هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "أوبزيرفر" الأسبوعية التابعة لصحيفة "الغارديان"، تقريرا لمراسلها في واشنطن ديفيد سميث، قال فيه إن الهجوم على مبنى الكونغرس الأربعاء الماضي، هز صورة أمريكا حول نفسها وديمقراطيتها التي تعيش في وضع خطير لم تشهده منذ الحرب الأهلية.
وقال مايكل ستيل، الرئيس السابق للجنة القومية في الحزب الجمهوري: "متى وصلت أمريكا بعد 245 عاما من الاستقلال والقوة الاقتصادية الأولى في العالم، إلى هذه المرحلة؟ ويجيب بأن تآكل الديمقراطية الأمريكية ناجم عن عدة أسباب، أهمها الظلم والعنصرية وعدم الثقة بالمؤسسات والاستقطاب والإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، والتي ستظل باقية حتى بعد رحيل ترامب".
ويرى ستيل أن هذه المشاكل سابقة على ترامب، وتعود إلى انكسار الإجماع في مجلس النواب، وتبني القبلية التي استخدمت كهراوة ضد المعارضين الذين تحولوا إلى أعداء.
اقرأ أيضا: مواقع أمريكية: غزوة الكونغرس أفقدتنا صورتنا وحولتنا لأضحوكة
وأشار إلى أن الديمقراطية الأمريكية وما أنجزته يظل مزيجا من الحلاوة والمرارة. فلم تحصل المرأة على حق التصويت إلا قبل مئة عام، ويواجه السود بشكل مستمر التمييز العنصري، وبتنصيب جوزيف بايدن يوم 20 كانون الثاني/ يناير، فإنه سيكون الرئيس الأبيض رقم 45 من بين 46 رئيسا.
وخلال نصف القرن الماضي، شوهت الفضائح مثل ووتر غيت السياسة، التي أدت لاستقالة ريتشارد نيكسون. وكان رونالد ريغان أول من زرع بذور عدم الثقة بالمؤسسة لصالحه السياسي، وخفض الضرائب عن الأغنياء فيما نراه اليوم من عدم مساواة قاسية.
وفي التسعينيات من القرن الماضي، تبنى رئيس مجلس النواب نويت غينغريتش، محاكمة الرئيس بيل كلينتون، فيما قاد جورج دبليو بوش، أمريكا في حرب غير قانونية على العراق. وأدت نهاية الحرب الباردة إلى إزاحة عدو مشترك، لكن العولمة والأزمة المالية أدت إلى تدمير المجتمعات، وغذت مشاعر الظلم والغضب ضد النخبة.
ثم جاءت جماعة "سيتزن يونايتد"، وقرار المحكمة العليا عام 2010 الذي أزاح القيود على طريقة إنفاق الجماعات العاملة خارج المؤسسة على الحملات الانتخابية، ما حرف كما يقول النقاد الميزان باتجاه المتبرعين الأثرياء والشركات وجماعات المصالح.
وفي تقرير لمركز "برينان" في جامعة نيويورك، وجد أن مجموعة صغيرة من الأمريكيين تمارس سلطة كبيرة أكثر من أي وقت منذ "ووتر غيت" في وقت ابتعدت فيه البقية عن السياسة.
وبلغت كلفة الحملات الانتحابية لعام 2020، حوالي 14 مليار دولار. وكان انتخاب باراك أوباما كأول رئيس أسود سببا في تصاعد لردود الفعل العنصرية.
اقرأ أيضا: WP تكشف تفاصيل "حصار" الكونغرس وإنقاذ المشرّعين
وبدا واضحا من حركة حزب الشاي ودخول ترامب إلى السياسة ما تم من إثارة الشكوك حول مكان ميلاد أوباما، وما إن كان في كينيا، وأنه لو صح هذا الكلام فهو رئيس غير شرعي.
وفي عام 2015، زاد ترامب من مشاعر البيض، عبر وعده ببناء جدار على الحدود الجنوبية مع المكسيك لمنع المهاجرين وإعادة "عظمة أمريكا من جديد". وكان العصيان يوم الأربعاء في مبنى الكونغرس، ولم يلق المهاجمون معاملة شديدة أسوة باليد الحديدية التي لقيتها حركة "حياة السود مهمة" العام الماضي.. هي العواء الأخير للغضب الأبيض، نظرا لأن معظم المشاركين فيه كانوا من البيض.
وقال لاري جاكوبس، مدير مركز دراسة السياسة والحكم في جامعة منيسوتا: "لا شك أن أمريكا تمر في مرحلة تغير جيلي تاريخية. وتتراجع نسبة الناخبين البيض في صناديق الاقتراع وبشكل دراماتيكي. فمن 89% في عام 1980 إلى 68% عام 2020، ولعب دونالد ترامب على وتر الإحباط في داخل الجماعات الأقل تعليما، ورأينا أفرادها يتدفقون على الكونغرس".
وقال: "ليس هذا هو مستقبل أمريكا، بل جزء من أمريكا يشعر بأنه في تراجع. وتبنى ترامب مظالمهم ولكن مستقبل أمريكا متعدد الأعراق والإثنيات".
وأضاف: "مع أن أمريكا استطاعت في الماضي التغلب على التحديات ومواجه العواصف، إلا أنها بحاجة لإصلاح بنيوي عاجل".
ولم يفز أي مرشح جمهوري بالأصوات الشعبية إلا مرة واحدة خلال 32 عاما. ووصل الجمهوريون إلى البيت الأبيض عبر أصوات المجمع الانتخابي التي لا تمنح الأصوات الانتخابية للولايات الصغيرة والكبيرة بشكل ممثل لعدد سكانها.
اقرأ أيضا: اعتقال "ذي القرنين" وسارق "منصة بيلوسي" باقتحام الكونغرس
ويقول جاكوبس إن الأحزاب وبدءا من سبعينيات القرن الماضي، غيرت طريقة اختيار المرشحين في نوبة حماس ديمقراطية، وقررت اللجوء إلى الحملات التمهيدية، التي كان يقصد منها منح السلطة للشعب، لكنها منحتها في الحقيقة للمتطرفين.
وأصبح الاستقطاب واضحا على مستوى الطبقة والعرق والجغرافيا والإنجاز التعليمي. وكان نجاح بايدن في انتخابات 2020 بعد فوزه في 509 مقاطعات تمثل 79% من النشاط الاقتصادي، فيما خسر ترامب 2,547 مقاطعة تمثل 29% منن النشاط الاقتصادي الأمريكي، بحسب معهد بروكينغز.
وأسهمت شبكات اليمين مثل "فوكس نيوز" و"نيوزماكس" و"وان أمريكا نيوز نتوورك"، ومنصات التواصل مثل "فيسبوك" و"تويتر" في زيادة النزعة القبلية، وأسهمت في توليد الفقاعات وملأت الفراغ الذي تركه توقف الصحف المحلية.