الإرهابيون خلعوا ملابس المنظمة الإرهابية، ليرتدوا ملابس الحشد الشعبي، في محاولة للمماطلة والتحايل على الاتفاق. ومن المؤكد أن أنقرة تراقب تحركات الإرهابيين في المنطقة عن كثب
إخرج الإرهابيين من سنجار تم الاتفاق عليه أيضا في مباحثات جرت بين مسؤولين أتراك وعراقيين، إلا أن الجانب العراقي لم يف بوعوده. وكل ما تم هو أن بعض الإرهابيين خلعوا ملابس المنظمة الإرهابية، ليرتدوا ملابس الحشد الشعبي، في محاولة للمماطلة والتحايل على الاتفاق. ومن المؤكد أن أنقرة تراقب تحركات الإرهابيين في المنطقة عن كثب، ولا يمكن أن تنطلي عليها مثل هذه المحاولات.
وجود حزب العمال الكردستاني في شمال العراق يهدد أمن العراق وإقليم كردستان كما يهدد أمن تركيا واستقرارها. وبالتالي، إخراجه من المنطقة سيكون لصالح بغداد وأربيل وأنقرة. ولكن المشكلة أن قرار بغداد، كما يعرف الجميع، ليس بيدها، بل هناك قوتان تتحكمان في قراراتها، وهما الولايات المتحدة وإيران. ومن المؤكد أن كلتيهما لا تحبذان إنهاء وجود حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، بل تحرصان على بقاء هذه الورقة في أيديهما ضد تركيا.
تركيا ليست بحاجة إلى دعم العراق للقيام بهذه العملية العسكرية، بل الأفضل أن تقوم بها وحدها. وهي قامت بعدة عمليات عسكرية ناجحة، سواء في شمال سوريا أو شمال العراق، وجاء الدور الآن على منطقة سنجار التي تستخدمها المنظمة الإرهابية كمعبر من جبال قنديل إلى المناطق التي تسيطر عليها في شمال سوريا وشرقها. ولا يمكن أن تبقى تركيا متفرجة لتحول منطقة سنجار إلى "قنديل ثانية" ووكر للإرهابيين، كما أكد المسؤولون الأتراك في المباحثات مع نظرائهم العراقيين.
جاء الدور الآن على منطقة سنجار التي تستخدمها المنظمة الإرهابية كمعبر من جبال قنديل إلى المناطق التي تسيطر عليها في شمال سوريا وشرقها
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، خلال زيارته للعاصمة التركية في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، قال إن "موقف العراق يتمثل في إدانة أي عمل يهدد تركيا، وعدم السماح لأي تنظيم خارج على القانون باستخدام أراضي العراق لتهديد جيرانه". إلا أن التوازنات الحالية التي تحكم العراق تشير إلى أن رغبة بغداد وحدها لا تكفي، بل إن هناك رغبة أخرى متحكمة في العراق، وتسعى تلك الرغبة الإيرانية إلى الحفاظ على وجود حزب العمال الكردستاني في شمال العراق ولو من خلال ضم عناصره إلى الحشد الشعبي. ومن المتوقع أن تضغط طهران على بغداد، وأن تحرك أذرعها لعرقلة أي عملية عسكرية في منطقة سنجار.
الولايات المتحدة هي الأخرى ستنزعج من عملية سنجار المحتملة؛ لأن واشنطن تعتبر المنظمة الإرهابية حليفتها في مكافحة تنظيم داعش الإرهابي. كما أن أبرز داعمي المنظمة الإرهابية في الولايات المتحدة، مثل لويد أوستن وبريت ماكغورك، عادوا إلى المسرح، لتتم تسمية الأول وزير الدفاع والثاني منسق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الإدارة الأمريكية الجديدة.
الديمقراطيون هم الذين سيحكمون الولايات المتحدة لمدة أربع سنوات، ومن المعلوم أنهم يدعمون الإرهابيين في المنطقة ويتعاطفون معهم. وها هي هيلاري كلينتون وابنتها تستعدان لإنتاج مسلسل تلفزيوني باسم "بنات كوباني" لترويج دعاية وحدات حماية الشعب الكردي التابعة لحزب العمال الكردستاني، وهذا مؤشر آخر يشير إلى أن العلاقات التركية الأمريكية لن تكون على ما يرام في عهد بايدن. إلا أن العمليات العسكرية التي قامت بها تركيا، بدءا من التدخل في جزيرة قبرص إلى عملية نبع السلام، تؤكد بما لا يدع للشك مجالا، أن الأتراك لا يترددون ولا يبالون بمعارضة الولايات المتحدة ولا غيرها إن كان الأمر متعلقا بأمنهم القومي.
twitter.com/ismail_yasa
لا يوجد تعليقات على الخبر.