قالت صحيفة
"نيويورك تايمز" إن
جواد ظريف وزير الخارجية
الإيراني، كشف الكثير عن
دور
الحرس الثوري الإيراني في تحديد سياسة الدولة وتجاوزه عددا من قرارات الحكومة
وتجاهله النصيحة.
وأوضحت في تقرير
ترجمته "عربي21" أنه في تحول عن الموقف الرسمي، انتقد ظريف قائد
فيلق القدس في الحرس،
قاسم سليماني، قائلا إن الجنرال حاول إضعاف دوره في الكثير من
الأمور وعمل مع الروس لتخريب الصفقة النووية التي وقعتها إيران مع الدول الكبرى
وتبنى مواقف في حرب سوريا الطويلة أضرت بمصالح إيران.
وقال: "في
الجمهورية الإسلامية الجيش يحكم الميدان". وكان ظريف يتحدث في جلسة تسجيلية
استمرت ثلاث ساعات كجزء من توثيق شفوي لتاريخ الإدارة الحالية وقال: "تمت التضحية
بالدبلوماسية من أجل الميدان العسكري بدلا من خدمة الميدان الدبلوماسي".
وجاء الكشف عن الشريط
في لحظة حرجة لإيران التي تحاول التفاوض مع الولايات المتحدة في إطار العودة إلى
الاتفاقية النووية. وتجري محادثات غير مباشرة في فيينا. ولا يعرف الأثر الذي
سيتركه الشريط على المحادثات النووية أو موقع ظريف نفسه.
وجرى الحوار في
آذار/ مارس بين ظريف واقتصادي حليف له اسمه سعيد ليلاز، ولم يكن للنشر، كما أنه سمع وزير
الخارجية يتحدث طوال الحوار، وحصلت القناة الفارسية في لندن "إيران إنترناشونال" على التسجيل وقدمت نسخة منه لصحيفة "نيويورك
تايمز".
وأكد ظريف في الشريط
ما كان يدور في الماضي من شكوك وهو أن دوره كممثل للجمهورية الإسلامية على المسرح
العالمي كان مقيدا، فقد كان يتلقى القرارات التي تملى عليه بشكل دائم من المرشد
الأعلى والحرس الثوري. ولم تجادل وزارة الخارجية الإيرانية في صحة الشريط ولكنها
تساءلت عن الدوافع وراء التسريب.
وقال سعيد خطيب زادة،
المتحدث باسم الوزارة إن نشره يعبر عن "سياسة لاأخلاقية"، مشيرا إلى أن
أجزاء من المقابلة التي نشرت لا تمثل كل الحوار وتصريحات ظريف الكاملة في ما يتعلق
بعلاقته مع الجنرال سليماني.
وأضافت الصحيفة: "في
الأجزاء التي نشرت مدح ظريف الجنرال وقال إنهما عملا معا بشكل مثمر قبل غزو
أفغانستان والعراق. وقال إن اغتيال الولايات المتحدة له في العراق كان ضربة كبيرة
لإيران وأكثر من محو مدينة كاملة.
ولكنه قال إن بعض
تحركات سليماني أضرت بالبلد، مشيرا إلى مثال يتعلق بالاتفاقية النووية التي وقعت
عام 2015 مع القوى الغربية ومن بينها الولايات المتحدة. وقال ظريف إن روسيا لم تكن
راغبة بنجاح الصفقة و"وضعت كل ثقلها" لخلق المعوقات لأن موسكو لم تكن ترى
أن هناك مصلحة لها في تطبيع إيران علاقتها مع الغرب. ولهذا سافر سليماني إلى موسكو
"لتدمير إنجازنا" أي الصفقة النووية.
وانتقد ظريف سليماني
في موضوع آخر وهو سوريا، ولامه على منحه الطيران الروسي إذنا من أجل التحليق فوق
إيران لضرب سوريا، ولنقله الجنود ومعدات إلى سوريا مستخدما الخطوط الجوية الإيرانية،
وبدون معرفة من الحكومة الإيرانية ولنشره قوات في سوريا.
وتركت التسريبات أثرها
المباشر وطالب نقاده باستقالته، قائلين إنه يمثل تهديدا على الأمن القومي لأنه
كشف عن دواخل السياسة الإيرانية. بل وعبر حلفاؤه عن قلق من تأثير تعليقاته على الانتخابات
التي ستعقد في حزيران/ يونيو وستضر بمرشح المعسكر الإصلاحي الذي يرتبط به، ولأنه أكد
موقف الرأي العام وهو أن المسؤولين المنتخبين لا يحكمون أصلا.
ويأتي التسريب بعد
سلسلة من الاختراقات الأمنية لدوائر الحكومة في إيران التي أدت إلى عمليتي قتل
وهجومين اثنين في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم. وقال المستشار الرئاسي السابق
محمد علي أبطحي إن نشر شريط ظريف هو مثل "سرقة إسرائيل الوثائق النووية من
إيران".
ويرى بعض المحللين أن
تسريب الشريط سيضعف من سلطة إيران الدبلوماسية في المفاوضات النووية. وقالت سينا
أزودي، الزميلة غير المقيمة في المجلس الأطلنطي: "هذا سيقيد يد
المفاوضين" و"يقدم ظريف على أنه شخص لا يمكن الثقة به، ويعطي صورة عن
أن سياسة خارجية إيران يمليها مسرح سياسي والجيش وأن ظريف لا شيء".
واعترف ظريف بأنه عندما
يتعلق الأمر بالمحادثات النووية فهو ليس ملتزما بتوجيهات المرشد، آية الله علي
خامنئي فقط، بل وبمطالب الحرس الثوري. وقال إن المرشد وبخه قبل فترة لتصريحاته التي
خرجت عن الخط الرسمي وقال فيها إن إيران مستعدة للعمل مع الولايات المتحدة وتصميم
خطوات للعودة إلى الاتفاقية النووية.
وقال ظريف: "بنية
وزارة الخارجية مكيفة أمنيا". وأضاف أنه لم يكن يعرف بتصرفات الحكومة بطريقة
أحرجته. وقال إن الأمريكيين علموا بالرد الانتقامي ضد قاعدتين عسكريتين أمريكيتين
في العراق قبل أن يعرف هو، حيث ذهب مسؤولان من فيلق القدس إلى رئيس الوزراء العراقي
عادل عبد المهدي وأخبراه بأن الإيرانيين سيطلقون صواريخ انتقاما لسليماني في غضون
45 دقيقة.
وأخبره وزير الخارجية
الأمريكي السابق جون كيري، بأن الإسرائيليين استهدفوا مصالح إيرانية في سوريا حوالي
200 مرة ما أثار دهشته. وتحدث عن عملية تستر على إسقاط الطائرة الأوكرانية التي
قتل على متنها 176 راكبا. وعلم الحرس مباشرة أن الصاروخ الذي أطلقوه ضرب الطائرة
ولم يعترفوا إلا بعد ثلاثة أيام.
وكشف ظريف جانبا مما
جرى خلال اجتماع مصغر لمجلس الأمن القومي، بعد إسقاط الطائرة الأوكرانية، وكان
فيه قائدان عسكريان، وأخبر الحاضرين بأن العالم يريد منا توضيحات، وهاجمه القائدان
وطلبا منه نشر تغريدة يؤكد فيها أن الأخبار "غير صحيحة".
وأضاف: "قلت: لو
ضربت بصاروخ أخبرونا حتى نجد طريقا لحلها؟". وأضاف: "الله شاهد علي،
والطريقة التي ردا فيها علي كأنني أنكرت وجود الله".