هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سلطت صحيفة "النهار" اللبنانية الضوء على الخلاف الأخير الذي نشب بين رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، ورئيس جهاز الأمن والاستطلاع في القوات السورية العاملة في لبنان، رستم غزالة، الذي كان يشغل أرفع منصب سوري خلال فترة الوصاية السورية على لبنان.
وكشف مسؤول حكومي سابق للصحيفة اللبنانية عن مجريات اتصال تم بين غزالة والحريري قبل يومين من من اغتيال الأخير، حيث طلب المسؤول الأمني السوري من الحريري، وبصورة خشنة، أن يرسل إليه فورا، وعبر مساعده يحيى العرب، والذي لقي حتفه مع الرئيس الحريري، مبلغا مقداره عشرات الآلاف من الدولارات (تردد أنه 70 ألف دولار أمريكي نقدا).
وأبدى الحريري، خلال المكالمة الهاتفية، استعداده لتلبية طلب غزالة، لكنه اقترح إرجاء الأمر إلى يوم الاثنين (أي 14 فبراير/شباط يوم تنفيذ الاغتيال) بسبب إقفال المصارف في ذلك اليوم.
لكن صوت غزالة، وبحسب ما نقلت الصحيفة عن المسؤول الحكومي، علا عبر الهاتف ممزوجا بالغضب والسباب مشددا على حصوله على المبلغ فورا. عندئذ رد الحريري على العقيد السوري بأنه سيتصرف بطريقة مناسبة، وأنهى المكالمة.
اقرأ أيضا: صدور الحكم باغتيال رفيق الحريري الجمعة.. هؤلاء المتهمون
بعد ذلك أعطى الحريري توجيهاته،
من بينها الطلب إلى مصرف أن يفتح أبوابه استثنائيا، كما طلب من معاونيه أن يجمعوا
ما هو متوفر من العملة الأمريكية نقدا. وهكذا، توفر المبلغ الذي طلبه الضابط
السوري، وتولى العرب نقله بحقيبة إلى مقر غزالة في عنجر في اليوم نفسه.
وروى المسؤول السابق، نقلا عن الحريري عندما التقاه في قصر قريطم في 13 شباط/فبراير، أن غزالة لم يكتف بأن طلب من "العرب" أن يضع الحقيبة في زاوية الغرفة التي كان فيها مكتب المسؤول السوري، بل وجه شتيمة له قائلا: "إن الشتيمة لمعلمه أيضا".
ووفقا للمسؤول، فإن الحريري كان في غاية الأسى من سلوك غزالة، وقال الحريري: "إنه لا يجد مبررا لهذا السلوك الفظ".
وحاول المسؤول السابق أن ينقل للحريري تحذيرا من مغبة ما ينتظره إذا ما بقي في لبنان، وذلك نقلا عن نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام.
لكن الحريري أصر على أن السوريين لن يجرؤوا على قتله استنادا إلى ضمانات تلقاها شخصيا من الغرب، وتحديدا من صديقه الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران، وفق ما نقلت الصحيفة اللبنانية.
وهكذا بقي الحريري في بيروت ليكون في اليوم التالي 14 شباط/فبراير 2005 على موعد مع الاغتيال.
تجدر الإشارة إلى أن غزالة شغل رئيس جهاز الأمن والاستطلاع في القوات السورية العاملة في لبنان بدءا من عام 2002 حتى رحيل هذه القوات عن لبنان في 26 نيسان/أبريل 2005، أي بعد نحو شهرين على اغتيال رفيق الحريري.
وبحسب المسؤول السابق فإن "مصرع غزالة في 24 نيسان 2015، وبطريقة وصفت في حينه بأنها وحشية تشير إلى أن النظام السوري أراد التخلص من شاهد مهم للغاية حمل معه الى القبر أسراراً عن أعقد مرحلة في تاريخ الوصاية السورية على لبنان، والتي استمرت 30 عاما، وأنهاها اغتيال رفيق الحريري".
وورد اسم غزالة في تقرير المحقق الدولي الألماني ديتليف ميليس عن اغتيال الحريري الصادر في 12 كانون الأول/ديسمبر 2005، الذي رفعه الى الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك كوفي عنان ومجلس الأمن الدولي،
وكان تحقيق اللجنة الدولية المستقلة (برئاسة بيتر فيتزجيرالد والصادر في 24 آذار/ مارس 2005) أظهر أنه خلال الفترة التي سبقت الاغتيال، كان التوتر يزداد بين الرئيس الحريري والمسؤولين السوريين، وضمنهم الرئيس السوري بشار الأسد.