سياسة دولية

بذكرى "احتجاجات نوفمبر" في إيران.. هل تعود لزخمها؟

شهدت إيران في نوفمبر 2019 احتجاجات عمت البلاد- جيتي
شهدت إيران في نوفمبر 2019 احتجاجات عمت البلاد- جيتي

أكدت منظمات حقوقية عودة الاعتقالات الواسعة في إيران، التي طالت ناشطين، وذلك مع بمناسبة ذكرى الاحتجاجات التي اندلعت في البلاد قبل عام.

  

وقال مرصد "إيران هيومن رايتس مونيتور" لحقوق الإنسان، إن الاستخبارات الإيرانية شنت حملة اعتقالات في صفوف المعارضين، تحسبا لموجة جديدة من الاحتجاجات في البلاد، موضحة في بيان، أن من بين المعتقلين شاب مصاب بسرطان الدم، وأن اعتقاله يشكل خطرا على صحته.


وكانت المعارضة الإيرانية قد نظمت احتجاجات العام الماضي، على خلفية قرار الحكومة زيادة أسعار الوقود.

 

اقرأ أيضا: منظمة دولية توثق انتهاكات الأمن الإيراني بذكرى احتجاج نوفمبر

وأشارت بعض التقارير آنذاك إلى وقوع قتلى وجرحى في صفوف المتظاهرين، في حين أفادت منظمة العفو الدولية بأنه "وفقا لتقارير موثوقة، فإن 106 متظاهرين على الأقل، قتلوا منذ بدء المظاهرات" العام الماضي.

 

وأضافت أن حصيلة القتلى الحقيقية ربما تكون أعلى من ذلك بكثير، حيث تشير بعض التقارير إلى مقتل نحو 200 متظاهر.


أسباب الاحتجاجات


وتثار تساؤلات حول الأسباب المحتملة التي قد تؤدي لخروج الناس في احتجاجات مجددا، وما إن كانت ستعود إلى زخمها كما في العام الماضي.


من جهته، رأى أستاذ دراسات الخليج وإيران، محجوب الزويري، أن الأسباب بشكل رئيس اقتصادية، ويعود ذلك لعدم قدرة الدولة على تقديم ما يجب أن تقدمه للناس، بسبب الضغوط السياسية التي تُمارس عليها من الولايات المتحدة.


وأوضح الزويري أن "العقوبات القاسية، والضغوط القصوى التي فرضها ترامب على إيران، عزلها ماليا، وكانت قاسية جدا على العديد من الشركات التي كانت تمد طهران بالعملة الصعبة أو تفتح أبواب التجارة لها".


وأضاف الزويري في حديث لـ"عربي21": "هناك عزل كامل لطهران عن النظام المصرفي العالمي، بالتالي فإن هذا يزيد من أعباء الحصول على حزمة السلع الأساسية والأدوية، وبالتأكيد هذا سيؤثر على حياة الناس إضافة لتأثير كورونا وتبعاتها".

 

اقرأ أيضا: بومبيو يتوعد إيران بالمزيد من العقوبات بذكرى مظاهرات 2019

وتوقع أن "تثير هذه الظروف نوعا من الاستياء عند الناس"، قائلا: "لا ننسى أنه منذ 2017 حتى 2019 لم تمر سنة دون حدوث احتجاجات في مدن إيرانية مختلفة، لأسباب اقتصادية بحتة، تتمثل في عدم قدرة الدولة على الإيفاء بالتزاماتها المالية في ما يخص العملة، حيث إن هناك تضخما كبيرا في سعر العملة، ونسبة البطالة تتضاعف بشكل كبير".


في المقابل، استبعد الدبلوماسي الإيراني السابق هادي أفقهي، حدوث احتجاجات هذا العام، خاصة أن مظاهرات العام الماضي كانت محضرا له أمنيا وعسكريا أكثر منه شعبيا.


وتابع أفقهي في حديث لـ"عربي21": "هناك تخوف لدى الناس الذين لهم مطالب محقة، ولهم الحق في التظاهر السلمي، فهم حينما شاهدوا في مظاهرات العام الماضي مجموعات مجاهدي خلق وأنصار الملكية قد دخلوا على خط الاحتجاجات تراجعوا، وقالوا إننا نفضل الأمان على الفوضى، لأن لقمة العيش يمكن أن تتأمن، قلت أو كثرت، ولكن إذا فُقد الأمن يتراجع كل شي. وعندها تراجع الشعب وخفت الاحتجاجات".


وعبر عن تصوره بأن "الظروف لا تسمح الآن بخروج احتجاجات، خاصة في ظل تفشي كورونا، حيث سيتم فرض الحجر منذ بداية الأسبوع القادم، وسيتم تعطيل مدينة طهران لمدة أسبوعين، بالتالي استبعد أن يحدث تجمهر أو مظاهرات، فلا الظروف الصحية ولا الاقتصادية تسمح بذلك، وإن حدثت، فسيكون زخمها ضعيفا".


بدوره، أوضح الزويري، أن "الأمر يعتمد على مسألة أساسية، وهي بايدن، فربما مع صعوده للسلطة، وإذا وعد بالعودة لاتفاق النووي، ووقف الضغوط القصوى على إيران، وإيقاف كل الإجراءات التي قامت بها إدارة ترامب، كل ذلك قد يعطي نوعا من الاستراحة للنظام السياسي الإيراني،ما قد يمكنه بالتالي من عقد بعض الصفقات التي قد تهدئ الرأي العام".


وأشار إلى أن النظام الإيراني معني بأن يحسن من أدائه، وذلك لسبب رئيس، وهو أن لديه انتخابات رئاسة الجمهورية في 15 حزيران/ يونيو، وهو معني بأن لا تنخفض نسبة المشاركة فيها، كما انخفضت في الانتخابات البرلمانية السابقة، التي وصلت إلى 42 في المئة، وإذا ما استمر هذا الانخفاض في المشاركة، فإن ذلك يعد مؤشرا سلبيا على تراجع شعبية النظام".

 

بايدن والضغوط على إيران


وأكد الزويري أن "حدوث الاحتجاجات بزخم كبير أم لا، يعتمد أيضا على قدرة النظام على احتواء الأزمة الاقتصادية، وقدرته على تقديم بدائل للناس، ليخفف من غضبهم".


وأضاف: "لكن الآن إذا تحسنت العلاقة مع إدارة بايدن، فهذا قد يوفر فرصة للنظام لعقد صفقات مع روسيا والصين ودول أوروبية، بحيث يحسن وضعه الاقتصادي مرحليا، وهذا الأمر إذا تم قد يخفف الضغط الشعبي عليه، ولكن لا يعني هذا أن الاحتجاجات ستتوقف نهائيا، فالأمر سيعتمد على أدائه مع فترة الستة أشهر الأولى من فترة حكم بايدن".

 

اقرأ أيضا: ظريف: بايدن يمكنه رفع العقوبات سريعا بثلاثة أوامر تنفيذية


وحول البدائل الاقتصادية التي يمكن أن يقدمها النظام الإيراني ليمتص غضب الشارع، لفت الزويري إلى محدوديتها، حيث تعتمد هذه البدائل على ماذا ستقرره إدارة بايدن، لأن أي خطوة سياسية منها لتخفيف الضغط السياسي والاقتصادي على إيران، ستمكن النظام من عقد صفقات تجارية، قد تهدئ الشارع".


إلا أن الزويري عاد وأكد على أن "مشكلة إيران الاقتصادية ليس فقط في الحصار، وإنما في بنيوية الاقتصاد، فحتى لو انفتح العالم كله عليها، ستبقى هناك مشكلة في بنيوية الاقتصاد، فهذا النظام انقطع عن العالم أربعين عاما، ومشكلته لن تحل بعودة إيران للنظام الدولي، فهناك أيضا مشاكل في النظام الضريبي والتحويلات، وغيرها من المشاكل الاقتصادية الأخرى".


ولكنه لفت إلى أنه على الرغم من حالة الترقب لقرارات بايدن، "فحتى المعارضين لا يثقون بالأمريكيين".


أما أفقهي، فقال معلقا على ربط مصير الاحتجاجات بسياسة بايدن القادمة، بالقول: "من المسؤول عن فرض العقوبات، هل هي إيران أم الولايات المتحدة؟ بالتأكيد واشنطن هي المسؤولة عن هذه الضغوط الاقتصادية، بالتالي لا يمكن ربط الاحتجاجات بما يقرره بايدن".


وأضاف: "ماذا يمكن أن يفعل جو بايدن؟ عليه رفع جميع العقوبات التي فرضها ترامب، لكن أنا رصدت خطابات بايدن، ولم يفصح عن شيء اسمه تراجع عن العقوبات، بل قال إنه إذا أردنا أن نرجع لاتفاق النووي، فلن نتفاوض وفق الظروف السابقة".

 

وعلق بالقول: "برأيي هذا شرط مسبق ووقاحة، لهذا أعود وأكرر أنني استبعد حدوث احتجاجات".

التعليقات (1)
إيراني
الخميس، 19-11-2020 01:33 م
الحياة الإيرانية ليست غريبة على المظاهرات والاحتجاجات والانتخابات. هذا من الجانب السياسي و لکن من الجانب الإقتصادي: إيران بمثابة كنز دفين للاقتصاد العالمي لم يتم المساس به منذ 40 عامًا، توافر الكهرباء والمياه والطاقة، القوى العاملة الشابة والمتعلمة،شبكة النقل البري والسكك الحديدية واسعة النطاق، المنتجات البتروكيماوية والمعدنية و البنية التحتية الاقتصادية التي نمت تحت الحصار الاقتصادي وتمكنت من جعل البلاد قادرة على الصمود في وجه الهجمات العالمية الشديدة