقب المفكر الإسلامي الذي يريد تصحيح مفاهيم الناس الإسلامية، بأوامر وزير الثقافة الشاذ فاروق حسني رجل الست سوزان مبارك وذراعها الأيمن، وهو نفس المراد من دعوة السيسي وعصابته "لتجديد الخطاب الديني"، وفي نهاية حياة القمني فقد صرح علانية بأنه كافر ولكنه كان يسخر ويضحك على المسلمين بادعاء أنه مسلم ليصدقوه، وكذلك كانت المقبورة نوال السعداوي تروج لادعاء أن الأديان لا يوجد فيها إلا التناقض، ولدورها ذلك فقد تم الاحتفاء بها وتكريمها ونشر مقولاتها من دوائر محلية وغربية معروفة الهوية والانتماء، والأخ الميرازي الذي يدعي العلمانية كذباُ، قد تعلم بمنحة خاصة وتم إعداده للقيام بدوره المشبوه في "الجامعة الكاثوليكية الأمريكية" ووفق ويكيبيديا فهذه الجامعة تابعة للكنيسة الكاثوليكية في الفاتيكان أنشأها المطارنة الرومان الكاثوليك في الولايات المتحدة، وتمولها جماعة أخوية كولومبوس لفرسان الصليب الكاثوليكية الأميركية، وهي جماعة إخوانية صهيو صليبية أميركية منظمة على أسس شبه عسكرية لدعم الجنود، كما تروج لدعم دور اليهود في اميركا، وتلك الجماعة أنشئت وما زالت تهدف لدعم الرؤية الكاثوليكية في توجيه السياسة الأميركية، هكذا تربى الميرازي في حضن تلك المؤسسة الصهيو صليبية، ولذلك فعندما يدعي الميرازي بأنه علماني، فهو لا يقصد إلا تهميش دور الإسلام فقط وليس باقي الأديان، ولذلك فالميرازي لا ينتقد زميله في الأخوية العلمانية ابراهيم عيسى لعلمانيته، ولكن لأنه قد فضحهم بسخريته الواضحة وأظهر حقيقة ازدرائهم لدين الإسلام، بما يكشف دورهم الخبيث، والميرازي العلماني مدعي المدنية، قد انبطح تحت أقدام بيادات العسكر، وروج وهلل لانقلابهم على الحكومة الشرعية المنتخبة ديمقراطياُ، وبرر جرائمهم بقتل آلاف من أبناء الشعب المصري، والآن يستعد لدور جديد يعود به إلى الساحة الإعلامية في المرحلة القادمة، والله أعلم.
ع.ع.ر.
الجمعة، 25-02-2022 06:34 م
كتاباتك جديرة بالقراءة و لكنني تعاملت معك بحسن نية مرة خلال زيارة للدوحة سنة 2006 ووجدت فيك كبرا لم اسامحك عليه وقتها...قليل من التواضع لا بأس به
حمدى مرجان
الجمعة، 25-02-2022 01:42 م
العلمانية كما تفهمها هي " الغلمانية المسيحية " وكانت ضد القوانين التي يضعها الكهنة بوصفهم رسل من ابيهم الذى في السماء ، وتفرض علي الرعية بانها من الله ، ومنها " الحق الالهي " للملك ء وتطبقها علي الاسلام بهذه الامثلة السخيفة ، فانت ايضا لا تدرى عما تدرى من الاسلام ، الاسلام اسلام لا سياسي ولا اقتصادى ولا وسطي جميل ، واحكامه منزلة من الله ، وكلها من تمام مكارم الاخلاق ، وهو دين العقل والعمل والحرية و الفكر ، وليس به كهنة او كهانة ، ، فلا يمكن لمسلم الا القبول بها ، فالايمان يقين والعمل بالنيات ، وانكار الاسراء والمعراج فهو انكار لفريضة الصلاة التي فرضت فيها ، والصلاة عماد الدين ، وهذا سبب نعته بالكافر ،