سياسة عربية

لماذا عجزت مصر عن إلزام القطاع الخاص بأسعار علاج كورونا؟

تواجه الحكومة المصرية والمستشفيات الخاصة غضبا شعبيا متزايدا بسبب ارتفاع تكلفة علاج كورونا- صفحة وزارة الصحة على الفيسبوك
تواجه الحكومة المصرية والمستشفيات الخاصة غضبا شعبيا متزايدا بسبب ارتفاع تكلفة علاج كورونا- صفحة وزارة الصحة على الفيسبوك

تواجه الحكومة المصرية والمستشفيات الخاصة غضبا شعبيا متزايدا؛ بسبب ارتفاع تكلفة علاج مصابي فيروس كورونا في القطاع الصحي الخاص، بعد تزايد أعداد المصابين بشكل يومي، وسط توقعات بزيادة أكبر في أعداد المصابين اليومي إلى نحو ألفين ونصف مصاب بدلا من ألف ونصف حاليا وأقل.

وخلال الأيام الماضية، دخل نواب على خط الأزمة، وانتقدوا موقف المستشفيات الخاصة. وقال رئيس البرلمان، علي عبدالعال، خلال جلسة المجلس، الإثنين، إنه اطلع على بعض هذه الفواتير، ووجدها "مرعبة"، وأن رئيس الوزراء أيضا وصف هذه الفواتير بأنها "عملية جنونية"، ولكنها ظلت تصريحات تفتقر للتطبيق على أرض الواقع.

وفي محاولة لتجميل قانون الطوارئ، المثير للجدل، وافق البرلمان في نيسان/ أبريل الماضي على استحداث مادة تتعلق بحالة الطوارئ الصحية، نصت على إلزام بعض أو كل المستشفيات الخاصة بالعمل بكامل أطقمها الفنية وطاقتها التشغيلية لتقديم خدمات الرعاية الصحية تحت الإشراف الكامل للجهة الإدارية التي تحددها الدولة، وتحدد هذه الجهة أحكام التشغيل والإدارة والاشتراطات والإجراءات التي يتعين على تلك المستشفيات الالتزام بها وآليات مراقبتها.

"الحكومة.. تصريحات لا مواقف"

وحددت الحكومة المصرية قبل أيام أسعار الخدمة في المستشفيات الخاصة بحد أقصى عشرة آلاف جنيه لليوم الواحد (نحو 650 دولارا)، تشمل جميع بنود التكلفة، لكنه تم تجاهل تلك الأسعار، وتقديم الخدمات بتكلفة أعلى بكثير حتى الآن.

وبحسب جريدة "البورصة"، قالت مصادر بغرفة مقدمي خدمات الرعاية الصحية باتحاد الصناعات، إن المستشفيات الخاصة طالبت بتحديد ثلاث فئات سعرية تراوح بين 7 و11 و18 ألف جنيه بالقسم الداخلي، و10 آلاف و18 ألفا و25 ألف جنيه للرعاية المركزة في اليوم الواحد (الدولار 16.15 جنيه).

ويبلغ إجمالي عدد المستشفيات بقطاعي الحكومي والخاص لعام 2018 نحو 1848 مستشفى، من بينها 691 مستشفى حكوميا، و1157 مستشفى خاصا، كما سجل إجمالي عدد الأسرة بقطاعي الحكومي والخاص نحو 131 ألف سرير، وفق بيان الجهاز المركزي للإحصاء صدر في نيسان/ أبريل الماضي 2020.

واتهم نقابيون طبيون وسياسيون مصريون، في تصريحات لـ"عربي21"، الحكومة المصرية بمحاباة القطاع الخاص الصحي، الذي يمتلكه وزراء صحة ومسؤولون سابقون نافذون ومستثمرون إماراتيون وسعوديون اقتحموا مجال الاستثمار الصحي خلال السنوات القليلة الماضية، امتلكوا خلالها عشرات المستشفيات الخاصة من خلال صفقات بمليارات الجنيهات.

 

اقرأ أيضا: ضرائب جديدة.. هذا ما ينتظر المصريين في العام المالي الجديد

"تسعيرة الحكومة ليست قليلة"

وأقر نائب بالبرلمان المصري، وأحد المساهمين في القطاع الصحي الخاص، بأن "الأسعار التي تفرضها المستشفيات الخاصة مغالاة لا يمكن السكوت عليها، خاصة عندما يتعلق الأمر بجائحة مثل كورونا"، واصفا ما يجري بأنه "استغلال خوف وهلع الناس".

وبشأن التكلفة التي حددتها وزارة الصحة للمستشفيات الخاصة، أكد النائب الذي فضل عدم ذكر اسمه، أنها "منطقية وعادلة ومربحة، وليست قليلة"، مشيرا إلى أن "بعض المستشفيات انضمت لعلاج مرضى فيروس كورونا وليست كلها، وقد قدمنا تشريعا يطلق يد الحكومة في السيطرة على جنون الأسعار".

وأكد أن "الدور المنوط بالحكومة هو تطبيق القانون وتنفيذه على المخالفين، ورغم ذلك فإن المستشفيات لم تلتزم بقائمة الأسعار التي حددتها الوزارة حتى الآن، ولو فعلت الحكومة القانون فمن حقها تطبيقه على جميع المستشفيات دون استثناء".

واختتم البرلماني حديثه بالقول إنه "لا يوجد قانون يلزم أي قطاع أو هيئة بتقديم خدمات ما بأسعار محددة تحددها الدولة إلا في حالات الطوارئ كجائحة كورونا من خلال تقديم تشريع برلماني يوافق عليه البرلمان لمدة محددة".

"النقابة تدعو لتفعيل القانون"

عضو مجلس النقابة العامة للأطباء، رشوان شعبان، استنكر المغالاة في أسعار علاج مصابي كورونا، سواء في القطاع الخاص أو التي حددتها الحكومة أيضا، قائلا: "الأسعار التي حددتها الحكومة للقطاع الخاص مُبالغ فيها؛ لأنها تصل إلى 10 آلاف جنيه لليوم الواحد في العناية المركزة، وليس في متناول إلا فئة قليلة".

وفي تصريحات لـ"عربي21"، طالب الدولة "بفرض سيطرتها على تلك المستشفيات، وإلزامها بالأسعار المحددة، خاصة في ظل الجائحة التي تمر بها البلاد"، داعيا الحكومة إلى "تطبيق وتفعيل القانون، وألا يكون هناك تمييز؛ لأن عدد الأسرة غير كاف في المستشفيات الحكومية".

وبخصوص التهاون مع القطاع الخاص الصحي، أكد شعبان أن "أصحاب رأس المال أقوياء، وهناك أشخاص نافذون ومسؤولون سابقون يملكون ويساهمون في عدد لا بأس به من تلك المستشفيات والمراكز الطبية، كمستشفيات دار الفؤاد والنيل بدراوي ومصر والسلام الدوليين، ومجموعة مستشفيات كليوباترا ونفوذها الكبير (استثمار إماراتي)".

"المستشفيات الخاصة مكلفة"

من جهته؛ انتقد نائب رئيس حزب المحافظين، أستاذ جراحة القلب، خالد سمير، تحامل الإعلام على المستشفيات الخاصة للدفاع عن مستشفيات الحكومة، قائلا: "هم يحاولون توجيه اللوم للمستشفيات الخاصة التي تملك 35 ألف سرير، ويتناسون أن بعض تلك المستشفيات ثمن متر البناء فيها على نهر النيل مثلا يتكلف عشرات آلاف الجنيهات، ويتكلف البناء نحو مئات الملايين".

وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "المستشفيات الخاصة هي مستشفيات استثمارية ربحية بالدرجة الأولى، وليست خدمية، وهي تتعامل مع طبقات القادرين، وتستعين في ذلك بأطباء وممرضين وفنيين يتقاضون أجورا مرتفعة جدا، وهذه المستشفيات لا بد أن تحقق عوائد تضمن استعادة رأس المال".

مشيرا إلى أن "أسعار العلاج في المستشفيات الخاصة تختلف من مستشفى لآخر، ولا ننسى أنها تقوم بدفع ضرائب مرتفعة، وتشتري أجهزة مستوردة بتكلفة عالية، وكلها يتحملها المريض الذي يبحث عن خدمات مميزة، وليس من حق الدولة فرض تسعيرة جبرية عليها".

التعليقات (1)
مصري
الأربعاء، 10-06-2020 01:01 م
لان السيسي باعه لمبز