هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تحسن، بصورة ملحوظة، سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية في الأيام الأخيرة، فبعد انهيار قياسي لليرة (3500 ليرة مقابل الدولار الواحد في 8 حزيران/يونيو الماضي)، باتت تلامس حاليا حدود الألفي ليرة مقابل الدولار الواحد في السوق السوداء، أي أن قيمتها ارتفعت أكثر من 40 بالمئة.
وخلال هذه الفترة، لجأ النظام السوري إلى "تشديد القبضة الأمنية" على عمل شركات الصرافة واستلام الحوالات المالية في المناطق الخاضعة لسيطرته.
وهدد مصرف سورية المركزي في بيان مطلع حزيران/يونيو الماضي بمعاقبة الأفراد الذين يتم ضبطهم باستلام حوالات عن "طريق أشخاص مجهولين"، وأنه سيتم ملاحقتهم بموجب "قوانين تمويل الإرهاب"، أو "ملاحقتهم بجرم الصرافة غير المرخصة والتعامل بغير الليرة السورية".
ونفذ النظام تهديده في اليوم التالي بإغلاق ست شركات للحوالات المالية، كما أجرى تعلية على سعر الحوالات المالية بمقدار 550 ليرة سورية، لتصل إلى 1250 ليرة للدولار الواحد، وفق ما أورد موقع "عنب" بلدي السوري.
وحدد المصرف المبالغ التي يمكن للسوريين نقلها بين المحافظات، بما لا يزيد على خمسة ملايين ليرة سورية.
وتزامن ذلك مع توارد أنباء عن تهريب الدولار من لبنان إلى الأراضي السورية، حيث كشف الجيش اللبناني في منتصف تموز/يوليو عن "عصابة مكونة من ثلاثة أشخاص لتهريب الأموال بالدولار الأمريكي عبر معبر البقيعة الحدودي في وادي خالد إلى داخل الأراضي السورية، وقد ضُبط بحوزة أحدهم مبلغ مالي كبير بالدولار".
أحالت مديرية المخابرات على القضاء المختص السوري (ح.ف.) لتأليفه عصابة من ٣ أشخاص لتهريب الأموال بالدولار الأميركي عبر معبر البقيعة الحدودي في وادي خالد إلى داخل الأراضي السورية، وقد ضُبط بحوزته مبلغ مالي كبير. تجري ملاحقة باقي أفراد العصابة لتوقيفهم.https://t.co/7lmFqqijYP
— الجيش اللبناني (@LebarmyOfficial) July 14, 2020
ويؤكد الخبير الاقتصادي يونس الكريم أن "القبضة الأمنية المشددة" ساهمت في "تحسين سعر صرف الليرة السورية" في الفترة الأخيرة.
وقال الكريم لـ"عربي21": "المصرف المركزي، حبس السيولة عبر منع القروض، وأعطى شهادات إيداع، وأجبر البنوك على الاكتتاب بقيمة 74 مليار ليرة سورية، ومنع الحوالات المالية والتداول بالدولار".
اقرأ أيضا: هل يعلن مخلوف مغادرة نهائية من سوريا؟ .. خطوة جديدة ضده
وأوضح أن القبضة الأمنية وإغلاق المصارف واعتبار من ينقل الدولار أو الليرة بين المناطق السورية "جريمة"، كل ذلك أثر على سعر صرف الليرة السورية.
ولفت إلى أن جزءا من التجار المتعاونين مع النظام ساهموا بضخ أموال (بالدولار) في السوق مقابل سحبهم لليرة السورية، منوها أن منطقة "الباب" (تتبع محافظة حلب)، والتي تمثل حلقة وصل بين مناطق سيطرة قسد في "منبج" ومناطق النظام ومناطق المعارضة في إدلب، شهدت أبرز هذه "الأعمال المنظمة".
وقال: "يظهر وجود اتفاق من قبل أمراء الحرب خاصة من حلب بالتدخل في سعر الصرف خاصة بالمناطق المحررة، بعدما فشلوا بمناطق القامشلي"، وأضاف أن بعض القوى المسيطرة على مناطق المعارضة ساهمت "عمدا" في "تقليل المعروض من الليرة السورية عبر حجز كميات كبيرة منها".
وفي المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المؤقتة (المعارضة)، فإن سعر الصرف لليرة السورية تأثر "بعدم وجود سياسات تدير سعر الصرف بمناطق إدلب، فالسوريون يتعاملون بخليط من العملات (الليرة السورية، الليرة التركية، الدولار الأمريكي)، والتجار والبائعون يقومون بتسعير السلع وفقا للعملة الأقوى وبالتالي لا يوجد استقرار في سعر الصرف"، وفق ما قاله الكريم.
وأشار إلى أن عدم توفر الليرة التركية بصورة كبيرة، وصعوبة التعامل بها، أدى بالسوريين إلى بيع الدولار للحصول على الليرة السورية "خاصة من الفئات الصغيرة"، من أجل القيام بالأعمال التجارية.
ولعبت تدابير مواجهة كورونا، وانخفاض الطلب على السلع والخدمات، واستمرار النظام في تضييق الخناق على أعمال رامي مخلوف، وانخفاض سعر الدولار عالميا دورا في "تحسن سعر صرف الليرة السورية".
سعر وهمي
واعتبر الكريم بأن النظام يبحث عن "انتصار وهمي" في معركة "سعر الصرف"، وأن "أي رفع لقيمة العملة يشير إلى أن النظام لا زال قويا وقادرا على التحكم بالأوضاع، وأنه لم يتأثر بقانون قيصر والعقوبات الاقتصادية".
ويعتقد بأن سعر صرف الحالي "وهمي"، لأنه "لم يقابله انخفاض بأسعار السلع، ولكي تنخفض أسعار السلع نحتاج إلى ثبات بسعر الصرف مدة ثلاثة أسابيع إلى شهر ونصف وهي مدة دورة المنتجات".
اقرأ أيضا: صحف إسبانية: انتخابات في سوريا لتجميل الأسد
ومن أجل ثبات سعر الصرف عند هذه المستويات، أوضح الكريم: "يجب أن يكون هناك تجاوز لقانون قيصر من ناحية الاستيراد، وتجاوز لإغلاق الحدود بسبب فيروس كورونا، ويجب أن تكون هناك عملية إنتاج داخلية للسلع والخدمات تلبي حاجات السوق والتصدير، ومن الضروري أن يقوم المانحون الدوليون بضخ الأموال للسوق السورية".
وبدأت الولايات المتحدة الأمريكية بتطبيق قانون العقوبات "قيصر" في 17 حزيران/يونيو الماضي بحق كل من يتعاون مع نظام بشار الأسد، ما زاد من عزلته المالية والاقتصادية والسياسية.
ويرى الكريم أن هذه العوامل التي تساعد على التحسن "الحقيقي" في قيمة الليرة السورية "غير متوفرة"، وبالتالي فإن سعر الصرف الحالي "وهمي" لا أكثر.
وتوقع أن يكون هناك ارتداد لسعر الصرف نحو مزيد من انهيار قيمة الليرة السورية.