قضايا وآراء

هل نعلن موت تيار المستقبل؟

عبد الرحمن خوندي
1300x600
1300x600
في الأجواء التحضيرية للانتخابات النيابية في لبنان، المتوقّع حصولها في شهر أيار/ مايو القادم، يسود المحيط السني تأزم ينبع من هشاشة التيارات السنّية وفشلها في التمثيل السياسي. ويمثّل هذا الفشل في الطليعة تخلّي المملكة العربية السعودية عن سعد الحريري وسخط محمد بن سلمان عليه جرّاء إخفاقاته المستمرّة التي لا تصبّ في مصلحة المملكة، وترشيحه ميشال عون (حليف حزب الله) لرئاسة الجمهورية في الانتخابات الماضية، ومن ثمّ احتجازه في الرياض وتلاوة بيان استقالته حينها، الأمر الذي يعتبر بداية النهاية في العلاقة بين الحريري والسعودية، التي لطالما دعمت الحريري الأب قبلاً، الشيء الذي لم يحافظ عليه سعد.

وتتجلى هذه القطيعة في الأزمة الأخيرة التي حصلت إثر تصريح الوزير جورج القرداحي عن حرب اليمن، وقد نتج عنها إغلاق السفارة السعودية في لبنان، ومغادرة السفير البخاري البلاد، الذي زار قبيل سفره رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، حيث لم يزر الحريري قطّ في الآونة الأخيرة، وإنما اقتصرت زياراته على جعجع الذي تعتبره السعودية محط ثقة إذ لا يحيد عن مصالحها، مما يظهر أن الحريري لم يعد في حسابات المملكة بعد اليوم وبات في جعجاع خياراته السياسية التي لطالما أرغمته على تجرّع سمّها.

وفي الأيام الماضية، سافر الحريري إلى الإمارات، حيث أقام عدة استثمارات خاصة فيها، والتقى بالسنيورة هناك وطرح عليه فكرة الابتعاد عن الانتخابات، كما طرح عليه السنيورة ترشيح بعض أعضاء التيار والمقربين منه منعا للفراغ. ومن ثمّ أعلن سعد الحريري يوم الاثنين (24 كانون الثاني/ يناير) عدم ترشحه للانتخابات النيابية وعدم تقديم ترشيحات باسم التيار.

يأتي هذا بعد عدة محاولات منه لإيصال صوته إلى السعودية الساخطة عليه وذلك عبر وساطة إماراتية، إلا أن الأمر لم ينجح هذه المرة، كما سبقت هذه المحاولة محاولات أجراها الحريري حين تسميته لتشكيل الحكومة، من زيارته الدوحة وموسكو وسعيه لبعض الوساطات الدولية، لكن انتهى الأمر باعتذاره عن التشكيل. وعلى الأغلب أن السنيورة سوف يقود بعضا من الأسماء التي طلب ترشيحها في كنف التيار.

ما البديل؟

لا شكّ أن هذا التحوّل قد يكون فرصة لبعض القيادات السنّية للظهور، ولكن إذا أردنا أن نتكلم عن هذه الأحزاب الأخرى فلن يختلف كلامنا هنا عن حال تيار المستقبل، وبينما يعلن سعد الحريري عدم ترشّحه وبالتالي شبه حل للتيار، تشهد الجماعة الإسلامية تشرذما داخليا منذ سنوات عدّة، جرّاء انشقاقات داخلية وتراجع رصيدها الجماهيري، وذلك بعد هزيمتها في الانتخابات الماضية وخروجها بلا أي نائب، بعدما مثّلها عماد الحوت في البرلمان فيما قبل. إلا أنّ أمين عام الجماعة عزام الأيوبي قال في حوار له مع جريدة المدن إن الجماعة سوف تخوض الانتخابات وذلك منعا لتشتت السنّة، وأن التمويل الانتخابي سوف يكون من داخل صفوف الجماعة ومن أبنائها في الاغتراب. ومن المسلّم به أنه لن يفيدها كثيرا التحالف مع الكتلة التي ستجمع أعضاء تيار المستقبل سابقاً، الذين سيقودهم السنيورة على الأغلب. وبالتوازي مع هذا يصعب الحديث عن تحالف مع مجموعات الانتفاضة التي ترى في الجماعة حليفا لأحزاب السلطة، خصوصا في ظل تحالفها معها في الانتخابات النقابية.

ومع هذا يرى الأيوبي أن "حزب الله مكون أساسي في لبنان، يفرض علينا أن نحاوره بوعي، تحسباً لأي انزلاق نحو صراع سني- شيعي، قد يرمي المنطقة ولبنان بمصيدة لمصلحة إسرائيل، ما يدفعنا للحوار الجدي، لأن التفاهمات المشتركة تحيّد لبنان عن صراعات المنطقة". إلا أن التحالف مع حزب الله إن حصل فسوف يزيد في النقص الجماهيري للجماعة في الوسط السنّي. كما تترافق جمعية المشاريع، التي كانت في الانتخابات الماضية - ولا تزال حاليا - حليفة حزب الله، الأمر الذي لن تتخلى عنه المشاريع في ظل ظفر هذا التحالف في السابق.

ونرى على المقلب الآخر فؤاد المخزومي وقد أطلق الماكينة الانتخابية خلال مؤتمر في فندق الموفنبيك في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وسعى إلى وساطة أمريكية لإقناع السعودية باستقباله الشهر الماضي، إلا أن السعودية لم تحسم أمرها بعد في ما يخص الطائفة السنّية، كما أن البعض يتوقّع تحالفه مع بهاء الحريري، الذي لن يخوض الانتخابات بشكل مباشر، بل عبر دعمه حركة سوا لبنان، كما أن بهاء استقطب الكثير من الشخصيات التي كانت تتبع لتيار المستقبل قبلاً، ومن عائلات بيروتية كبيرة. والجدير بالذكر أنه سوّق لنفسه في فترة الانتفاضة، حيث تبنى مطالبها وأنشأ "صوت بيروت إنترناشونال" وقدم تبرعات عدة، وثمة حديث عن دعمه لبعض المجموعات في الانتفاضة.

أخيراً، يعتبر البعض أن هذه التطوّرات الأخيرة هي من مؤشّرات عدم إجراء الانتخابات القادمة، إلا أن ثمة ضغوطا دولية وتشديدا من جهات إقليمية لإجرائها، كما يمكن في المقابل التحجج بعدم ميثاقية الاستحقاق النيابي وبالتالي عزوف عدد من الزعماء عن الترشّح مما يؤدي إلى التأجيل..
التعليقات (0)