هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
طرحت
عملية اغتيال جيش الاحتلال الإسرائيلي لثلاثة مقاومين فلسطينيين في قلب مدينة نابلس
بالضفة الغربية المحتلة، ظهر أمس، العديد من التساؤلات الكبيرة، حول سر تنفيذ هذه الجريمة
بهذا الأسلوب.
وتمكنت
قوة خاصة من وحدة "يمام" الإسرائيلية من دخول نابلس بزيها العسكري متخفية
في سيارة أجرة تحمل لوحة فلسطينية وسيارة أخرى مدنية، من فتح النار بكثافة كبيرة على
سيارة فلسطينية واغتيال ثلاثة شبان هم: الشهيد أدهم مبروك (الشيشاني)، والشهيد محمد الدخيل،
والشهيد أشرف المبسلط.
"دماء
نازفة"
ووسط
غضب فلسطيني عارم، شيعت جماهير فلسطينية غفيرة مساء أمس الشهداء الثلاثة، وسط هتافات
تطالب المقاومة الفلسطينية بالانتقام لدماء الشهداء، علما بأن هذه العملية الإسرائيلية
تأتي بعد فترة زمنية قصيرة على لقاءات ظهرت أنها حميمية جرت بين رئيس السلطة محمود عباس
مع وزير حرب الاحتلال بيني غانتس، وبعده لقاء وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ مع وزير
خارجية الاحتلال يائير لابيد.
وكان
من الغريب ما وثقته كاميرا هاتف العديد من النشطاء، حيث لوحظ قيام جيش الاحتلال بارتكاب
جريمته دون أي تردد أو قلق، والخروج من المدينة بذات السيارات دون أن يعترضهم أي عنصر
من عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية المنتشرة في المدينة.
وعن
خطورة ودلالات العملية الإسرائيلية في قلب الضفة في ظل تصاعد التنسيق واللقاءات ما
بين قيادات السلطة وجنرالات الاحتلال، أوضح الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي، عماد
أبو عواد، أن "حكومات المركز واليسار الإسرائيلي أكثر خطورة على المجتمع الفلسطيني،
لأنها تحاول ليل نهار أن تثبت أنها يمين، وبالتالي فإن تصرفاتها تكون أسوأ بكثير من تصرفات
اليمن".
وأضاف
في حديثه لـ"عربي21": "اليمين الإسرائيلي عندما يكون في الحكم، هو غير
مضطر لأن يثبت أنه يمين، لكنّ نفتالي بينيت (رئيس الحكومة) وبيني غانتس (وزير الحرب)
مضطران لأن يثبتا أنهما يمينيان، لأن معهما يسار و"ميرتس" و"العمل"،
وبالتالي فإن هذه الحكومات هي الأكثر خطورة".
ورأى
أبو عواد، أن "الخطير جدا، أن هذه الحكومات الإسرائيلية تنفذ جرائمها في ظل لقاءات
مع السلطة والضغط على السلطة أيضا، من أجل منع مظاهر المقاومة وغيرها، وفي المقابل
فإن الاحتلال ينفذ جريمته بكل أريحية".
ونبه
إلى أن "الاحتلال تمكن من تحويل الحالة العامة إلى مشهد أصبحت فيه السلطة الفلسطينية
جزءا من الأداة الأمنية للاحتلال بشكل جلي"، مشيرا إلى أن "جريمة اغتيال الشبان
الثلاثة تأتي في سياقين: الأول؛ أن هذه الحكومة تريد أن تثبت أنها يمينية، والثاني؛
في ظل لقاءات مع السلطة، وكما يقولون بالعامية "ضحك على اللحى"، بحيث يتم
تنفيذ هذه الجرائم في ظل ابتسامة مشتركة ما بين غانتس وعباس مع دم فلسطيني نازف على
الأرض".
اقرأ أيضا: إضراب في الضفة حدادا على شهداء نابلس.. و "الأقصى" تتوعد
"ثمرة
مرة"
من جانبه،
ذكر المختص في الشأن الفلسطيني والإسرائيلي مأمون أبو عامر، أن "الاحتلال في واقع
الأمر، كان في ظروف معينة يتجنب القيام بمثل هذه العمليات خوفا من ردات الفعل الشعبية".
وأضاف
في حديثه لـ"عربي21": "الغريب، أن جيش الاحتلال دخل مرحلة متقدمة في
العدوان، وكأنه وصل إلى مرحلة من الثقة، بات معها يضمن عدم حدوث ردات الفعل بدون أن تكون
له السيطرة على الأرض".
ولفت
أبو عامر إلى "وجود تساؤلات عدة حول دور قوات الأمن الفلسطينية التابعة للسلطة،
في ظل العلاقات الأمنية المفتوحة بين الطرفين، فهل هذه الجريمة التي ارتكبت في وضح
النهار، هي نتاج توافق بين الطرفين، خاصة أن جيش الاحتلال اخترق المنطقة بدون أن يمنعه
أحد ولا سيما أن قواته دخلت بزي عسكري ولم تكن متخفية بزي مدني وخرجت بنفس الطريقة
في سيارات تحمل لوحات فلسطينية؟".
وتساءل:
"لماذا يصعب على المقاومين في مناطق الضفة الغربية المحتلة الوصول إلى قوات الاحتلال
بسبب الحواجز الفلسطينية؟ وكيف يمكن لقوات الاحتلال أن تدخل وتخرج هكذا؟ وما معنى اللقاءات
التي جرت بين قيادة السلطة ووزراء جيش الاحتلال؟ وهل لقاءات عباس مع غانتس والشيخ مع
لابيد، كان من أجل تعزيز التنسيق الأمني وليست لقاءات سياسية؟".
وتابع
المختص: "هل هذه العملية الخاصة الإسرائيلية في قلب كبرى مدن الضفة، هي ثمرة مرة
لهذه اللقاءات؟"، مؤكدا أن "الاحتلال لمس عبر هذه اللقاءات، ضعفا وتهافتا
فلسطينيا من قبل قيادات السلطة من أجل البقاء في الحكم، وبالتالي فهو وجد هامشا لتوسيع
عدوانه وتنفيذ عمليات بهذا الشكل، لأن هناك من هو مستعد لدفع الفاتورة من أجل الحفاظ
على بقائه في السلطة المتهالكة".
ومن
بين التساؤلات المهمة والحرجة التي طرحها أبو عامر: "أين قوات الأمن الفلسطينية
المتواجدة في سجن "جنيد" الفلسطيني على مقربة من مكان ارتكاب الاحتلال لجريمته
البشعة؟".
وفي
اتصال لـ"عربي21" مع أحد نشطاء نابلس، أوضح أن "مكان ارتكاب الاحتلال
لاغتيال أبطال نابلس، يقع على مقربة من مقر جهاز الاستخبارات التابع للسلطة، كما أن
القوات الأمنية المتمركزة في سجن "جنيد" تحتاج فقط إلى دقيقة إلى دقيقة ونصف
لتصل إلى مكان الجريمة الإسرائيلية".