هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية؛ إنه "ليست الدكتاتورية الخيرية، هي الجواب على مشاكل المنطقة الحقيقة"، مشددة على أن "الاستيلاء الرئاسي على السلطة في تونس، يشكل اختبارا لأجندة جو بايدن حول الديمقراطية وحقوق الإنسان".
وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها، التي ترجمتها "عربي21"، أن
"هذا الأسبوع أثبت أن الأنظمة العربية شديدة في تعاملها مع الشقاق، ولكنها أقل
اهتماما بمعالجة أسبابه (..)، ولسوف يسبب ذلك مشاكل ستستمر لردح من الزمن، بينما تجهد
هذه الدول في سعيها للتعافي من الجائحة".
وتاليا نص المقال كاملا
أثبت هذا الأسبوع أن الأنظمة العربية شديدة في تعاملها مع الشقاق، ولكنها أقل
اهتماما بمعالجة أسبابه. ولسوف يسبب ذلك مشاكل ستستمر لردح من الزمن، بينما تجهد هذه
الدول في سعيها للتعافي من الجائحة. يشكل الاستيلاء الرئاسي على السلطة في تونس اختبارا لأجندة جو بايدن حول الديمقراطية وحقوق الإنسان. لقد أفقرت الحرب المراكز العتيقة للحضارة
العربية. أشارت هيئة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا هذا الأسبوع، إلى
أن الفقر يؤثر الآن على 88 بالمائة من السكان في سوريا وعلى 83 بالمائة من السكان في
اليمن. وحتى البلدان التي كانت ذات مرة تعتبر ثرية، غدت جاثية على ركبتيها بسبب الالتقاء
البائس الذي جمع بين إخفاقات القيادات وجائحة كوفيد 19. بات زعماء لبنان يتسولون المساعدة
الخارجية بعد تدهور قيمة العملة المحلية، وتراجع مخزون البلد من الغذاء والوقود والدواء.
إن العالم العربي مكان متنوع.
يظهر مسح أجرته الأمم المتحدة مؤخرا، أنه ينقسم إلى الدول الخليجية الثرية ذات الحكم
الملكي المطلق، ومجموعة من البلدان ذات الدخل المتوسط وتعداد سكان أكبر مما تحتمله
احتياطياتها من النفط، ومناطق حرب في بعض البلدان الأكبر حجما مثل العراق، والدول
الفقيرة جدا. تندفع مشايخ الخليج الثرية بالنفط قدما، مستخدمة قدراتها المالية والعسكرية
لتوسيع دائرة نفوذها، الأمر الذي عادة ما يفضي إلى نتائج كارثية. تقول الأمم المتحدة؛ إن المنطقة العربية تؤوي أكثر من ستة ملايين لاجئ وأكثر من 11 مليون مهجر داخلي. لا
يوجد الكثير من الفعل المنسق للتعامل مع التحديات الاجتماعية الكثيرة بما في ذلك الفقر
المتنامي، والبطالة المتزايدة وانعدام المساواة المستمر بين الجنسين. لقد تفشى انعدام
الأمن الغذائي. يمكن أن ينال الاكتئاب الشديد من المرء، وإن كانت الأمم المتحدة تعرب
عن أملها في بارقة أمل في إنجاز السلام في ليبيا.
ولكن الأفق ملبد بالمزيد من
غيوم كوفيد. يوجد في المنطقة العربية نسب أكبر من السكان الذين يعيشون في أحياء فقيرة
داخل المدن المكتظة، مقارنة بما عليه الحال في أمريكا اللاتينية والكاريبي، ولكن بها
أعداد أقل من أسرة المستشفيات ونصف العدد من الأطباء لكل عشرة آلاف إنسان. تجاوبت الأنظمة
الدكتاتورية مع الأزمة: ففي مصر ساعدت برامج التحويل النقدي الملايين من الناس، وفي
الإمارات العربية المتحدة تم منح موظفي الدولة الذين لديهم أطفال صغار إجازات مدفوعة
الأجر بالكامل. تقدر الأمم المتحدة أن الدول العربية تنفق 95 مليار دولار أمريكي للتخفيف
من أثر الجائحة، إلا أن ذلك لا يكاد يذكر مقارنة بالإنفاق العالمي الذي بلغ في عام
2020 ما مقداره 19 تريليون دولار أمريكي.
بقي متماسكا النموذج الاقتصادي
الذي يعتمد على مستويات مرتفعة من المستوردات التي تسدد قيمتها بالدولار من واردات
النفط والسياحة. تسبب ذلك في أزمة دين خارجي وشعور بالإجحاف وعدم المساواة، أثار سخط
السكان فتمردوا احتجاجا. التغيير مطلوب، ولكن الدكتاتورية هي ما انتهت إليه الدول
العربية في هذه الفوضى. بقيت الحكومات في قبضة نخب تتوارث السلطة في العادة وتتساءل
ما إذا كانت الديمقراطية منسجمة مع الإسلام. سوف تفقد الشعوب الثقة في الحفاظ على المؤسسات، عندما لا يمكنها إحداث تغيير في الطريقة التي يتم من خلالها حكمها. بلغ السخط بالمحتجين
في العام الماضي على حكوماتهم أنهم في العراق ولبنان والجزائر طالبوا بتغيير الأنظمة.
وفي عام 2019 انتهت الانتفاضات في الجزائر والسودان إلى الإطاحة بالزعامة فيها، مما
رفع العدد المطاح به بواسطة احتجاجات الشارع منذ 2011 إلى ستة.
تظن الأنظمة العربية أن بإمكانها
أن تبدد تلك التهديدات من خلال مزيد من إحكام قبضتها، إلا أن ذلك فقط يؤجل الحساب.
ليس من السهل الانتقال سلميا إلى مجتمع واقتصاد مختلف. ثمة حاجة إلى الديمقراطية في
العالم العربي من أجل حكم صالح وما يأتي به من ضوابط وتوازنات. كما أنها توفر أقل الآليات
سوءا لتحقيق المشاركة في السلطة داخل مجتمعات تعددية بالغة التعقيد. لا بديل عن ذلك.
إن فكرة الدكتاتورية الخيرية، وهي فكرة تجمع بين متناقضين، ليست الجواب على مشاكل العالم
العربي.