هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال كاتب إسرائيلي، إن الانقلاب الذي قام به قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، فرصة لتوثيق العلاقات بشكل أكبر بين الاحتلال والخرطوم.
وقال معلق الشؤون الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية في موقع "ميدل إيست آي"، يوسي ميلمان، إن الوضع الهش وغير المحتمل في السودان، قد يدفع لتطبيع العلاقات بشكل أكبر مع تل أبيب.
وتاليا نص مقال يوسي ميلمان الذي ترجمته "عربي21":
أول رد فعل تلقائي في المؤسسة الأمنية والدبلوماسية الإسرائيلية إزاء الانقلاب العسكري في السودان كان الارتياح.
منذ عام 2019 والجنرال عبد الفتاح البرهان وكبار ضباطه يتقاسمون السلطة مع المجتمع المدني من خلال كيان انتقالي عسكري مدني. وكان البرهان نفسه يترأس مجلس السيادة إلى أن اتخذ قراراً بحله في وقت سابق من هذا الأسبوع.
كان هذا الاشتراك النادر في السلطة ثمرة ثورة أطاحت قبل عامين اثنين بالدكتاتور ومجرم الحرب المزعوم عمر البشير. حينها وعد البرهان بأن يقود السودان نحو الديمقراطية، وما زال يتعهد بذلك، وإن كان كثير من المراقبين يشكون في أنه لا يعني ما يقول.
كان البرهان أثناء الحكومة الانتقالية يأمل في أن يسير على خطا الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب التي وقعت مؤخراً معاهدات تطبيع مع إسرائيل وحصلت على دفعة من إدارة ترامب نتيجة لذلك.
دفع الرئيس الأمريكي السابق السودان نحو اتباع نفس النهج حينما كان في السلطة، ووعدت الإمارات العربية المتحدة بتقديم دعم مالي ووافقت الولايات المتحدة على رفع العقوبات التي كانت مفروضة على الخرطوم في عهد النظام الغاشم لعمر البشير.
كان البرهان متحمساً جداً ومتقبلاً لهذه الخطة، فالتقى يوسي كوهين، الذي كان حينها رئيساً للموساد، مع الجنرالات ورؤساء الاستخبارات ووعد بمساعدتهم من خلال تزويدهم بالخبرات والتقنيات والمعدات.
وفي فبراير/ شباط من عام 2020 طار رئيس الوزراء الإسرائيلي حينذاك بنيامين نتنياهو إلى كمبالا حيث التقى بالبرهان تحت رعاية الرئيس الأوغندي يويري موسفيني ووعده بالكثير.
إلا أن البرهان ظل مقيداً من قبل الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والدوائر اليسارية التي يقودها رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، والتي كانت لديها هواجس وتحفظات حول العلاقات مع إسرائيل. اضطر البرهان، الذي كانت لديه مشاكل مع المكونات المدنية، إلى أن يأخذ بالاعتبار الأصوات المعارضة للعلاقات مع إسرائيل، فكان لا بد في نهاية المطاف من إبرام تسوية.
في الثالث والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2020 أعلنت إسرائيل والسودان عن إقامة علاقات ثنائية رسمية لأول مرة، فغدا السودان البلد العربي السادس، بعد مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب، الذي يعترف بشكل كامل بدولة إسرائيل. إلا أنه لم يتم التوقيع على أي معاهدة، ولم تتشكل علاقات دبلوماسية. ومع ذلك، ومن وجهة النظر السودانية، فإن مجرد الاعتراف بإسرائيل مثل اختراقاً.
اقرأ أيضا: 11 قتيلا بتظاهرات السودان منذ الاثنين.. وعصيان مدني (شاهد)
وضع هش
منذ عام 1958 لم يزل في السودان قانون يحرم العلاقات مع إسرائيل، وهذا أدى إلى حظر التعامل مع الإسرائيليين وحظر العلاقات التجارية مع الشركات الإسرائيلية أو مع الشركات التي تمثل مصالح إسرائيلية. كما حظر القانون الاستيراد المباشر أو غير المباشر لأي بضائع إسرائيلية.
إلا أن القانون لم يحل دون أن يقيم الزعماء السودانيون وكبار المسؤولين في الدولة وبشكل خاص ضباط المخابرات والجيش علاقات سرية مع نظرائهم الإسرائيليين. ولعل التعاون السري في نهايات السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، والذي مكن إسرائيل من نقل اليهود الإثيوبيين جواً من مخيمات اللاجئين في السودان وتهريبهم إلى إسرائيل، مثال واحد على تلك العلاقات.
وكان الزعيم السوداني آنذاك جعفر النميري ومسؤول الأمن لديه أبو الطيب قد غضا الطرف مقابل رشوة قدرها 30 مليون دولار أودعاها في حسابات بنكية سرية في الخارج.
والآن تخلص البرهان من العناصر المدنية وأقام حكومة عسكرية، وبإمكانه أن يمضي قدماً في خططه القديمة لإقامة علاقات مع إسرائيل. إلا أنه بات من غير المؤكد ما إذا كان سيفعل ذلك أم لا.
نظراً لحاجته الآن للتعامل مع الوضع الهش الذي لديه ويقمع القلاقل والاحتجاجات التي تنظم على نطاق واسع، فإن لدى البرهان من القضايا الملحة ما هو أولى من السير بعيون مفتوحة باتجاه حقل الألغام الإسرائيلي.
تعلم الحكومة الإسرائيلية ذلك جيداً جداً. سوف يتوجب على عسكر السودان، والذين ما زالوا متحمسين للتعامل مع إسرائيل، الانتظار إلى أن تصبح الظروف مواتية. بل تكاد الآمال الإسرائيلية تتبدد بسبب إدانة إدارة الرئيس جو بايدن للانقلاب والتهديد بوقف المساعدات المالية التي تصل إلى ما يقرب من سبعمائة مليون دولار.
وبذلك تجد إسرائيل نفسها في ما يشبه المأزق أمام حكومة عسكرية ترغب في إقامة علاقات مع إسرائيل ولكنها غير قادرة على ذلك. وفي المقابل لو وجدت في السودان حكومة مدنية ديمقراطية حرة فإن فرص إقامة سلام مع إسرائيل ستكون ضئيلة جداً.
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)