صحافة دولية

WP: انسحاب أمريكا من أفغانستان يقلق حلفاءها في سوريا

هل تغادر القوات الأمريكية سوريا كما غادرت أفغانستان؟ - جيتي
هل تغادر القوات الأمريكية سوريا كما غادرت أفغانستان؟ - جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا للصحفية لويزا لوفلوك قالت فيه إنه مع انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان الذي أدى إلى الانهيار الفوضوي لحكومتها، راقب حليف أمريكي آخر بقلق، وتمنى أن يكون مصيره مختلفا.

لا تزال الذكريات المؤلمة عن الانسحاب العسكري الأمريكي السابق حية بالنسبة لقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد في شمال شرق سوريا.

فاجأ الرئيس دونالد ترامب جنرالاته قبل ثلاث سنوات بإعلانه انسحاب 2000 جندي أمريكي متحالفين مع قوات سوريا الديمقراطية في قتال تنظيم الدولة. على الرغم من أنه تم إقناعه لاحقا بعدم سحب القوة بأكملها، إلا أنه قام بخفض العدد لأقل من النصف في العام التالي.

تم انتقاد الخطوة الأمريكية على نطاق واسع باعتبارها خيانة للأكراد، الذين فقدوا آلاف المقاتلين خلال الحملة ضد تنظيم الدولة.

وقال الجنرال مظلوم كوباني عبدي، القائد الأعلى لقوات سوريا الديمقراطية وأقوى حليف لواشنطن في سوريا، في مقابلة نادرة: "تأثير ذلك سيستمر إلى الأبد".

 

اقرأ أيضا: 5 أسئلة بعد انسحاب بايدن من أفغانستان.. "ضربة سياسية"

لا يزال حوالي 900 جندي أمريكي متمركزين في منطقة واسعة من شمال شرق سوريا تقع خارج سيطرة الحكومة السورية. إنهم جزء من القتال المستمر ضد تنظيم الدولة، الذين يقدر التحالف العسكري بقيادة أمريكا عددهم بين 8000 و16000 في سوريا والعراق.

وقال مسؤولون إن إدارة بايدن سعت، في الأشهر الأخيرة، إلى طمأنة مظلوم وآخرين في قوات سوريا الديمقراطية، فأرسلت الجنرال كينيث ماكنزي، الذي يرأس القيادة المركزية الأمريكية، وجوي هود، القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، إلى المنطقة للتحدث معهم. شددت الإدارة على أن الشراكة مع قوات سوريا الديمقراطية لا تزال قوية وأن القوات الأمريكية لن تغادر في أي وقت قريب، وفقا لقوات سوريا الديمقراطية ومسؤولين أمريكيين.

وكانت نبرة مظلوم، وهذا اسمه الحركي، بشأن مستقبل الوجود الأمريكي هنا حذرة ولكن متفائلة. وفي وصف تحسن العلاقة مع واشنطن في الأشهر السبعة منذ تولي الرئيس بايدن منصبه، قال الجنرال إنه يتوقع استقرارا نسبيا في شمال شرق سوريا "إذا وفت أمريكا بوعودها".

وقال مظلوم، في مقابلة في قاعدة عسكرية في وقت سابق من هذا الشهر: "نشعر الآن أن لدينا دعما سياسيا وعسكريا أقوى مما حصلنا عليه من الإدارة السابقة.. بعد عمليات الانسحاب هذه، جاء مسؤولون أمريكيون ليخبرونا أنه لن تكون هناك تغييرات في سوريا".

يصف المسؤولون الأمريكيون مظلوم بأنه متمكن وحليف موثوق به في القتال ضد تنظيم الدولة. يواصل التحالف الذي تقوده أمريكا تقديم المعلومات الاستخبارية وتنفيذ الضربات الجوية لدعم جهود قوات سوريا الديمقراطية في القضاء على الخلايا النائمة واستهداف القيادة الباقية للتنظيم. كما يعمل التحالف مع قوات سوريا الديمقراطية لتسيير دوريات في حقول النفط المحلية.

يعتمد ميزان القوى متعدد الأطراف في الصراع السوري على الوجود الأمريكي. ويرى المسؤولون الأمريكيون أن انسحاب القوات الأمريكية يشكل فرصة للجيش السوري أو القوات الروسية أو التركية للتقدم. وشدد بعض المسؤولين الأمريكيين على أن الانتشار الأمريكي يمنع القوات الإيرانية من إنشاء "جسر بري" من شأنه أن يسمح لها بتزويد حلفائها من حزب الله في لبنان بالأسلحة بسهولة أكبر.

قال مسؤول كبير تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام: "الأمر يتعلق بالحفاظ على التوازن".

أعاد الانسحاب الأمريكي الجزئي في عام 2019 رسم خريطة شمال شرق سوريا، وتنازل عن بعض الأراضي التي كانت تحرسها القوات الأمريكية في السابق لقوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا، وفي أماكن أخرى للجيش السوري وداعميه الروس.

جاء الانسحاب الأمريكي بعد أن أعطى ترامب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الضوء الأخضر لإرسال جيشه إلى عمق أكبر في سوريا في محاولة لتطهير المنطقة من المسلحين الأكراد الذين تعتبرهم تركيا تنظيما إرهابيا.

وعلى الرغم من أن الخطوط الأمامية بين قوات سوريا الديمقراطية والقوات المدعومة من تركيا هادئة إلى حد كبير في الوقت الحالي، إلا أن الاشتباكات عبر الحدود لا تزال مستمرة.

بشكل منفصل، اشتبكت القوات الأمريكية والجماعات المدعومة من إيران مؤخرا حول منشآت عسكرية في شمال شرق سوريا. أمر بايدن بشن غارات جوية على مجموعات الميليشيات هنا في أواخر حزيران/ يونيو، مما أثار دائرة جديدة من العنف المتبادل، حيث أطلق رجال الميليشيات النار على منشأة تأوي القوات الأمريكية وردت القوات الأمريكية بنيران المدفعية.

وقال مظلوم: "لا نريد أن تصبح منطقتنا منطقة نزاع بين الأطراف. ندعو الأطراف الأخرى إلى عدم القيام بهذه الأمور والتصعيد".

وحذر من أن تنظيم الدولة لا يزال يشكل تهديدا. وعلى وجه الخصوص، أعرب عن مخاوفه بشأن أمن مراكز الاعتقال التي تحتجز مسلحين تم أسرهم. وقال الجنرال: "لدينا أكثر من 11000 مقاتل في هذه السجون، والأشخاص الذين يقومون بحراستهم بحاجة إلى تدريب أفضل للتعامل معهم".

وقال: "أحيانا يكون لدينا أعمال شغب ويمكن للناس الهروب. نحن بحاجة للتأكد من أنهم في أيد أمينة".

وفي حين تم استخدام التمويل البريطاني لتوسيع منشأة في الحسكة، فإن معظم مرافق السجون المؤقتة في جميع أنحاء المنطقة مكتظة والظروف سيئة.

وقال مظلوم: "هؤلاء الناس يعيشون في المدارس والمباني الأخرى. هذه المرافق مؤقتة وليست آمنة".

عبر شمال شرق سوريا، يعتقد القليل أن القوات الأمريكية ستبقى إلى أجل غير مسمى. بعد 10 سنوات من الحرب وقتل الآلاف من الجنود، تصر قوات سوريا الديمقراطية والسلطة المحلية على أن حل الصراع السوري الأوسع يجب أن يشمل تسوية سياسية تعترف بحقوق السكان الأكراد في المنطقة، الذين حصلوا، في السنوات الأخيرة، على قدر من الحكم الذاتي الذي طال انتظاره.

عندما سُئل كيف رأى السنوات القليلة المقبلة تتكشف، ابتسم مظلوم وانتقى كلماته بعناية: "أعلم أن أمريكا تريد قواتها هنا لمحاربة الإرهابيين، لكنهم بحاجة إلى البقاء حتى يتم التوصل إلى حل للأزمة السورية. إذا استطعنا تحقيق ذلك. سيكون المستقبل إيجابيا نوعا ما".


التعليقات (0)