هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لمراسلتها نجمة بوزورغ مهر حول مواقف رجال الدين الشيعة من انتشار فيروس كورونا، مبينة مساهمتهم في مواجهة الوباء.
وقالت
إن رجل الدين المعمم بالعمامة السوداء سمع أول مرة عن فيروس كورونا عندما انتشر في مدينة قم وقبل أسبوعين من الإعلان
الرسمي عن وصوله. حيث كانت المدينة المقدسة لدى الشيعة أول مدينة يدخل إليها الفيروس
بإيران.
ومع اعتراف وزارة الصحة الإيرانية بوفاة شخصين جراء
الفيروس في 19 شباط/فبراير كان حسين موسوي تبريزي (73 عاما) قد توقف عن الذهاب إلى المصلى خشية إصابته بالعدوى، ثم توقف عن التدريس وعزل
نفسه في بيته، وكذا فعل معظم قادة الدين في قم الذين يبلغ بعضهم من العمر 100 عام.
وقَبِلَ رجال الدين إغلاق المزارات الدينية والمساجد
ووقف صلاة الجمعة لأول مرة في تاريخ البلد.
وساعد
قبول وتعاون رجال الدين على محاصرة الفيروس الذي قتل حتى الأربعاء 9 آلاف و185 شخصا
وأصاب 195 ألف و51 شخصا.
وقال
حسين موسوي بمقابلة معه في بيته بقم: "بناء على الأوامر الإسلامية فحماية حياتك
وحياة الآخرين واجب ديني مهم يمكن أن تعطل من أجله الصلوات أو فعل المحرم مثل لمس امرأة لإنقاذها من الغرق".
وأضاف: "لو فكرنا عميقا فسنجد أن مؤسسة الدين
لديها أجوبة على فيروس كورونا وغيره من الأزمات".
اقرأ أيضا: إيران تسجل أعلى عدد يومي بإصابات كورونا
وقالت الصحيفة إن الجمهورية الإسلامية في بداية حربها ضد فيروس كورنا نشرت نظريات مؤامرة حول كون الفيروس سلاحا بيولوجيا، ومحاولة لتعطيل الانتخابات البرلمانية التي فاز بها المتشددون. ولكن الخطاب قد تغير بعد أربعة أشهر.
ويقول
المحللون إن النظام الصحي الذي يعمل فيه جيل شاب ناشط من الأطباء تم إصلاحه في ظل الرئيس
حسن روحاني، أو ما صار يعرف "بنظام روحاني"، وجيش ناشط قام ببناء مستشفيات
ميدانية ساعدت في فحص معظم سكان إيران البالغ عددهم 80 مليون نسمة.
وقال
محمد علي أبطحي نائب الرئيس السابق: "كانت إدارة إيران الجيدة لفيروس كورونا عاملا
في جعل الشعب أنهم على قدم التساوي مع بقية العالم. ولم يعط هذا الفيروس شعبية للجمهورية
الإسلامية ولكنه بالتأكيد لم يضر بشرعيتها".
وأضاف: "لعبت القوات المسلحة دورا بناء في مساعدة القطاع الصحي. ولم تكن القيادة الدينية
البارزة راغبة في تحمل مسؤولية زيادة في عدد الوفيات، رغم أن إغلاق المزارات الدينية
يؤثر على المعتقدات الدينية في المدى البعيد".
ولم
تفرض إيران حظر التجوال إلا مؤقتا، كذلك لم تفرض قيودا على السفر لتجنب التوتر الاجتماعي في
وقت يعاني فيه الإيرانيون من الركود الاقتصادي.
وفي
الوقت الذي أعيد فيه فتح المطاعم والمقاهي والمحلات التجارية إلا أن الجامعات والمدارس
لا تزال مغلقة. وستعود صلوات الجمعة في نهاية الشهر.
ويقول
المحللون إن تعاون المؤسسة الدينية مع السلطات الصحية كان حيويا. إذ سمحوا لوزارة الصحة بفرض قيود على الطقوس الدينية مثل الجنازات ومنعوا المتحمسين الدينيين الذين تحدوا تعاليم
الدولة. حيث نشرت لقطات فيديو لبعضهم وهم يلعقون بوابات المزارات الدينية، لكي يظهروا أنها
لا تسبب العدوى.
وقال
نائب عمدة قم أمير سعمي: "كان إقناع المدنيين بعدم عقد جنازات لموتاهم أو أخذهم
لقراهم تحديا" و"ساعد رجال الدين كثيرا في إقناع الناس".
ولم
يسمح لأحد بزيارة مقام فاطمة أخت الإمام الرضا أحد أئمة الشيعة الاثنا عشر ومنذ عدة
شهور.
ويسمح لرجال الدين والمصلين بالجلوس في ساحة المقام والجلوس أمام بوابة المقام المزين بالذهب والمرايا. كما فرش البساط الفارسي الأحمر لخلق مسافة بين الزوار. ولا يتم اتباع قواعد التباعد الاجتماعي إلا قليلا. فيما لا يعتبر ارتداء القناع إجباريا.
اقرأ أيضا: روحاني: عقوبات واشنطن تحرم شعبنا الدواء مع انتشار كورونا
وقبل الوباء كانت إحدى طالبات القانون التي تحدثت لـ"فورين بوليسي" تذهب إلى المقام مرتين في الأسبوع، لكنها أقنعت عائلتها بصحة ما قاله آية الله خامنئي الذي دعا الناس لتجنب الزيارة.
وقالت
"حضرة السيدة فاطمة ستستمع إلينا أينما كنا"، و"سنزور مقامها بعد نهاية
الفيروس".
وتجدر الإشارة إلى أن التجارة في قم تعتمد على زيارات المقام وما يدفع من رسوم.
وهناك
مخاوف من موجة ثانية في الخريف. وبدأت حالات الوفاة بالتزايد مرة أخرى، وحذرت السلطات
من أنه سيتم فرض القيود من جديد.
وقال محمد وهو صاحب مطعم إنه كان يبيع 400 وجبة في
اليوم قبل الوباء، ولكنه الآن يبيع 25 وجبة في اليوم.
وأضاف: "لا نستطيع البقاء هنا في قم بدون الحجاج"، و"عدد المحلات الكبيرة ليست
لخدمة مليون نسمة ولكن لملايين الحجاج".
كما
أن وضع رجال الدين الاقتصادي يعتمد على تبرعات الحجاج، إلا أن موسوي يرى أن "الصحة أهم ويجب
عدم التسرع بالعودة وفتح المدارس الدينية".
ومع أن عددا من رجال الدين لا يفكرون بالتدريس عبر الإنترنت، إلا أن موسوي قال: "لو كانت هناك موجة ثانية فربما فكرت بعقد دروسي عبر الإنترنت رغم ما فيها من
شعور بالوحدة" و"في عالم اليوم لا يعني التباعد الاجتماعي قطع الاتصالات".