هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سلطت صحيفة عبرية الضوء على سلسلة التحديات والتهديدات الأمنية، التي تعصف بالمملكة الأردنية الهاشمية "حليفة إسرائيل وأمريكا" خلال العام الجاري.
وأوضحت "هآرتس" في تقرير مطول أعده مايكل شرنوف، أن "الأردن منذ تأسيسها عام 1921، نمت كلاعبة رئيسية في الشرق الأوسط، فهي لديها علاقات مع الفلسطينيين والدول العربية ومع الغرب وإسرائيل، ومكانتها الجيواستراتيجية الفريدة تحوله إلى لاعب حيوي في النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، وفي الصراع بسوريا".
ونوهت إلى أن "الأردن الذي أثبت متانة أكثر من جيرانه، غير محصن من النزاعات، ففي بداية نيسان/ أبريل 2021، تم وضع الأمير حمزة، الأخ غير الشقيق للملك عبد الله، قيد الإقامة الجبرية، وعشرات الشخصيات الرفيعة، التي اعتقلت بتهمة محاولة الانقلاب، وشكلت الاعتقالات رسالة حازمة استهدفت ثني آخرين عن انتقاد الحكومة".
القدس
ومع هذه التطورات التي يواجهها الأردن، "ستحتاج عمان إلى التغلب على تحديات أمنية أخرى كثيرة في 2021، وهي التي يمكن أن تؤثر على السياسة وعلى الأمن، داخليا وإقليميا".
وعن التحدي الأول، أكدت "هآرتس"، أن "مدنية القدس، هي هدف مقدس بالنسبة للأردن، والمملكة تعدّ القدس جزءا من مسؤوليتها للحفاظ على الأماكن المقدسة والدفاع عنها، وخاصة المسجد الأقصى، ومن ناحية تاريخية، الوصاية الهاشمية على القدس، ساعدت الأردن في تثبيت النظام وخلقت الشرعية للسيادة الأردنية على شرقي القدس والضفة الغربية، ومنحت المملكة صلاحيات دينية لتمثيل مصالح عربية وإسلامية".
اقرأ أيضا: لوموند: السخط الاجتماعي بالأردن يتصاعد ويهدد النظام الحاكم
وذكرت أن الاحتلال "اعترف بدور الأردن الخاص في القدس، وتمت المصادقة عليه رسميا في اتفاق السلام عام 1994 الذي بحسبه إسرائيل تحترم الدور الخاص الحالي الذي تقوم به الأردن في الأماكن المقدسة في القدس"، منوهة إلى أن "الوصاية الهاشمية المستمرة تربط المملكة بالإسرائيليين والفلسطينيين بعلاقات عميقة، وتؤدي دور المهدئ في الاستقرار الإقليمي".
وبعد تطبيع الاحتلال مع كل من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، "زادت تخوفات الأردن من أن إسرائيل وأمريكا يمكن أن تعرضا على السعودية دورا في القدس مقابل الاعتراف بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها"، بحسب الصحيفة التي أكدت أن "تخوفات الأردن ليست بدون أساس".
ولفتت إلى أن "ضعضعة موقف الأردن، ستسحب من الهاشميين عمودا ثابتا ورئيسيا في شرعية المملكة، وستقلل من قدرتها على التوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وحتى شائعات عن دور السعودية في القدس تكفي لإشعال العداء ضد تل أبيب وواشنطن، وخلق ضغط زائد على النظام الأردني".
الضفة الغربية
وبينت أن "الأردن اعترف بالضفة الغربية، وقام بضمها كجزء لا ينفصل عن المملكة منذ 1950 وحتى 1967، وبعد احتلال إسرائيل للمنطقة عام 1967، استمر الأردن بالحديث عن سيادته في الضفة الغربية حتى قرار الملك حسين فك الارتباط في 1988، وأمل الأردن بعد التطبيع مع إسرائيل، أن يعزز الاتفاق فك الارتباط عن الضفة الغربية، ويدحض مزاعم تحول الأردن لوطن بديل للشعب الفلسطيني".
وذكرت الصحيفة أنه "من أجل محاولات تحويل الأردن لوطن بديل للفلسطينيين، عدد من السياسيين والمفكرين الفلسطينيين – الأردنيين طالبوا بتجديد دور الأردن في الضفة الغربية، وإلغاء قرار فك الارتباط والإعلان مجددا عن المطالبة بالسيادة في الضفة الغربية، وإعادة المنطقة لسيطرة التاج الهاشمي".
ونبهت إلى أن "هذا الموقف لا يعكس سياسة المملكة الرسمية، وعلى الأرجح لن يغير الأردن سياسته تجاه الضفة الغربية، ولكن طالما وجدت مواقف أردنية كهذه، فهي ستهدد مسائل داخلية حساسة تتعلق بالهوية الوطنية، وستستخدم ضغطا آخر على الملك عبد الله، وهذا الأمر يمكن أن يضعضع الاستقرار في المملكة الهاشمية على المدى البعيد".
اللاجئون
اللاجئون السوريون هم التحدي الثالث الذي يعصف بالأردن، يشكلون نحو 10 في المئة السكان، وهم "بحاجة لمساعدة متواصلة في تمويل الخدمات والمواصلات، ويشكلون عبئا غير متوازن على كاهلها، والتحديات الإنسانية والاقتصادية الكبيرة لمساعدة اللاجئين، تشكل ضغطا كبيرا على الأردن صاحبة الموارد المحدودة أصلا".
ونبهت إلى أن الأردن يجد "صعوبة متواصلة في توفير المياه النظيفة والغذاء السليم والظروف الصحية في المخيمات، وفي تقديم تعليم نوعي"، موضحة أن "التحدي المتواصل الذي يواجهه الأردن هو تقديم مساعدة مناسبة للاجئين وتحديد متى يمكنهم العودة لبلادهم، علما بأن الدعم الدولي الذي يصل إلى الأردن لا يكفي احتياجات السكان اللاجئين".
اقرأ أيضا: الغارديان: هل خطط حلفاء الأردن المقربون للإطاحة بالملك؟
وبينت "هآرتس"، أنه "من أجل تلبية التطلعات للتعامل مع اللاجئين في السنوات الثلاث القادمة، توجه الأردن للمجتمع الدولي بطلب توفير 6.6 مليار دولار".
الاقتصاد
وعن التحدي الرابع قالت: "الأردنيون في معظمهم، يؤكدون أن تحسين الاقتصاد يقف على رأس سلم الأولويات، خاصة بعد أن زاد وباء كورونا من شدة التحديات الاقتصادية الطويلة، وبصورة تقليدية يعتمد الاقتصاد الأردني على المساعدات المالية من الدول العربية والغربية، وعلى السياحة التي تساهم بـ 15 في المئة في الناتج الإجمالي الخام".
وبحسب إحصائيات أردنية، فإن "أكثر من مليون أردني يعيشون بأقل من 100 دولار في الشهر، ومع ذلك، يوجد في الأردن مجموعة سكانية مثقفة جدا، بينهم شباب لهم خبرة تكنولوجية، يتوقون إلى الابتكار وخلق فرص جديدة".
ورأت أن "مبادرة الأردن 2025؛ هي مشروع طموح يقترح تنويع الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة تستجيب لاحتياجات القرن الـ 21 وطلباته، ومع مجموعة سكانية فتية ومدربة، توجد للمملكة إمكانية كامنة عالية للنجاح في تجنيد رأس المال البشري والإسهام في الاقتصاد".
محاربة تنظيم الدولة
وأما التحدي الخامس بحسب الصحيفة العبرية، يتعلق بـ"محاربة تنظيم الدولة والتنظيمات المتطرفة"، واعتبرت أن "الأردن من الدول الأكثر أمنا واستقرارا، ولكن موقعه يحوله لدولة قابلة للإصابة، ويجعله عرضة للانتهاك والتطرف العنيف والعمل على تقويض نظامه".
وزعمت أن "حوالي 3 آلاف أردني حاربوا تحت راية داعش، الأمر الذي حول الأردن لدولة رائدة في عدد المتجندين في صفوف داعش بالنسبة لعدد سكانها، وبعد تقلص عدد داعش، الأردن سيضطر لمواجهة المواطنين العائدين إليه بعد القتال، فهل ستتم محاكمتهم في المحاكم؟ هل سيتم سجنهم؟ هل يمكن إعادة تأهيلهم؟ هذه الأسئلة المهمة ستكون لها تداعيات بعيدة المدى على الاستقرار الإقليمي".
وأفادت أن "المخابرات العسكرية في الأردن أدت دورا حاسما في صد منظمات عنيفة، كما أن الديمغرافيا والسياسة في الأردن عملت في صالح الدولة، علما بأن داعش واجه صعوبة في الحصول على موطئ قدم واستقرار في الأردن".
وبينت "هآرتس"، أن "الأردن شارك في تحالفات دولية ضد داعش، وما زال يلتزم بالتعاون الاستخباري مع حلفاء وشركاء لهزيمة هذا التنظيم، والمعركة العسكرية نجحت، لكن الصراع الأيديولوجي لردع الانضمام لتنظيمات مثل داعش هو تحد على المدى البعيد، علما بأن الأردن رسخ استراتيجية لمحاربة التطرف، وسجلت نتائج مختلطة، ومع ذلك، الأردن ليس وحده بأي شكل من الأشكال في هذا الصراع الطويل".
تعزيز التعاون الأمني
وفي نهاية تقريرها، خلصت الصحيفة إلى مجموعة من التوصيات، وشددت على ضرورة اعتراف تل أبيب وواشنطن بـ"تخوفات الأردن الأمنية، وفحص طرق جديدة لزيادة الثقة وتعزيز التعاون الأمني".
وأكدت أنه "سيكون من الصعب تعزيز العلاقات وتحسين الثقة بدون التعامل باحترام مع سيادة المملكة ومصالحها، وبدون أي تقدم في المسألة الفلسطينية، وإدارة جو بايدن يمكن أن تدعم توسيع دور الأردن الدبلوماسي في النزاع العربي - الإسرائيلي، وهي مقاربة يمكن أن تقلل مخاوف المملكة".
وزعمت أن "تصريحات علنية لنتنياهو عن احترام دور الأردن الخاص في القدس، يمكن أن تساعد في تخفيف التوتر، وأما الشكوك الأردنية ربما لن تختفي، لكن بادرات حسن نية كهذه، يمكن أن تساهم في إعادة الثقة وخلق فرص جديدة للتعاون الأمني الإقليمي".