هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع مجلة "بوليتيكو" الأمريكية مقالا للصحفية "كيتلين أوبريسكو"، اعتبرت فيه أنه عندما توفي رمز حركة الحقوق المدنية وعضو الكونغرس الديمقراطي، جورج لويس، عن 80 عاما قبل أسبوع، أهمل الرئيس دونالد ترامب وفاته علنا لأكثر من 12 ساعة.
وحين جاء خبر وفاته في وقت متأخر من يوم الجمعة 17 تموز/ يوليو، وتدفقت التعازي، كان الرئيس مشغولا بأكثر من أربعين تغريدة و"ريتويت" حول مواضيع مختلفة، من كتاب ابنة أخيه اللاذع إلى انتقاد منافسه الديمقراطي جو بايدن.
واعتبر التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، أن "رد الفعل الصامت" إزاء وفاة شخصية تاريخية يعكس صعوبة لدى ترامب في التفاعل كأي رئيس مع مثل هذه الحالات، لا سيما عندما يتعلق الأمر بمعارضيه أو من لا يعيرهم اهتماما شخصيا، وهو ما تردد على ألسن العديد من الناقدين خلال الأشهر الماضية مع تراكم الوفيات بسبب فيروس كورونا، التي لا تجد من سيد البيت الأبيض سوى الذكر العابر.
كما أن رد فعل ترامب ذاك يظهر التباين الكبير في طريقة تعاطيه بمثل هذه اللحظات، وظهر هذا الفارق بشكل واضح إثر وفاة شخصية تلفزيونية بارزة يوم السبت، هو "ريغيس فيلبن".
وكتب ترامب على تويتر بعد قليل من خبر وفاة فيلبن: "أحد العظماء في تاريخ التلفزيون، ريغيس فيلبن انتقل إلى موجات أعظم بعمر 88 عاما" وأشار إلى أن فيلبن "كان شخصا رائعا وصديقي.. وكان يحمل الرقم القياسي للبرامج التلفزيونية الحية وكان متقنا لعمله".
وأضاف: "ريغيس إننا نحبك.. وللسيدة جوي، زوجته الرائعة التي أحبها كثيرا، أحر التعازي". وتابع ترامب بأن فيلبن حثه دائما على الترشح للانتخابات الرئاسية.
في المقابل، كان ترامب قد غرد في 18 تموز/ يوليو برسالة مؤلفة من 23 كلمة وصف فيها حزنه لسماع خبر وفاة لويس وأرسل التعازي لعائلة عضو الكونغرس، وذلك بعد ساعات من إصدار البيت الأبيض بيانا ينقل فيه عن الرئيس أمره بتنكيس الأعلام.
اقرأ أيضا: ترامب يستدرك تجاهله لوفاة "رمز للعدالة الاجتماعية"
ولكن التفاعل ذاك جاء متأخرا كثيرا رغم أن ترامب كان يغرد على تويتر بينما كان كان كل الرؤساء السابقين الذين هم على قيد الحياة قد أصدروا بيانات مطولة ومليئة بالعاطفة أشادوا فيها بلويس ووصفوه بأنه "عملاق"، وأشاروا إلى تجاربهم الشخصية مع عضو الكونغرس.
وبينما تجمع أعضاء الكونغرس من كل الطيف السياسي في القاعة المستديرة الاثنين ليكرموا لويس ويحتفوا بإرثه، كان الرئيس يغادر البيت الأبيض إلى ولاية كارولاينا لزيارة مصنع بيوتكنولجيا، وعندما سأله المراسلون إن كان سيقوم برحلة للجانب الآخر من شارع بنسلفانيا لإلقاء نظرة الوداع على لويس، الذي كان ناقدا لترامب، رد الرئيس باختصار: "لا، لن أذهب".
ولكن رد فعله لوفاة فيلبن تظهر أن الرئيس ليس عاجزا عن الإشادة بالشخصيات المهمة أو الشخصيات المقربة منه.
وعندما يتعلق الأمر بفيروس كورونا، أظهر الرئيس تغيرا ملحوظا في لهجته عندما كشف للمراسلين أن أحد أصدقائه من نيويورك أصيب بفيروس كورونا.
فقال في مؤتمر صحفي في أواخر آذار/ مارس: "لدي بعض الأصدقاء الذين يعانون بشدة من المرض.. ظننا أنهم يدخلون المستشفى وتبقى حالتهم مستقرة. وفقد أحدهم وعيه – دخل في غيبوبة. وتقول كيف حصل هذا؟". وخلال أسابيع قليلة توفي صديقه ستانلي تشيرا، وهو مقاول عقارات، وقام الرئيس بنعيه بتغريده صادقة.
وكتب: "أعمق التعازي لفريدا تشيرا وعائلة ستانلي تشيرا، أحد أروع العقول العقارية في منهاتن. كان ستانلي صديق خيّرا ولطيفا ورائعا. وسوف أفتقده حقا".
ومع ذلك لم يأمر ترامب بتنكيس العلم الأمريكي إلا بعد أن تجاوزت الوفيات بسبب مرض كورونا الـ100 ألف شخص في حزيران/ يونيو.
وعندما توفي المبشر الإنجيلي بيلي غراهام، أمر ترامب بتنكيس الأعلام في يوم الدفن بالإضافة إلى بيان مطول ينعاه. وتحدث ترامب في حفل تأبين بواشنطن وسافر إلى نورث كارولاينا بعد أيام لحضور الجنازة.
وعلى تويتر قال ترامب: "ليس هناك أحد مثل غراهام" وقال إن عمل الإنجيليين غير العالم.
ولكن عندما توفي جون ماكين، الذي واجه ترامب في الكونغرس وكان ناقدا غير خجل للرئيس، وجد الرئيس نفسه قد أثار جدلا كبيرا عندما تعلق الأمر بتكريم حامل لواء الجمهوريين وبطل الحرب السابق، وفق "بوليتيكو".
وبعد أن غرد تعزية فاترة طولها 21 كلمة، تمت مهاجمة ترامب بعد تنكيس العلم على البيت الأبيض لمدة يومين فقط، كما يتطلب البروتوكول عندما يتوفى عضو كونغرس حالي ما عدا أن يأمر الرئيس بمدة أطول.
ورضخ البيت الأبيض للاحتجاج بعد ذلك وأصدر ترامب أمرا باسمه قال فيه: "بالرغم من خلافنا حول السياسات أحترم خدمات السيناتور جون ماكين لبلدنا وتكريما له أصدرت أمرا بتنكيس علم الولايات المتحدة حتى يوم دفنه".
ومع أنه طلب من ترامب ألا يحضر الجنازة، بناء على وصية ماكين نفسه، فقد كشفت ابنة الأخير، ميغان، لاحقا أنها تمنت لو حضرت ابنة الرئيس إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر.
وألقى كل من الرئيسين السابقين، الديمقراطي باراك أوباما، والجمهوري جورج بوش الابن، كلمة في الجنازة، فيما بقي ترامب يهاجم ماكين منذ وفاته.
وفي شباط/ فبراير 2019، بدا أن ترامب وضع العداوة الحزبية جانبا حيث كرم جون دينغل – عضو الكونغرس الديمقراطي عن ميتشيغان الذي أصبح أطول أعضاء الكونغرس خدمة في تاريخ أمريكا قبل تقاعده عام 2014 – عندما توفي، بالرغم من مهاجمة دينغل للرئيس ضمنيا.
اقرأ أيضا: تعرف على "المليشيات" في أمريكا.. نحو حرب أهلية ثانية؟ (ملف)
وأعرب ترامب في تغريدة من قلبه عن "أعمق مشاعر التعاطف مع عضوة الكونغرس ديبي دينغل وكل عائلة جون دينغل.. لقد كان ذكيا جدا. وذا سمعة جيدة وحظي باحترام كبير".
ومع أن ترامب لم يحضر جنازة دنغل إلا أن عضوة مجلس النواب ديبي دنغل مدحت الرئيس بعد وفاة زوجها.
وبقي هذا السلام حتى شهر كانون الثاني/ ديسمبر عندما تحدث ترامب في تجمع انتخابي صاخب في ميتشيغان في اليوم الذي صوتت فيه دينغل وبقية مجلس النواب على محاكمته.
وقال ترامب في باتيل كريك: "ديبي دينغل، إنها رائعة.. اتصلت بي قبل ثمانية أشهر. كان زوجها هناك [في الكونغرس] لفترة طويلة، ولكني لم أعامله معاملة درجة ثانية ولا ثالثة ولا رابعة بل عاملته درجة أولى وزيادة ونكسنا الأعلام.. وكل شيء.. لعضو الكونغرس السابق دينغل".
وأضاف: "أعطيتهم كل شيء.. لا أريد شيئا مقابل ذلك، لا أحتاج شيئا مقابل أي شيء". ثم لامها بعد ذلك لأنها صوتت لصالح محاكمته.
تلك التعليقات حظيت بتوبيخ من الحزبين ووصفتها دنغل بأنها صفعة.
ولكن ترامب ليس أول رئيس يسيس سجله في حضور الجنازات، فقد انتقد أوباما في بدايات 2016 عندما تغيب عن حضور جنازة قاضي المحكمة العليا أنتونين سكاليا، القاضي المحافظ الذي تسببت وفاته المفاجئة خلال سنة انتخابات بخلاف على من يحق له تعيين خلفه.
ومع أن أوباما أمر بتنكيس الأعلام حتى يتم دفن القاضي وحضر حفل تأبين في المحكمة العليا إلا أنه اتهم بأنه يثير الخلافات الحزبية في وقت وصلت فيه العداوة بين الحزبين ذروتها.
وبعد عدة أشهر تم انتقاد أوباما لأنه لم يحضر جنازة السيدة الأولى السابقة نانسي ريغان، بالرغم من أن الرؤساء قليلا ما يحضرون مثل تلك الجنازات، وحضر بدلا من ذلك مهرجانا في تكساس حيث كان له كلمة مرتبة سابقا.