هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال الصحفي والكاتب البريطاني جوناثان كوك، إن الاحتلال الإسرائيلي خسر معركة إخفاء صفته كنظام فصل عنصري.
وأوضح في مقال له بموقع "ميدل إيست آي"، أن تقريرا جديدا صادرا عن المجموعة الحقوقية "بيتسيلم"، من شأنه أن يجعل من الصعب إلصاق تهمة معاداة السامية بمنتقدي الاحتلال الإسرائيلي الذين يقولون إنها دولة عنصرية.
وفي ما يأتي النص الكامل للمقال:
لما يزيد عن عقد من الزمن، لم يفتأ حفنة من السياسيين الإسرائيليين والدبلوماسيين الأمريكيين السابقين ممن ارتبطوا بما يمكن أن يطلق عليه "صناعة عملية السلام" يحذرون بشكل متقطع من أنه بدون حل الدولتين فإن إسرائيل ستكون عرضة للتحول إلى "دولة أبارتيد (فصل عنصري)".
ومن أبرز هؤلاء إيهود باراك وإيهود أولمرت، رئيسا الوزراء السابقان في إسرائيل، وجون كيري، الذي كان وزيراً لخارجية الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما. ولطالما أعلنوا جميعاً بأن الوقت يمضي سريعاً.
كان مصدر قلقهم الرئيسي، فيما يبدو، أنه بدون وجود نوع من الدولة الفلسطينية – مهما كانت محدودة وهزيلة – فإن شرعية إسرائيل "كدولة يهودية وديمقراطية" ستكون، وبشكل متزايد، على المحك. إذ سوف يحل الأبارتيد، كما قالوا، عندما تحكم أقلية من اليهود الإسرائيليين أغلبية من الفلسطينيين في منطقة تقع بين البحر المتوسط ونهر الأردن تتحكم بها إسرائيل.
العتبة الديموغرافية
ما لبث ما يسمى معسكر السلام يلوح بخطر الأبارتيد على أمل استنفار الضغط الدولي على اليمين الإسرائيلي الذي يقوده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. والغاية من ذلك هي إجباره على تقديم ما يكفي من التنازلات حتى توافق القيادة الفلسطينية على دويلة، أو دويلات، منزوعة السلاح تقام على بعض فتات من الوطن الفلسطيني الأصلي.
في هذه الأثناء استمر النمو السكاني، وتجاهل اليمين الإسرائيلي جميع التحذيرات، مفضلاً بدلاً من ذلك المضي قدماً لتحقيق طموحاته في إيجاد إسرائيل الكبرى. لكن الغريب في الأمر أن لحظة الأبارتيد لم تحل بالنسبة لمعسكر السلام الإسرائيلي، وبدلاً من ذلك فترت تعبيراته عن القلق إزاء الأبارتيد إلى صمت مطبق، وكذا كان مصير صيحاته القلقة التي كانت ذات يوم مدوية بشأن الأغلبية السكانية للفلسطينيين.
هذه المقاربة المستهزئة بأسرها تجاه موضوع الدولة الفلسطينية، تفجرت هذا الأسبوع، وإن جاء ذلك متأخراً، بصدور تقرير عن بيتسيلم، أبرز وأرقى منظمة إسرائيلية للدفاع عن حقوق الإنسان، والتي كسرت جدار الصمت لتعلن ما كان لسنوات طويلة جلياً لدى الكثيرين. لقد أوجدت إسرائيل واقعاً دائماً يتكون من شعبين، اليهود والفلسطينيون، يشتركان معاً في نفس الحيز المكاني، فيما عدا أن الجانب الأقوى يفرض على الجانب الأضعف نظاماً يقوم على فكرة التفوق اليهودي. قالت منظمة بيتسيلم إن هذا الوضع يمثل بشكل صريح لا لبس فيه نظام فصل عنصري.
وبذلك تكون المنظمة قد طرحت جانباً تلك المغالطة التي ترى أن الأبارتيد يرتبط بحد زمني ديمغرافي مفترض لن يتحقق بتاتاً بدلاً من أن يكون ناجماً عن ممارسات وسياسات للعزل تمارسها إسرائيل بشكل صريح وتفرضها في مختلف أرجاء المناطق التي تقع تحت حكمها. كما تسفه المنظمة تلك الحجج التي يتمسك بها أنصار إسرائيل في الخارج ومفادها أن إسرائيل لا يمكن أن تكون دولة فصل عنصري لأن المرء لن يجد في حدائقها العامة مقاعد مكتوب عليها "للبيض فقط" كما كان عليه الحال في جنوب أفريقيا.
يلاحظ هاجاي إلعاد، المدير التنفيذي لمنظمة بيتسيلم، أن نسخة إسرائيل الثانية من نظام الفصل العنصري – إذا جاز التعبير – تتجنب وجوهاً معينة من القبح، وأنه لا قيمة في واقع الأمر لاعتماد إسرائيل على تعريفات لا ترتبط بلون البشرة: فما يهم ويعتبر بيت القصيد هو الواقع القائم على فكرة التفوق العنصري. ويخلص التقرير إلى أن مواصفات نظام الفصل العنصري تحققت بعد الأخذ بالاعتبار "مجموع السياسات التي انتهجتها إسرائيل والقوانين التي سنتها لكي تكرس هيمنتها على الفلسطينيين."
تحليل جريء
لعل أكثر ما في تحليل بيتسيلم جرأة هو اعتراف المنظمة بأن الفصل العنصري قائم ليس فقط داخل المناطق المحتلة، كما تم الإقرار به من قبل، بما في ذلك من قبل الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر. بل تتحدث المنظمة في تقريرها عن كل المنطقة الواقعة بين البحر المتوسط ونهر الأردن – والتي تشتمل على إسرائيل والمناطق الفلسطينية معاً – باعتبارها نظام فصل عنصري. وبذلك فهي تفند مزاعم إسرائيل بأنها دولة ديمقراطية حتى داخل حدودها المعترف بها دولياً.
لقد تخلت بيتسيلم عن التظاهر بأن نظام الفصل العنصري يمكن أن يقتصر على المناطق المحتلة، كما لو كانت إسرائيل – تلك الدولة التي تحكم الفلسطينيين – معفاة بشكل أو بآخر من أن تصنف كجزء لا يتجزأ من مشروع الفصل العنصري الذي تقيمه وتشرف عليه.
كان ذلك واضحاً باستمرار. فهل كان يُعقل في جنوب أفريقيا السابقة الادعاء بأن نظام الفصل العنصري كان موجوداً فقط داخل البانتوستانات أو داخل التجمعات السكانية للسود، بينما تعفى من ذلك مناطق البيض؟ إطلاقاً، ما كان ذلك ليعتبر معقولاً أو مقبولاً. ومع ذلك، ظلت إسرائيل لعقود تفلت من المساءلة عن إباحتها لتلك المحرمات، مسنودة في ذلك إلى حد كبير من قبل معسكر السلام، بما في ذلك منظمة بيتسيلم نفسها.
أما الآن فتقول بيتسيلم: "يمارس اليهود حياتهم في حيز واحد متواصل حيث يتمتعون بحقوق كاملة وبتقرير المصير. في المقابل، يعيش الفلسطينيون في حيز مفتت مبعثرين في عدة وحدات، كل منها لها حقوق مختلفة، والحقوق تمنحها أو تمنعها إسرائيل، وهي باستمرار حقوق أدنى من تلك التي تُمنح لليهود."
تتجلى "عقيدة التفوق اليهودي" لدى إسرائيل في هوسها بمسألة تهويد الأرض وبقوانينها وسياساتها المتشعبة الخاصة بالمواطنة وحقوق الجنسية التي يُخص بها اليهود دون سواهم، وبنظمها التي تقيد حركة الفلسطينيين وحدهم، وبقواعدها التي تحرم الفلسطينيين من المشاركة السياسية. تلاحظ منظمة بيتسيلم أن تلك السياسات التمييزية تطبق كذلك على خمس سكان إسرائيل، وهم الفلسطينيون الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية اسماً ولا يتمتعون بحقوقها كاملة.
يخلص إلعاد إلى القول: "لا توجد بوصة مربعة واحدة داخل المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل يتساوى فيها الفلسطيني مع اليهودي، فالناس الذين يحتلون مقاعد الدرجة الأولى هنا هم فقط المواطنون اليهود، من أمثالي."
احتلال دائم
ما فعلته بيتسيلم هو ترديد صدى الحجج التي ما لبثت تصدر منذ وقت طويل عن الأكاديميين وعن المجتمع المدني الفلسطيني، بما في ذلك حركة المقاطعة الدولية بي دي إس (التي تطالب بمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها)، والتي ترى بأن إسرائيل مجتمع استعماري استيطاني.
في رسالة إيميل رد بها على التقرير، قال عمر برغوثي، أحد مؤسسي حركة بي دي إس، إن التقرير ساعد في وضع نهاية "للأكاذيب الفظيعة والعنصرية حتى النخاع التي تتحدث عن ديمقراطية إسرائيل التي لا تخلو من العيوب، والتي تعاني من مشكلة اسمها الاحتلال."
يلاحظ تقرير بيتسيلم أنه بينما ينبغي أن يكون "الاحتلال" وضعاً مؤقتاً، إلا أن إسرائيل ليس لديها النية لإنهاء حكمها العسكري على الفلسطينيين، حتى بعد مرور خمسة عقود. ولا توجد الدولة الفلسطينية في أجندة أي من الأحزاب الإسرائيلية التي يتصور وصولها إلى السلطة في المدى المنظور، ولا يوجد أحد داخل المجتمع الدولي، ممن لديهم أدنى قدر من النفوذ، يلح على إقامة تلك الدولة. لقد اندثر حل الدولتين وطواه عالم النسيان.
ولهذا السبب، كما تقول بيتسيلم، فإن كل إسرائيل وجميع المناطق الفلسطينية التي ترزح تحت الاحتلال الإسرائيلي يتم تنظيمها بموجب مبدأ واحد ألا وهو تعزيز وترسيخ تفوق مجموعة واحدة، هم اليهود، على مجموعة أخرى، هم الفلسطينيون.
هناك أسباب وجيهة من وراء قرار بيتسيلم الاعتراف بتلك الحقيقة المرة بعد عقود من المراوغة التي ما فتئت تمارسها هي وكل من معها داخل معسكر السلام الإسرائيلي. أولاً، لا يوجد هناك في واقع الأمر من يعتقد بأن إسرائيل سوف يُضغط عليها من الخارج حتى توافق على إقامة دولة فلسطينية. فقد منح ترامب نتنياهو، من خلال ما يسمى "خطة السلام" – التي كُشف عنها قبل عام، كل ما طلبه، بما في ذلك تأييد ضم مساحات كبيرة من الضفة الغربية أقيمت فوقها مستوطنات غير قانونية.
بعد أربعة أعوام من حكم ترامب وتجنيد عدد من دول الخليج لكي تنضم إلى معسكر نتنياهو، انتقل الحديث مسافة شاسعة بعيداً عن الجهود التي تبذل لضمان قيام دولة فلسطينية. والآن، غدا الاهتمام مركزاً على السبيل الأفضل لتأجيل تحرك إسرائيل باتجاه الضم الرسمي. في أحسن الأحوال، سوف يسعى الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن لإعادة الأمور إلى الوضع البائس الذي كانت عليه قبل أن يستلم دونالد ترامب الرئاسة. وفي أسوأ الأحوال سوف يقر بهدوء كل أو جل ما ألحقه ترامب من أضرار بالقضية الوطنية الفلسطينية.
عزلة عميقة
ثانياً، باتت بيتسيلم وغيرها من جماعات الدفاع عن حقوق الإنسان، أكثر من أي وقت مضى، تعاني من عزلة عميقة داخل الوطن. ببساطة، لم يعد يوجد في إسرائيل من يعبأ ضمن الدوائر السياسية بما يقومون به من أبحاث حول الانتهاكات التي يرتكبها بحق الفلسطينيين بانتظام الجيش الإسرائيلي والمستوطنون. وهذا يعني أن بيتسيلم لم تعد بحاجة لأن تقلق بشأن رسائلها التي قد تسخط عليها ما يسمى في إسرائيل "اليسار الصهيوني" – لأنه لم يعد هناك معسكر سلام ذي معنى يخشى تنفيره.
لقد تأكد اختفاء معسكر السلام هذا، رغم أنه أصلاً لم يكن أهلاً للوثوق به أو الاعتماد عليه، من خلال الإعلان عن الانتخابات العامة الإسرائيلية التي من المفروض أن تجري في أواخر مارس / آذار، حيث تخوض معركة التنافس على السلطة هذه المرة ثلاثة أو أربعة من أحزاب اليمين المتطرف، والتي تدعم جميعها عملية ضم الأراضي، وإن كان بدرجات متفاوتة.
انتهى وجود اليسار الإسرائيلي على المستوى السياسي، ولم يبق منه سوى حفنة من المجموعات المدافعة عن حقوق الإنسان، يعتبرها الجمهور بالمجمل فئات خائنة تتدخل في الشأن الإسرائيلي وتسعى لخدمة للمصالح الأوروبية، ولذا لم يعد لدى بيتسيلم في هذه المرحلة ما تخسره، فقد باتت بلا قيمة تذكر داخل إسرائيل.
وثالثاً، ونتيجة لما سلف، غدا الجمهور الوحيد الذي يُقبل على الأبحاث التي تجريها بيتسيلم بعناية لفضح الانتهاكات الإسرائيلية هو الخارج. يسعى هذا التقرير الجديد لتحرير الحوار حول إسرائيل، جزئياً في أوساط نشطاء حركة التضامن مع الفلسطينيين في الخارج، والذين باتت حملاتهم تعاق بسبب إخفاق القيادة الفلسطينية بزعامة محمود عباس في الإشارة إليهم إلى أين ينبغي أن يوجهوا جهودهم بعد أن تلاشت فرص إقامة الدولة الفلسطينية.
ناهيك عن أن كثيراً من هؤلاء النشطاء يضطرون إلى التزام الصمت بسبب حملات تشويه السمعة التي تشنها عليهم الجهات الداعمة لإسرائيل في الولايات المتحدة وأوروبا، والتي تصم أي نقد موجه لإسرائيل بأنه معاداة للسامية. ومن أمثلة حملات التشويه تلك ما شُن بلا هوادة ضد زعيم حزب العمال السابق في بريطانيا جريمي كوربين بسبب تأييده للقضية الفلسطينية.
كسر المحظور
من خلال وصف إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري ونظام يقوم على عقيدة التفوق اليهودي تكون منظمة بيتسيلم قد كشفت بطلان ادعاء لوبي إسرائيل – والذي استمد قوة من تعريف جديد يروج له التحالف الدولي لذكرى المحرقة – أن من معاداة السامية القول بأن إسرائيل "مشروع عنصري".
وبذلك تكون بيتسيلم، المنظمة الإسرائيلية اليهودية المخضرمة ذات الخبرة العريقة في حقوق الإنسان والقانون الدولي، قد أعلنت صراحة بأن إسرائيل دولة عنصرية. وبذلك سيجد المدافعون عن إسرائيل صعوبة بالغة في إثبات أن بيتسيلم معادية للسامية مثلها مثل نشطاء التضامن الفلسطيني الذين يستشهدون بما يصدر عنها من تقارير وأبحاث.
كما يهدف التقرير إلى مخاطبة أبناء الجيل الجديد من اليهود الأمريكيين، والذين هم أكثر استعداداً من أسلافهم للتصدي للانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون والتخلي عن الفكرة الصهيونية التي تقول إن إسرائيل هي ملاذهم الآمن في زمن الشدائد والملمات.
من الأهمية بمكان أن تقرير بيتسيلم جاء بعد نشر مقالين بالغي الأهمية الصيف الماضي للصحفي اليهودي الأمريكي المعروف بيتر بينارت، كسر فيهما المحظور في أوساط التيار اليهودي العام داخل الولايات المتحدة من خلال إعلانه أن حل الدولتين قد مات ودعوته إلى دولة ديمقراطية واحدة للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء.
ما من شك في أن ما كتبه بينارت كان بمثابة صيحة إفاقة للمجموعات الإسرائيلية التي على شاكلة بيتسيلم إذ نبهها إلى أن الحديث عن إسرائيل بدأ يتبدل داخل الولايات المتحدة وغدا أكثر استقطاباً، وأنه يتوجب على منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية المشاركة في هذا الحوار بدلاً من النأي بنفسها عنه.
المعركة من أجل المساواة
إلا أن ثمة ثغرة واحدة محتملة في موقف بيتسيلم، إذ يقترح التقرير تحفظاً بشأن التركيز على المآلات. لا يوجد في أي مكان منه استبعاد لحل الدولتين، بل يلاحظ التقرير أنه "توجد عدة مسارات سياسية باتجاه مستقبل عادل." وتشير تصريحات إلعاد في مقابلة له مع موقع ميدل إيست آي إلى أن منظمته ما زالت تدعم إطاراً من الضغط الدولي لإحداث تغيير تدريجي في السياسات الإسرائيلية التي تنتهك حقوق الإنسان.
وذلك بالمجمل ما ظلت الدول الغربية، والأوروبية منها بشكل خاص، تجامل بشأنه لعقود بينما ظل نظام الفصل العنصري يتعزز ويتكرس.
هل ترجو بيتسيلم أن يثبت انتقادها للفصل العنصري أنه أكثر فعالية من تحذيرات كل من باراك وأولمرت من مغبة ممارسة الفصل العنصري، وأنها ستتمكن أخيراً من شحذ همة المجتمع الدولي للدفع باتجاه إقامة دولة فلسطينية؟ إذا كان هذا فعلاً ما ترجوه فلسوف يبدد أداء بايدن في الرئاسة قريباً كل تلك الأوهام. يلاحظ إلعاد أن الغاية الآن هي "رفض التفوق العنصري رفضاً يقوم على الالتزام بالعدالة وإنسانيتنا المشتركة."
لا يمكن لتلك الغاية أن تتحقق ضمن إطار حل الدولتين، حتى لو افترضنا عبثاً أن المجتمع الدولي سوف يتخذ يوماً ما موقفاً جاداً يدعم من خلاله إقامة دولة فلسطينية معارضاً بذلك رغبات إسرائيل. إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا يتم الإعلان عن ذلك صراحة؟ وخاصة أن السيناريوهات المطروحة على الطاولة في أحسن الأحوال هي لكيان صغير مقسم ومعزول من السلاح، أي دولة فلسطينية وهمية لا سيطرة لها على حدودها ولا على مجالها الجوي ولا على تردداتها الكهرومغناطيسية.
ليس في ذلك عدالة للفلسطينيين ولا يحقق مثل هذا الأمر اعترافاً بالإنسانية المشتركة بين الفلسطينيين واليهود الإسرائيليين.
بقدر ما هو مرحب بالتقرير الجديد، إلا أنه حان الوقت لأن تعلن منظمة بيتسيلم – وكذلك نشطاء حركة التضامن مع الفلسطينيين الذين يتعاملون مع هذه المنظمة ويتطلعون إليها – رفضاً صريحاً لأي عودة إلى "عملية سلام" تقوم على فكرة إنهاء الاحتلال، حيث أن منطق التحليل القائم على إدراك ما يجري من تكريس لمنظومة الفصل العنصري يحتاج لأن يُتابع حتى النهاية، وهذا يتطلب بدون مواربة التبني الصريح لحل الدولة الديمقراطية الواحدة التي تمنح حقوقاً متساوية للجميع.