ملفات وتقارير

MEE: هكذا يستبد القلق بآلاف المصريين المعارضين في تركيا

فعالية لنشطاء مصريين في إسطنبول عام 2019 إحياء لذكرى رابعة- تويتر
فعالية لنشطاء مصريين في إسطنبول عام 2019 إحياء لذكرى رابعة- تويتر

سلط موقع "ميدل إيست آي" الضوء على أوضاع المعارضين المصريين الذي يعيشون في تركيا، والقلق الذي يستبد بهم بعد علامات التقارب الحاصلة بين أنقرة والقاهرة.

خلال السنوات الثماني الماضية، فر أعضاء المعارضة المصرية إلى قطر والسودان وتركيا بالآلاف، لكنهم أحدثوا أكبر تأثير لهم في اسطنبول، حيث أسسوا عدة قنوات تلفزيونية رفيعة المستوى يشاهدها المصريون في جميع أنحاء العالم.

قدمت هذه القنوات الفضائية منصة يمكن من خلالها للمعارضة المصرية أن تنتقد الإدارة في القاهرة وانتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان، وهو أمر لم يكن ممكنًا في مصر، حيث تؤدي هذه المعارضة إلى السجن وأسوأ من ذلك.

يقول نشطاء إنهم سيواجهون التعذيب والاعتقال في ظروف مزرية وحتى عقوبة الإعدام إذا أجبروا على العودة إلى مصر.

وعندما ذهبت والدة عمرو لزيارة شقيقه في سجن مصري، قال لها حراس الشرطة: "تركيا سترحل ابنك قريبًا، وسيدفع ثمن تغطيته السلبية لمصر".

كمنفي سياسي يعيش في تركيا، كان عمرو حشاد مرعوبًا من هذا التهديد على أمنه. إنه يعرف جيدًا ما هو داخل نظام السجون في مصر، وماذا تفعل السلطات للمعارضين الصريحين للحكومة.

قُبض على عمرو في مصر عام 2014، واحتُجز لمدة خمس سنوات وانتقل بين 11 سجناً مختلفاً، حيث تعرض للتعذيب بشكل منتظم.

في غضون شهر واحد من إطلاق سراحه، هرب عمرو إلى تركيا لأنه من المعروف أن السجناء السياسيين يُعاد اعتقالهم بانتظام. وكإجراء عقابي، ألقت القوات الأمنية القبض على شقيقه الذي بُترت ساقه. ولا يزال في السجن حتى يومنا هذا.

بعد هروبه، أصبح عمرو واحداً من حوالي 33,000 مصري يعيشون في المنفى في تركيا، وكان يُنظر إليهم ذات مرة على أنه مكان آمن بعيدًا عن مصر، حيث شنت الإدارة الحالية حملة صارمة على المعارضين الذين اختفوا قسرًا، وعُذبوا بشكل منهجي. عقوبات طويلة بالسجن بعد محاكمات جماعية.

لكن الخوف يتزايد من أن هذا الوضع على وشك التغيير، في أعقاب التقارب المتنامي بين القاهرة وأنقرة بعد ما يقرب من عقد من العداء.

"نحن قلقون للغاية"

بدأ المعارضون  يتساءلون عما إذا كانت تركيا ستبدأ بترحيل المصريين بناءً على طلب القاهرة.

قال عمر، وهو سجين سياسي مصري سابق، وهو الآن صحفي يعيش في إسطنبول: "الإجابة المختصرة هي نعم، بالتأكيد، نحن قلقون للغاية بشأن ذلك".

لكن هل ستفعل تركيا ذلك؟ بعض الناس لا يعتقدون ذلك، خاصة مع الدعم الكبير الذي قدمته تركيا للمعارضين المصريين، في سياق التصاريح والإقامة القانونية وأيضًا الدفاع عنهم دبلوماسيًا عدة مرات.

ويضيف: "لا يستبعد الآخرون، مثلي، أن يُطلب منهم المغادرة".

تأشيرات إنسانية

ما يقرب من 3,000 مصري من أصل 33,000 مصري يعيشون في تركيا يحملون تأشيرات إنسانية، والتي يتم إصدارها بشكل أساسي للأشخاص الذين غادروا مصر لأسباب سياسية، على سبيل المثال تم توجيه التهم إليهم بسبب الاحتجاج السلمي أو اعتقالهم وتعذيبهم لمعارضتهم النظام الحالي.

يتم تجديد هذه التأشيرات كل عام إلى عامين، وهناك خوف واسع النطاق من أنه بمجرد أن يحين وقت إعادة التقديم، سيتم ببساطة رفضها، أو ترك طلباتهم معلقة.

قال حسين صالح عمار، المحامي المقيم في تركيا ويمثل العديد من المصريين المقيمين هناك: "هذه الدورة الإجرائية مرهقة للغاية".

"إنه يجعل حاملي هذه الإقامة لا يشعرون بالاستقرار ويشعرون دائمًا بالقلق والخوف. إنهم يواجهون مشاكل مع كل تجديد وأثناء انتظارهم لتجديده، لا يمكنهم إكمال أي شيء رسمي".

المصريون الذين يعيشون في تركيا دون وضع قانوني مستقر، أو جنسية ثانية، يتدافعون بحثًا عن بدائل لأنهم يعتقدون أن الشبكة تضيق عليهم.

لكن بالنسبة للكثيرين، كان الحصول على الأوراق اللازمة التي يحتاجونها للسفر إلى الخارج شبه مستحيل بسبب عداء السفارة المصرية.

 

وفي الأسبوع الماضي، طلبت تركيا من شخصيات تلفزيونية وهي حمزة زوبع ومحمد ناصر وهشام عبد الله وقف برامجهم. وطلبت من مطر وقف بث برامجه على يوتيوب حيث نقل برنامجه.

 

وبدأ آخرون بالتساؤل إن كانت تركيا ستبدأ بترحيل المصريين بناء على طلب القاهرة.

 

وقال عمر  "الجواب المختصر، نعم فنحن قلقون جدا"، ولكن هل ستستجيب تركيا لهذا؟ يجيب عمر: "لا أجد من يعتقد هذا في ضوء الدعم الضخم الذي قدمته تركيا للمعارضين المصريين. وفي سياق الإقامات والوضع القانوني والدفاع الدبلوماسي عنهم أكثر من مرة. ولا يستبعد آخرون بمن فيهم نفسي طلب المغادرة". 


وعندما انتشرت الأخبار، أعاد نشر تغريدة لأيمن نور، المعارض المعروف: "تضيق ثم تضيق ثم تضيق ثم تفرج" وختمها بالآية القرآنية "وبشر الصابرين". وهناك ما بين 3.000 – 333.000 مصري في تركيا يحملون تأشيرات لأغراض إنسانية، والتي صدرت للأشخاص الذين غادروا تركيا لأغراض إنسانية، بعد اتهامات بسبب نشاطاتهم السلمية أو اعتقلوا وعذبوا.

 

ويتم تجديد الإقامة كل عامين، وهناك مخاوف من عدم تجديدها حالة انتهائها أو تم تأخيرها.

 

ويقول المحامي حسين صلاح عمار الذي يعيش في تركيا: "دوامة الإجراءات متعبة، وتجعل حملة الإقامات هذه يشعرون بالقلق والخوف ويواجهون مشاكل في كل مرة يجددونها ولا يستطيعون استكمال أي شيء رسمي".

 

 

ويحاول المصريون في تركيا ممن لا تأشيرة لديهم أو جنسية أخرى البحث عن بدائل لأن الحلقة تضيق. ولكن محاولات بعضهم الحصول على وثائق سفر للخارج تعتبر مستحيلة نظرا لعدائية السفارة المصرية في أنقرة.

وتصنف مصر تركيا على أنها مركز المعارضة في الخارج وترفض بانتظام إصدار أوراق رسمية أو تجديد الوثائق، بما في ذلك جوازات السفر، للأشخاص الذين يعيشون هناك.

في أيلول/ سبتمبر، ذهب عمرو إلى القنصلية المصرية في إسطنبول للحصول على توكيل رسمي، والذي كان ينبغي أن يكون صفقة مباشرة. وبمجرد وصوله إلى هناك، سأله موظفو القنصلية عما إذا كان يعاني من "مشاكل سياسية" في الوطن ثم اتهمه الموظفون بالداخل بتزوير جواز سفره.

قيل له بصراحة: "لا يمكننا مساعدتك في مستنداتك، فليس الأمر وكأنك مواطن، ولا يمكنك التعامل معنا".

وصدمت الحادثة عمرو متسائلا عما يجب أن يفعله إذا احتاج لشيء من سفارة بلاده.

وقال: "السفارة المصرية في تركيا لا تقدم أي خدمات قنصلية لمعظم المصريين هنا، فهم لا يصدرون وثائق أو أوراقًا، حتى للأطفال حديثي الولادة الذين يسعون للحصول على شهادات ميلاد، يقولون اذهب إلى مصر واستخرجها من هناك".

ويضيف: "السفارة تعلم جيدًا أن معظم المصريين الذين يعيشون في تركيا منشقون، ولهذا يفعلون ذلك. لدي أصدقاء في دول عربية أخرى أو دول أجنبية لا يعانون من هذه المشاكل. القنصلية هنا تتعنت في إصدار أوراق رسمية للمصريين".

تسبب هذا في مشاكل كبيرة لكثير من المصريين الذين يعيشون في تركيا، والذين يكافحون من أجل الزواج، ولأنهم لا يملكون أوراقا ثبوتية، ولا يمكنهم العمل بشكل قانوني أو الحصول على تأمين.

يوضح المحامي عمار أنه من غير الممكن حتى منح حق اللجوء في تركيا، فهي مجرد دولة حماية مؤقتة.

وقال عمار: "إنه وضع مؤلم ولا يوجد استقرار... الزواج والتنقل والسفر والتنقل، يُحرمون من كل هذه الحقوق لأنهم دفعوا ثمن منصب اتخذوه، أو بسبب نشاط سياسي أو حقوقي أو اجتماعي، أو عبروا عن رأيهم فقط وشاركوا في مظاهرات أو اعتصام سلمي في مصر أدى إلى حياة غير مستقرة".

تحذير تلفزيوني

في برنامجه أعلن الإعلامي الموالي للحكومة أحمد موسى مؤخرًا أن مصر طلبت من قطر إعادة 220 من أعضاء المعارضة، الذين وصفهم بأنهم "إرهابيون"، إلى القاهرة، كجزء من المحادثات مع الدوحة.

وأضاف: "قريبًا سيدعو أردوغان السيسي لزيارة تركيا، لذا يجب على المعارضة هناك البحث عن مكان جديد للجوء".

فسر بعض أعضاء المعارضة المصرية في الخارج تحذير موسى على أنه محاولة لإسكاتهم، لكنه في نفس الوقت زاد من مخاوفهم.

وبحسب عمار، فإن قضية ترحيل تركيا للمصريين الذين يتعرضون للاضطهاد في الداخل كانت حتى الآن خطاً أحمر، لكن البعض أشار إلى قضية محمد عبد الحفيظ، الذي اعتقل في مطار أتاتورك في عام 2019 ورحل إلى القاهرة، كمثال لما يمكن أن يحدث لهم.

 

اقرأ أيضا: عربي21 تنشر أسماء إعلاميين مصريين طلبت تركيا وقف برامجهم

"هجرة"

مع عدم وجود مكان يلجأون إليه، انغمس عشرات المصريين في وسائل التواصل الاجتماعي وشاركوا في ورش عمل على تطبيق "Clubhouse"، جنبًا إلى جنب مع نشطاء حقوق الإنسان، حيث تمكنوا من جمع المعلومات وتبادل النصائح حول أفضل البلدان للذهاب إلى خارج تركيا.

لقد حصلوا على نصائح حول عملية اللجوء، وكيفية إعداد الطلبات، والسلطات التي يجب التواصل معها.

وصل ثلاثة شبان مصريين وجهت إليهم اتهامات سياسية في مصر بالفعل إلى هولندا حيث تقدموا بطلبات لجوء، بحسب عمار. أخبره أحدهم أن والده قتل على يد الشرطة في مصر بعد اعتقاله. يبحث آخرون عن المزيد من الطرق السرية التي يجب أن يسلكوها.

قال عمار: "أعتقد أنه في الأيام المقبلة سيصل الكثير من الشباب المصري إلى أوروبا، وسيطلبون اللجوء".

 

ويشير المعارضون في تركيا إلى حالات قامت بها دول مثل ماليزيا والكويت وإسبانيا بترحيل المصريين إلى القاهرة. وفي برنامجه المعروف قال أحمد موسى إن مصر طلبت من قطر ترحيل 220 مصريا من المعارضة وصفهم بـ"الإرهابيين".

 

وأضاف: "سيدعو أردوغان في وقت قريب السيسي لزيارة تركيا، وعلى المعارضة البحث عن مكان آخر للجوء".

 

وفسر المعارضون المصريون كلامه بأنه محاولة لإسكاتهم، لكنه فاقم من مخاوفهم.

 

ويرى عمار أن ترحيل تركيا لمعارضين قد يواجهون السجن يظل خطا أحمر، لكن البعض يشيرون إلى محمد عبد الحافظ كمثال عما سيأتي.

 

فقد اعتقل عبد الحافظ في 2019 بمطار أتاتورك، حيث كان يخطط لطلب اللجوء، لكنه قيد ورحل إلى مصر. وحكم على عبد الحافظ  وهو مهندس زراعي غيابيا بالإعدام في المحاكمة الجماعية لـ68 مصريا بتهمة قتل النائب العام هشام بركات عام 2015.

 

وأعدم تسعة من المتهمين في شباط/ فبراير 2019. وعندما استطاع قريب لعبد الحافظ الوصول إليه في 3 آذار/ مارس، كان في المحكمة، ولم يكن قادرا على الاستماع أو الرؤية، ما يعني تعرضه للتعذيب.

 

وأدى ترحيله إلى موجة شجب إعلامية طلبت تفسير القرار التركي.

 

ويتساءل البعض إن كان التحرك التركي مع مصر سيفيد المعارضين أو السجناء السياسيين المصريين، ففي الوقت الذي شجبت فيه تركيا تصنيف الإخوان المسلمين بالجماعة الإرهابية، إلا أن تركيا لا قدرة لها الآن على إلغاء التصنيف.

 

وكما يقول المعارض عمر: "تنظر الدولة إليه كشأن متعلق بالأمن القومي ولا أحد له حق التدخل".

 

وبدون خيار، فقد انخرط معظم المعارضين في نقاشات التواصل الاجتماعي أو حوارات "كلوب هاوس" في مجال حقوق الإنسان، للبحث عن أحسن الخيارات بعد تركيا. واستطاعوا الحصول على معلومات حول كيفية تقديم طلبات لجوء والسلطات الواجب التواصل معها.

التعليقات (3)
ناقد لا حاقد
الإثنين، 28-06-2021 07:13 م
رغم اعجابي بتركيا و بقيادتها و مواقفها من و في عدة قضايا إلا أن تركيا مازالت لم تصبح مثل الدولة الغربية في خصوص الحريات ...تركيا بغلقها بعض القنوات الفضائية تؤكد أن لغة المصلحة فوق أي اعتبار ....تكميم الأفواه و مصادرة حق المعارضة المصرية في قول كلمة حق شيء جد محزن و يؤكد هذا شيء واحد أنه على المعارضين الهروب الى الدول الغربية احسن و افضل علة الأقل هناك مؤسسات دولة في تلك الدول التي لا تتبع إلى توجهات النظام بل هي مؤسسات حيادية و محايدة ...
غزاوي
الإثنين، 28-06-2021 04:21 م
لا أعتقد أن نظام أردوغان سيقدم على تسليم هؤلاء المعارضين السلميين لنظام خسيسي مصر ،لأنه ببساطة لن تقوم قائمة لأردوغان ونظامه إن فعل ذلك وهو ما لن يقبله حزبه أيضاً
السيسي صهيوني مصر
الإثنين، 28-06-2021 12:01 م
لا اظن ان اردوغان سيتخلى عن اخلاقه و قيمه و اكثر ما ييفعله هو ايقاف الثوار عن فضح جرائم السيسي