اقتصاد دولي

مؤتمر دولي يدعو لتشكيل نظام نقدي يكسر هيمنة الدولار (شاهد)

أشرف دوابة: إذا سقط الدولار فسيسقط معه الأمن القومي الأمريكي- جيتي
أشرف دوابة: إذا سقط الدولار فسيسقط معه الأمن القومي الأمريكي- جيتي

انطلقت، الأحد، فعاليات المؤتمر الدولي الثالث للأكاديمية الأوروبية للتمويل والاقتصاد الإسلامي "إيفي"، بمشاركة علماء وباحثين من 17 دولة، تحت عنوان "نحو نظام نقدي إنساني عادل".

ودعا المشاركون في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، الذي عقد "افتراضيا" عبر الإنترنت، تابعتها "عربي21" إلى أهمية وضع استراتيجية نقدية بمنهج إسلامي لتشكيل نظام نقدي إنساني جديد وعادل محليا وعالميا يعكس مصالح جميع الدول بصورة متوازنة لتحقيق الاستقرار النقدي، وتدعيم جهود التنمية للجميع.

وقال رئيس أكاديمية "إيفي"، وأستاذ الاقتصاد بجامعة إسطنبول صباح الدين زعيم، أشرف دوابة، في كلمته، إن العالم يعيش حاليا أزمة في النظام النقدي سواء على المستوى المحلي أو العالمي، وما زال الدولار هو المسيطر عالميا على هذا النظام باعتباره عملة الاحتياط الدولية.

وتابع: "من يمتلك القوة العسكرية يمتلك القوة الاقتصادية وفي القلب منها القوة النقدية والعكس صحيح أيضا، فالنقود عنصر قوة، ومن يمتلك القوة يمكنه إدارة شؤون النقد، وكذلك من يدير شؤون النقد يمتلك القوة، لذا تنظر الولايات المتحدة للدولار الأمريكي وهيمنته على أنه سر بقائها ومصدر قوتها".

واستشهد دوابة بما ذكره جايمس ريكاردز صاحب كتاب حرب العملات، أنه "لا يمكن الحفاظ على الهيمنة الأمريكية العسكرية الفريدة من نوعها إلا من خلال دور الدولار وهيمنته، وإذا سقط الدولار فسيسقط معه الأمن القومي الأمريكي".

ولفت دوابة، إلى أن النظام النقدي الحالي أوقع العديد من الدول في مزيد من الأزمات، والتلاعب بأسعار صرفها، وفقدان استقلالها النقدي، مضيفا أنه "ليس بعيدا عنا ما تعرضت له الليرة التركية فضلاً عن عملات العديد من الدول كإيران ولبنان لهزات وتقلبات بفعل عدم وجود نظام نقدي يتسم بالاستقلالية والكفاءة والعدالة، حتى بات زواج العملات المحلية بالدولار زواجاً كاثوليكياً لا مفر منه ولا فكاك عنه".
 
وأشار دوابة، إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي حاولت تأسيس نظام نقدي، ولكن أبت الخلافات إلا أن تضع المجلس نفسه في مهب الريح وبات الاختلاف في تأسيس هذا النظام ومكان البنك المركزي فيه هو سيد الموقف.

وأوضح، أن صعود قوى وتكتلات عالمية جديدة بعد أزمة كورونا بعيدا عن الهيمنة الأمريكية على النظام النقدي -وهذا يفرض أهمية تشكيل نظام نقدي إنساني عادل محلياً وعالمياً- يعكس مصالح كل دولة بصورة متوازنة لتحقيق الاستقرار النقدي محلياً وعالميا.

وأكد أن الأمة الإسلامية أحوج ما تكون حاليا إلى وجود عملة إسلامية موحدة خاصة بعد أن باتت العملات الإلكترونية واقعا لا يمكن إغفاله حاليا ومستقبلا، مشددا على ضرورة التمسك بهذا الأمل، والبناء على ما سبق من تجارب لم تكتمل في هذا الصدد، ومنها تجربة البنك الإسلامي للتنمية الخاصة بالدينار الإسلامي، وتجربة رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد الخاصة بالدينار الذهبي.

 

 

 

 

وفي كلمته، قال رئيس جامعة الزيتونة في تونس عبد اللطيف أبو عزيزة، إن الاقتصاد الإسلامي "حلم منذ عقود، وما زلنا ننتظر تفعيل أحكامه".

وصعدت أصول التمويل الإسلامي بنسبة 13.9 بالمئة خلال 2019 إلى 2.88 ترليون دولار، "رغم أزمة كورونا، من المتوقع أن تنمو بمعدل نمو سنوي 5 بالمئة اعتبارا من 2020"، وفقا للأناضول.

كانت أكاديمية (ايفي) عقدت مؤتمرها الأول والثاني في إسطنبول، الأول بعنوان (المصارف الإسلامية بين فكر المؤسسين وواقع التطبيق) والثاني بعنوان (الأسواق المالية الإسلامية بين الواقع والواجب).

وتأسست الأكاديمية الأوروبية للتمويل والاقتصاد الإسلامي، قبل 5 سنوات، وهي مؤسسة بريطانية - تركية، تعمل على تقديم خدمات التعليم المستمر والتدريب والاستثمارات والبحوث والتحكيم في مجال التمويل والاقتصاد الإسلامي.

وفي كلمة له، دعا أمين عام الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، علي محيي الدين القرة داغي، العالم الإسلامي الى "تشكيل لجان متخصصة، لتقدم للعالم سياسة شاملة لقضية النقود وإدارتها".

وقال إن "تحقيق العدالة الاقتصادية في مجال إصدار النقد ورد النقود والحفاظ على قيمة النقود، من أبرز المبادئ الإسلامية، مؤكدا ضرورة "إجراء دراسة متكاملة للوصول الى نظام نقدي عادل".

ودعا القرة داغي إلى الاستفادة من التقنيات والمشاركة في مسألة صك النقود ومراقبتها، وحماية السوق من التدليس ومن قضية التضخم، قائلا: "هذا من واجبات الدولة الرشيدة".


التعليقات (2)
مسلم وكفى
الأحد، 07-02-2021 03:06 م
أشكرك أخي على هذا التحليل الموجز والدقيق و بالمناسبة الدول العربية التي لم تذكرها بالإسم فهي السعودية والعراق وليبيا وشكرا لك مجددا
محلل سياسي متواضع
الأحد، 07-02-2021 01:19 م
مع نهاية الحرب العالمية الثانية، فقدت كل عملات دول أوروبا قيمتها تماماً ، و بالطبع لم يتأثر الدولار ففكرت أمريكا بإقامة نظام عالمي اقتصادي جديد ، يقوم على الدولار كأساس . حصل اتفاق أمريكي- بريطاني على اعتماد الدولار كعملة عالمية لتقييم السلع وليتم التداول به ، لم توافق بقية أوروبا ، فوعد الأمريكيون ستالين بتقديم15 مليار دولار كمساعدات مادية لإعادة بناء الاقتصاد السوفيتي إذا اعتمد الدولار كعملة عالمية. فوافق ستالين فأحرج الأوربيين الذين لم يجدوا بداً من الإذعان ، ومع أن ستالين لم يقبض من الأمريكان شيئاً ، إلا أن خطتهم نجحت وأصبح الدولار عملة كل العالم . كان الاتفاق العالمي يلزم أمريكا بتعويض الدولار بالذهب حسب سعر ثابت (35دولار مقابل اونصة من الذهب28غرام(. أي تذهب للبنك الأمريكي و تعطيه 35 دولار فيعطيك اونصة ذهب في المكان. لكن في حرب فيتنام ، اضطرت أمريكا لطباعة كمية كبيرة من الدولارات و كانت هذه الأوراق النقدية غير مدعومة بالذهب ، و لذلك قررت أمريكا في عام 1971 فك الارتباط بين الدولار والذهب . في عام 1973، وافق أحد ملوك العرب على قبول الدولار كعملة وحيدة لشراء النفط، مقابل تقديم أمريكا الحماية للعائلة المالكة و الحماية العسكرية لحقول النفط في بلاده ، ثم تبعت دول "أوبك" الأخرى تلك الخطوة في 1975، وبالتالي نجحت واشنطن بربط الدولار بالنفط بدلا من الذهب و تولد مفهوم البترودولار و اضطرت الدول المستوردة للنفط أن تقتني دولارات . فيما بعد ، حاول حاكمان عربيان بيع النفط بعملة غير الدولار (مثل اليورو) ، فأطاحت بهما أمريكا و أوعزت بقتلهما . مع الاحترام لهذا المؤتمر الدولي الذي يدعو إلى إيقاف التلاعب بالعملات الورقية و منع خسائر الناس نتيجة هذه الألاعيب ، لا يمكن النجاح في هذا المسار إلا إذا تبنته دول كبرى و دول أخرى قوية اقتصادياً في آسيا و أمريكا اللاتينية مستعدة لتحمل المقاومة الشرسة التي ستخوضها أمريكا ضدها .