سياسة تركية

5 أزمات بين أنقرة وواشنطن في عهد ترامب.. تعرّف إليها

كانت العلاقات التركية الأمريكية إحدى القضايا الهامة على جدول الأعمال دوليا خلال ولاية ترامب (4 سنوات)- جيتي
كانت العلاقات التركية الأمريكية إحدى القضايا الهامة على جدول الأعمال دوليا خلال ولاية ترامب (4 سنوات)- جيتي

شكلت العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، إحدى أجندات السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال ولايته (أربع سنوات) وتميزت ما بين مد وجزر.

 

وعلى الرغم من أن العديد من الخبراء تحدثوا بأن العلاقات بين البلدين سارت باتجاه معين بفضل الصداقة الشخصية التي تطورت بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره الأمريكي دونالد ترامب، إلا أنها شهدت في بعض الأحيان أسوأ اللحظات في التاريخ خلال السنوات الأربع.

 

وهذه أبرز الأحداث الهامة التي حدثت بين واشنطن وأنقرة، خلال رئاسة دونالد ترامب لأربع سنوات.

 

أولا: شراء تركيا منظومة "أس400" الروسية 

 

وكانت منظومة "أس400" الروسية التي اقتنتها أنقرة من موسكو، إحدى الأجندات المهمة للعلاقات التركية الأمريكية في عهد ترامب.

 

وقررت تركيا عام 2017، شراء منظومة "أس400" من روسيا، بعد تعثر جهودها المطولة في شراء أنظمة الدفاع الجوية (باتريوت) من الولايات المتحدة.
 

وتسلمت تركيا الدفعة الأولى من "أس400" الروسية في تموز/ يوليو 2019، ما لاقى ردود فعل أمريكية حادة وصلت لتهديد بفرض عقوبات على أنقرة.

 

وكانت التهديدات الأمريكية في البداية تتحدث عن فرض عقوبات على تركيا في حال اشترت المنظومة الروسية، ولكن بعد وصول "أس400" تحولت التهديدات لفرض العقوبات في حال قيام أنقرة بتفعيلها.

 

وعلى الرغم من أن واشنطن طلبت عدم تنشيط "أس400"، إلا أن المنظومة المسببة للأزمة بين البلدين تم تفعيلها واختبارها قبل فترة وجيزة من الانتخابات الأمريكية.

 

وبينما كان الكونغرس الأمريكي يعد عقوبات "كاتسا" على تركيا بسبب منظومة "أس400"، لم يتم تسليم الطائرات المقاتلة "أف35" التي اشترتها تركيا من الولايات المتحدة.

 

وبالتزامن مع استلام تركيا الأجزاء الأولى من منظومة "أس400" في يوليو/تموز 2019 علقت الولايات المتحدة شراكة تركيا في مشروع "أف35"، ورغم القرار ما زالت الشركات التركية تواصل عملها في عملية الإنتاج.

 

وفي تموز/ يوليو 2020، أعلن "البنتاغون"، أن الشركات التركية ستواصل حتى نهاية العام 2022 عملية إنتاج بعض أجزاء المقاتلة "أف35"، بعدما سبق وأن قال إن عمل تلك الشركات سينتهي مع نهاية العام الجاري.

 

ورغم إقرار الكونغرس الأمريكي لعقوبات "كاتسا" على تركيا، إلا أن ترامب لم يقم بتفعيلها، لكن التهديدات الأمريكية ما زالت قائمة بفرض العقوبات في حال تفعيل المنظومة الصاروخية.

 

 

تركيا تتسلم منظومة "أس400" الروسية- الأناضول 

  

ثانيا: أزمة القس الأمريكي أندرو برونسون

 

كان احتجاز تركيا للقس الأمريكي أندرو برونسون، أحد أخطر محطات توتر العلاقات بين واشنطن وأنقرة ليس في عهد ترامب فحسب، بل في تاريخ العلاقات بين البلدين.

 

وكانت قضية برونسون الذي اعتقلته تركيا في كانون الأول/ ديسمبر 2016، بتهمة التعاون مع منظمة "غولن" المتهمة بمحاولة الانقلاب في تركيا في تموز/ يوليو 2016، ومنظمة العمال الكردستاني واحدة من أولويات ترامب خلال فترة رئاسته.

 

وكانت القضية على طاولة المباحثات بين أردوغان وترامب في أيار/ مايو 2017، حيث طالب الرئيس الأمريكي بالإفراج عنه.

 

وفي أيلول/ سبتمبر، اقترح أردوغان أن تسلم السلطات الأمريكية فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة، مقابل القس برونسون.

 

وتصاعدت حدة التوتر بين تركيا والولايات المتحدة، في نيسان/ أبريل وأيار/ مايو 2018، بسبب قضية القس برونسون، لتدخل العلاقات منحنى تصعيديا خطيرا، واكبها تهديدات من ترامب بتدمير الاقتصاد التركي.

 

وبسبب رفض السلطات التركية في ذلك الوقت ترحيل برونسون، قال ترامب: "يدعون (تركيا) أنه (القس الأمريكي) جاسوس، ولكن أنا جاسوس أكثر منه".

 

وبعد تبادل في التصريحات بين أنقرة وواشنطن من جهة، والمفاوضات من جهة أخرى، وضعت تركيا في 25 تموز/ يوليو 2018 القس الأمريكي برونسون تحت الإقامة الجبرية بعد الإفراج عنه من السجن.

 

ورغم إخراج برونسون من السجن، زادت حدة التوتر بين أنقرة وواشنطن، وجاءت التهديدات من مايك بينس نائب الرئيس الأمريكي، وترامب على التوالي.

 

وفي 26 تموز/ يوليو 2018، هدد ترامب بفرض عقوبات واسعة على تركيا، فيما قال بينس: "أطلقوا سراح برونسون فورا، أو كونوا مستعدين لعواقب وخيمة".

 

وجاءت أول العقوبات الأمريكية في 1 أب/ أغسطس 2018، فقد قرر البيت الأبيض تجميد أصول وزير الداخلية سليمان صويلو، ووزير العدل عبد الله غل، وتقييد دخولهما إلى الولايات المتحدة.

 

وفي 13 أب/ أغسطس 2018، جاءت دفعة العقوبات الثانية، فقد أعلن ترامب مضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمونيوم التركية، فيما ردت أنقرة بالمثل.

 

وتسببت العقوبات المعلنة على التوالي بالتأثير على الاقتصاد والأسواق التركية، وشهدت العملة المحلية انهيارا حادا أمام الدولار الأمريكي.

 

وانتهت أزمة برونسون، بعد رفع الإقامة الجبرية المفروضة عليه في 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، ليعود القس الأمريكي إلى الولايات المتحدة وسط حفاوة أمريكية.

 

 القس الأمريكي أندرو برونسون- الأناضول

 

الأزمة الثالثة: قضية "بنك خلق" التركي

 

وتعد قضية "بنك خلق" من القضايا التي كانت على جدول الأعمال في العلاقات التركية الأمريكية خلال عهد ترامب، والتي ما زالت مستمرة.

 

واتهم الإدعاء العام الأمريكي رضا ضراب وهو مواطن تركي من أصل إيراني بانتهاكه العقوبات الأمريكية على إيران من خلال "بنك خلق"، والذي وافق ليكون شاهدا بالقضية بعد ذلك.

 

وحكمت محكمة أمريكية في أيار/ مايو 2018، على محمد هكان أتيلا، مساعد المدير العام السابق لمصرف "بنك خلق" التركي، بالسجن 32 شهرا بسبب القضية.

 

وأثيرت القضية الشائكة مرات عدة بين الرئيسين الأمريكي والتركي، وزعم جون بولتون مستشار الأمن القومي السابق للبيت الأبيض في كتابه، أن "أردوغان أرسل مذكرة في أيار/ مايو 2018 إلى ترامب، أشار فيها إلى أن تحقيقا يجري مع البنك من مكتب الإدعاء العام للمنطقة الجنوبية من نيويورك لانتهاكها العقوبات ضد إيران وأن البنك التركي بريء، ليرد عليه ترامب أنه سيتعامل مع المسألة، وأن المدعين العامين في المنطقة الجنوبية ليسوا رجاله، بل هم رجال أوباما، وأن المشكلة ستحل عندما يحل محلهم رجاله".

 

وزعم تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" أن ترامب عمل لفترة طويلة لإيقاف الدعوى ضد البنك التركي بناء على طلب تركيا.

 

 

 ما زالت الدعوة ضد بنك خلق التركي قائمة في المحكمة الأمريكية- الأناضول

 

الأزمة الرابعة: العملية التركية في سوريا ورسالة ترامب لأردوغان 

 

وكانت العملية التركية في شمال شرق سوريا في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، إحدى القضايا الهامة التي كادت أن تفجر أزمة حادة بين واشنطن وأنقرة في عهد ترامب.

 

وبالبداية أعلنت تركيا التي نفذت عمليات "درع الفرات" و"غصن الزيتون" في المناطق الواقعة غرب منبج السورية، أن المناطق الواقعة شرقها والتي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة من الولايات المتحدة لا يمكنها البقاء على حالها، وأنها ستتخذ عملية عسكرية في المنطقة.

 

وكانت المكالمة الهاتفية التي جرت في 14 كانون الأول/ ديسمبر 2018 بين أردوغان وترامب واحدة من المحطات التي ميزت العلاقات التركية الأمريكية خلال عهد ترامب.

 

وذكرت وسائل إعلام أمريكية، أن أردوغان أقنع ترامب بالاتصال الهاتفي بينهما، بالانسحاب من سوريا، فيما أعلن الرئيس الأمريكي في تغريدة له على حسابه في "تويتر": "إن أردوغان أبلغه بأنه سوف يقضي على ما تبقى من داعش في سوريا (..)، وهو الرجل الذي يستطيع فعل ذلك، وتركيا مجاورة لسوريا (..) إن القوات الأمريكية سوف تعود للوطن".

 

وقال ترامب، إنه وقّع مرسوما يقضي بالانسحاب من سوريا، لكن الأمر لم يتم بالشكل الحرفي الذي أعلنه، وبعد عملية طويلة من المباحثات، قررت تركيا تنفيذ عملية "نبع السلام" شرق منبج السورية، وكانت رسالة ترامب لأردوغان في يوم العملية التركية، محطة تاريخية جديدة في تدهور العلاقات بين واشنطن وأنقرة.

 

وخاطب ترامب أردوغان في رسالته، حينها قائلا: "لنعمل على صفقة جيدة، لا تكن أحمق"، محذرا الرئيس التركي في لغة أثارت صدمة قائلا: "لا تكن شخصا قويا"، لافتا إلى أن "التاريخ سينظر إليك إيجابيا إذا حققت الأمر بصورة صحيحة وإنسانية"، محذرا إياه في الو قت ذاته من أن التاريخ سينظر إليه "إلى الأبد كالشيطان إذا لم تحصل أمور جيدة".

 

وأضاف ترامب في الرسالة التي كشفت عنها أولا قناة "فوكس بيزنس" الأمريكية: "لا تخيب ظن العالم" لافتا إلى أن الأكراد مستعدون للتفاوض ومستعدون لتقديم "تنازلات ما كانوا ليقدموها في الماضي".

 

وشملت رسالة ترامب، تهديدا مباشرا لتركيا، بتدمير الاقتصاد التركي، فيما كان الرد التركي على الرسالة بتنفيذ العملية العسكرية شمال شرق الفرات بسوريا.

 

 

وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في غرفة عمليات "نبع السلام" التركية- وزارة الدفاع  

 

الأزمة الخامسة: تسليح الولايات المتحدة للوحدات الكردية المسلحة


عندما بدأت الحرب الأهلية في سوريا، كان أوباما يقود البيت الأبيض، وأجريت الانتخابات الأمريكية مرتين، وكانت التوازنات في سوريا قد تغيرت مرات عدة، أبرزها الدور التركي هناك.

 

وأثرت الحرب الأهلية في سوريا، على العلاقات بين تركيا التي سعت للحفاظ على حدودها، والولايات المتحدة التي وقفت في صف الوحدات الكردية المسلحة بشكل جلي.

 

واستمرت سياسة واشنطن في دعم "وحدات حماية الشعب" في سوريا، والتي بدأت في عهد أوباما، خلال حقبة ترامب، وأرسلت إليها شاحنات مليئة بالأسلحة الثقيلة والذخيرة، ودربت عناصر المنظمة الكردية، ما تسبب في توتر بين الولايات المتحدة وتركيا.

 

وقد أثيرت هذه القضية في كل اجتماع رفيع المستوى بين الجانبين خلال فترة ولاية الـ4 سنوات، ولكن لم يغير أي من الطرفين سياسته بشأنها، فيما عاودت تركيا التهديد بشن عملية عسكرية جديدة ضد المنظمة الكردية شمال سوريا من جديد.

 

 عناصر من وحدات "قسد" إلى جانب القوات الأمريكية في سوريا- الأناضول

 

التعليقات (0)