نشرت صحيفة "
الغارديان" البريطانية
تقريرا، تحدثت فيه عن تاريخ تعامل السلطات في أمريكا مع الأمريكيين السود.
وقال الكاتبة ماليكا الجبالي إنه "وسط
احتجاجات عالمية ضد قتل
الشرطة لجورج فلويد، أثار الناشطون في جميع أنحاء الولايات
المتحدة مطلبا باتخاذ إجراءات سياسية محددة، مثل إلغاء تمويل الشرطة".
وأضافت في التقرير الذي ترجمته "عربي21":
"ما يبرر هذا المطلب هي الصورة التي انبثقت من الاحتجاجات، حيث قام ضباط
الشرطة بصد المتظاهرين بسياراتهم، وبالهجوم بشكل عشوائي على المتظاهرين، مستخدمين
القوة المفرطة ورذاذ الفلفل والغاز المسيل للدموع".
وأشارت إلى أن ميزانيات الشرطة المحلية وشرطة
الولاية تضاعفت ثلاث مرات تقريبا منذ عام 1977، على الرغم من انخفاض معدلات
الجريمة. حتى الأشخاص الذين لا يمتلكون خلفية عن الشرطة وحركة إلغاء السجون، أخذوا
يتصورون بجدية بأنه يمكن استخدام النفقات العامة بطرق أكثر مسؤولية على الصعيد
الاجتماعي".
وأردفت: "لكن ما وراء هذا الجدل المالي هو
حجة أخلاقية: لا يمكن أن يتم إجراء إصلاحات في أقسام الشرطة الأمريكية؛ لأنهم مصممون
للعنف، الظلم سمتهم، وليس هناك خلل".
وقالت: "يبدو هذا كأنه شعور راديكالي فقط،
لأن الشرطة تطبعت جدا في الثقافة الأمريكية، خاصة مع تصويرهم في وسائل الإعلام
الشعبية من التعساء والغارقين في المخدرات إلى أبطال شديدين ومحاربين للجريمة. حتى
إنه يوجد لدينا فريق بيسبول على اسم منظمة الشرطة، تكساس رينجرز".
وأضافت الكاتبة: "حان الوقت للنظر إلى ما هو
أبعد من رومانسية الشرطة الأمريكية، والاطلاع على الحقيقة. مثلما تمجد أمريكا الجيش
وصحيفة وول ستريت، وبعض الأمريكيين الذين يبيضون العلم الكونفدرالي وبيوت المزارع-
ذات الطراز المعماري الاستعماري- فإن تاريخ الشرطة غارق في الدم".
وتابعت: "في الواقع، تمت تسمية تكساس رينجرز
على اسم مجموعة من الرجال البيض الذين ذبحوا هنود كومانش في عام 1841؛ لسرقة أراضي
السكان الأصليين، وتوسيع الحدود غربا. وهم يعتبرون أول منظمة شرطة للدولة. وبالمثل
حيث حارب السود من أجل التحرر من العبودية من خلال الهروب إلى الشمال، تم إنشاء
دوريات العبيد لإعادة الهاربين إلى الأسر. ويعتبر العديد من الباحثين أن دوريات
العبيد كانوا بشكل مباشر الرائدين في تطبيق القانون الأمريكي الحديث".
وبينت أنه في الولايات -التي تتمتع بالحرية-
الشمالية، تطورت دوائر الشرطة في المدن الصناعية الناشئة للسيطرة على ما أشارت
إليه النخب الاقتصادية باسم " أعمال الشغب"، وهي "الاستراتيجية
السياسية الوحيدة الفعالة والمتاحة للعمال المستغَلين". ولكن كما هو موضح في
نصوص الشرطة المجتمعية، هذه الأعمال عبارة عن "شغب".
بعبارة أخرى، لم يتم إنشاء الشرطة أبدا لحماية
وخدمة الجماهير، وقد أوضحت أنظمتنا التشريعية والقضائية -من الكونغرس إلى المحاكم
إلى المدعين العامين- هذا الأمر. قانون العبيد الهاربين الصادر عن الكونغرس عام
1850، على سبيل المثال، حفز المسؤولين عن تطبيق القانون على القبض على الأفارقة
المشتبه بهم على أنهم فارون من العبودية، ودفع المسؤولين المزيد من المال لإعادتهم
إلى مالكيهم بدلا من تحريرهم.
وتضيف الجبالي: "وبدلا من توسيع المشروع
السياسي الأمريكي ليشمل السود كمواطنين أحرار، قامت مؤسساتنا بتحذيرات لاستبعادهم
من المبادئ التأسيسية للبلاد".
من الناحية التاريخية، تقول الكاتبة الأمريكية: لم
يكن معظم السود يعتبرون من البشر، ناهيك عن المواطنين الذين يستحقون حماية الشرطة
أو الدستور. كان السود عبارة عن ممتلكات، حتى السود الأحرار الذين كانوا يعتبرون
بحال أفضل، كانوا مواطنين من الدرجة الثانية، ويمكن أن تنزل رتبهم إذا ما تعرضوا
لنزوة البيض، والذين لم يكن لديهم "أي حقوق كان على الرجل الأبيض
احترامها"، كما أكدت المحكمة العليا في عام 1856.
وأوضحت أن المحاكم الحديثة أدت إلى تآكل الحريات
المدنية بشكل مطرد لمنح الشرطة مزيدا من السلطة، والسماح بأعمال الشرطة التمييزية
والعنصرية، والإدانات والأحكام. هذا التاريخ الراسخ من التفوق الأبيض العنيف فيه
الكثير من محاولات الإصلاح.
وقالت: "لذا تماما مثلما حدد المدافعون عن
إلغاء عقوبة الإعدام في القرن التاسع عشر شروط معركتها إلى ما هو أبعد من
التحسينات الإضافية للرق، يؤكد القائمون على إلغاء عقوبة الإعدام اليوم أن الشرطة
والسجن يجب أن تتجاوز الاقتراحات المتواضعة التي تحافظ بشكل أساسي على
النظام".
وبينت أنه يمكن استخدام مليارات الدولارات التي
تنفقها الحكومات على الشرطة العسكرية بشكل متزايد لمعالجة الظروف الاجتماعية والاقتصادية
الأساسية التي تساهم في الاصطدام مع الشرطة.
"يجب علينا تحويل الموارد نحو الاستثمار في
الصحة النفسية، والتعليم العام، وبرامج الوقاية من المخدرات، ومنع التشرد، ومنع
الجريمة المتمحورة حول المجتمع، وتطوير الوظائف"، كما تقول الكاتبة الأمريكية.
وختمت بالقول إن النتيجة المباشرة لما حدث بعد
مقتل جورج فلويد كانت كأنها مواجهة أخرى مع الشرطة، التي من شأنها أن تؤدي إلى
هاشتاج جديد يدعو إلى إصلاح الشرطة. لكن عمل الجهات التي ألغت عقوبة الإعدام جعل
العتبة أعلى. يجب علينا أن نتجاوز الدعوات السابقة لإصلاح العدالة الجنائية، ونطالب
بدلا من ذلك بالحرية.