قضايا وآراء

تفاهة جنود الاحتلال

عدنان حميدان
1300x600
1300x600
أظهر انتصار المقدسيين في هبة باب العامود تفاهة جنود الاحتلال ورعونة تصرفاتهم؛ بدا ذلك جليّا في الصور والمقاطع المتداولة من أجواء المواجهات بين الجنود المدججين بالسلاح والشباب المقدسيين الذين وقفوا أمامهم برؤوس مرفوعة وصدور عارية ورجولة عز نظيرها.

وإذا ركّزت بعيني أي مجند من "شرطة" الاحتلال تجد فيهما أمنية بانقضاء اليوم دون مواجهة مع مقدسي؛ فهناك أمام عينيه مجندة تقع أرضا بعد اشتباك بالأيدي مع فلسطينية، وذلك يتعرض لكف طائر على رقبته من الخلف لا يدري كيف جاء ومن أين، وثالث يُركل بوجهه وهو يحاول تثبيت مناضل على الأرض لاعتقاله وغير ذلك من الشواهد الكثير.

واللافت أن هذا كله من صنع شباب أعمارهم تتراوح بين 15 و20 عاما! فهم جيل ولد بعد انتفاضة الأقصى وكان الاحتلال يراهن عليه كثيرا بالتدجين والتيه، ولكنهم في كل مواجهة مع الاحتلال يثبتون خلاف ذلك، سواء في معركة "البوابات الإلكترونية" أو في الهبّة الأخيرة لحماية ساحة باب العامود.

التفاهة ليست منحصرة في جنود الاحتلال فالضباط والمسؤولون الصهاينة لهم نصيب منها، وقد تداول الناس صورة الضابط الذي يساوم شابا مقدسيا على إعطائهم ساحة باب العامود دون الدرج، وكان الرد المقدسي مفعما بالقوة والضحك في آن واحد: الدرج قبل الساحة، رمضان عندنا لا تكتمل أجواؤه دون الجلوس على الدرج!

ورغم ما تمتلكه دولة الاحتلال من تفوق نوعي في آلتها العسكرية وتدريبها المتقدم لجنودها، إلا إن الناظر إليهم يجد فيهم رعونة شديدة، ليثبتوا حقيقة أنهم مجرد عصابات متهورة تستفزهم شتيمة وتغضبهم احتفالات الشباب بالساحة، ثم ترى منهم الانتقام بهمجية من النساء وبشن حملات اعتقال عشوائية ترضي غرورهم وصلفهم.

ولكن في نفس الوقت كانوا حريصين بشدة على عدم قتل أي شخص؛ لأنهم يعلمون تماما فداحة الثمن الذي يمكن أن يدفع لو ارتقى شهداء فلسطينيون في تلك المواجهات الساخنة والدامية.

مرة أخرى ورغم مرور أكثر من قرن من الاحتلال نحو نصفه تحت نير الصهاينة، إلا أنّ عزيمة المقدسيين ما لانت وهمتهم لم تفتر، بل إن المحتل الغاصب لم يستطع فرض حواجزه المعدنية داخل ساحة من ساحات البلدة القديمة.

هؤلاء هم شباب القدس بصدورهم العارية، وهم شباب قد تكون حياتهم اليومية عادية أو أقل من ذلك، ولكن تغلي في عروقهم الحمية وتنهض بهم النخوة إن رأوا المحتل وأذنابه يحاولون المس بلبنة من لبنات القدس، فضلا عن مقدساتها وعلى رأسها المسجد الأقصى. وقد أثبتوا للعالم بأسره تفاهة جنود الاحتلال وهشاشة وجودهم، والله غالب على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون.
التعليقات (0)