مقالات مختارة

قبل أن يأتي بايدن

ياسر عبد العزيز
1300x600
1300x600

يحلو للكثيرين من الخبراء والمحللين المتخصصين في الشأن الأمريكي القول إن الولايات المتحدة دولة مؤسسات، وإن السياسات الخارجية لواشنطن تحكمها استراتيجيات واضحة لا يعوق استمراريتها تبدل أسماء الرؤساء أو وزراء الخارجية أو الحزب المهيمن على السلطة التشريعية.

إن هذا التقدير في حاجة إلى مراجعة بكل تأكيد، وإلا ما شهدنا تلك التبدلات الجذرية والتغيرات الحاسمة في توجهات السياسة الخارجية الأمريكية ارتباطا بشخص الرئيس ومواقفه المعروفة، وتبعا لتوجهات إدارته وطبيعة السلطة المهيمنة على الكونجرس.

إن الولايات المتحدة دولة مؤسسات بكل تأكيد، وثمة آليات عديدة واضحة قد تُحد من إمكانية خطف السياسة الخارجية أو الاستئثار بصناعتها من قبل جهة واحدة، ومع ذلك فإن الاعتقاد بأن اسم الرئيس وحزبه وأركان إدارته وطبيعة التوجهات السياسية المهيمنة على السلطة التشريعية ليست عناصر مؤثرة يمكن أن تصنع فارقا ملموسا في تلك السياسة هو اعتقاد خاطئ.

نحن نعرف مثلا أن إحدى الإدارات الأمريكية رأت ضرورة أن يتم استيعاب الطموح النووي لإيران عبر عقد اتفاق ملزم معها، لكن إدارة أخرى جاءت بسياسة مختلفة تماما تضمنت إلغاء ذلك الاتفاق، وتعزيز الضغوط على طهران.

ليس هذا فقط، لكن موقف إدارة ترامب من اتفاقية المناخ جاء مغايرا تماما لموقف سلفه أوباما، ثم جاء بايدن ليقول إنه سيعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه في هذا الصدد في حال تم انتخابه رئيسا.

لقد قرأنا ما نُشر من رسائل هيلاري كلينتون البريدية خلال فترة توليها وزارة الخارجية الأمريكية، وعرفنا أن واشنطن كانت قد أخذت على عاتقها مهمة دعم تنظيم "الإخوان"، بما يتضمنه هذا من ضغط على الأنظمة الوطنية المعتدلة في بلدان المنطقة، قبل أن يأتي ترامب ليفعل العكس تماما.

ونحن نعرف أيضا أن سياسات الانتشار العسكري والتدخلات السياسية الصلبة في مناطق مختلفة من العالم ظلت لعقود موضوعا خلافيا بين عدد من الإدارات الأمريكية، بل إن بعض الإدارات غيرت استراتيجيتها في هذا الصدد خلال فترة حكمها بناء على متغيرات طارئة أو استنادا إلى تغيير في منظور المعالجة.


يأخذنا هذا إلى توقع تغيرات محتملة في توجهات السياسة الخارجية الأمريكية حيال مصر وحلفائها من دول الاعتدال العربية في حال فاز بايدن بالانتخابات، وهي تغيرات يُستبعد جدًا أن تضرب جذور العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن، أو أن تقوض أواصر التحالف الذي صمد لأكثر من أربعة عقود، لكنها قد تغير صيغة العلاقات، وقد تفرض عليها استحقاقات تكتيكية، يمكن أن تجلب تأثيرات ملموسة.

حتى كتابة هذه السطور، لم يكن بوسع أحد أن يحسم نتائج الانتخابات، ومع ذلك يبدو أن بايدن يتقدم بوضوح، وأن حظوظه أكبر في الفوز، وهو أمر يفرض علينا التفكير في طبيعة العلاقات بين القاهرة وواشنطن في ضوء وجود المرشح الديمقراطي في منصب الرئيس.

إذا جاء بايدن فإنه لن يحافظ على درجة الدفء ذاتها التي حظيت بها القاهرة في علاقاتها بواشنطن في ظل رئاسة ترامب، ولأننا قرأنا تصريحاته حيال مصر وقيادتها وبعض دول معسكر الاعتدال العربي، فإننا ندرك أنه أعطى إشارات إلى "مراجعات" و"مواقف" يمكن أن تشكل ضغوطا على مصر.

والشاهد أننا قد نكون في حاجة إلى إرساء استراتيجية جديدة تعمل على معالجة بعض الثغرات التي سينفذ منها بايدن لممارسة ضغوطه، وتعزيز اختلافه مع سلفه ترامب، وإعلاء ما يقول إنه "دفاع عن القيم الأمريكية ودورها في العالم".

وفي علاج تلك الثغرات ما يمكن أن يكون مصلحة واستحقاقًا وطنيين، ومن ذلك إعادة صياغة المشهد السياسي ليكون أكثر اتساعا وتنافسية من جانب، وتعزيز المشهد الحقوقي ليكون أكثر مرونة من جانب آخر.

(عن صحيفة المصري اليوم)
التعليقات (1)
الكاتب المقدام
الأحد، 08-11-2020 02:53 م
*** الأذرع الإعلامية للعصابة المنقلبة على الشرعية ما زالت تروج لدجل جنرالهم السيسي وهرطقاته، فبعد أن بشروا أنفسهم المريضة بأن ترامب باق في الحكم ومستمر في تثبيت جنرالهم المنقلب على عرشه المتهاوي ولو على جثث أبناء شعبه، وللتغطية على جرائمه، وعندما تاكد لأولئك الإعلاميون الكذبة الفجرة هزيمة ترامب، فما زالوا يمنون أنفسهم بأن طرد ترامب من البيت الأبيض "لن يضرب جذور العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن، ولن يقوض أواصر التحالف الذي صمد لعقود"، وتناسوا بأن جنرالهم الانقلابي قد تمسح في ترامبه قبل مقدمه، وانحنى أمامه وقدم له فروض الولاء لدعمه، وأقسم له على طاعته في تنفيذ خدعة صفقة القرن ضد شعبه، وانضمام المنقلب لخدمة التحالف الصليبي الصهيوني الجديد لتحقيق أهدافهم الخبيثة ضد عقيدة الأمة، وبالتعاون مع كفيليه بن زايد وبن سلمان، الذين اصطف أمرائهم ومشايخهم خلف ابنة ترامب المتهودة إيفانكا وزوج ابنته اليهودي كوشنر، وهم يتمخطرون في أروقة قصورهم، وتمادى المنقلب بتقديم عشرة ملايين دولار من أموال الشعب المصري رشوة لترامب، مم سرقه السيسي من خزانة الدولة المصرية، وهي القضية التي ستفضح ترامبهم وسرقات جنرالهم، لتدينه وتدينهم، كما أدين سلفه مبارك بسرقة أموال القصور الرئاسية من قبله، فالمنقلب وإعلاميوه لا يعتبرون الوطن إلا كأنجر فتة، يشاركون في اللهط منه ولحس قعره، وينتشون بما تخمر منه حتى الثمالة، كالذباب الذي يجتمع على القصعة حتى عفنها ثم ينفضون عنها، ولكن الشعب المصري قد كشف هذه المرة إفكهم، وسيرون قريباُ من أبناء هذا الوطن المخلصين ما كانوا منه يرتعدون.