هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تحقيقا يثبت أن نقص الأكسجين كان سببا في وفاة مصريين مصابين بفيروس كورونا في مستشفى الحسينية بمحافظة الشرقية، رغم نفي الحكومة ذلك.
وفي بيان رسمي صدر في اليوم التالي للحادثة، قالت الحكومة إن الأربعة الذين ماتوا عانوا من "تعقيدات" نافية أن يكون الموت له علاقة بأي نقص في الأكسجين.
وقامت السلطات الأمنية بالتحقيق مع أحمد نافع، الذي قام بتصوير الحادثة ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، واتهمته بخرق القواعد التي تمنع الزيارة والتصوير في داخل المستشفيات.
وبحسب الصحيفة، قال شهود عيان بمن فيهم أقارب المرضي وعاملون في الطاقم الطبي إن مستويات الأكسجين هبطت بشكل متدن جدا. ما أدى لوفاة ثلاثة مرضى وربما أربعة بسبب الحرمان من الأكسجين.
وفي تحليل للفيديو أكد أطباء في مصر والولايات المتحدة أن المشهد في غرفة العناية الفائقة يشير إلى انقطاع في إمدادات الأكسجين.
— Hosam Yahia (@HosamYahiaAJ) January 3, 2021
وكشف التحقيق أن نقص الأكسجين هو نتيجة لسلسلة من المشاكل في المستشفى. وفي الوقت الذي كان يواجه فيه المرضى الاختناق داخل غرفة العناية الفائقة كانت شحنة من الأكسجين التي طلبتها المستشفى متأخرة ساعات وفشلت شحنات الأكسجين الاحتياطي في المساعدة.
وقال طبيب في المستشفى: "لن ندفن رؤوسنا في الرمال ونتظاهر بأن كل شيء على ما يرام". و"كل العالم يعترف أن هناك مشكلة إلا نحن".
وقالت الصحيفة إن مسارعة الحكومة لنفي الحادثة هو واحد من الأمثلة الأخيرة عن غياب الشفافية في طريقة تعاملها مع أزمة كوفيد -19 والتي قادت إلى السخرية وعدم الثقة بتأكيداتها.
ومنح فيديو نافع صورة بدون رقابة عن الحصيلة الحقيقية لضحايا الموجة الثانية من وباء فيروس كورونا. واعترفت الحكومة بوفاة أربعة أشخاص داخل غرفة العناية الفائقة في 2 كانون الثاني/يناير لكنها نفت أن تكون وفاتهم مرتبطة بنقص الأكسجين.
اقرأ أيضا: الغارديان تكشف أسباب أزمة نقص الأوكسجين بمستشفيات مصر
وبررت وزارة الصحة ما جرى بأن الأربعة الذين ماتوا، ماتوا بظروف لا علاقة لها بكوفيد-19 وفي أوقات متفرقة. وللتأكيد على استبعاد نظرية نقص الأكسجين قالت إن مرضى آخرين بمن فيهم أطفال حديثو الولادة في حاضنات لم يتأثروا وكانوا مرتبطين بشبكة الأكسجين نفسها. وقالت إن هذا يؤكد عدم الربط بين الوفاة ونقص الأكسجين.
وأكد الطاقم الطبي في المستشفى أن الكميات المتوفرة من الأكسجين لم تنفد بالكامل من المستشفى ولكن الضغط كان منخفضا بدرجة خطيرة. وكان الوضع أسوأ في وحدة العناية الفائقة. ولم تكن كما قالوا كافية للإبقاء على المرضى أحياء.
وقالوا إن خطوط العناية الفائقة ربما كانت في آخر الشبكة أو كانت تعاني من عيوب أخرى. ولم ينجح الأطباء في معالجة النقص مما قاد إلى مشاكل أخرى. فعندما حاولوا تغيير خط الإمدادات لغرفة العناية الفائقة من الخزان الرئيس للمستشفى إلى الخزان الاحتياطي لم ينجحوا بسبب الضغط الكبير عليه.
وطلبت إدارة المستشفى في وقت مبكر من ذلك اليوم إمدادات جديدة من وزارة الصحة، إلا أن الشاحنة التي كانت ستوصل أنابيب الغاز لم تصل في الموعد بل كانت متأخرة ثلاث ساعات.
وقال طبيب في المستشفى: "لو وصلت الشاحنة في الساعة السادسة مساء لم يكن ليحدث شيء من هذا القبيل".
واكتشف الخبراء الذين حللوا الفيديو بمن فيهم ستة أطباء من الولايات المتحدة ومصر أدلة تدعم فكرة الفشل في توفر الأكسجين. وبدا أن أيا من المرضى لم يكن مرتبطا بالخط الرئيسي للأكسجين. وبدا طبيب وهو يحمل عبوة أوكسجين متحركة تستخدم للطوارئ. وبدا عدد من الممرضين والممرضات وهم يحاولون إنعاش مريض بمنفس يدوي لم يكن مرتبطا بمصدر الأكسجين.
وقال هشام النشواطي، طبيب الطوارئ العامل في نيويورك: "لم يكن هناك أكسجين مرتبط بكيس الهواء" و"قدم له بالأساس هواء حر ولم ينجح إلا عندما يكون لديك أكسجين".
ولم يكن نقص الأكسجين فقط في مستشفى الحسينية بل وهناك إشارات عن أماكن أخرى. فقد طلب طبيب عبر منصات التواصل التبرع بعبوات أكسجين متحدثا عن "الحاجة الماسة". وصور مريض في مستشفى آخر نفسه في عنبر الحجر حيث قال: "ليس لدينا أكسجين كاف" مع أنه لم يتم التأكد بشكل مستقل من هذه المزاعم.
وتساءل أيمن سبع من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "هل هناك مشكلة؟" وأجاب: "لا أحد يزعم أن لديه المعلومات إلا الحكومة". مع أن سجل الحكومة في ظل الأزمة لا يبعث على الثقة، خاصة أن حكومة عبد الفتاح السيسي شجبت نقادها واعتبرتهم "أعداء الدولة".
وطردت أجهزته الأمنية الصحفيين الأجانب الذين شككوا بأرقام الحكومة حول ضحايا الفيروس. وحذر النائب العام أي شخص ينشر "الأخبار الكاذبة" عن الفيروس بمعاقبته بالسجن لخمسة أعوام. وتصادمت الحكومة مع الأطباء الذين احتجوا على عدم وجود معدات الحماية الكافية وسجنت عددا منهم.
ويرى سبع أن الحكومة تحاول السيطرة على الرواية والظهور بمظهر أن كل شيء تحت السيطرة وبالتالي التحكم بكل المعلومات التي تصل إلى الرأي العام. ويشكك الخبراء بأرقام الحكومة حول الإصابات والوفيات حيث يقولون إن الأعداد المتوفرة لا تعكس الحجم الحقيقي للإصابات إما بسبب التقليل من الأرقام أو غياب عمليات الفحص الواسعة ولأن المخابر التي تقوم بالفحص لا تخبر الحكومة بالنتائج.
وفي الوقت الذي نفت فيه الحكومة حادثة الحسينية إلا أنها بدأت باتخاذ الإجراءات لمعالجة الموضوع والاعتراف بوجود مشكلة وإن بشكل تكتيكي. واعترفت وزيرة الصحة هالة زايد بنقص شاحنات توصيل الأكسجين وتوزيعه. وطلب السيسي من الحكومة مضاعفة إنتاج الأكسجين. واتخذت الحكومة إجراء آخر بعد الحسينية وهو الطلب من الزوار ترك هواتفهم عند الباب.